الفصل الثامن الجزء الثاني

11.5K 277 7
                                    

تكملة الفصل الثامن
وقف كلا من كاظم وكامل وحميد زهران امام جابر الذي خرج لإستقبالهم عند باب منزله ....
كانت عيونهم تنطق بما يضمرونه له من حقد وكره بشكل افزعه للغاية وزاد من قلقه وتوتره ...
" تفضل يا عمي .... تفضلوا لما انتم واقفين هنا ....؟!"
الا ان حميد رد بصوت قوي غليظ :
" نحن لم نأتِ هنا لندخل ... بل جئنا لنأخذك وتأتي معنا ..."
ابتلع جابر ريقه وسألهم بنبرة متوترة :
" الى اين ...؟!"
اجابه حميد بجدية :
" الى المحكمة ...."
نقل جابر بصره بين كاظم وكامل اللذان يرمقانه بنظرات نارية مهددة ثم عاد ببصره نحو حميد الثابت الانظار ليسأله بإضطراب :
" لماذا ...؟!"
" لتطلق ليلى ..."
اتسعت عينا جابر لا اراديا وهو يفكر بأن ما يطلبونه منه مستحيل ليقول وهو يهز رأسه نفيا :
" مستحيل ...انا لن اطلق زوجتي ... مهما حدث ..."
تدخل كامل في الحديث قائلا بصوته العالي :
" بل ستطلقها ... اجبارا عنك ..."
اشار كاظم له ان يتوقف ولا يتدخل اكثر بينما أكمل حميد بنبرته القوية الثابتة :
" ستطلقها يا جابر  .... سواء رضيت او لا ...."
" ومن سيجبرني على هذا ....؟!"
سأله جابر بنبرة مستهينة ليرد حميد ببرود يحسد عليه:
" انا ....انا من سيجبرك على هذا ... فأنا لن أسمح لإبنتي أن تبقى على ذمة رجل مثلك ...."
" انتبه الى حديثك معي يا سيد حميد ..."
قالها جابر بعصبية لا ارادية ليتدخل كاظم في الحديث قائلا  بنبرة محذرة :
" انت من يجب ان ينتبه الى حديثه يا جابر .... انتبه ولا تتجاوز حدودك ..."
" طلقها يا جابر ... طلقها قبل ان أتصرف معك بطريقة لا تعجبني ..."
قالها حميد مهددا اياه ليرد جابر بلا مبالاة وهو يعقد ذراعيه امام صدره :
" ماذا ستفعل مثلا ...؟! كيف ستجبرني على تطليقها ...؟!"
هنا خرجت والدة جابر وقالت بنبرة عالية بعدما كاتت تتنصت وسمعت ما حدث :
" ماذا تريدون من ابني ...؟! اتركوه وشأنه ... هذا بدلا من أن تشكروه لأنه كان يربي ابنتكم ..."
تدخل كامل مرة قائلا بغضب وهو يكور قبضته :
" ماذا تقولين انت...؟! بل ابنك هو من بحاجة الى تربية ..."
اوقفه حميد بإشارة من يده ثم وجه حديثه لها قائلا :
" الزمي حدودك يا إمرأة .... انا لا أتحدث معك ... بل اتحدث مع ابنك ...."
" انت لا تتحدث معه ... انت تهدده ..."
" دع امك تدلف الى الداخل يا جابر ..."
قالها حميد بصوت قوي ليشير جابر الى والدته قائلا :
" ادخلي انتي يا امي ..."
" كلا لن ادخل ...."
قالتها الام بعناد بينما  تحدث حميد قائلا وهو يجاهد للسيطرة على اعصابه :
" اسمعني يا جابر... انت مجبر على ان تطلقها ...والا فأنني سأرفع قضية ضدك واعتداءك عليها بهذه الطريقة المشينة سوف يجعل القاضي يجبرك على تطليقها ..."
تطلع جابر الى امه بحيرة وقلق لتقول الام بضيق :
" تريد ان تفضح ابنتك في المحاكم .."
" صدقوني انا لا اهدد فقط ... انا انفذ ايضا ... لا تجبروني على اطالة الموضوع وتكبيره ... لننفصل بالحسنى كما دخلنا بالحسنى ..."
" ولكن يا عمي انا لا اريد تطليق زوجتي ...."
" وهي لا تريدك ... وانت اكثر من يعلم كذلك ماذا بمقدورنا ان نفعل بك  "
ابتلع جابر ريقه وهو يتطلع الى والدته التي التزمت الصمت فجأة ليقول جابر اخيرا :
" ليلى طالق يا عمي ...."
" بالثلاثة ..."
تطلع جابر اليه بنظرات متوسلة ليجد الاصرار واضحا على تقاسيم وجهه :
" ليلى طالق بالثلاثة ..."
تنهد حميد براحة فأخيرا حرر ابنته من هذا الوغد ... منحه ابتسامة متهكمة قبل ان يقول :
" لا وفقك الله يا جابر من أي إمرأة بعد ابنتي ...."
ثم تحرك مع كاظم وكامل قبل ان يهمس لهما في طريقه نحو سيارته :
" تصرفا معه كما أخبرتكما لكن ليس اليوم...انتظرا قليلا...""
                         ....................
في منزل حميد زهران...
استيقظت ليلى من نومها اخيرا بعد ليلة طويلة قضتها تحلم بكوابيس مرعبة تأثرا بما حدث معها ...
كان جسدها يؤلمها بشدة بسبب الضرب المبرح الذي تعرضت له ...
اعتدلت في جلستها وهي تشعر بألم قوي يغزو جسدها المجروح ....
ادمعت عيناها بقوة وهي تفكر وتتذكر ما تعرضت له ...لقد تعرضت لأبشع انواع التعذيب الجسدي ....
اخذت تبكي بصمت وهي تعتصر قبضتي يديها بقوة من شدة الالم ...
لم تعرف اذا ما كانت تبكي بسبب ما حدث معها او بسبب الالم نفسه ...
ظلت على هذا الحال تبكي وبدات شهقاتها تعلة اكثرر...
في هذه الاثناء دلفت والدتها مسرعة نحوها بعدما جذبتها شهقاتها ... احتضنتها بقوة وأخذت تحاول تهدئتها لكن ليلى ازدادت بكائا ...
بعد فترة قصيرة توقفت ليلى عن البكاء ... لتمسد والدتها على ظهرها وهي تقرأ ايات من القرأة الكريم عليها ...
" هل أصبحت أفضل حبيبتي ....؟!"
تحررت ليلى من بين احضانها وأخذت تمسح وجهها بكفي يديها ....
" اسمعني حبيبتي ... انا اعرف ان ما حدث لم يكن هينا ابدا ...ولكن عليك ان تعلمي بأن والدك سيجلب لك حقك كاملا ... "
قاطعتها ليلى بسرعة  :
" انا لا اريد سوى شيء واحد فقط ....."
" ماذا تريدين ....؟!"
سألتها والدتها بتردد لتجيب ليلى بكره تملك منها :
" أريده أن يتعذب كما عذبني هو ووالدته ... اريد ان أراه يتألم مثلما اتألم انا ... وكرامته تهان مثلما اهان كرامتي ... أريده ان يذوق ما ذقته منه واكثر ..."
قالت جملتها الاخيرة بإنهيار لتسقط الدموع من عيني والدتها التي رفعت يدها الى السماء عاليا وقالت بقلب ام ملكوم على ابنتها :
" حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا جابر .... حسبنا الله ونعم الوكيل عليك انت ووالدتك ... لياخذ الله حق ابنتي منك عاجلا ليس أجلا ..."
كانت ليلى تستمع الى حديث والدتها وبكائها يزداد اكثر ...
دلف والدها الى الغرفة بعدما طرق الباب ليجد ليلى تحتضن والدتها والدموع تهطل من عينيها ...
اعتدلت الام في جلستها وكذلك ليلى التي اخذت تنقل نظراتها المشوشة بين والدتها و والدها ...
" ماذا حدث...؟!"
سألته والدتها بسرعة
ليتطلع الاب الى ابنته بملامح منهكة ثم اقترب منها وانحنى نحوها مقبلا رأسها ببطء ...
" بابا...."
هتفت بها ليلى بضعف ليرد الاب بعينين حمراوتين :
" سامحيني يا ابنتي ...سامحيني لأنني اعطيتك لرجل مثله ...."
هزت ليلى رأسها نفيا بإعتراض وقالت بسرعة :
" لا تعتذر يا ابي... جميعنا كنا مخدوعين فيه ..."
" ألن تخبرني اين ذهبت وما حدث ....؟!"
قالتها الام بضيق واضح ليرد الاب :
" ذهبت الى ذلك الحقير ..."
انتفض قلب ليلى رعبا ما ان سمعت ما قاله والدها .... شعرت بعدم رغبتها في سماع اسمه او اي شيء يخصه ...هي لا تريد ان ان يذكر احد سيرته امامها .... تريد ان تنساه والى الابد ...
" ماذا قال لك ..؟!"
تطلع الاب الى ابنته وشعر بنظراتها المذعورة لينقبض قلبه داخل اضلعه الما ووجعا على ابنته وما وصلت اليه ....
" طلقها ...."
اتسعت عينا ليلى لا اراديا قبل ان تبتسم بتهكم مرير فجابر لم يتمسك بها حتى بل طلقها بكل سهولة ....
اما الاب فأكمل :
" بالثلاثة ...."
أخفضت الام بصرها وجعا على ابنتها التي تطلقت بعد زواجها بأسابيع قليلة بينما تطلعت ليلى الى والديها المتألمين بوضوح وقالت فجأة :
" ماذا بكم ....؟! لماذا انتم حزينون هكذا..؟! لقد تخلصت من ذلك المجرم .... عليكم ان تسعدوا بهذا..."
ثم اشارت لأمها المندهشة قائلة :
" افرحي يا امي ... لقد تخلصت منه اخيرا .... هيا اطلقي الزغاريد احتفالا بهذا النبأ العظيم ..."
تطلعت امها اليها بعدم تصديق بينما أخذت ليلى تزقرط عاليا والدموع تهطل من عينيها قبل ان تسقط ارضا فاقدة للوعي ...
                          ..................
وقفت فرح امام خزانة ملابسها المفتوحة تتأمل ما في داخلها بحيرة شديدة ...
اليوم ستخرج لأول مرة مع أدهم فهي مدعوة معه على العشاء في منزل صديق لديه ...
عليها أن تجهز نفسها حيث سيأتي أدهم بعد أقل من ساعتين ويأخذها الى هناك...
وهي لم تختر بعد ما سترتديه ...
كانت تريد ارتداء شيء انيق ومحتشم في نفس الوقت ...
وبعد تفكير طويل وحيرة اطول وقع اختيارها على فستان احمر طويل يصل اسفل ركبتها ذو اكمام حمراء طويلة ...
وضعت القليل من المكياج الهادئ على وجهها مع احمر شفاه ذو لون احمر قاني ... رفعت شعريها عاليا بتسريحة انيقة بسيطة ... ثم ارتدت حذاء اسود ذو كعب عالي ابرز طولها الفارع ... ولم تنس ان تضع عطر هادئ الرائحة ...
تأملت فرح مظهرها في المرأة برضا قبل ان تتنهد بارتياح ...
لقد بذلت مجهودا خرافيا لتظهر بهذه الصورة الرائعة ... في الحقيقة هي لم تكن يوما من المهتمين في المظاهر ولكن هناك شيء في داخلها أخبرها أن تهتم بنفسها ومظهرها جيدا لأجل الليلة ....
هل لكونها تريد ان تظهر في صورة تليق بها كزوجة لأدهم الهاشمي ...؟!
ولما لا ...؟!
هي بالفعل يجب ان تظهر كزوجة تليق به وبمكانته ... وعليه هو أن يفهم انها لائقة بالفعل ....
سمعت صوت الباب يفتح فحبسا انفاسها وهي تشعر بأدهم يخطو اولى خطواته داخل الغرفة ...
تصنم أدهم في مكانها وهو يراها ترتدي هذا الثوب الاحمر المثير بجسدها الذي يشبه المانيكان ....
اخذ نفسا عميقا وزفره ببطء قبل ان يهمس بخفوت وعيناه تلمعان بقوة تتأملان عنقها الطويل الذي ابرزه شعرها المرفوع عاليا :
" فرح ..."
التفتت فرح نحوه اخيرا لتنحبس أنفاسه داخل صدره وتتسع عيناه بعدم تصديق من جمالها الواضح امامه ...
زفر انفاسه بقوة بعدما استوعب اخيرا ما يراه ....
فالتي رأها الان كانت زوجته ملكه ... لعن نفسه لانه حرم شخصه من كل هذا الجمال الرقيق الناعم ...
تعجب من افكاره وما وصلت اليه ... هل بات الان يتحسر عليها ...؟! هل سيلعن نفسه لأجلها ..؟!
منذ متى وهو يفكر بهذه الطريق ويفقد سيطرته على افكاره ...؟!
هو لم يكن من النوع الذي يتأثر بالجمال بسهولة ... فهو لا تعجبه اي إمرأة ولا تروقه اي واحدة بسهولة مهما كانت جميلة ... لكن هذه الفتاة تثير بداخله مشاعر غريبة منذ أن رأها لأول مرة ...
تنهد للحظات بصمت قبل ان يسألها وهو يحاول الخروج من فورة افكارها :
" هل انت جاهزة لنذهب ....؟!"
اومأت برأسها دون ان ترد ليقول :
" هيا بنا اذا ..."
تحركت فرح خلفه بينما سبقها هو في حركته ....
فتح ادهم الباب وخرج تتبعه فرح واللذان ما ان هبطا الى الطابق السفلي حتى وجدا اسما في وجهيهما ...
" الى اين ...؟!"
تطلع ادهم وفرح إلى بعضيهما قبل ان يجيب ادهم بجدية :
" نحن مدعوون على العشاء لدى صديق لدي ..."
تأملت أسما فرح بملامح غامضة قبل ان تهتف ببرود :
" ولماذا ستأخذها معك ....؟!"
كادت فرح أن تجيب عليها بأنها زوجته ومن الطبيعي ان تكون معه لكن رد أدهم بدلا منها فاجئها بشدة :
" هي زوجتي ومن الطبيعي ان تكون معي ..."
اقتربت اسما منه وهمست بصوت خافت :
" كان عليك أن تفكر كثيرا قبل أن تأخذها معك ...اخاف ان تفضحك امام أصدقائك ...."
تطلع إليها ادهم بنظرات لائمة مما قالته قبل أن يقبض على يد فرح ويسحبها خلفه دون ان يجيب على والدته  ..
                          ..................
دلفت الاء الى غرفة نومها لتجد كاظم جالسا على الكنبة الموضوعة في الغرفة صامتا ويبدو عليه الضيق الشديد ...
جلست على سريرها تتأمله بصمت غريب قبل ان تسأله :
" هل انت متضايق لما حدث مع ابنة عمك...؟!"
تعجب كاظم من سؤالها لكنه أجابها :
" ما رأيك انت ...؟! ألا يجب أن أتضايق ..؟!"
اردفت بحيرة :
" انا اساسا لا افهم لما الجميع يتصرف وكأن هناك مصيبة حلت عليكم .... والدتك تبكي وتندب حظ الفتاة ... وكذلك سلسبيل... لقد اقاموا مجلس عزاء واخذوا يتقبلون تعازي المتصلين ومواساتهم ...."
" ابنتهم تطلقت بعد اسابيع قليلة من زواجها ....ماذا يجب ان يفعلوا ....؟!"
ردت ببساطة اغاضته :
" لا يفعلوا شيئا ....الامر لا يستحق كل هذا ... انه طلاق وليس وفاة ...."
" الاء ...لا ينقصني الان سماع أفكارك الغريبة ..."
لكنها كانت مصرة على التعبير عن وجهة نظرها :
" ليست غريبة...بل افكاركم هي الغريبة ... رجل كهذا يجب ان تقيموا الافراح كونها تخلصت منه ..."
نهض كاظم من مكانه وقال بملل :
"انظري الي ....انا لست بفاض لك ...لدي اشياء مهمه يجب أن أقوم بها ...."
وبالفعل بدأ يقوم بهذه الأشياء واحد تلو الاخر ...
تأملته وهو يسير داخل الغرفة ذهابا وإيابا يبدو كمن يحمل الدنيا كلها فوق رأسه ....
اخذ يجري اتصالات مع العديد من الاشخاص ...
يأمرهم ببعض الامور التي تخص اسرته تارة وامور اخرى تخص عمله ...
" كاظم ..."
استدار نحوها اخيرا يتأملها بهدوء قبل ان يقول :
" نعم ..."
سألته بجدية غير ابهة بوضعهم وما يمرون به :
" ما رأيك ان تأخذني وتريني مقر شركتك ...؟!"
تجمد في مكانه للحظات يحاول استيعاب ما تقوله قبل ان يهتف بعدم تصديق :
" هل برأيك بأن هذا الوقت مناسب لتقولي شيئا كهذا ...."
حاولت ان تتحدث لكنه زمجر بها قائلا :
" كم انت شخص بارد خالي الشعور ....؟!"
قالت بضجر :
" ماذا فعلت الان ....؟!"
تنهد بصمت قبل ان يقول بصبر :
" مشكلتك يا الاء انك لا تفعلي شيئا ... لا تفعلي اي شيء سوى قول بعض الكلمات التي تغيظني منك ..."
زمت شفتيها وقالت :
" ها قد خرست ..."
ثم حملت بيجامتها واتجهت نحو الحمام ....
اما كاظم فأخذ يتطلع الى أثرها بسخرية قبل أن يقول بينه وبين نفسه :
" لم يكن ينقصني سواك يا ابنة الهاشمي ..."
نهاية الفصل
غدا الفصل التاسع باذن الله ...
ياريت تتفاعلوا وتوصلوا الفصل ده لالف لايك ....
الفصل اللي جاي فيه مفاجئات ...

عروس الثأر Where stories live. Discover now