أما مراد فلا زال ممسكًا بزوجته خلف ظهره يخفيها عن عيونهم ويصيح فيهم لينتهوا عما يفعلوه، أو يجيبوه إجابة منطقية، لكن لا أحد يجيبه أو يلتفت إليه كأنه قد تمت برمجتهم على التحطيم وانتهاك ممتلكات الناس، فحتى خزانة الملابس أخرجوا كل ما بداخلها وألقوه أرضًا بشكل فوضوي.

وفجأة خرج أحدهم مسرعًا من حجرة المكتب الخاصة بمراد ممسكًا بشيئًا ما وصاح يعطيه لأحدهم الذي يبدو قائده: لاقيت دي يافندم.

أخذها منه محملقًا فيها بابتسامة واثقة، ثم دسها داخل جيبه وتحرّك نحو الباب وصاح آمرًا: اقبضوا عليه!

فصرخت عشق بشدة وازداد تشبثها بخصر زوجها وصاحت بهيستريا: ليه؟ عملكوا إيه! هتاخدوه مني ليه؟ ده برئ! حرام عليكم يا ظلمة!

تحدث مراد بتوتر: ممكن أفهم في إيه! وإيه اللي لاقيتوه جوة وأخدتوه! ولا انتو كنتوا بتفتشوا عن إيه أصلًا!

فلم يجيبه أحد بل جذبوه بشدة، ولا زالت عشق متشبثة به متحركة معه على إثر حركة سحبه، صارخة بقهر: سيبوه حرام عليكم! يا مراد ما تسبنيش! والله ما عمل حاجة!

- إهدي حبيبتي، أكيد في غلط، هشوف في إيه وهرجعلك على طول.

- لا دول كدابين! ما تروحش معاهم! مراد!

قالت الأخيرة بصراخ لكن فجأة تلقت ضربة قوية على مؤخرة رأسها، اهتزت الصور وصارت ضبابية، ابتعدت أصواتٍ متداخلة، أصوات صياح مع صوت مراد مناديًا عليها بفزع، ثم هجم سواد شديد سقطت بداخله وسكت كل شيء.

بدأت تفتح عينيها، تشعر بأهدابها ملتصقة، وهناك ألم في جسدها خاصةً مؤخرة رأسها، تحاول أن تتحرك ناهضة من مكانها ولا زالت لا تدرك الزمان والمكان، لكن هناك صوت جرس لم تعتاده، يبدو غريبًا عن أذنيها!

أخيرًا جلست ولا زالت تحاول جذب جفنيها، لكنها تشعر بتثاقل حركتها، فتحت عينيها فصدمت من هول الخراب والفوضى من حولها...

إنه بيت الزوجية الجديد، كل شيءٍ حولها محطم ولا زالت مرتدية ثوب عرسها، إذن ما حدث كان حقيقة! هناك أناس اقتحموا البيت وأخذوا مرادها عنوة!

مهلًا! إنه جرس الباب مجددًا! مؤكد قد عاد، لقد كان مجرد خطئًا كما أخبرها مراد قبيل رحيله.

حاولت النهوض فاتكأت على يديها لتنهض، لكن قد جرحتا بفعل فتات الزجاج المتكسر في كل مكان، سارت مترنحة؛ فلا زالت تعاني من الدوار من أثر ضربة الأمس.

وصلت إلى الباب بعد معاناة وفتحته بلهفة؛ ظنًّا منها أن مراد قد عاد! لكن تجمدت بأرضها؛ فلم يكون الطارق سوى أمها، خالها وزوجة خالها الجاحظة عيونهم من هول ما رأت عيونهم.

انتظرت عشق بعض الوقت تستوعب الموقف، إنها في اليوم التالي ولم يعود مراد، بل لم تعرف عنه أي شيء، فقط ارتمت بين ذراعي أمها المصدومة وانتحبت مجددًا.

(سيظل عشقك مرادي)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن