حرّك رماديتيه حوله باحثًا عنها، لم يجدها، حاول النهوض مناديًا بضعف: عشق، عشق...

شعر ببعض الدوار فأعاد رأسه للخلف، حرك الستارة أحدهم فظهرت ممرضة اقتربت تتفقد المحلول المغذي ثم خلعت الأنبوب من الإبرة، التفتت إليه قائلة: حمد الله على السلامة، في ظابط عايز يتكلم مع حضرتك.

تابع بخفوت: من فضلك، فين الآنسة اللي كانت معايا؟

- على السرير اللي جنبك، بس الستاير مقفولة.

حاول النهوض مجددًا قائلًا: عايز أشوفها.

- يا فندم حضرتك لسه دايخ، ما ينفعش تقوم كده مرة واحدة، هي ما عندهاش حاجة، هي بس كانت منهارة.

تحرّك مراد بهدوء ليتلاشى هذا الدوار، ثم تسنّد حتى نهض واقفًا ببعض الترنح، تحرّك بتثاقل وهلامية، أزاح الستائر بهدوء، وجدها مستلقية بالفعل فوق السرير، جلس جوارها حتى بدأت تسترد وعيها، اقترب مراد منها هامسًا: حمد الله على سلامتك! إطمني إنتِ كويسة.

تفقدته بعينيها دون أن تعقب، فأكمل مراد: وأنا كمان كويس الحمد لله!

بعد قليل جاء الضابط من أجل استجوابهما، وبعد أن سألهما عن بعض البيانات الشخصية، تساءل الضابط: بتشك في حد معين! ليك عداءات!

أومأ مراد نافيًا، وأجاب: لا مليش عداءات، لكن...

وبتر جملته وسكت، فسأله الضابط: شوفتهم!

أومأ مراد مجيبًا: يادوب لمحتهم بس، الوضع كان صعب إني أنتظر وأشوفهم.

- شكلهم إيه!

وهنا أجابت عشق بخفوت: كانوا ناس بدقن.

تابع الضابط: جماعات!

أومأت عشق مؤيدة، فسألها الضابط: تقدري توصفيهم أكتر! توصفي العربية، رقمها!

أومأت نافية، فتساءل مراد: بس غريبة أوي!

- ليه؟

- الناس دي نشانها مظبوط دايمًا وما بيغلطش، أقدر أفهم ده معناه إيه!

- معناه تهديد طبعًا، حد منهم كلمك قبل كده!

نظر مراد نحو عشق وأومأ بهدوء قائلًا: أيوة، قابلوني مرتين بس مش هم هم، أول مرة طلبوا مني إني أنضم لحزبهم واترشح للمجلس باسمهم، لكن طبعًا رفضت تمامًا، وبعدين هو فين الحزب ده أصلًا؟ وبعد كده لسه من مدة قريبة جه ناس تانية، لكن كانوا غير الأولانيين، والغريب إنهم اتكملوا مباشرةً بلهجة أمر كده، وإني لازم أكون معاهم وعلى طريقتهم، دول عايزيني أدي دروس تؤيد أفكارهم الجهادية لرجالتهم! ولما رفضت هددوني مباشرةً، لكن ما تخيلتش إن الأمر هيقرب من أهل بيتي.

- هو ده بالظبط اللي هم عايزينه، يهددوك بأهل بيتك.

- بص يا فندم، أنا واحد مؤمن إن الدين والحياة شيء واحد لا ينفصلان، شعاري، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، وفي نفس الوقت مؤمن بالتخصص، إن كل واحد يخدم دينه ومجتمعه بتخصصه، المعلم عندما يعلم طلابه فهو لله، الطبيب عندما يعالج المرضى فهو لله، حتى أنتم يا حماة الوطن دوركم وحمايتكم لنا لله، يعني كل عمل مكلفين به هو لله، وانا اخترت أكون رجل علم يعلم الناس بحق وأمانة.

(سيظل عشقك مرادي)   By:NoonazadWhere stories live. Discover now