الوصفة العاشرة: رنة اتصال.

42 10 6
                                    

...

تجلس على كرسي خشبي في ذلك المرسم الصغير،
الذي خصصه والدها لها لتخرج فيه كل همومها
وضغوطها، وحتى سعادتها على شكل إبداع طفولي
في تلك اللوحات التي تشكلت بأناملها الصغيرة.

مضى شهر كامل منذ أن اتصلت والدتها آخر مرة،
والدتها التي تخلت عنها، وتركتها خلفها من أجل
سخافة تدعى الحب بل ما لا تعلمه الصغيرة أنه
حب مزيف تحيطه أسوار الطمع بالمال والجاه.

تساءلت ببراءة وحزن، هل تحب الأم شخصًا آخر غير الأب؟ هل تترك صغيرتها خلفها بلا أي اشتياق أو
ندم؟ لقد كونت عائلة جديدة، وسيصبح لديها ابنة
أخرى قريبًا، فهل ستفكر فيها بعدها؟ ربما نسيت
بالفعل أن لها ابنة أخرى تحيا قبلها.

انقطعت الكهرباء من منزلهم، وبالتالي فقدت آخر أمل لها بانتظار اتصالها كل ليلة، فلوم الدقائق هي عذرها
الوحيد الذي بإمكانها أن تلفقه حجة لأمها أمام
عقلها.

الذي يئنبها على سحق نفسها وكرامتها أمام
من لم تلتفت إليها حتى أو تسترق نظرة واحدة
حتى لها عندما ركضت وراء سيارتها.

تلك المسكينة المسجونة في زنزانة تسمى الإبنة لأم لم تذرف دمعة واحدة حتى أو تحاول قلب المصير فقط اعتزمت الرحيل، ولن يمنعها حتى العويل.

ترقرقت تلك الدموع من ماستيها بأسى، ومسحت أرجلها خطواتها إلى الوراء تجر ذيول الخيبة والقهر،
وعلى كرسيها الصدوق الذي حملها في كل حالاتها
من حزن وفرح جلست خائرة القوى.

أمسكت فرشاة الرسم، وبدأت يدها بخلط الألوان ورسم النقوش بإلهام، لم تكن في وعيها ولم يخطر في بالها سوى لفظة إتصال.

لتخط تلك الخطوط الذهبية بمختلف درجاتها من الغامق حتى الفاتح ليتراءى للبعيد كأنه مزيج بين الأبيض والبني مع تكحيلها ببعض اللون البنفسجي الفاتح حتى اتضحت معالم الرسمة.

مضلع شبه منحرف لكن بدون زوايا حادة، يعتليه ماسك مكون من مستطيلين كأنهما أذنين تناميا لأرنب صغير، لقد رسمت هاتف منزلها قديم الطراز لكنها أضافت عليه بعض ملامح الفتوة والحياة.

ليس كالأصلي المعطل الذي ذبل رونقه، ونثرت عليه بأثير ألوانها الربيعية، المفضلة لكل فتاة لطيفة مثلها، قربت وجهها من اللوحة، وكتبت تلك الأرقام التي حفظتها توًا في المدرسة بخط صغير.

في البداية ذلك الخطان اللذان قطعهما خطان آخران عموديًا، والتي يسكنها ذلك المربع، وبعدها تلك الخطوط الأربع المتقاطعة ومن ثم الأرقام عكسيًا من الصفر حتى الواحد.

كتبت بشكل دائري تحضنهم دائرة أخرى، وحتى من
الداخل دائرتان، محتواها اثنتا عشرة دائرة، تعتبر
الأزرار التي ستدعس وتدار، وبعدها دائرة أخرى
مصمتة ليس فيها شيء.

رسمت السلك اللولبي، وأوصلته بالسماعة الراسية على الهاتف في الطرف الآخر حتى اكتملت الصورة التي تخيلتها في رأسها الصغير، وبعدها آن أوان التلوين أكثر جزء تحبه في هذه الطبخة الظريفة.

لتتجهز بعدها الوصفة، ومن ثم تشبع عينيها بجمالها الفاتن، عبئت الفراغات باللون الزهري مع رشة خفيفة من تلك الظلال حتى تكسب الرسمة واقعية أكثر.

وبالتالي أنهت رسمتها البسيطة التي خففت عنها وجع الإنتظار، وبعدها أسدلت الستار عليها، ونفثت في ذلك الفانوس الأسود الذي أضيء بشمعة خافتة
أنارت الدجى المحيط حولها قليلًا.

ومن ثم انصرفت لغرفة والدها الباردة، وتسطحت على فراشه الخالي، ودثرت نفسها بلحافه الذي لايزال
يحمل رائحته الحنونة، وأكملت أنينها وشهقاتها المكتومة.

تركزت هالة من البؤس والوحدة في الأرجاء، متمركزة حولها بالأخص، معلنة نهاية هذا المشهد القاتم الذي لون بألوان فاتحة، لكن رسامها قد امتطى فرشاة التعاسة والشؤم فاضمحل لون السعادة إلى بهتان الشقى والعسر.

تركزت هالة من البؤس والوحدة في الأرجاء، متمركزة حولها بالأخص، معلنة نهاية هذا المشهد القاتم الذي لون بألوان فاتحة، لكن رسامها قد امتطى فرشاة التعاسة والشؤم فاضمحل لون السعادة إلى بهتان الشقى والعسر

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

...

وصفات الإبداع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن