تابعت عشق: ماما ما تعرفش، أنا وأنا راجعة امبارح من الكلية أشتريت كام طرحة على اللبس بتاعي، وكده كده أنا بلبس بكم وطويل، حلو كده!

أجابها أبوها بفخر: طبعًا وزي القمر كمان، ربنا يبارك فيكِ يا بنتي!

تابعت: هي بس الطرحة بتاخد وقت عبال ما تتظبط.

أردفت نبيلة: معلش عشان لسه مش واخدة عليها، بعد كده هتلبسيها بسهولة.

وبعد عدة عناقات ثلاثية متبادلة، شربت كوبها، أخذت كيس فطورها وضعته في حقيبة يدها، حملت كشاكيلها مقبلة أمها وغادرت بصحبة أبيها.

وصلت في موعدها، حضرت محاضرتها الأولى ثم اتجهت تبحث عن ذلك الأستاذ في المكتب الذي كان يجلس فيه المرة السابقة فلم تجده، بحثت عنه في عدة أماكن فلم تعثر عليه أيضًا.

رغبت بشدة أن تريه نفسها، تريه تأثير كلماته القليلة معها، لا تعرف السبب أو حتى تتوقع ردة فعله، هي فقط تريد رؤيته مهما كانت الحجة، لكنها لم تجده اليوم ولا أيامًا متتالية بعدها.

عرضت على أبيها الذهاب معه إلى المسجد ليحضر درس الشيخ مراد، بالطبع رحّب بذلك متهللًا وصحبتهما أمها أيضًا.

جلست عشق وأمها في مصلى النساء بالمسجد منضمة إليهما زوجة خالها ماجدة، أنصتت باهتمام لحديثه البليغ، صوته المميز، كلماته الشيقة، شرحه البسيط، مزحاته الخفيفة.

كان معها كشكول سجلت فيه ملاحظاتها أثناء فترة الدرس، وفي ختام اللقاء كتبت سؤالها في فترة الأسئلة التي يجيب عنها الشيخ.

وبعد انتهاء الدرس خرج الثلاثة وسط الأخريات بتتابع، وقفن على جانب الطريق تنتظرن سيد وزكريا، فشاهدن الشيخ أثناء خروجه من المسجد متجهًا لسيارته، يتبعه الكثيرون بين مصافحٍ، مقبّلٍ لرأسه، سائلٍ لمسألة شرعية أو ربما مادية.

رأت عشق شعبيته وحب الجماهير له بانبهارٍ كبير، تمنت لو كان بإمكانها تخلل الجموع الغفيرة حتى الوصول إليه.

في اليوم التالي كان موعد محاضرته التي تم تغيير موعدها، التزمت بموعدها، حضرتها منذ البداية، أنصتت لشرحه الجذّاب، بل هو كله جذّاب، صوته، طريقته، خفة ظله التي لا تنافي صرامته، أناقته، بل كل هيئته، هو بحق صاحب حضور طاغي في أي مكان وأي هيئة، سواء جلباب وعباءة، أو بذة كلاسيكية.

انتهت المحاضرة، غادر الدكتور يتبعه عدد من الطلاب محيطين به يسألونه في بعض النقاط الخاصة بموضوع المحاضرة.

وقفت عن مقربةٍ منهم، تابعت كل كلمة يقولها بوجهه الباش، كل حركة وسكنة أو حتى لازمة لاإرادية منه، لا تصدق نفسها كيف تتابعه بهذه الدقة! تخشى أن تطرف بعينيها فتفقد لقطة من رؤيته.

غادر الطلاب متتاليين وهَمّ الدكتور مراد أن يغادر بعد أن ارتدى نظارته الشمسية، كانت لا تزال عشق مترددة، تريد الاقتراب ولا تعرف كيف تتحرك، لكنه سيغادر، تشجعت وخطت مقتربة نحوه بتردد وعلى استحياء، كلما اقتربت خطوة ازداد إيقاع سمفونية قلبها حتى بدت بوضوح في أنفاسها، فلا تدري كيف لها بهذا الخفقان والبعثرة أن تتحدث معه!

(سيظل عشقك مرادي)   By:NoonazadWhere stories live. Discover now