Ch.2

133 5 2
                                    


بعد ساعتين ونصف تمامًا من قدوم ماثيو وحديثه برفقتنا، وَصل جاي الغائب عن منزله منذٌ سبعةٌ سنوات والذي لم نرى وجهه منذٌ أن كان يبلغ من العمر سبعه وعشرين عامًا.
عاد وبدأ أنضج مِما كان عليه، كان يُمسك بيد فتاة إيضًا... آمل بأن لا تكون زوجته ويملك منها أطفال.
قام تايونق بمُعانقته سريعًا، كما فعل جاكسون وماثيو كذلك... لم يتبقى سواي، تقدمت بخطوات هادئه وأردفت "مرحبًا بعودتك".
أبتسم جاي في وجهي ولكنني أدرتٌ وجهي عنه وجلست، أردف جاي بنبرته المُعتاده "أين هو لوكاس ؟"
أجاب تايونق بدون مُقدمات "لازال في غرفته".
أستمريت بالنظر إلى جاي طويلًا، رأيتٌ ما الذي فعلته به الحياة بعيدًا عن منزل عائلته، رأيت وقار شعره الذي يكادٌ يُرى، رأيت شخصيته كيف تغيرت ليُصبح بهذا الجمود والقوه.
أنا متأكد لو أن أبي رأه بهذه الشخصيه القويه لكان أفتخر به وأخبر العالم بأكمله بأن هذا ابنه الكبير وشبيهه.
شعرتٌ بضيق، شعرتٌ بسقوطي في أعماق المُحيط مُجددًا... لم أعد أطيق الجلوس برفقتهم اكثر لذا وقفت وتحركتٌ من مكاني سريعًا.
"إلى أين أنت ذاهب ؟" سألني ماثيو لأجيب دون أن أنظر إليه "سأقوم بتفقد لوكاس".
قلتٌ هذه الكلمات وأسرعتٌ بخطواتي إلى الأعلى، توجهت بالفِعل إلى غُرفة لوكاس لأقوم بطرق الباب مرة ومرتين وثلاث، لم يُصدر لوكاس أي صوت مِما جعلني أقوم بفتح الباب.
كانت غرفته فوضويه جدًا، الكثير من الأمور المبعثره على الأرض، لكن لا وجود لـ لوكاس.
نظرتٌ في كل مكان حتى أقتربت من باب المرحاض داخِل غُرفته، طرقته بخفه على آمل جواب من لوكاس ولكن لا رد.
"سأقوم بفتح الباب" قلتٌ لأنتظر ثانيتين ثم قمتٌ بفتحه بالفعل.
تمركزت عينيّ على لوكاس الذي كان واقع على أرض دورة المياه والدماء تملئه.
فتحتٌ عينيّ جيدًا... ما الذي حدث الآن ؟ ما الذي فعله بنفسه ؟ هل مات هو إيضًا ؟
أقتربتٌ منه سريعًا لأضع يدي على رقبته، شعرتٌ بنبضه، شعرتٌ ببرودة جسده إيضًا.
حملتُه لأجري به بأقصى سرعه أستطيع الجري بها، لم يسعني قلبي السكوت أكثر صرختٌ بأعلى ما أمتلكه من صوت "لوكاس سيموت".
كان صوتي مُرتفع لدرجة رأيتٌ الجميع يجري ناحيتي بغضون ثوانٍ، أخوتي والخدم كذلك.
قام ماثيو بأخذ لوكاس من بين يديّ ليُكمل الجري متوجهًا إلى الخارج ونلحق به جميعًا، الجميع صعد في السيارات بدون وعيّ لأجد بأنني صعدتٌ برفقة تايونق وجاي.
ما إن قام تايونق بتحريك سيارته خلف ماثيو وجاكسون حتى أستدار إلي جاي بإهتمام "ما الذي حدث؟".
"وجدتُه في مرحاض غُرفته واقع على الأرض ومليئ بالدماء" قلتٌ بإختصار.
قام تايونق بضرب المقود بغضب "يا له من طفل... كيف يفعل هذا بنفسه؟".
نظر جاي إلى تايونق ليُردف بجديّه "لازال تحت تأثير صدمة فُقدان أبي".
تايونق بنفس النبره "وهل الإنتحار هو الحل؟".
أبعد جاي عينيه عن تايونق "لا تفهم ما يعنيه أن يفقد المرء أبيه".
قال جاي كلماته تِلك لتدب في قلبي حِملًا ثقيلًا، لم أكن أعرف ما معنى أن يفقد المرء أبيه أنا إيضًا ولم أتمنى تجربة ذلك حتى.
أشعر بالخوف بشده، لا أريد فقدان لوكاس كما فقدتٌ أبي وبعد يومين من فقدان أبي كذلك.
ما يحدث يبدو كلعنة حلّت علينا، لا أحد يستطيع الفِرار من الأحداث السيئه التي بدأت تنهالٌ علينا واحده تلو الأخرى.
كان ماثيو سريع ليصل إلى المشفى بسرعه وهذا هو المُهم، أما نحن وقعنا في الإزدحام، كنتٌ أجلسٌ في الخلف مُحاولًا عدم التحدث بأي شيء.
لوكاس ومظهره المليئ بالدماء لازال في مُخيلتي، لن اُسامح نفسي ابدًا لو أصابه مكروهًا ما.
كان الصمتٌ يملئ السيارة من الداخل مع القليل من صوت تايونق بينما يقوم بشتم السيارات والإزدحام وهاتف جاي الذي لم يتوقف عن الرنين كل ثانيتين.
أجاب جاي اخيرًا "مرحبًا... أخبركِ عند عودتي، لا تقلقٍ" أغلق.
سأل تايونق بفضول "هل تزوجت منها ؟" لينظر إلى جاي وينظر جاي إليه بالمُقابل "ليس بعد".
"منذٌ متى أنت على معرفه بها ؟" سأل تايونق مُجددًا ليُجيب جاي بنفس النبره "منذٌ اربعة سنوات" ليُردف تايونق بتعجب واضح "ولكنك لم تتحدث عنها ابدًا" أجاب جاي بنبرته المُعتاده "لا يُعجبني أن أتحدث عن علاقاتي العاطفيه مع عائلتي".
ساد الصمتٌ مُجددًا وفي الوقت ذاته وصلنا إلى المشفى أخيرًا، نزلتٌ سريعًا وجريتٌ لأدخل من باب الطوارئ لأبحث عن ماثيو وجاكسون.
وجدتهما نهاية الرواق، أسرعتٌ بجرييّ أكثر لأصل إليهما وعلى وجهي ملامح القلق والخوف "ماذا حدث ؟" سألت.
"لم يخبرونا بعد" أجاب ماثيو بجديّه، أقترب جاي وتايونق ليسألوا ذات السؤال ويُجيب ماثيو بالجواب ذاته كذلك.
كُنا نقف هنا وهناك ننتظر خروج الطبيب أو شخص يُخبرنا بأنه بخير، كل ما نُريد سماعه في تلك اللحظه هو أن لوكاس على قيد الحياة ولم يمُت.
"لمَ لم تُغسل يديك ؟" جاي سأل ماثيو، نظر ماثيو إلى يديه ثم إلي "يديّ زيلو ملوثه كذلك".
"أغسلا يديكما قبل أن يظُن أحدهم بأننا قتلنا أخانا" أردف جاي بجديّه.
"لوكاس لا يشبههما، سيظنون بأننا خصوم" قال تايونق بسُخريه، "كُفّ عن قول الحماقات" أردف ماثيو بقليل من الغضب.
"لا توجه لي ولا كلمه واحده حتى" تايونق بغضب، وضع جاي يده على صدر تايونق ليُبعده "تذكرتٌ الآن بأنكما لم تخبراني ما سبب هذا الجرح على وجه تايونق".
"هل أتينا إلى المشفى لنتشاجر ؟" قال جاكسون ببرود ونبره حادّه.
رفع جاي يده ناحية ماثيو وتايونق "ستخبرانني كل شيء".
غادرت الرواق لأغسل يديّ وأعود، كان جاي وماثيو وتايونق قد خرجوا ليقوموا بالتدخين ومناقشة الجرح على وجه تايونق كما يقول جاي.
أقتربتٌ لأجلس بجانب جاكسون، كان جاكسون يُغمض عينيه ويسند رأسه على الكرسي بهدوء ومن دون أي حركة اخرى.
"هل أنت على ما يُرام ؟" سألني جاكسون حالما جلست ودون أن يفتح عينيه، صمتٌ لثوانٍ ثم أردفتٌ بنفس الهدوء "لا".
"ماذا يحدث برفقتك ؟" سأل بنبرة إهتمام، هذا السؤال جعلني اُفكر ما الذي يحدث برفقتي ؟ ما الذي لم يحدث بعد ؟ ما المُتبقي حدوثه لتكتمل اللعنة ؟
"أنا مُشتت فقط" أجبت ليحلّ الصمتٌ مُجددًا في المكان، كنتٌ اُفكر بذلك السؤال حقًا... ولكن أهم سؤال الآن هل أنا مُستعد لمواجهة أي شيء سيحدث مُستقبلًا ؟
خرج الطبيب ليُقطَع حبل أفكاري وأقف انا وجاكسون سريعًا أمامه ونهلّ عليه بالاسئله، لم يجب على كل شيء ولكنه أخبرنا بأنهم أنقذوا لوكاس بصعوبة وبأنه ليس بخير البته.
كنتٌ أشعر بأنني سأسمع ذلك كما أنني علمتٌ بسوء حالته منذٌ أن لامست بشرته البارده والشاحبه، بقاءه على قيد الحياة معجزه وسط اللعنه.

𝐎𝐕𝐄𝐑𝐃𝐎𝐒𝐄.Where stories live. Discover now