بسم الله الرحمن الرحيم
•••
قلب ينبض في مقبرة
-١-
طريقٌ طويلٌ أقطعه راكضًا،
ثم الأشجار الجافة بدأت تبرز على جانبيه تَخلُفُ الشجيرات، وتَلتْني الظُّلمات.
-٢-
الصمت كان رفيق ثغرها،
وكنت أنا الدجى، أجاورها
كانت تبتسم وتقلب الصفحة تتلو الصفحة،
ومع كوني بدايتها
وصَلتِ النهاية قبلي، رأتها
فسألتها عنها
فقالت وهي باسمة أنها بائسة
لقد وصلتها أنا، بعدها
فجحدتها وأنكرتها،
لأن ذلك لم يحصل،
لن يحصل !
قلبت الكتاب ولم أقلب الصفحة،
صممت الآذان وأبكمت الأفواه،
وفي أنفسنا أبقيتها،
أبقيت قصتها.
-٣-
إنني أزور المقبرة،
ففيها ينبضُ قلب تملأه القَترة
أزوره كل ليلة
وأسامره
لا أبكي، إنما أبتسم كما كانت تفعل تلك الفترة
وأقول أنها كانت بائسة…
-٤-
لأجل أن أبتعد عن عائلتي طلبت من الظلمة أن تحتضنني ،
رجوتها أن تسترني كليًّا
إلا أنها ابتلعتني
فخرجت من عيني زاحفة حول ماقي
نظرت إلى المرآة
وأغمضت عينا لأمسح عنها السواد
لكننها لم تزل
كوصمة عارٍ من أيامي الشبيهة بالسعير
سألتها بلين مرهق
بعد أن تدليا ذراعيَّ مني
أن هل ستبقين معي إلى أزلٍ أم إلى أمد؟
-٥-
لم أجد شخصًا يبتسم وهو يدرك أنه بهيم…
أنى لها ذلك؟
لم أرى من هو هادئ تحت ظل الهزيم
أيُّ عطرٍ ينجيك؟
فأنا في ذات الضلال القديم
أغلق كتابك
وما زلت أحفظ قصة عقيم
آمن بقصتك
وأغلقها عن الولادة كالسقيم
-٦-
أزورها ؛ فتكذب عليَّ
أبتسم لها ؛ فتقذف عليَّ
كلها، وقليلًا منها
وفي النهاية…
صفعتني بالحقائق صارخةً عليَّ
فقالت:
"أنت حقير ! كيف تجرء على أن تسميَ نفسكَ بالحبيب ؟!
كيف تجرء على قول أنكَ صديق ؟!
أنت فقط تبتسم لإنعكاسك في عيني !
أنت تحب ذاتك !
أنت لا تحب أحدًا، أنت سقيم!
فلمَ إذًا تعتقد أنكَ عكس ذلك ؟!"
دفعت كتفي بباطن كفها
والدموع امتلأت في عينيها
أولم تكن هي من كانت تنظر إليهم بهدوء مع كِذباتها ؟
أولم تكن هي من غدرت بهم مع أقوالها ؟
إذًا لمَّ أصبحت مذنبًا في قصتها التي أتلو منها كل حين؟
ابتسمت حينها بصدق…
لأول مرة…
وتراجعت عن المكان
انسحبت وجررت خلفي قلبي بعد ربطه بسلاسل من حديد
ثم دفنته هنا في القبر…
ثم قلبي جعل ينبض برؤيتها…
____________________________________
-----------------------------------------------
#يتبع
ربما هناك تكملة...
