الثالث والاربعون (قبل الاخير)

5K 194 27
                                    

الثالث والاربعون

كاذب !!!من اخبرك بان الاحلام تُحقق  ما فشل واقعك في تحقيقه...فالاحلام ليست الا صورة كاذبة ...زائفة ....مخذلة لواقعك ...فلا تغتر بألوان قوس قزح .....
..........
تغوص باحلامها العميقة في حالة سكون دُفعت إليها جبرا بفعل المهدئات ...تُشبع  باحلامها ما حُرمت منه ...لما اصبحت مؤخرا فاقدة القدرة على الفصل بين نومها ويقظتها فتعتقد احيانا ان ما يحدث باحلامها واقعا وما يحدث بصحوها اوهام ..؟!من المسئول عن ذلك الخلل الذي ضرب حالتها العقلية؟! ...تنهدت براحة على تلك اللمسات المحببة إليها التي اخترقت احلامها.. لمسات  ممتعة فوق وجنتها وخصلات شعرها  ..رغبت في تلك اللحظة فتح جفنيها لتلتقي بمن يدللها بحنانه ولمساته يكفيها عطره الذي تغلغل لانفها لتتأكد انها لا تتوهم  ولكنها خشت  من ان يكون وهمًا بالفعل  مثل كل المرات السابقة  ...ولكن لحظة شعورها بملمس شفاه رطبة فوق جبينها ..اجبرت نفسها على فتح اعينها الناعسة لتتأكد من وجوده ..ظلت تحرك جفنيها تحاول فتحهما بصعوبة كأنها تجبرهما عنوة على طرد النعاس منهما ...حتى فتحت اعينها على وسعهما وياريتها ما فعلت !!..لقد تفاجأت بخلو الغرفة الا منها ....انتفضت من تسطحها تمرر عينيها بجوانبها بيأس تملكها ..لقد تمنت من كل قلبها وجوده بجوارها في محنتها ..يمسك بيدها مرة اخرى و يعدها الا يخذلها مثلما يفعل في كل مرة ...نعم تمنت !!..تمنت المستحيل  ..!!!كان لديها القدرة على الارتماء باحضانه تبث له شكواها ..تطلب منه نجدتها من براثن ذلك الخائن ..ولكنها تراجعت عن تلك الخاطرة ووأدتها في الحال ...ظلت تكرر لنفسها لعلها تستمد بعض القوة التي لم توجد يوما في حياتها ..كلهم خائنون ..مخادعون ...جميعهم قاموا بخذلانك مرة بعد مرة ....
ضمت ركبتها لصدرها بقوة  في حركة لا تناسب ظروف حملها ..تهز جسدها  ببطء تدندن كلماتها المفضلة لديها منذ الصغر كأنها كانت تؤكد لنفسها حينها ان هذه هي الحياة

       هل تعلم ،االناس غريبة
       اولا يكرهون بعضهم بعض
       ثم يحبون بعضهم البعض
      يغيرون رأيهم فجأة
     اولا يقولون الحقيقة ثم يكذبون
        دون سبب
      هل تعلم ان الناس مجنونة
      غير راضين دائما
     انت الوحيد المختلف
   على الاقل انت موجود بالكون
..................................
سيارة حازم السوداء تسير بسرعتها المتوسطة تحمل أربعتهم داخلها وكل منهما يحمل بطيات قلبه الكثير والكثير من الهموم ..اول من قطع الصمت المقبض سؤال "فزاع "الحاد المتعجب من طريقة قيادة اكرم :
-أنت ماشي على قشر بيض؟..ما تسرع شوية ايه البرود ده ؟!!!...
نظر إليه بمرآة السيارة ببرود مصطنع بدون الرد عليه رافعا حاجبه بتحدي سافر له يعلم لا المكان ولا الزمان يسمح بنطح هذا الصعلوك ..تدخل مالك المراقب للطريق بقلق كبير يضيف :
-ممكن اعرف هنعمل ايه دلوقت ؟..احنا بقالنا ساعة بنلف ...
كان دور حازم المتجهم منذ خروجهما في الرد :
-الموضوع كده مش هينفع لازم نتفرق ..العربية اللي ورانا مش سيبانا من وقت ما خرجنا من عندك ....
حاول مالك الالتفات ينظر خلفه ولكن اوقفه صوت حازم الجالس امامه بجوار اكرم :
-ما حدش يلفت النظر ..مش عايزينهم ياخدوا بالهم اننا عرفنا ...
رد اكرم يؤكد :
-كده احنا اتأكدنا من شكوكنا ...ده اكيد رجالة "اندرو"مراقبنا من وقت ما تحركنا من عندك يا حازم ..وده يأكد بردو ان شيراز معاه...
ضرب مالك مقعد حازم بقبضته بغضب يصرخ بحدة :
-يا عني ايه؟..هنفضل للف كده لحد امتي؟
اجابه اكرم بشئ من العقلانية :
-انا بلغت الجهاز  وزمان القوة سبقتنا على المكان اللي رصدناه ...بس دلوقت احنا مش عايزين نلفت النظر ونعرفه اننا وصلنا لمكانه ...احنا لازم نتفرق .....
نظر له حازم بوجه متجهم وصدرت منه هزة من رأسه فقد فهم ما يرمي اليه اكرم فكان اول ما اقترح :
-وقف العربية الطريق الجاي ونزلني وكمل انت ...
تسأل مالك بحدة :
-نازل فين ؟..
-احنا لازم نتفرق ..طول ما احنا متجمعين مش هنعرف نفك منهم لازم نشتتهم ....
قارعه مالك بشراسة :
-رجلي على رجلك ...انت فاهم !!!
كاد ان يعترض حازم فقاطعه مرة اخرى مالك موجها حديثه لفزاع المراقب :
-فزاع !!!..انت خليك مع اكرم ...
هز رأسه بالموافقة متضررا فاكمل يوصيه مرة اخرى مع مسك كف يده بخوف :
-فزاع!!.لو حصل لي حاجة مش هوصيك على شيراز وامينة ..
بادله الاخر بوضع كفه فوق كف مالك يقول :
-ما تقلقش ان شاء الله هترجعوا بالسلامة ...
اوقف السيارة ببطء بجانب الطريق فيلاحظوا وقوف السيارة المراقبة هي الاخرى على بعدٍ بسيط منهم ...امسك حازم بمقبض بابه استعداد للهبوط فاوقفه اكرم بحديثه:
-حازم بلاش تهور ما تعملش اي حاجة الا اما اوصلك والقوة تيجي ..دي عصابة ومش هترحم حد ...ثم سأله بحرص:
-سلاحك معاك ؟!...
-ايوه في جيبي .....
فصدرت منه نظره لمالك المراقب لحديثهما ..فقام بسؤال اكرم باهتمام:
-معاكِ سلاح زيادة ؟
-حااااازم!!!..قالها اكرم معترضا على ما يفكر به ...فقد فهم رغبته في تسليح "مالك" ...
فاصر حازم يقول :
-معاك سلاح تاني غير الميري ...
قلب اكرم عينيه بملل ومد يده اسفل مقعده في مكان سري له ثم مد يده بعدم رضا له بسلاحه الخاص فيتناوله حازم  بلهفه يمرره لمالك المراقب بفضول يقول :
-خبي السلاح ده في هدومك كويس ...اتمنى ما نضطرش نستخدمه احنا الاتنين  ...
......................
وقفا كلاهما في حيرة من امرهما ينظران حولهما للطريق الضيق خلف الفيلا الذي يعم به الظلام بارتباك خوفا من ان يلمحهما احد الحراس فاول من قطع ارتباكهما مالك المتسائل بصوت منخفض نسبيا :
-هنعمل ايه دلوقت ؟..اكيد في حراسة جوه ..وازاي اصلا هندخل غير ما نشتبك معاهم ...
نظر حازم للسور العالي نسبيا بتفكير فقال بعد لحظات من تفكيره:
-هو مش هيجي في باله ان احنا عرفنا مكانه وانه اساسا هي معاه ..هتلاقيه مدي اوامر للحراس على البوابة بس ...
-طيب احنا لازم ندخل ..انا مش هستنى القوة تيجي وتتقلب نار جهنم ..لازم نوصلها ...
اجابه حازم ببعض التفكير :
-مافيش الا حل واحد قبل ما حد ياخد باله .....
عقد مالك حاجبيه متأملًا تصرفات حازم عندما شبك اصابع كفيه ببعضهما واردف يأمره بصرامة:
-يلا اطلع بسرعة ...على ايدي وبعد كده على كتفي ....
قارعه مالك لاثارة غضبه :
-وانت هتطلع ازاي ورايا ..تطلع طاير ؟؟!...
زفر حازم بضيق يامره :
-مافيش وقت للنقاش ..انا هقدر اوصل للسور لان انا اطول منك ..يلا يا مالك ....
كان بعد لحظات كلاهما داخل حديقة الفيلا الخلفية الصغيرة بعد ان استعان حازم ببعض الاحجار الموجودة بفيلا بالجوار تحت الانشاء وساعده مالك بعد ذلك بالتمسك بالسور ثم القفز من عليه بسلاسة ....نظرا حولهما للاضواء الخافتة وحركة رجلان بذيهما الاسود بجوانبهما سلاحهما الخاص ..فهمس مالك ببطء وهو مختفي بجواره خلف الجدار :
-انت متأكد ان الاوضة دي موجودة فيها ؟...
نظر لهاتفه بدقه يركز في مكان النقطة الموجودة والتي ترسلها اشارات  قلادتها المثبت بها جهاز تعقب ضمن الفصوص ...هز رأسه في الظلام يهمس :
-ايوه نفس المكان ....
تحرك حازم من جواره عندما لمح من بعيد سلم ملقى ارضا ..فذهب اليه وعاد حاملا اياه  يقول :
-هطلع الاول واما اديك اشارة تطلع بعدي ....او ما تطلعش خالص .....يكون افضل ....
-رجلي على رجلك ..كفاية اللي جرا من وراك .....
زفر بقلة صبر وبدأ في الصعود بحرص فوق السلم المتآكل مثبتا به مالك من الاسفل بيديه وهو يراقب الاجواء بتوتر  ..كاد ان يصل حازم لاخر درجة فسمع نداء مالك الهامس يقول :
-حازم ....!!!!...
نظر له حازم من علو بارتباك فاكمل بتأثر :
-رجع شيراز يا حازم ..وخلى بالك منها .....
هز رأسه بتفهم ودار برأسه يكمل طريقه فقاطعه نداء مالك مره اخرى فزفر بقوة يهمس لنفسه بملل(وبعدين بقى )..فاردف مالك  :
-حازم !!!...خلى بالك من نفسك ...
ابتسم حازم بابتسامة جانبية على جملة مالك الاخيرة ... فضم سبابته واوسطه وقربهما لجانب جبينه في تحية عسكرية تبادلها معه مالك بنفس الابتسامة المهزوزة .....
...........
كانت تجلس فوق فراشها مغمضة العينين تدندن كلمات اغنيتها برتابة ممسكة بقلادتها تتلاعب بها ..وصل لسمعها صوت حركة من شرفتها المفتوحة المظللة بستائر شفافة ..فتحركت ببطء اتجاههافي محاولة منها لاغلاق بابها ..ولكن صرخة صدرت من حنجرتها حينما ازاحت ستائرها فسرعان ما كتمها بكف يده يمنع خروج صوتها حتى لا يصل للموجودين ...ظلت تنظر له برعب وعيون جاحظة لتكتشف احاطته لها بذراعه حول خصرها واليد الاخرى تكمم فمها ..تسارعت انفاسها رعبا منه فحاولت التحرر مع تواصل صراخها المكتوم خوفا ...صدمه محاولاتها الغريبة  ورد فعلها الاغرب في الابتعاد عنه ..فحررها على مضض يردف باندهاش:
-شيراز!!!!!
صرخت بعلو صوتها فارتعب ان يسمعها احد :
-عايز ايه تاني يا حازم..ايه اللي جابك ؟..مش كفاية تمثيل لحد كده ؟....
حاول الاقتراب منها باندهاش واضح ليلاحظ تقهقر خطواتها للخلف خوفا منه بهمس بصوت منخفض :
-تمثيل ايه ؟..انا مش فاهم حاجة ؟...
تلفت حوله يحاول استجماع تركيزه واكمل :
-شيراز ..خلينا نتكلم بعدين ..أنتِ لازم تخرجي من هنا قبل ما حد يحس ...
ابتسمت ابتسامة سخرية مريرة وابتلعت ريقها  حتى شعرت بطعم العلقم بفمها... أيترجاها للخروج معه؟! ..وان تأمن له مرة اخرى بعد ان غدر بها وألقى بها في الهلاك ..ليحقق اهدافه ..ما كانت هي الا هدفا للوصول لباقي اهدافه ..لم تكن الا اداة في ايديهم جميعا يتلاعبون بها بطمع وجشع مقرف ..رفعت انفها بكبرياء تناطحه بكبرياء :
-انت فاكر ان ممكن اتحرك معاك لاي مكان ؟..وعشان ايه اسيب اللي ليا .هنا...وآمن ليك تاني ليه  ؟...
اقترب بتردد لايريد ان يطيل الحديث اكثر من ذلك فالوقت يسرقهما ..ضم كفيه لبعضهما يرجوها :
-ارجوكِ مافيش وقت ..أنتِ لازم تطلعي من هنا قبل ما "اندرو" يحس بيكِ...وهتفهمي كل حاجة ...
تراجعت بصمت خوفا منه في محاولة منها للاقتراب  من الباب والاستنجاد بخالها ...فاكمل بخوف :
-هو عملك حاجة ؟..حاول يأذيكِ...طمنيني...
ضحكت بسخرية ايعقل انه يسأل اذا كان خالها اقدم علي اذيتها ؟ فاكمل بلهفة :
-اوعي يكون مضاكِ على اي ورق ؟!....
تعجبت من حديثه :
-ورق ايه ؟....
حاول افهامها على عجالة:
-شيراز اسمعيني كويس ..انا اه مش فاهم هو وصل لك ازاي وخطفك ..ومش عارف قالك ايه عني ..بس اللي لازم تفهميه وبسرعة انك في خطر ولازم تخرجي من هنا ...وحالا!!!
اقترب منه حتى وصل اليها وحاصر وجهها يكفيها ينظر لفيروزتها باشتياق :
-في حاجات كتير أنتِ مش عارفاها ..سنين وانا بحاول احميكِ منه ومن خيانته ...بس في النهاية فشلت ووصل لك ....
شعرت بالراحة عندما لامس بشرتها بانامله الخشنة ظلت تنظر له بتأثر تترجى عينيه ان يكون صادقا وان يكذب ما تشعر به من خيانه وما رأته باعينها فقال بصوت مبحوح:
-ليه يا حازم ؟..ليه بعد ما اديتك الامان تعمل فيا كده وتطعني ...انا ..انا عارفة ان استحملت كتير وسنين ..بس انا عمري ما اجبرتك تستناني..ليه خنتني ؟...
دافع عن نفسه بتأثر من نبرتها الحزينة :
-هو قالك ايه ؟..ما تصدقيش اللي قاله ...انا عمري ما اقدر اخونك ابدا ..انا كنت بنقذك من الخاينين واللي اولهم اندرو خالك ...
ابتعد عن ملمس اصابعه خطوة تقارعه من بين اسنانها :
-عشان كده رحت ضغط عليه لحد ما اخذت نص الشركة واستغليت ظروفه المادية ..ايه هتنكر ؟
-لا ياشيراز الموضوع مش زي ما فهمك انا عمري ما طمعت ولا عمري بفكر كده ..انا كنت بانقذ  اسمك وشركة امك من ايده ..بنقذك من حاجات أنتِ عمرك ما تخيليها انها تحصل .....اندرو كان بيشتغل في..
قاطعت كلماته حركته لحقيبة يدها الملقاه فوق الفراش تخرج منه ورقه ترفعها امام اعينه بتحدي قائلة:
-ودي ؟!....
صمت عندما شاهدها ترفع صورة تضمه هو وجولين في وضع حميمي مبتذل ..ابتلع ريقه وشعر بغصة مؤلمة كالشوك ..اهتزت حدقتيه بتوتر وقال مدافعا:
-الصورة دي وصلت لك ازاي ؟...
- ده كل اللي يهمك !!..وصلت ازاي؟...مش مهتم بخيانتك ليا ..
ضربته بقبضتها بصدره عدة ضربات متتالية تراجع خطوات صارخة به كيف فعل بها هذا ؟!.وهو يحيطها من كتفيها بحنان مهدئا ثورتها :
-اسف ....لو فضلت العمر كله اعتذر مش هيكفي ..انا عارف أنتِ حساه بأيه ...بس ارجوكِ صدقيني المرة دي ..المرة دي ...وبس ..عشان خاطر ابننا ولو بتحبيه زي ما انا بحبك لازم تنقذي نفسك عشانه على الاقل مش عشاني .. وتيجي معايا حالًا  ...
انتفضا على صوت خطوات رجولية تقترب من باب حجرتها فجحظت عينيه برعب عليها واشار لها بسبابتها مقربا له امام فمه يأمرها بالصمت والهدوء...
فتح الباب باندفاع ليظهر من خلفه اندرو لتنتفض تغطي نفسها بفستانها المفتوح ازراره فتراجع خطوة عن الباب يقول بلغته :
-اعتذر !..كان يجب عليّ طرق الباب ..لقد ظننتك نائمة
اجابته وهي تكمل اغلاق ازرار فستانها :
-لقد استيقظت للتو .وقمت بتبديل ملابسي ....أكنت تريد شيئا "اندرو" ....
وقف واضعًا كفيه بسرواله القصير يجيبها :
-نعم ...سأنتظرك بالاسفل ..يوجد بعض الامور المتعلقة يجب إنهائها ..سأنتظرك بالاسفل ..لا تتأخري ....
تحرك من امامها يغلق الباب خلفه فزفرت براحة واضعة يدها فوق صدرها تتحسس ضربات قلبها المتسارعة  خوفا التي كادت ان تتوقف ..فشعرت بملمس شفتيه الرطب فوق جبهتها ..لتتنهد  براحة تردف:
-لازم انزل ..اشوف عايز ايه ؟..وانت اخرج زي ما دخلت ...
امسكها من كتفيها يمنعها من التحرك :
-لا ..اندرو عايز يأذيكِ .وانا مش هسمح لك بكده ...
اخفضت يديه باصرار:
-امنعني...لو تقدر ..و ما تنتظرش مني ان اصدقك تاني ..انا مش هصدق اللي انا حساه وبس ...
تحركت تحت انظاره الباهتة اتجاه باب حجرتها ولكنها توقفت عند كلمته الاخيرة ؛
-اندرو قتل چينا....قتل اخته ومش كتير على اللي قتل اخته يقتل بنتها عشان مصلحته ......
ابتلعت ريقها بصدمة جلية ..كيف ؟..كيف قتلها !..وهي تعلم بأمر انتحارها ......!!!!
............
اسفل الشرفة وقف "مالك " يشتعل  جنونا وثورة من تأخر حازم بالأعلى حلت عليه اكثر من مرة  فكرة الصعود له ..ولكن سرعان ما طرد الفكرة الجنونية خوفا من الصعود خلفك وترك السلم بهذا الشكل المثير للشكوك ..يجب عليه مراقبة الوضع والتحمل قليلا ..قليلا فقط يا مالك ..من اجلها هي !!!...
................
جلست تنظر للاوراق الموضوعة امامها بريبة من طلبه ..وتتردد كلمات حازم بسمعها عندما سألها هل قام بإمضاء اي اوراق ...؟!...هل عليها تصديق حازم مرة اخرى ...وبالاخص عن مقتل امها على يده ...فنظرت له وهو يحتسي كأسه المملوء ثلجا وسألته بلغته :
-لا افهم اي اوراق تلك التي تريد إمضائي عليها ؟!!
اخفض كأسه باستمتاع ونظر اليها نظرة من اعلاها لاسفلها فارتابت من نظرته وتساءلت منذ متى وهي تشعربالرهبة بجوار اندرو?! ..فهو دائما صديقها قبل ان يكون خالها ..لكن الان يتضارب شعورها الداخلي من رعب داخلي اما ان تصدق حازم القول وتقع في فخ خداعه مرة اخرى ....او تثق في  اندرو وهو يكيد لها مثلما ادعى حازم !!!!!...شاهدته يريح كأسه فوق الطاولة يقترب في جلسته منها يضع يده فوق ساقها يدلكها ببطء يسأله بصوت هادئ :
-في اي شئ تفكيرين ؟...انها  بعض الاوراق المتأخر وتحتاج الى إمضائك ليس الا ..هيا لا تضيعي الوقت ...
نظرت لعينيه تحاول السيطرة على ارتباكها والبحث عن الصدق بهما وحينما امسكت القلم استعدادا للقيام بما طلبه منها ..سألته بحرص :
-أتحب چينا ...اندرو؟!...أكنت بالفعل تحبها؟!...
-ما سبب هذا السؤال العجيب ..بالطبع ..بالطبع كنت احبها ...
كررت عليه سؤالا اخر :
-تحبني مثلها تماما ...أليس كذلك اندرو....
نظر بعينيها حينما رفعتهما اليه تنتظر إجابته وشعر بغرابتها فاردف ببطء مع ثبات عينيه على مقلتيها :
-من المؤكد انني احببت شقيقتي واحب ابنتها الساحرة مثلها تماما ...
رأى اهتزاز حدقتيها بتوتر فرفع كفه عن ساقها ليلمس بطنها باستمتاع يكمل :
-كما سأعشق ذلك الطفل الرائع ...في اي شهر أنتِ بالمناسبة ؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة وشعرت بالخوف يسري بخلايا جسدها :
-لقد اتممت شهري الرابع منذ يومين  ....
-راااائع ...يتبقى لكِ خمسة اشهر فقط واحمله بين يدي ..ولكن الان ...هيا ....لتكملي ما بدأتيه ....
اردفت مرة اخرى بفضول :
-أتتذكر ليلة موت چينا ؟!....انتحارها من الطابق الثاني ...لقد كنت معاها أليس كذلك اندرو ؟
امسك كأسه مرة اخرى يهرب بعينيه عنها يجيبها بحرص اكبر :
-نعم ..كنت معها واستغلت انشغالي وألقت بنفسها منتحرة ؟...
ابتسمت بسخرية تسأل بحسرة :
-الا تظن ان من العجيب ان تُقبل على الانتحار في وجود اخيها ولم تفعلها مسبقا لحالها؟ ....والاعجب انك لم تحاول اثنائها عما تفعل ....
-الى اي شئ تريدي الوصول  ..لما تهتمين الان بالامر؟.....ا
امسكت بالقلم بين اصابعها فزفر بارتياح لم يدم طويلا فسرعان مالاحظ تشنج يدها لتلقي به ارضا مع انقباض ملامحها الدال على مقاومتها للألم ..فسألها باهتمام:
-ماذا حدث؟
اجابته وهي تشعر بالم يسري بجسدها وكف يدها :
-لا اعلم ..تملك مني الالم مرة اخرى ...من الواضح عليّ مراجعة طبيب في اقرب فرصة ..
قال بلهفة :
-لما ؟..أليست صحة الجنين بخير ؟..هل هو بخير شيراز؟..
فاجابت بتألم واضح وهي ممسكة بذراعها:
-أراك تبالغ في اهتمامك وخوفك على طفلي اندرو ..اكثر من الطبيعي!!!.
ابتلع ريقه بتوتر حاول اخفائه بصعوبة ...قاطعه رنين هاتفه الشخصي فاجاب سريعا عندما وجدها چولين ..وصله صوتها المتوتر تبلغه بامر هام ..لاحظت شيراز انتفاضه من جوارها يأمرها باختصار :
-احضريه إليه الى هنا...حالًا ....
رفعت نظرها لملامحه المتبدلة.بخوف هل من الممكن ان يكون حديث حازم به كل الصدق ؟.....وارتعب اكثر عندما شاهدت تلك الحية المسماه"چولين" وخلفها رجلان اشداء ممسسكان ب....ب(مالك)....تملكها الرعب عندما لاحظت اثار الاشتباك الواضح عليه وعلى وجهه ..لم يمهلها اندرو للتفكير كيف عرف مكانها ؟..اقترب منه بخطوات متزنة يتسلم السلاح من يد رجل من رجاله الذي وجد بملابس مالك فتحرك يريحه باهمال فوق المالوفة بجوار الاوراق و يردف بخبث بلغته:
-ما اكثر عشاقك شيراز ؟.اخر ما اتوقعه ان نتقابل مرة اخرى بعد كل تلك السنوات ....صرخة صدرت من حلقها عندما باغتت مالك لكمة سببت بفتح حاجبه الايسر وتسمع اندرو يكمل :
-تلك اللكمة لها حساب متأخر بيننا ...اتتذكر عندما باغتني بمثلها عندما جئت ابحث عنها ....
صرخت شيراز مما تراه فالاحداث متداخله امامها واصبحت تجهل ما هي فيه ...اقتربت تجذب اندرو من ملابسه ترجوه بتركه فخرجت سبة من فاه  مالك المتوعد له بشراسه :
-سيبوا يا اندرو ....(اتركه)!!!
انتبه لها اندرو ليبتسم ابتسامة ماكرة ويجذبها لاحضانه محيطا بكتفها يقول بلغة عربية متكسرة :
-شيراز!!..ليه خايف ....انا كنت ارحب به. دلوقت لازم اعرف ..عرف انت ..هنا ..ازاي...؟
إلتفتت لمالك ذو الوجه الشرس تنتظر إيجابته فلاحظت نظرة من عينيه اتجاه اعلى... ابتلعت ريقها لما فهمته ليؤكد لها ظنها بقوله :
-عرفت مكانها من السلسلة اللي في رقبتها ...
اجفلت من كلماته فاقترب منها اندرو بعنف ينزعها منها فصدرت منها صرخة متألمة لجرحها نتيجة جذبه ..فأكمل مالك حتى يطمئنها :
-انا اشتريت السلسلة واديتها لها هدية وكان في جهاز تعقب عشان كنت ببقى قلقان عليها....
كذبة مالك ونظرة عينه أكدت لها انه لم يأت الا برفقة حازم وان الموقف اكبر مما تخيلت ..بدأت تفكر هل حازم صادق فيما ادعى ...هل بالفعل هي في خطر من خالها ؟..مايؤكد كلامه وجود تلك الحية مع اندرو...
إلتفت لاندرو تواجهه تأمره بحدة :
-اتركه يرحل ...اتركه ..
رفع اندرو بسلاحه الخاص موجها السلاح لرأس مالك :
-انت في وضع لا يسمح لك  بان تملي علي اوامرك..فهو لن يسمح له بالخروج الا وهو جثة هامدة ...
-لما كل ذلك ؟..انت لست بقاتل اندرو ..لقد وعدتني بان تساعدني بالسفر والانفصال عن حازم لانه خائن ...وايس لمالك شأن بذلك ..
ضحكة ساخرة من چولين :
-ساذجة !!!!ههههه!....
اقترب منها اندرو يمسك بشعرها فصرخ به مالك الذي يحاول التخلص من ايدي رجاله بكل قوته :
-سيبهااا...
لم يهتم اندرو به فأولى اهتمامه الباكية تحت يده :
-بالفعل ساذجة ..دائما ساذجة ..سألتي عن موت چينا ولم ارد مصارحتك ...نعم شيراز كنت معها بالفعل ولكنها لم تنتحر بل انا من دفعها ..قتلتها بسبب تهديدها بسجني عند اكتشافها لاعمالي الخفية ..تخلصت منها قبل ان تتخلص مني كما سأتخلص منك ايضا ولكن بعد ان احصل على طفلك الصغير ليكون ابني انا.... انا شيراز .....
وضعت يدها فوق بطنها تحمي جنينها ..فنظرت لاعلى لتكتشف وقوف حازم بسلاحه متخفيا عن الانظار ومن ملامحه تأكدت من فهمه لحديث خالها  وما ينويه فرغبت في تحريك اندرو ليكون حازم خلف  اندرو ورجاله  وليس في مواجهتهما ..سريعا اجفلت الجميع من تحركها تخطف السلاح من جوار الاوراق ...فهم حازم سريعا ما فعلته ...رفعته بوجه اندرو وتجاهلت نداء مالك المترجي لها فقال بتتهور  :
-سأقتلك ان لم تتركنا نخرج من هنا ..
رفع سلاحه بوجه مالك يسحب صمام امانه  يقول بثقة :
-أنتِ اجبن من ان تقتلي شخصا ....شيراز....
نظرت لمالك والدموع تغرق اعينها مع تسارع ضربات قلبها المؤلمة  فهي لن تستطع رؤيته يغتال امام اعينها... موتها هي ارحم من ان تحرم منه ..في لحظة كانت موجهة فوهة سلاحها لقلبها باصرار وبايد  مرتعشة مهددة الجميع :
-يمكن مش هقدر اقتلك يا اندرو ..ولكن من الاسهل  قتل نفسي ..وحينها لن تحصل على طفلي كما ترغب ...
صرخ بها مالك المقيد بايديهم :
-شيراز !!.لا يا شيراز لا ..اوعى تعملي كده ...مش هسامحك ..سامعة مش هسامحك لواذيتي نفسك  ....
نظرت له بشفاه مرتعشة تسيطر على انهيار جسدها مقربة السلاح اكثر لقلبها كانت على استعداد لحظتها بالتخلي عن حياتها قبل ان تفقده ...ظلت تبكي بانهيارتقول بانفاس متقطعة :
-مش هقدر ..مش هقدر اشوفهم بيقتلوك ..سامحني يامالك ....
طلقة مدوية بالاجواء جعلت الجميع في حالة صدمة مع صراخ مالك الباكي باسمها رافضا ما فعلته ليجفل من صوت صراخ خشن يحفظه جيدا ويشاهد  هبوط حازم بسلاحه المصوب اتجاه اندرو جاذبا شيراز من ذراعيها يضمها اليه بعيدا عن حيزه ...فوقف "اندرو " مصدوما للحظات بعد دوي صوت الرصاصة  وقام مواجهته بسلاحه بعد ان تمالك صدمته  فوقف كلاهما يواجهون بعضهما بالسلاح فاردف  حازم بصوت كاره :
-شيراز ... ادي السلاح لمالك ....
تحركت شيراز تنفذ ما امرها به لم يكن في حسبانها تربص تلك الحية المسماة چولين لتجد نفسها مجذوبة من شعرها وفوق عنقها سلاحا ابيض صرخت برعب من انقلاب الحال فجأة لتؤسر مرة اخرى تحت ايدهم فقالت جولين بسخرية :
-تلك الصغيرة لن تترك حية ..فهي تسبب الكثير من المشاكل اندرو ...
تحرك" اندرو" بحرص يجذب من يدها السلاح وهو موجها سلاحه له و ثبات عينه على عيون حازم الصقرية  المرتبكة بتحدي  ....واشار لاحد الاشخاص المثبتين لمالك يأمره بان  ينزع سلاح حازم من يده ...وقف مالك مرتعبا مما هو أتي ..يشاهد انهيارها بين ايدي تلك  الحية فاراد بث الامان بنفسها:
-شيراز!!!..مش هيحصل حاجة صدقيني ..ما حدش هيقدر يعمل حاجة ...صدقيني ....
جلس  كلا من حازم ومالك على عقبيه مثبتين باسلحة رجاله ...عينيهما لم تترك تلك المنهارة ..لم يتخيلا ان تكون هذه النهاية ..نطق حازم بصوت متألم :
-انا اسف ..اسف ان ماقدرتش احميكي ..كان كل همي ابعدك عن اي خطر بس ما عرفتش....
دمعة حارة سقطت من عين مالك مرتعب ان تكون تلك النظرة هي النظرة الاخيرة بينهما فنطق حروف كلماته بصعوبة :
-وانا كمان ..سامحيني .سامحيني على كل حاجة ...كان نفسى اعيش معاكي احلى ايام يا شيراز واعوضك  ..بس ما عرفتش انا كمان  .....
اقترب اندرو منها يجذبها من اسفل يد چولين بقوة يأمرها:
-اقتلي نفسك امامهم !!!!
نظرت ليده برعب الحاملة للسلاح وظلت تهز رأسها رافضة لأمره ..فاكمل بحدة :
-ان لم تفعلي ...سأبدأ بقتلهما امامك واحد تلو الاخر ....
نظرت لهما برعب فيصدح صوت حازم يثنيها عما تفكر :
-لا يا شيراز ..بصي لي ..بصي لحازم ياشيراز ..اوعي تسمعي كلامه ....
صرخ مالك لا يفهم مايدور :
-حد يفهمني في ايه ؟..الكلب ده قالها ايه ؟..
ظل يردد حازم كلماته بقهر وصوت بدا لها بعيدا :
-لا يا شيراز وحياة ابننا ما تعملي كده ..هو كده كده هيخلص مننا ...لكن أنتِ لا ..هو عايز ابني ..مش هيقدر يقتلك ...
نظر مالك لها وهي تسحب السلاح من ايد خالها فرمش باعينه غير مستوعب ما يسمعه فصرخ هو الاخر بها ينحيب متقطع عندما وجدها  توجه فوهة سلاحها لقلبها نظر لعينيها الغارقتين في بحر من الدموع يسترجيها التوقف والافاقة من غيبوتها :
-شيررررررراز..فوقي يا شيراز فوقي .....
نظرت حولها تسمع اصوات متداخلة ومزيج متقطع من نحيب بعيد يتردد صوته كالمنجاة لسمعها ..حركت حدقتيها تنظر لانكسارهما امامها بشكل يقطع جيوبها قلبها ..ظلا يتوسلان لها بان تتوقف عن فعلتها التي ستودي بحياتها ...
شعر اندرو بترددها فاقترب من حازم يوجه سلاحه الشخصي لرأسه يهددها :
-اقتلي حالك ..والا قتلته امامك ...
رمشت باعينها مع هز رأسها بالرفض لواقعها ..ترددت باذنها كلمات حازم :
-ابني يا شيراز ..ابني... اوعى تقتليه ...لا ياشيراز...
صرخة منها مدوية  مع صوت طلقة اخترقت رأس حازم المتناثر ارضا حتى سقط بجوار مالك المذهول من قتل حازم بتلك الوحشية مع نحيبها وصراخها الرافض لما سببت فيه ...لقد كانت سببا في اغتياله ..اقترب اندرو من مالك يوجه له السلاح كما فعل مع حازم ..وعند تلك النقطة رفضت شيراز ان يتكرر ما حدث معه ..لن تسمح بتكرار ذلك معه ....صرخت باندرو تثنيه ببكاء :
-هعمل اللي انت عاوزه ..صدقني بس ما تقتلوش ارجوك ....
وجهت كلامها لمالك كوداع اخير :
-سامحني ..مش هقدر اشوفك بتتقتل زيه ...سامحني!!..
-شيراز !!...شير........لاااااااا...
طلقة اخترقت صدرها شعرت بألمها يمزق صدرها يليها سقوطها ارضا امامه تلتقط انفاسها بصعوبة وعيون مودعة معتذرة ..تعتذر على حياتها السابقة..تعتذر على لقائه الذي لم يجلب له الا الالم والعذاب ..شاهدته هو  يسقط بجوارها مصابا بطلق ناري بظهره تلقاها غدرا من خالها ولكنه ظل يزحف بجسده الغارق بدمائه ودماء حازم التي تغرق الارض اسفله في محاولة للوصول لها حتى لمس كفها الدامي ..ظل يبادلها نظرات عشقه المؤلم يريد ان تزهق روحه وهو معها كما كان دائما وكما كانت ..ظلت تنظر له بتألم تشاهد إلتقاط انفاسه بصعوبة ظل ينطق من بين  انفاسه كلمات عشقه :
-ما تسبيش ايدي ياشيراز ...خليكي معايا ...انا مش هسيبك تاني .....
بعد لحظات وصلها  تحشرج انفاسه وعيونه الثابتةعلى وجهها بجانب جسده  الساكن ...ظلت تحرك كف يده القابض على كفها الصغير تناديه لعله يجيبها ..يخبرها بانه معها كما كان دائما..ولكنها فشلت كما تفشل دائما  ..حتى اغلقت اعينها تحاول الاستسلام هي الاخرى لترتاح من دنياها البائسة الظالمة ..ظلت تنتظر خروج روحها باستسلام يائس ..ما صدمها انها لا تشعر بألم جراحها ..كما كانت تشعر ...اين ذهبت تلك الالام المبرحة ؟..ضغطت مرة اخرى تلمس كف يده الدافئ تنطق باسمه بصعوبة وسط انفاسها المتلاحقة حتى هدأت تلك الانفاس لتعرف انها النهاية ...نهاية مشوارها !!!!!!...
.................
في المكان المجهول
.............
ظل جالسًا بجوارها منذ اخر تدهور  وصلت اليه لم يبرح مكانها خائفا ان تستسلم وهو ليس بجوارها كما يفعل منذ تعرضها لغيبوتها ..هل الحياة قاسية بهذا الشكل الذي يجعلها ترفض الرجوع لها مرة اخرى ؟....اقترب منها يلمس وجنتيها بانامله كما يفعل دائما ..يودعها قبلة فوق جبينها يترجاها الا تستسلم ...يرجوها العودة لاحضانه ..كل يوم يمر ينقص من فرصة نجاتها ...امسك كف يدها يودعه قبلات دافئة ..وكاد ان يقص عليها احداثه اليومية كما يفعل هو ومن معه ..كما اوصى الطبيب بضرورة التواصل معها دائما لمساعدتها للخروج من هوتها السوداء ......قاطعه دخول تلك الممرضة المختصة بمتابعتها وتغير محاليلها المغذية .....واثناء مراقبته لعملها اليومي بروتينة..شعر بحركة اناملها تضغط على كفه الخشن ..انتفض لتوهمه ..فنظر لها برعب يصرخ بلهفة بوجه الممرضة :
-ايديها اتحركت ..ايديها اتحركت ......
اقترب تراقب حالتها بيأس تردف :
-حضرتك ..بيتهيألك اكيد ...!!!
لم تكمل حديثها ليجدا تحرك حدقتيها اسفل جفونها المغلقة مع شعوره بضغط اناملها بقوة اكبر من الاولي صرخ يناديها بقلب مخلوع غير مصدقا لما يراه :
-شيراااااز !!!..شيراز سامعني ....انا مالك ...
ظلت تحارب لفتح  جفنيها المثقلتين باكياس من الرمل حتى اعتادت على ضوء الغرفة لتصطدم عيونها بعيون مالك الغارقة بدموعه الحارة مع تكرار ندائها لها البعيد ممسكا بكفها بتملك  ..لتتساءل لما هي وسط احلامها مرة اخرى وهو بها  ...ألم تكتفى بالاحلام مطلقا لما لا تتوقف تلك الدوامة التي تلقي بها في كل اتجاه ......
يتبع،

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياWhere stories live. Discover now