االجمعة الخامسة و العشرون لشهيدنا المقدس

18 2 0
                                    

الجمعة الخامسة والعشرون 10جمادي الثاني1419

الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

اَلْحَمْدُ للهِ الَذى لا اِلـهَ اِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ الْمُدَبِرُّ بِلا وَزير وَلا خَلْق مِنْ عِبادِهِ يَسْتَشيرُ، الْاَوَّلُ غَيْرُ مَصْرُوف ، وَالْباقى بَعْدَ فَنآءِ الْخَلْقِ، الْعَظيمُ الرُّبُوبِيَّةِ، نُورُ السَّماواتِ وَالْاَرَضينَ وَفاطِرُهُما وَمُبْتَدِعُهُما بِغَيْرِ عَمَد خَلَقَهُما وَفَتَقَهُما، فَتْقاً فَقامَتِ السَّماواتُ طآئِعات بِاَمْرِهِ وَاسْتَقَرَّتِ الْاَرضَوُنَ بِاَوْتادِها فَوْقَ الْمآءِ، ثُمَّ عَلا رَبُّنا فِى السَماواتِ الْعُلى اَلَّرحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، لَهُ ما فِى السَّماواتِ وَما فِى الْاَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى، فَاَنَا اَشْهَدُ بِاَنَّكَ اَنْتَ اللهُ لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ، وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ، وَلا مُعِزَّ لِمَنْ اَذْلَلْتَ، وَلا مُذِلَّ لِمَنْ اَعْزَزْتَ، وَلا مانِعَ لِما اَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِىَ لِما مَنَعْتَ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ كُنْتَ اِذْ لَمْ تَكُنْ سَمآءٌ مَبْنِيَّةٌ وَلا اَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَلا شَمْسٌ مُضيـئَةٌ وَلا لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَلا نَهارٌ مُضيـىءٌ، وَلا بَحْرٌ لُجِّىٌّ وَلا جَبَلٌ راس، وَلا نَجْمٌ سار، وَلا قَمَرٌ مُنيرٌ، وَلا ريحٌ تَهُبُّ، وَلا سَحابٌ يَسْكُبُ، وَلا بَرْقٌ يَلْمَعُ، وَلا رَعْدٌ يُسَبِّحُ، وَلا رُوحٌ تَنَفَّسُ، وَلا طآئِرٌ يَطيرُ، وَلا نارٌ تَتَوَقَّدُ، وَلا مآءٌ يَطَّرِدُ كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَْيء وَكَوَّنْتَ كُلَّ شَْيء وَقَدَرْتَ عَلى كُلِّ شَْيء وَابْتَدَعْتَ كُلَّ شَْيء وَاَغْنَيْتَ وَاَفْقَرْتَ وَ اَمَتَّ وَاَحْيَيْتَ وَاَضْحَكْتَ وَاَبْكَيْتَ وَعَلَى الْعَرشِ اسْتَوَيْتَ فَتَبارَكْتَ يا اَللهُ وَ تَعالَيْتَ، اَنْتَ اللهُ الَّذى لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ الْخَلاّقُ الْعَليمُ اَمْرُكَ غالِبٌ وَعِلْمُكَ نافِذٌ، وَكَيْدُكَ غَريبٌ، وَوَعْدُكَ صادِقٌ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَحُكْمُكَ عَدْلٌ، وَكَلامُكَ هُدىً، وَوَحْيُكَ نوُرٌ، وَرَحْمَتُكَ واسِعَةٌ، وَعَفْوُكَ عَظيمٌ، وَفَضْلُكَ كَثيرٌ، وَعَطاؤُكَ جَزيلٌ، وَحَبْلُكَ مَتينٌ، وَاِمْكانُكَ عَتيدٌ. فصل اللهم على محمد وال محمد خير خلقك الداعي الى حقك وعلى اله الطيبين الطاهرين الاخيار الاكرمين وعجل فرجهم واجعل فرجنا بفرجهم انك على كل شيء قدير وبالاجابة جدير.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
لا زلنا بين مناسبتين من المناسبات المنسوبة للزهراء (سلام الله عليها). كانت قبل ذلك وفاتها ويأتي بعد ايام ذكرى ولادتها (سلام الله عليها)، فيحسن ان نستمر بالحديث عن بعض الشؤون التي ترتبط بها ، فلنفتح الحديث الان عما هو مبتلى به اجتماعيا وهو حرية المرأة. فهل للمراة حق الحرية كما تريد بعض المذاهب والمسالك الدنيوية والتي تدّعي الحرية والديمقراطية ومساواة الرجل مع المراة ؟ هل هذا صحيح، ام ليس لها الحرية في ذلك؟
وفكرة الحرية اساسا .. في الحقيقة دعاة الحرية جعلوها مجملة وغامضة لكي يرغب بها الناس، ويكون من المستطاع الدخول الى عقولهم وقلوبهم عن طريقها. ولكننا اذا اردنا الدقة في الفهم امكن تفسير الحرية بعدة تفسيرات، نذكر منها اربعة تفسيرات، اثنان منها يدعيها الدول الراسمالية التي تدعي الديمقراطية. واثنان منها تدعيها الدول الراديكالية او الثورية التي تدعي الخروج عن ربقة الاستعمار.
اما المعنيين الاولين فكما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الافكار المسبقة – لاحظوا ، فكرك ويايَ - المفروضة على الفرد والمجتمع من الخارج كاحكام العقل واحكام الدين. فلا حاجة حسب مدعاهم الى ان تحكمهم اية فكرة او نظام خارج قناعاتهم ومصالحهم الدنيوية من اي دين من الاديان ومن اي عقل من العقول. وهذا هو الذي اسّف بهم نحو الرذيلة والظلم والتسافل الاخلاقي والاجتماعي. فمثلا قلنا في بعض الخطب السابقة انه من الاكيد ان الزنا واللواط والسفور وشرب الخمر محرم في اديانهم كما هو محرم عندنا، وهي من الوصايا العشر التي يسير عليها اليهود والنصارى معا. مع انهم عاصون لكل تلك الاحكام ومهملون لكل تلك الوصايا.
المعنى الثاني للحرية : الحرية بمعنى تساوي فرص العمل الاقتصادي للجميع. وهذا موجود عندهم من الناحية النظرية فقط، والا فمن الواضح ان الاقوى والاذكى هو الذي يمكنه ان يستغل هذه الفرصة وهذه الحرية، ويدع ملايين الناس يدورون على لقمة عيشهم ومكان مسكنهم. اذن، تكون من الناحية العملية لا حرية موجودة الا للقلة المتنفذة والمسيطرة على المجتمع، ويكون الباقون كلهم مظلومون من هذه الناحية ولا يوجد تكافؤ فرص حقيقي للجميع اطلاقا.
وهذا هو الحاصل في دولهم فعلا، وفي نظام شعوبهم حقيقة، ولذا نرى الاحتجاجات والمظاهرات واساليب الارهاب متفشية فيهم جدا. وذلك حينما يدافع المظلومون عن حقوقهم.
واما المعنيين الاخرين للحرية والتي تتبناه كشعار الدول الراديكالية الثورية، ولعل اكثر الدول فيما يسمى بالعالم الثالث هي كذلك اي تتبنى مثل هذا الشعار. وهذان المعنيان كما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الاستعمار، حيث تكون الدولة الحديثة قد سيطرت على ارضها وشعبها واخرجت الحكم الاستعماري والقوة الاستعمارية من بلادها. وهذا الى هنا جيد جدا وقد احسنت به صنعا، كما قال الله تعالى: ((ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)). الا انه من الناحية الواقعية والتطبيقية لم يكن الامر كذلك بكل تاكيد، فان عامة الدول الراديكالية – شوفوا الاخبار توصل بالراديو والتلفزيون - تخضع بكل وضوح للسيطرة الاستعمارية وليس فيها حرية من الاستعمار حقيقة. فلو حملنا كلامها او شعارها على الصحة قلنا: انها حرية من الاستعمار بشكله القديم، ورضا وقناعة بالاستعمار بشكله الجديد. او نقول انه حرية من الاستعمار بشكله الصريح وقبول بالاستعمار بشكله المبطن والمكتوم. او نقول انه حرية من الاستعمار بمعنى الحكم المباشر من قبل المندوب السامي كما كانوا يعبرون. بحيث تعتبر اراضي الدولة الاخرى من جملة اراضي الدولة المستعمرة، كما كان مطبقا في اغلب دول افريقيا، وهو مطبق الان في كندا واستراليا وغيرهما.
فالمهم ان عددا كبيرا من الدول تحررت من الاستعمار المباشر، الا انها لم تتحرر من الاستعمار غير المباشر وهو اطاعة الدول الاستعمارية، وتطبيق مناهجها ومخططاتها واهدافها. اذن، فالحرية من الاستعمار عمليا غير موجودة في الدول الراديكالية.
المعنى الثاني: وهو المعنى الرابع من مجموع هذه المعاني ، الحرية الداخلية، وهي حرية ابداء الراي وحرية الصحافة وانهم يدعون ان لكل شخص ان يتكلم بما يريد بدون حسيب او رقيب. وهذا هو الذي جعلته الدول الراسمالية من مفاخرها وادعت الدول الراديكالية السير على نفس الطريق ايضا.
الا انه من الواضح ان هذا غير مكفول حقيقة في الدول الراسمالية نفسها فضلا عن الدول الراديكالية وذلك لانه يواجه عدة نقاط ضعف:
النقطة الاولى: ما قلناه فيما سبق من ان هذه الفكرة وان كانت موجودة شكليا، الا انها غير موجودة حقيقة لانها لا تشمل النظام الاساسي للدولة، او اسرارها او مسلماتها وكل من يخرج على ذلك يعاقب بالعقاب الاليم. وبالتالي لا حرية له.
النقطة الثانية: ان وسائل الاعلام كلها في الدول الراسمالية وغيرها عمليا هي بيد الدولة، ولا يمكن اخراجها من قبضتها وليس لكل احد ان يتكلم من خلالها ما يشاء حقيقة، الا اذا كان موافقا مع الخط العام للدولة لا محالة. اذن، فالحرية من هذه الجهة مفقودة.
النقطة الثالثة: اننا لو فرضنا انه وجدت فرصة محدودة لبعض الافراد والجماعات ان يبرزوا رايهم ويقولون كلمتهم، كما قد يحصل احيانا ، ضمن الصحف او ضمن المظاهرات والاحتجاجات – شوفوا - وانما هو مجرد راي لا يُسمع ولا ينفذ، بل يلقى الاذن الصماء لا محالة – في الدول الرئيسية ليس في الدول الراديكالية فقط طبعا - كانهم يقولون ان لك ان تقول ما تشاء – ميخالف - الا لنا ان نترك قولك ايضا ونهمله ونحتقره فان الحرية موجودة للطرفين. ومن ثم لا يكون الاحتجاج والمناقشة مؤثرة قليلا ولا كثيرا.
شوفوا متى كانت الحرية والاحتجاجات مؤثرة ؟ اطلاقا غير مؤثرة في السياسة الاستعمارية والرأسمالية .
اذن، فهذه الحريات غير مكفولة لا للرجل ولا للمراة، لا في الدول الراسمالية، ولا في الدول الراديكالية. او قل لا في الدول الغنية، ولا في الدول الفقيرة. واذا كانت هي غير مكفولة للرجل فهي بالنسبة الى المراة اسوء واردء، لانها كانت ولا زالت الجانب الاضعف بطبيعة الحال في العالم كله.
فان اولئك الذين ينادون بالمساواة بين الجنسين في دولهم لم يكفلوا ذلك عمليا للمرأة فضلا عن غيرهم من الدول ولا زالت نسبة النساء عندهم كمذيعات مثلا او صحفيات او مدراء عامين او وزراء او رؤساء وزراء او ملكات او رئيسات جمهورية، لا زالت هي النسبة الاقل جدا في كل العالم ولم تحصل المساواة بكل تاكيد بين الرجل والمرأة، ولن تحصل ان شاء الله تعالى ما دام العالم مليئا بالظلم والفساد ولم يمتلأ قسطا وعدلا. بل الامر عندهم يمكن ان يتعدى ذلك اي عدم المساواة بين الرجل والمرأة حتى الى الاعمال البسيطة نسبيا كالموظفات والعاملات في الشركات والرياضيات والمعلمات وغير ذلك فانه لا زالت نسبتهن اقل وان كان المستوى الاول اوضح من هذه الجهة.
الان نأتي الى الرأي الديني الاسلامي في ذلك. فاول خطوة اننا نقدم بعض الاطروحات، بعد الالتفات – هذه نقطة ضروري الالتفات الهه - ان الدين – لاحظوا - لم يكفل حرية المرأة من جميع الجهات بطبيعة الحال بل ولا حرية الرجل من جميع الجهات طبعاً ، بل اعتبره عصيانا وتسيّبا ولا انسانية ، الانسان يكتسب حريته امام الله سبحانه وتعالى، ويؤدي ذلك الى فشل الفرد والمجتمع بل من المستطاع القول بان العقوبات الدنيوية الشديدة التي جاءت على بعض المجتمعات قبل الإسلام، كالطوفان والخسف والقذف وغيرها انما حصلت لان افراد المجتمع اتخذوا الحرية في اعمالهم حسب مشتهياتهم ورغباتهم ولم يطيعوا دينهم وعقلهم ومن ثم قيل الحرية هي التقيد بالنظام اي في الحقيقة ليس بكل نظام ، الحرية هي التقيد بالنظام التكاملي الحقيقي والانساني. ومن ثم يكون سلبا للحرية الشخصية بالمعنى المتسيب بطبيعة الحال. وانما الحرية الحقيقية – لاحظ ، ان شاء الله انتوا كلكم من الملتفتين الى ذلك - هي الحرية من النفس الامارة بالسوء ومن الشهوات والمظالم ، وهي ( الحرية ) التمحض بطاعة الله سبحانه، بخلاف المسالك الدنيوية في فهم الحرية من حيث انها اتباع للمصلحة الخاصة والرغبات وبالتالي اطاعة النفس الامارة بالسوء فيكون ذلك مصداقا وتطبيقا لقوله تعالى ((جعل الهه هواه واضله الله على علم)).
وانما الحرية الحقيقية هي الحرية من المآثم والمظالم. وفي الرواية ان الامام الكاظم موسى بن جعفر (سلام الله عليه) كان يمر ببعض الطرقات اذ خرجت جارية من احد المنازل وكان منزلا فخما بهيا لتلقي القمامة في الطريق – في الليل - كأنما في هذه القمامة ما يدل على انها مخلفات خمر ومجون والعياذ بالله، فسألها الامام (عليه السلام): من صاحب هذا البيت ؟ قالت: مولاي بشر (وهو الذي سمي ببشر الحافي بعد ذلك). قال لها – سبحان الله شوف السؤال شلون - : مولاك حـر ام عبد؟ - ماذا ينبغي ان يكون ؟! - قالت: حر- سبحان الله - قال: نعم لو كان عبدا لما عصى مولاه. فدخلت الدار فقال لها بشر مولاها: - وين جنت ؟ - ابطأتِ في الطريق فلماذا؟ فذكرت له كلام الامام (عليه السلام) بدون ان تعرفه طبعا. فقال لها: صدق (سلام الله عليه) ثم خرج الى الطريق يركض ليلحق بالامام ثم انه تصدّق بكل ماله واصبح من الزاهدين ولُقّب "بشر الحافي" لانه كان يسير بدون نعلين.
اذن فالمطلوب الحقيقي، هو ان يكون الانسان حرا من النفس الامارة بالسوء وعبدا لله عز وجل، لا العكس وهو ان يكون حرا من اطاعة الله تعالى والعياذ بالله وعبدا لنفسه وشهواته وهواه.
اذن فلا توجد في الدين ، لا على المستوى الشرعي ولا على المستوى الاخلاقي ولا على المستوى العقلي ، حرية دنيوية بهذا المعنى بل هي الفساد بعينه ولم تعطى لا للرجل ولا للمرأة وحديثنا اصلا عن المرأة، اذن فلم تعط المرأة الحرية الكاملة وانما اعطيت بعض الحرية فكما لم يعط الرجل الحرية الكاملة وانما اعطي بعضها فبالنسبة الى المرأة يمكن ان نطرح الاطروحات التالية:
الاطروحة الاولى : ان الاسلام كفل حرية المرأة اخرويا، ولم يكفلها من الناحية الدنيوية.
الاطروحة الثانية : ان الاسلام كفل حرية المرأة نسبيا الا انه لم يؤمن بتساوي الرجل والمرأة في ذلك، بل قال من اول الامر وبصراحة ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله)).
الاطروحة الثالثة : ان الاسلام كفل الحرية الاقتصادية للمرأة اي عمل المرأة بمقدار حرية الرجل الا انها من الناحية الاخلاقية ليست كذلك من حيث ان القيود الموضوعة على المرأة اكثر مما هي على الرجل من هذه الناحية.
ولا بد من النظر الان بالمقدار الذي يناسب الحال في هذه الاطروحات من حيث اسبابها اعني ادلتها الاسلامية ومن حيث نتائجها ومعلولاتها.
اما الاطروحة الاولى فقد كفلها الاسلام اخرويا كما قال تعالى – اسمعوا هذه الاية الطريفة وكل ايات القران لطيفة وطريفة - : ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)).
ثم يتعرض القرآن الكريم بعد ذلك مباشرة - في الاية التي تلي - بان الحرية المسحوبة عن الرجل ايضا هي مسحوبة عن المرأة وهي الحرية في العصيان والتمرد على الحق والعدل فانه ليس في مصلحتهما ذلك بكل تاكيد ولا يجوز لاي منهما ذلك بكل تاكيد، قال الله تعالى: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة (اي الاختيار والحرية) من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)). فالرجل والمرأة كما هما متساوون بالمغفرة والرضوان كذلك هما متساوون في تحمل مسؤولية العصيان. وقل هما سواء في الثواب والعقاب معا. وقال تعالى: ((ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد * فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض * فالذين (يعني الذكر والانثى ، وليس الذكر فقط) هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب)). وقال تعالى: ((ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)). وقال: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)). وقال: ((يا ايها الذين آمنوا – المرية شنو ذنبهه تخلوهه مسخرة لكم ؟ لا يجوز - لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنبازوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون)).
ومن الممكن القول ان سياق هذه الايات الكريمات هو اخروي اكثر منه دنيويا وخاصة حينما يقول ((القانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والصائمين والصائمات)) او يقول ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أوانثى)). اذن فالذكر والانثى متساوون من الناحية الاخروية جزما اي من ناحية قبول العمل وامكان التكامل والحصول على الثواب ونحو ذلك. واما من الناحية الدنيوية فهما غير متساويين من حيث ان المرأة ممنوعة عن كثير من الامور الميسورة للرجال شرعا كالتقليد والقضاء وامامة الجماعة للرجال ونصف الحصة في الارث ((للذكر مثل حظ الانثيين)) وذلك ثابت في الاولاد والبنات والاخوة والاخوات والجدة والجدات والزوج والزوجة – ايضا للزوجة نصف حصة الزوج - وكذلك الشهادة بالهلال وكذلك في اصل الشهادة يكون الاثنين من النساء كواحد من الرجال.
هذا من حيث الاسباب ونتعرض الى النتائج في الخطبة التالية ان شاء الله.

خطب الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس الله سره الشريف Donde viven las historias. Descúbrelo ahora