الجمعة الخامسة و الثلاثون لشهيدنا المقدس

29 1 0
                                    

الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419

الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
لنصرة وطاعة الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد.
لنصرة وطاعة المذهب وولاية امير المؤمنين الصلاة على محمد وال محمد.
لاجل شجب واستنكار تقليص وتحجيم صلاة الجمعة الصلاة على محمد وال محمد.
احبائي حينما يقول لنا الله سبحانه وتعالى "يا ايها الناس" او "يا ايها الذين امنوا" بماذا يجب ان يكون الجواب؟ طبعا يكون بالايجاب ، نعم يارب لبيك يارب انا عبدك وابن عبديك يا ربي.
فالمهم اننا نقول هذه الاهزوجة ….
نعم نعم يا ربي …
نعم نعم سبحانك …
نعم نعم للاسلام …
نعم نعم للمذهب …
نعم نعم للجمعة …

بسم الله الرحمن الرحيم

إِلهِي لَوْلا الواجِبُ مِنْ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ عنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لا بِقَدْرِكَ وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاً لِتَقْدِيسِكَ وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنا وَإِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ، إِلهِي فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الخَلاءِ وَالمَلاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالاِعْلانِ وَالاِسْرارِ وَفِي السَرَّاءِ وَالضَرَّاءِ وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الخَفِيِّ وَاسْتَعْمِلْنا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ وَالسَّعْيِ المَرْضِيَ وَجازِنا بِالْمِيزانِ الوَفِيَّ، إِلهِي بِكَ هامَتْ القُلُوبُ الوالِهَةُ وَعَلى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ العُقُولُ المُتَبايِنَةُ فَلا تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ إِلاّ بِذِكْرِاكَ وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلاّ عِنْدَ رُؤْياكَ، أَنْتَ المُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكانٍ وَالمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَالمَوْجُودُ فِي كُلِّ أَوانٍ وَالمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ وَالمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنانٍ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ.إِلهِي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: ياأَيَّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْرِيفاً لَنا وَتَفْخِيماً وَإعْظاماً وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا ياذاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

بسم الله الرحمن الرحيم

((إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿90﴾ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴿91﴾ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿92﴾ )).
بعد ان انتهى النصف من شعبان المعظم وتأجلت مسألة المشي الى كربلاء المقدسة يحسن بنا الان ان نأخذ العبرة عما حصل فان لكل شيء عبرة وهذا من اهم الامور التي يجب ان نأخذ منها العبرة توخيا للهداية والتعمق في الايمان وفي بعضها سنسمع بعض المناقشات بالحكمة والموعظة الحسنة بطبيعة الحال بعونه سبحانه وتعالى. وذلك بالالتفات الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : اننا عهدنا الاستعمار والمستعمرين منذ وجدوا يكرهون الاسلام الحنيف والمذهب الجليل ويكيدون ضده مختلف المكائد والدسائس ويريدون اضعافه بكل وسيلة ويكرهون القيام بشعائره وطقوسه ويحاولون تقليلها الى اقل مقدار ممكن بل الغائها بالمرة بما في ذلك مواسم الزيارات واصدار الكتب والنشرات والقاء الخطب والصلوات.
ومن هنا كانت صلاة الجمعة شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة لما كان وما زال فيها من عز المذهب والدين وهداية الناس والتسبيب الى لم الشعث وجمع الكلمة على الحق.
وكذلك بطبيعة الحال فان السير الى زيارة الحسين (عليه السلام) ايضا شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة. ومن الواضح انه يكون مشمولا لقوله تعالى : ((وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)).
النقطة الثانية : انه كان من المتوقع والطبيعي ان تبذل اقصى القوة في سبيل منعه والحيلولة دون استمراره ، الامر الذي ينتج منه بكل وضوح التقليل من الشعائر الدينية والكفكفة من تصرف المجتمع بما فيه الهداية والاخلاص لله ورسوله والمعصومين. ولعله من باب الحمل على الصحة ان الجماعة لا يعلمون ان في ذلك نفعا للمجتمع ومضادة للاستعمار وارغاما لاسرائيل. اذن فليعلموا من الان ذلك وهو واضح وجداني لكل احد ، غير قابل للمناقشة بل نقول لاي فرد لم يلتفت الى ذلك كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
النقطة الثالثة : لا شك ان افضل ما تفعله اية دولة الى مجتمعها وشعبها هو اعطاء الحرية للتصرف والقيام بشعائرها الدينية والتنفيس عن قناعاتها النفسية والعقلية بالشكل الذي لا يضر الدولة اصلا ولا يمت الى سياستها وكيانها باية صلة بل ان ذلك سيكون اكيدا في نفع الدولة ، اية دولة ، وسيكون سببا لمحبة الشعب للدولة ووثاقتهم بها والتفافهم حولها لما يرون من انها متفضلة عليهم بالحرية والفرص المتكافئة للشعائر الدينية مضافا الى الامور الدنيوية والاقتصادية. واذا قامت الدولة بذلك كانت بلا شك اقرب الى محبة الناس واطمئنانهم لما يشعرون من فضلها عليهم والتفاتها اليهم بخلاف العكس بطبيعة الحال.
النقطة الرابعة : اننا الان في نظرهم في ظروف الحصار الاستعماري الاقتصادي الغاشم ، اذن يكون من الراجح ان نواجه الاستعمار وان نتشجع ضده وان نقوم بكل عمل لا يرتاح اليه ولا يحبه بما في ذلك الشعائر الدينية عموما والسير الى كربلاء المقدسة خصوصا. اذن فهذه الشعيرة المقدسة ستكون الى جنب الثائرين ضد الاستعمار والمستنكرين للحصار وخطوة جيدة تدريجية يمكن ان تكون تدريجا مفتاحا لفك الحصار والضغط الشعبي على الاستعمار كما قيل هنا من ان ظرف الحصار لا يناسب قبول السير الى كربلاء المقدسة لا يكون امرا مقبولا بطبيعة الحال بل الامر بالعكس بطبيعة الحال ولا يحتاج ذلك الا الى التفاتة بسيطة الى واقع الحال الاجتماعي الذي نعيشه.
النقطة الخامسة : ان المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الدولة والشعب معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وابعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة ضد من يريد النيل من بلاد الاسلام ومن المجتمع الاسلامي فاذا علمنا ان السير الى الحسين (عليه السلام) كما هو واضح هو كشف للاستعمار ومراغمة له اذن فستكون كل الاعمال لو تمت هذه المناسبة الشريفة سائرة في هذا الصدد وسيكون الشعب والدولة يدا واحدة بهذا الاتجاه بضرب الاستعمار الغاشم بيد من حديد.
النقطة السادسة : ان شعائر الله سبحانه وتأييد الدين من المتوقع جدا – لاحظوا - بكل وضوح ان يكون ضمن الحملة الايمانية التي تتبناها الدولة منذ سنين فان المفروض بهذه الحملة ان تدعو الى الايمان لانها ايمانية والى تأييد الشعائر وتكثير الطاعات وتقليل المعاصي وجعل العقوبات المشددة على المنكرات كالحانات والملاهي والمراقص وعلى اي حال فالسير الى زيارة كربلاء المقدسة هو من جملة الايمان الذي يقع مصداقا وتطبيقا للحملة الايمانية والمتوقع ممن يدعو اليها ويتمسك بها ان يمشي بهذا الاتجاه الى نهاية الطريق ولا ينبغي الشعور من قبلهم بوجود ايةِ منافاة او تعارض بين الطريقين او الاسلوبين كما نحس به الان.
النقطة السابعة : انه بفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له الا انه اثمر ثمرة طيبة وانتج نتائجه الحسنة في سبيل الله سبحانه ونصرة دينه والمذهب من حيث انه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الدين والتعب في سبيل الاشادة بشريعة سيد المرسلين وبدم الحسين المقدس الذي اهريق ظلما في كربلاء المقدسة فان السير الطويل لعدة ايام في البراري والقفار مع عدم توفر الاقل المجزي من وسائل العيش انما هو لمعة مضيئة في جبين المؤمنين الذين ادوا ما عليهم ولم يقصروا في هذا الطريق جزاهم الله خيرا بحيث رأينا الكثير منهم حين وصلوا الى النجف لم يكن لديهم اية قدرة على شراء الطعام او النزول ليلة واحدة في فندق وهذا امر مجيد وحميد كما قال الشاعر :
هكذا هكذا والا فلا لا .... ليس كل الرجال تدعى رجالا
النقطة الثامنة : انهم لم يتحملوا الصعوبة المعيشية فقط في هذا السفر المقدس بل تحملوا الصعوبة النفسية ومشقة الخوف والازعاج في هذا الصدد ولا اريد هنا ان اذكر شيئا الا ان لنا اسوة في ذلك بقادتنا المعصومين (عليهم السلام) كما قال في الدعاء او الزيارة : (السلام على الائمة الراشدين السلام على الانبياء والمرسلين السلام على الائمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بامره ووازروا اولياء الله وخافوا بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
النقطة التاسعة : ان هذا النموذج من الاخلاص والمخلصين والوعي والواعين – لاحظوا - كان قليلا في صدر الاسلام حتى قال امير المؤمنين (عليه السلام) لعدد من اصحابه او نستطيع ان نقول لاكثر اصحابه : (يا اشباه الرجال ولا رجال وحلوم ربات الحجال) اي النساء طبعا وقال ما مضمونه : (انني ان دعوتكم في الشتاء قلتم دعنا حتى يذهب عنا البرد واذا دعوتكم في الصيف قلتم دعنا يذهب عنا القيض واذا كنتم عاجزين عن حر الصيف فانكم اعجز عن تحمل حر السيف). وهذا النموذج – لاحظوا - هو الذي كان في صدر الاسلام وسبّب انتصار معاوية في صفين واللجوء الى التحكيم كما سبب تفرق الناس عن مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وعن الحسين (سلام الله عليه) الا انه عن طريق التربية المركزة والمستمرة بمقدار ما هو ممكن من قبل قادتنا المعصومين (عليهم السلام) وعلمائِنا المرحومين (رضوان الله عليهم) تبدل هذا النموذج بالنموذج الاخر المخلص المتفاني الذي كان ولا يزال نراه يفيد الدين ويضحي في سبيل شريعة سيد المرسلين.
اذكر لكم فيما يلي قصتين باختصار نتذكرهما لاجل زيادة العبرة وتجديد الهمة في سبيل الله تعالى :
احداهما ان المتوكل حين حرث قبر الحسين (عليه السلام) واجرى عليه الماء منع زيارته ووضع الحرس وكانوا يمسكون بالزوار فيقطعون ايديهم من المعصم كأنهم سراق والعياذ بالله حتى جاء رجل – لاحظوا - وهو ملتف بعباءته فامسكوه وقالوا له اخرج يدك لكي نقطعها فاخرج لهم يده اليمنى فاذا هي مقطوعة فقالوا له اخرج يدك اليسرى فاخرجها فاذا هي مقطوعة قال انتم قطعتموها في زيارات سابقة لي ومع ذلك فهو مقبل للزيارة غير خائف ولا هائب طبقا لقول رسول الله (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (ان لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب شيعته ومحبيه لن تبرد الى يوم القيامة).
وكذلك قصة الرجل الخراساني الذي ارسله المجتمع في خراسان الى الامام الصادق (سلام الله عليه) لكي يدعونه اليهم فان له في خراسان مائة الف سيف فبينما هو جالس عنده اذ اقبل احد اصحابه المخلصين فامر الامام الصادق (عليه السلام) ان يسجر التنور فلما ارتفعت ناره قال الامام الى هذا الثاني اذهب فاجلس في التنور فوضع نعله على الارض وجلس في التنور واقبل الامام الصادق (عليه السلام) على الخراساني كأنما ماكو شي يسأله عن تفاصيل المجتمع هناك واحوال الناس هناك في خراسان الى برهة من الزمن ثم امر الخراساني ان يذهب فينظر في التنور فذهب فنظر فاذا بذاك الرجل جالس فيه وهو يبتسم. فهذه هي نماذج رجالنا المخلصين رضوان الله عليهم اجمعين.
النقطة العاشرة : ان المنع حصل – لاحظوا ، سبحان الله - في الحكمة الالهية لقصور او تقصير في المجتمع بما فيهم السيد محمد الصدر ولو كنا على مستوى المسؤولية حقيقة وموضوعاً للرحمة الالهية من جميع الجهات لما حصل المنع بكل تأكيد. اما ما هو سبب القصور والتقصير فليس هذا مهما الان وانما المهم والاهم هو ان نحاسب انفسنا وننظر الى اعمالنا والى مدى اخلاصنا لربنا وهدفنا وديننا ونحاول السير الحثيث للزيادة والتكامل بفضل الله سبحانه وتعالى ولا ننسى ان المخلصين الممحصين من اصحاب الانبياء والمعصومين لم يكن يخطر في بالهم الخوف طرفة عين كما قال الله تعالى : ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)) وقوله تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير - اي الهيون كثير - فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين – شنو صار؟ - فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين *)) وقال تعالى في قصة طالوت : ((فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده * فشربوا منه الا قليلا منهم * فلما جاوزه هو والذين امنوا معه - يعني الذين لم يشربوا - قالوا – جملة منهم - لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده * قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا على القوم الكافرين * فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت)).
النقطة الحادية عشر : انتو لاحظتوا ؟!.. لابد من الالتفات الى موقف الحوزة التقليدية السكوتية مما حصل من امر المشي ومنعه انهم كانوا سلبيين مائة بالمائة ، لم ينبس اي واحد منهم او من وكلائهم او من اصدقائهم ببنت شفة بل قد صادف ان التقينا ببعض منهم فنراهم يتحدثون عن اي شيء الا عن هذا الامر وكأنهم لا يعلمون ما يحصل في المجتمع على الاطلاق لا من الامر بالمشي ولا بمنعه ولا اكتراث لهم بشيء من ذلك اصلا ، لكي يدعوا السيد محمد الصدر وحده في الميدان وينسحبوا من تحت المسؤولية بكل سهولة ولو كانوا قد بينوا رأيهم وآزروا طاعة الله واولياء الله وشعائر الله لما حصلت النتائج التي رأيناها واسفنا لها وهم بطبيعة الحال يتحملون قسطا من المسؤولية سواءً رضوا ام غضبوا وانتم الان موجودون فاذهبوا اليهم او ممن تعرفون منهم واسألوهم عن السبب في هذا السكوت والصمت كصمت القبور بالرغم من وجود المناسبة الدينية المقدسة والشعائر الجليلة وقد اعتادت الحوزة ومع شديد الاسف على عدم التعاون والتكاتف الامر الذي انتج كثيرا من النتائج السلبية على مر الاجيال مما يكون بكل تاكيد في مصلحة اعداء الله والمستعمرين ، فهل هم ملتفتون الى ذلك ايضا كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وليتهم حين لم يعترفوا او تجاهلوا امر الولاية - ولاية السيد محمد الصدر مو ولي ، خلي يوّلي ، الى جهنم وساءت مصيرا - ان يهتموا بامر الدين وشعائر الله ومستحبات الشريعة وليس هذا منهم بعجيب بعد ان تركوا الواجب المتمثل في صلاة الجمعة فكيف لا يتركون المستحب في نظرهم وكان افضل ما فعله جملة منهم هو السكوت والاعتذار بينما كان موقف آخرين هو الطعن والتشنيع والتجريح بينما كنا نحب وليس هذا في قلوب المؤمنين فقط – هذا الحب - بل هو مما يرضاه الله ورسوله والمعصومون ان يجدوا الحوزة متكاتفة ومتعاضدة في خدمة المذهب واعلاء كلمة الحق وتكثير شعائر الدين ولن تكون الحوزة عندئذ - لاحظوا - بقيادة السيد محمد الصدر فقط بل بقيادة العلماء جميعا باعتبارهم يدا واحدة وقلبا واحدا وعملا واحدا وهدفا واحدا وقد قلت مكررا اننا عندئذ سنكون متمكنين بغض النظر عن السلاح من مواجهة الاستعمار واسرائيل بكل صراحة وقوة ووضوح.
النقطة الثانية عشر : انما ما حصل من الفشل النسبي – لاحظوا - لا ينبغي ان يفت في عضد المؤمنين او يحملهم على الاحباط والتخاذل ويُضعّف في قلوبهم الشجاعة التي اوجدوها بكد يمينهم وعرق جبينهم وتوفيق الله سبحانه وتعالى بل يجب ان يكون ذلك وكل شيء مما يُضعّفها ويزايدها لا ان يضعفها وينقصها فان الحياة تجارب والتجارب ليست كلها ناجحة مائة بالمائة بل قد يحجب النجاح عنا قليلا او كثيرا حسب الحكمة الالهية بل قد يحصل في المستقبل قصور في النجاح كما حصل في الماضي وكل ذلك ينبغي ان يكون متوقعا ومفهوما سلفا والدنيا دار كون وفساد وصعود ونزول وقد اختلفت الدنيا على المعصومين (سلام الله عليهم) واصحابهم فكيف لا تختلف علينا وكيف تصفوا لنا وانما السبب الى دفع ذلك بعد عناية الله وحسن توفيقه والنصر لدينه هو الاخلاص وتزايد الهمة والارادة والحب لكل ما يحب الله ورسوله والبغض لكل ما يبغض الله ورسوله والله ولي المحسنين وهو على كل شيء قدير.

خطب الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس الله سره الشريف Where stories live. Discover now