الجمعة الثانية و الثلاثون لشهيدنا المقدس

14 1 0
                                    

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توجد هناك نقطتان أود قبل الدعاء أن أبينها لكم:
النقطة الاولى :
اشتباه وقعت فيه في الخطبة السابقة ، تتذكرون إني رويت بعض الروايات في فضائل موسى بن جعفر سلام الله عليه ، أنا قلت في واحد من الروايات خُشنام ابن حاتم الطائي ، هذا ليس بصحيح بل هو خشنام بن حاتم الاصم ، وليس ابن حاتم الطائي ، والفرق بينهما ربما حوالي خمسمائة سنة او اكثر محل الشاهد .
النقطة الثانية :
إننا نعلم انه منذ سنين ربما عشرين سنة المشي الى كربلاء في زيارة الاربعين محل منع ، إلا انه لم يصدر أي منع في المشي في المناسبات الاخر، ففي الإمكان استغلال أي مناسبة دينية رفيعة لأجل المشي الى كربلاء المقدسة.
والآن أمامكم مناسبة جليلة هي زيارة نصف شعبان ليلاً ونهاراً من نصف شعبان ، فلا تقصروا بالمشي الى كربلاء المقدسة من مدنكم جزاكم الله خيرا.
استثني من ذلك أمرين:
اولا. المعممين يبقى بالنسبة لهم مستحبا وليس واجبا جزاهم الله خير.
والآخر: من زاد في عمره على الخمسين عاما ، يبقى بالنسبة اليه مستحبا وليس واجبا ، وكذلك بالنسبة الى النساء يبقى لهن مستحبا وليس واجبا.
فلا تقصروا اذا لم يكن هناك ضرر وتحملوا شيئا من المشقة في سبيل الله ، ونحن أيضا نعلم ونحس بان الوقت مناسب من حيث البرد والحر على اية حال.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الذي بكلمتك خلقت جميع خلقك فكل مشيئتك أتتك بلا لغوب وأثبت مشيئتك ولم تأن فيها لمؤنة ولم تنصب فيها لمشقة وكان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك عرش النور والكرامة ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يُرى فيه نور إلا نورك ولا يسمع فيها صوت إلا صوتك حقيق بما لا يحق الا لك ، يعني أنت حقيق بما لا يحق الا لك ، خالق الخلق ومبتدعه توحدت بأمرك وتفردت بملكك وتعظمت بكبريائك وتعززت بجبروتك وتسلطت بقوتك وتعاليت بقدرتك فأنت بالمنظر الأعلى فوق السماوات العلى كيف لا يقصر دونك علم العلماء ولك العزة احصيت خلقك ومقاديرك لما جل من جلال ما جل من ذكرك ولما ارتفع من رفيع ما ارتفع من كرسيك علوت على علو ما استعلى من مكانك كنت قبل جميع خلقك لا يقدر القادرون قدرك ولا يصف الواصفون أمرك رفيع البنيان مفيئ البرهان عظيم الجلال قديم المجد محيط العلم لطيف الخبر حكيم الأمر أحكم الأمر صنعك وقهر كل شيء سلطانك وتوليت العظمة بعزة ملكك والكبرياء بعظم جلالك فسبحانك وبحمدك تباركت ربنا وجل ثناؤك ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أفضل ما صليت على أحد من بيوتات المسلمين صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه وتزين بها مقامه وتجعله خطيبا بمحامدك ما قال صدقته وما سأل أعطيته ولمن شفع شفعته واجعل له من عطائك عطاءاً تاماً وقسماً وافياً ونصيباً جزيلاً واسماً عالياً على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
اللهم صل على محمد وال محمد اجمعين .
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
قبل يومين كانت الذكرى السنوية للمبعث النبوي الشريف ، أكيداً كلنا نعلم ذلك ، حين بعث رسول الإسلام رحمة الى العالمين وهو موجود وحده في غار حراء ، فكان ذلك حدث بسيط كأنما يكون للناظر ، فكان ذلك فاتحة الخير ومبدأ الهداية والعدالة للعالم كله منذ لك الحين الى يوم القيامة.
وأود الآن أن أذكر لكم بعض ما يتعلق بالمبعث النبوي خاصة لا بخصائص الرسول صلى الله عليه واله ، عموما ، بل ما يخص المبعث ، وهي أمور عديدة ليس في الإمكان حصرها ولا يسع الوقت لأكثرها ويحتاج استيعابها الى مجلد ضخم أو أكثر ، وإنما نتعرض الآن الى بعض النقاط فقط:
النقطة الاولى.
ان هناك رواية معينة ومشهورة لدى الجماعة ولا أعتقد ان أحدا منكم لم يسمع بها ، موجودة في المنهج الدراسي التقليدي الرسمي ، رواية معينة مشهورة لدى الجماعة ومروية في كتبهم ، كتب اخواننا ابناء العامة ، ومروية في كتبهم المعتمدة في قصة حصول المبعث لا تخلو من إشكال تاريخياً ومفهومياً ، فيحسن ان نسمعها ونناقشها باختصار.
فعن عائشة أم المؤمنين انها قالت: أول ما بُدء به رسول الله صلى الله عليه واله ، من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ، زين ، ثم حبب اليه الخلاء فكان يخلو ، يعني ينفرد طبعا ، بغار حراء فيتحنث فيه ، اي يتعبد فيه ، الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله ويتزود لذلك ، ياخذله خبز وماي ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك ، ما سميه ، جبرائيل سلام الله عليه ، فقال : إقرء ، فقال: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده ، هكذا تقول الرواية ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني ، اي لفوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، انه هذا راح يموتني ، يقتلني ، فقالت خديجة : كلا ما يخزيك الله ابدا ، انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتُكسي المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، صلى الله عليه وآله ، فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ، يعني الكتابة العبرانية ، فيكتب من الأنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم إسمع من ابن اخيك ، فقال له ورقة: يا ابن اخي ماذا ترى؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ، خبر ما رآه ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزل الله على موسى يا ليتني أكون فيها جزعا ، يا ليتني أكون فيها حيا ، اذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : او مخرجي هم ، قال: نعم ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي ، ها الموخوش اوادم اهواية على وجه الارض ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي وأن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة ان توفى وفتر الوحي.
اقول : فمن هذا المنطلق لنا عدة ملاحظات:
الخطوة الاولى :
ان نفهم بعض الالفاظ الواردة في هذا الحديث ، واهمها اثنان:
احدهما. قوله: (فأخذني فغطني) ، بالله شنو يعني فغطني ها سبحان الله ، يمكن ان يكون من الغط في الماء وهو الدخول فيه ، يعني ادخلني جبرائيل عليه السلام ، في الماء حتى بلغ مني الجهد ، زين اهناك ماي هم اكو ، صحراء قاحلة لا يوجد فيها ماء طبعا ، ويمكن ان يكون من الغطاء وهو ينتج الظلمة فقد أدخله في الظلام حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون من الغطيط وهو شخير النائم ، يعني أكمه حتى جعله يغط كغطيط النائم حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون مجازا من العصر والضغط ، يعني ضغطني حتى بلغ مني الجهد ، والظاهر ان هذا هو المعنى الاشهر.
وعلى اي حال فاللفظ هنا يفيد معنى الازعاج والايلام ، وهو حسب السياق في الرواية يأتي كعقوبة على رفض رسول الله صلى الله عليه واله ، ان يقرأ واعتذاره بقوله : ما انا بقاريئ ، يعني انا لا اعرف القراءة ولم اتدرب عليها ، فإنه صلى الله عليه واله ، كان أميا بحسب ظاهر المجتمع طول حياته لم يقرأ ولم يكتب.
ويمكن ان تكون الفاء في قوله (فغطني) أصلية وليست عاطفة ونقرأه (فَغَطَني) من فغط يفغط ، الا انني بحث عن المعنى اللغوي في المصادر المتيسرة لهذه الكلمة فلم اجده ، على انه يحتاج السياق الى فاء اخرى تكون عاطفة قبلها بان يقول (ففغطني) وليس في الحديث ذلك.
ثانيهما . قوله: (زملوني فزملوه) اي لفوني بالغطاء او غطوني به ، كأنه يشعر ان الرعدة التي اخذته تشبه رعدة البرد ، وقوله: (ثم ارسلني) يعني اطلق سراحه من تلك الحالة الاليمة ، في حدود فهمي ان هذه الخطوة الاولى .
الخطوة الثانية :
انه من الواضح من الحديث ان: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1))، نزلت قبل البسملة او بدون البسملة ، لأنه بدأ بقوله: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، فأين البسملة ، ها ، سبحان الله ، فالظاهر من الحديث والواضح من الحديث ان : اقرأ باسم ربك الذي خلق نزلت قبل البسملة أو نزلت بدون بسملة وهو غير محتمل وخاصة ونحن نعتقد في مذهبنا بان البسملة جزء من هذه السورة كما هي جزء من كل سورة غير سورة براءة.
الخطوة الثالثة :
انه لم يظهر من الحديث السبب في هذا الازعاج والايلام الذي حصل ثلاث مرات على رسول الله صلى الله عليه واله ، فانه كان صادقا فيما يقول ، (ما أنا بقاريئ) ، قابل يچذب حاشاه ، وليس كاذبا او مجرما وحاشاه لكي يعاقب ، ها لا يستحق العقوبة ، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم صدق الحديث نفسه ، اليس كان في امكان جبرائيل عليه السلام ، أن يقول لأول مرة: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)) ، كما قال في المرة الثالثة ولا يحصل كل هذا الازعاج.
الخطوة الرابعة :
إننا اذا تنزلنا وقبلنا انه يستحق العقوبة وحاشاه فكان يمكن الاقتصار على عقوبة خفيفة او تنبيه بسيط وليس الى هذه الدرجة من الازعاج بحيث يقول: (حتى بلغ مني الجهد)، ويحصل ذلك ثلاث مرات.
الخطوة الخامسة :
ان الملك لم يأتي ، لاحظوا سبحان الله ، ان الملك لم يأتي بورقة او كتابة ليطلب من النبي صلى الله عليه واله ، ان يقرأها ، إذن فليس هناك اي طلب للقراءة لكي يعتذر منه النبي انه ليس بقاريئ لكي يعاقبه الملك على ذلك ، بل من الواضح ان المراد بالقرآن او بالقراءة في هذا المورد هو مجرد التلفظ او القول يعني قل كما اقول ، هيچ هذا هوه ، والمفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، يسمع ويمكنه ان يعيد نفس الكلام بدون هذه المضاعفات ، كما ان المفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، بوعيه وعلو مستواه يفهم هذا المعنى وعدم وجود مورد للاعتذار، فكيف يكون اعتذاره مفهوما ، فهذا يشكل نقطة ضعف اخرى في الحديث.
زين ولو قصد بقوله (ما انا بقاريء) يعني لا استطيع ان اردد معك هذه الالفاظ ، لكان كاذبا وحاشاه ، ولو تنزلنا وقبلنا ان النبي صلى الله عليه واله ، لم يفهم ذلك فكان الانسب والاولى للملك ان يفهمه ذلك او يبدل تعبيره بما يؤدي المعنى المطلوب ، لا ان يعاقبه ثلاث مرات.
الخطوة السادسة :
انه بعد ان علم النبي صلى الله عليه واله ، ان هذا ملك مقرب وعلم قدسيته فلماذا يعصيه ويصر ثلاث مرات على عصيانه ؟ ، وكأنه لو استمر الحال على ذلك لعصاه مائة مرة او الف مرة ، ما راح ايگول اطلاقاً ، ها ، سبحان الله ، مع العلم انه يعلم انه ملك مقدس وان أمره حق ومن أمر الله جل جلاله ، إذن فسوف يعصي الله تعالى وحاشاه اكيدا.
الخطوة السابعة :

خطب الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس الله سره الشريف Where stories live. Discover now