مر الوقت وانصرف المدعويين القلائل ولم يتبقى سوى مراد، هشام وزوجته وطفلته، زكريا وزوجته وياسر المبتئس، حينها فقط انتبهت إليه عمته عندما جلسوا جميعًا على مائدة العشاء، وكان عليها ما لذ وطاب.

صاحت نبيلة: ياسر! فينك؟ ده انا كنت ناويالك على نية! مااعرفش إنك جيت، ما جيتش تبارك ليه؟ مش اختك دي!

أومأ ياسر بدون تعبيرات: معلش يا عمتو أصلي جيت م الشغل على هنا، وعندي مشاكل كتير شغلاني، لاقيت الجو زحمة فقعدت على جنب، وعلى كلٍ ألف مبروك!

قال الأخيرة بكلماتٍ متجمدة لفتت انتباه مراد وهشام، خاصةً مع ملامحه الغير مفهومة، بدأ الجميع يتناول العشاء في جو من الألفة والبهجة مع نظرات خاطفة من العروسين على استحياء وعدم تصديق، أما هذا المبتئس فلم يكن يبتلع إلا مزيجًا من العلقم والشوك يكاد يختنق ويمزق أحشاءه.

بعد يوم الخطبة ببضعة أيام بدأت امتحانات عشق الشفوية والعملية وتبعتها التحريرية، وقد هلّ عام جديد، الثمانية والتسعون من نفس القرن، الذي تفائلت به عشق كثيرًا؛ فهو العام الأول لهما معًا، وقرابة منتصفه سيصيرا معًا دون افتراق، فما أجمله وما أسعده من عام!

لكنها لم تتقابل مع مراد إلا بعد انتهاء الإمتحانات، وقد دُعي يومها مراد على الإفطار في بيتهم يومًا في رمضان، والذي انقضى منه أكثر من منتصفه بقليل، وبالطبع تواجد زكريا وزوجته؛ فوجود زكريا شرط أساسي لزيارة مراد.

وصل مراد قبل المغرب بحوالي ساعة، كان زكريا في انتظاره وبالطبع عشق، حيث أنه سيغادر عقب الإفطار مباشرةً من أجل صلاة العشاء والتراويح، حتى أنه جاء مرتديًا جلبابه وعباءته.

وبعد التحية والترحاب خرجت عشق لتجلس مع خطيبها القليل من الوقت، ابتسم قائلًا: طمنيني عليكِ عملتِ إيه في الامتحان!

أومأت عشق قائلة: الحمد لله! خلصت أخيرًا!

قال زكريا: ده لسه بيقولي لو كنا اتأخرنا كام يوم كمان ما كانش هينفع يجي.

تابعت عشق: ليه؟ ده انا كنت عايزاك تيجي تفطر معانا الكام يوم اللي فاضل بدل ما تفطر لوحدك.

أومأ مراد: لا مش هينفع أبدًا، فاضل يومين على الاعتكاف وورايا تظبيطات.

قالت عشق: كان نفسي أعرف اعتكف، خصوصًا إني أجازة ومش هرجع الكلية غير بعد العيد إن شاء الله.

أجاب مراد: المرأة تعتكف في بيتها أفضل.

تابع زكريا: بس في ستات بتعتكف عندك في المسجد.

استطرد مراد: مش موافق عليهم، لكن بعض الأخوة بيجوا وبيجيبوا زوجاتهم فطبعًا خلو غيرهم يجي، لكن أنا مش مقتنع أبدًا، ولغيتها السنة دي، كانت هرج ومرج، هو ممكن بعد صلاة التراويح تفضل الأخوات في المسجد لحد صلاة التهجد، يصلوا التهجد ويتسحروا ويصلوا الفجر وينتظروا لحد الشروق وبعدين يروحوا والنهار طالع، أعتقد أخوات كتير كانت بتعمل كده، وفي أخوة كمان عشان ظروف شغلهم، وانا كمان أيام الدراسة كنت بخرج للكلية وارجع قبل الفطار عل مسجد، هشام كمان بيعمل كده بس بيجي المسجد بعد الفطار عشان بيفطر مع أهله.

(سيظل عشقك مرادي)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن