Ch.3

101 5 3
                                    


فضلتٌ البقاء برفقة لوكاس الذي كانوا قد حقنوا به منومًا لينام لأطول مُده مُمكنه، لم اُرد العودة لسماع النقاشات التي سيتعمد جاي طرحها لفهم حياتنا التي تركها خلفه وسافر.
كان الليل في المشفى طويل جدًا أو هذا ما أظنه انا... علمتٌ حينها كم أنا وحيد، بِلا أصدقاء، بِإخوه غير مُقربين، بدون أم والآن بدون أب كذلك.
أكثر ما يؤسفني بأنني ولدتٌ في عائلة كبيره ولكنها مُشتته، وما أعنيه بمُشتته هو حقيقي أكثر وكما يبدو عنيف وغير عاطفي إيضًا.
حتى وإن كنتٌ أملك والده في الحقيقه ولكنها تخلت عني بكل سهوله ولا أعلم الآن إن كانت على قيد الحياة أم فارقتها كوالدي.
لا أريد التفكير بشأن فُقدان والدي وكأنه آمر هيّن، ما يحدث وما أشعر به اسوء عشرون مره عن تلك الكلمات التي أنطقٌ بها.
تحركتٌ من كرسيّ لأخرج من غرفة لوكاس، كنتٌ سأخرج للتدخين ولكننا في الطابق الرابع، غيرتٌ مساري لأتوجه إلى سطح المشفى وليس الحديقه.
قمتٌ بفتح باب السطح بصعوبة كان قد اُغلق بقوة، بعد دخولي وتفقدي للمكان وشمّ رائحة الهواء العليل، وقفتٌ اتأمل السماء النجوم وكل شُهاب قد مرّ أمامي.
"هل أنت بخير ؟" سمعتٌ صوت أنثوي لأستدير ببطء وتعجب، كانت مُمرضة من المشفى ذاته بملامح قلقه.
"لا بأس بي" قلتٌ بتعجب واضح، "هل أنت هنا هاربًا من الحُقنه ؟" سألت بقلق فضولي.
"عُذرًا... لم أفهم" أجبتٌ بتعجب واضح على ملامحي، "لا تقلق سأحقنك ولن تتألم، تعال برفقتي" قالت بينما تقترب مني.
عُدت خطوتين إلى الخلف "ما الذي تعنينه ؟"، نظرت إلي جيدًا ثم أردفت بفزع "يدك تنزف".
نظرتٌ إلى يدي لأجد بأنها تنزف بالفعل ولم أشعر بذلك "هذا بسبب بابكم المُغلق بصعوبة" قلتٌ بأستياء، "قُمنا بذلك لكي لا يهرب المرضى أو يلقون بأنفسهم" قالت بحزن.
"لستٌ مريض... أو ربما أنا كذلك" قلتٌ بتشتت، أقتربت لتُمسك بيدي "هل يُمكنني تطهير جرحك ؟" سألت بلُطف.
مع أستمراري في النظر إليها أجبتٌ بـ "بالتأكيد" لننزل معًا وتصطحبني إلى غُرفة الطوارئ، كانت فارغه من أي مرضى وممرضين.
جلستٌ على السرير لتُمسك بالأدوات وتحضرها برفقتها وتتقدم لتجلس بجانبي، امسكت بيدي وسحبتها ناحيتها وقبل أن تبدأ نظرت إلي وأردفت "إن شعرت بحرارة المُطهر أخبرني فورًا".
اومأت بـ"نعم" بينما لازلتٌ أنظر إليها وبتمعن، بدأت بتطهير يدي وما إن شعرتٌ بالحرارة قمتٌ بسحب يدي من بين يديها ولكنها امسكت بها بقوة "توقف" قالت.
بدأت بالنفخ على الجرح مُحاوله منها تخفيف حرارة المُطهر، أكملت عملها "ما الذي أحضرك إلى هنا إن لم تكن مريض ؟" سألت ونظرت إلي بعدها.
"ارافق أخي" جاوبت بإختصار لتُعاود سؤالي "ما الذي يشكو منه أخاك ؟" أجبتٌ بإختصار مُجددًا "حاول الإنتحار".
توقفت عن عملها لتنظر إلي بقلق "لمَ تتحدث عن ذلك وكأنه امر روتيني ؟".
"لأن أبي إنتحر قبل يومين فقط" قلتٌ بنبرة بارده وغير مُكترثه.
"اسفه لخسارتك" قالت بينما تتجنب النظر إلى وجهي مباشرةً.
"لقد أنتهيت" أردفت لتقف مُبتعده وأقف أنا إيضًا "أين يُمكنني الدفع ؟" سألتٌ بجديّه.
"لا يُمكنك، لأنها مجانيه" قالت بلُطف بينما تقوم بإعطائي حلوى، أمسكتٌ بالحلوى لتُرسم على شفتيّ نصف أبتسامه جانبيه.
"هل يُمكنك أن تُرشدني غُرفة أخاك ؟" سألتني بإهتمام، "تعالٍ برفقتي" قلتٌ لأسير وتسير هي إيضًا.
"هل أستطيع معرفة أسمك ؟" قالت بينما تنظرٌ إلي "زيلو" أجبت، "اونتشاي" قالت، "شكرًا على هذه إيتها المُمرضه اونتشاي" قلتٌ بينما أرفع يدي.
أبتسمت هي ولم أتوقف أنا عن النظر إلى تلك الأبتسامة، كنتٌ احاول معاودة النظر إليها ولكنني توقفت عن ذلك عند وصولٍ إلى غُرفة لوكاس.
"سأقرا ملفه الصحي" قالت بإهتمام، "أخبرنا الطبيب كل شيء" قلتٌ بنبرتي المُعتاده "متى أصبح الأطباء يخبرونك كل شيء ؟" سألتني بثِقه.
"وهل المُمرضين يفعلون ذلك ؟" أجبتٌ بسؤال لتبتسم بينما تنظر إلي "هل أغلق الملف ؟" أتسعت أبتسامتي "أخبريني المُهم فقط" قلتٌ بهدوء.
"لديه فقر دم حاد، لديه نقص فيتامينات وسوء تغذيه..." كانت تقرأ كل شيء عِنادًا لأنني طلبتٌ منها المُهم فقط.
"هل أخبرك الطبيب بأنه قام بتحويل ملفه إلى الطب النفسي ؟" سألتني بينما هي عابسه "لم يُخبرني ذلك" أجبت.
قامت بإغلاق الملف ووضعه جانبًا "عليك أن تنام أنت إيضًا وترتاح" قالت بلُطف، "سأفعل" قلت.
غادرت هي لأستلقي على الأريكة أنا وأغطٌ بنوم عميق جدًا لم أعي بعدها شيء حتى قامت مُمرضة أخرى بإيقاظي، نظرت حولي لأجد لوكاس قد أستيقظ إيضًا.
أقتربتٌ سريعًا من لوكاس "الشكر للرب لأنك بخير" قلتٌ بإطمئنان، نظر لوكاس إلي ببرود وشحوب ليُردف "لمَ قُمت بإسعافي ؟"
"ماذا تعني ؟" أجبتٌ بسؤال "قلتٌ لمَ قمت بإسعافي ؟" سأل مُجددًا بغضب.
"لنتحدث عندما تهدأ" قلتٌ بهدوء وخرجت من غرفته، كنتٌ أنظر إلى وجوه كل المُمرضات، كنت أبحثٌ عنها، ولكنني لم أجدها.
خرجتٌ إلى الحديقة لأقوم بالتدخين، جلستٌ بعيدًا قليلًا، بدأتٌ بالتدخين بينما اتأمل المكان بدون تركيز.
نظرتٌ إلى ساعة هاتفي، كانت تُشير إلى التاسعة صباحًا، لازال الوقت مُبكر، أشعر بالتعب والخمول إيضًا، وجدت أتصالين فائتين من جاكسون كذلك.
"هل تناولت إفطارك حتى ؟" سمعتٌ صوتها مُجددًا لأستدير سريعًا، كانت تجلسٌ خلفي وبين الأعشاب والأشجار "ما الذي تفعلينه هنا ؟" سألت.
"أتناول إفطاري، هل تُحب المُشاركه ؟" سألت، "لا أتناول وجبة الأفطار عادةً، شكرًا لكِ" قلت.
"توقعتٌ هذا من الشخص الذي قام بالتدخين حالما أستيقظ" قالت.
"ما المُفترض بي أن أُجيب الآن ؟" سألتٌ بسُخريه لتضحك هي.
"اسفه لم أقصد التدخل بشؤونك" قالت بخجل، "لا بأس" أجبت.
رنّ هاتفي لأنظر وأجد بأنه جاكسون، أجبت وأنتهت المُكالمه، أستدرت ولكنني لم أجدها، أختفت بهذه السُرعه، بحثتٌ بعينيّ في الأرجاء ولكنني لم أراها إيضًا... يا لها من مُتعِبه.
قمتٌ بدهس سيجارتي لأعود أدراجي إلى غُرفة لوكاس مُجددًا.

𝐎𝐕𝐄𝐑𝐃𝐎𝐒𝐄.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن