الفصل التاسع عشر

4.8K 200 4
                                    


الفصل التاسع عشر
————-

تجلس ترتشف كوب من الشاي الساخن باستمتاع ...كملكة متوجة على عرشها ..تنظر لجوانب البيت بثقة بالغة ..بأنه لها ولن يكون لغيرها أبدا فهذا البيت ضحت لاجله بكل عزيز وغالي ليكون لها وحدها .. ..تلك الهاربة هي الوريثة الوحيدة لزوجها الراحل حامد وأبيها حفني ...فيجب عليها التخلص منها ليعود كل شئ بيدها كما كان ......
دخلت عليها خادمتها" وداد "ذات العمر ١٦....ممسكة بهاتفها الخلوي تقول برعب بسبب قطع اختلائها بنفسها :
-ست ثريا !!!!!....تليفونك ما بطلش رن يجي ساعة .....
مدت يدها المرتعشة لها فتنهرها تقول :
-غوري انتي ....
فرت وداد من امامها تحتمي بالمطبخ ...اما عنها فنظرت بريبة للرقم المتصل بها وتقول ؛
-مين عايز الحاجة ثريا ؟...
-فاعل خير ......
برقت عينيها بالشر وهي تستمع لذلك المجهول ...فتغلق بعدها هاتفها بتوعد شديد لتهمس بشماتة:
-والله ووقعتي في يدي يا بنت حفني ...كنتي فاكرة هتعرفي تهربي مني ..ده أنا ثريا بردو......
....................
عاالحلوه والمره مش كنا متعاهدين

ليه تنسى بالمرة عشره بقالها سنين

عاالحلوة والمره

نسيت خلاص عهدنا ونسيت ليالينا

ونسيت كمان ودنا ونسيت امانينا

كان املى فيك غير كدة ليه تنسى ماضينا

حرام عليك كل ده شمتهم فينا........

.....................
صدحت الأغنية من المذياع وقت الظهيرة كعادتها مؤخرا تستمع الأغاني العاطفية في مثل ذلك الوقت ....نظرت امينة لوالدتها التي بادلتها النظر بقلق تقول :
-بدأنا !!!!!
اقتربت منها حفيظة تهمس لها:
-امينة !!!...أنا حاسة انها مش طبيعية محتاجة تروح لدكتور ...
لامتها امينة علي تفكيرها :
-دكتور ايه بس يا ام امينة؟...ما تسيبي البنت تطلع طاقتها ..مش كفاية اللي هي فيه ....
-طاقة ؟....طاقة ايه ؟!...اللي يخليها كل يوم ترقص علي الأغاني ...بالشكل الغريب ده ..وكمان ايه حكاية سندس اللي معاها علي طول دي ....
تعلم ان امها معها جانب من الحق فحال شيراز مقلق في الفترة الاخيرة ..بداية من صدمتها عندما تخلصت الاخيرة من اجزاء من شعرها البني المصبوغ وترك الجزء الذي بدأ في الظهور بدون مؤثرات الصبغة البنية ليظهر بمظهر عصري فيصل الي عنقها بطريقة مبهرة ..كأنها قررت العودة مرة اخرى لشخصيتها القديمة فتقول وهي وتواليها ظهرها حاملة كوب الشاي الزجاجي :
-ما تقلقيش يا حفيظة ..البنت لسه بكامل قواها العقلية ...
...........
بالداخل ظلت تتتراقص على أنغام الأغنية القديمة ولحنها الشرقي ..فترفع يدها بالهواء مع تحريك خصرها بطريقة تعلمتها من سندس الصغيرة ..تلك الطفلة الكارثية التي تقضي وقت فراغها في مشاهدة الراقصة الاوكرانية "صافيناز"..لتتعلم منها الرقص باحترافية وتنتقل العدوى بالتوالي لشيراز التي ارادت تقليدها مرة بعد مرة حتى اصبحت هي الأخرى مدمنة لنوعية هذا الرقص ...لتظهر براعتها سريعًا في إتقان الحركة مع الميل بجزعها للخلف بميوعة كالراقصة الشهيرة ....وقفت مستندة على إطار باب الحجرة بكتفها تشاهدها بشرود وعيون غائمة بلمحة حسرة وحزن تشاهد تلك الفراشة الذي يسكن جوارحها الحزن الدفين فتخفيه باحترافية خلف قناع ابتسامتها ورقصها يوميًا عادت بذاكرتها لسنوات مضت ..عندما كانت تشاهدها تتراقص في حجرتها ببيتها بالعاصمة كما تتراقص الان ولكل بين الرقصة والرقصة زمنًا شابت فيه أرواحهما... زمانًا اغتال برائتهم وأحلامهم الوردية البسيطة....

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياWo Geschichten leben. Entdecke jetzt