١٢

14.4K 335 5
                                    

رغم اختلفنا إلا أنك تشبهني
رأيت فيك ضعفي فقويتني
صارت قدماي من ثقل فساندتني
كانت حياتي دونك موحشة فسكنتني
طرقت باب قلبي فأدمنتني
ظننت أنني قد عشت قبلك فأفهمتني
أن الحياة قبلك هباء و دونك هلك
...... أسرتني
قص عليها كل شيء و أغفل التهديد الذي أتاه منذ قليل ، انسابت الدموع من عينيها و هي تسمع أن ظلم والدها لشقيقة عبد الله ليس الخطأ الوحيد في حياته ، ليست ذلة كما كانت تعتقد بل إنه ظلم آخرون لا تدري عنهم أي شيء ، اهتزت صورته أمام عينيها إنه ليس ذلك الملاك الذي اعتقدته ، انه كائن بشري له ما له و عليه ما عليه ، و للمرة الأولي تخفض نظرها أمامه في انكسار و خجل ، لقد تحطم مثلها الأعلى ، تهشمت الواجهة المبهرة التي غلفته لتخفي قبح إنسان خطاء مثله كمثل غيره من البشر
امتدت أنامله لتمسح عبراتها و غمغم : أنا محكيتش عشان تعيطي .. و بعدين محبش أشوف دموعك أصلاً .. بصيلي يا رينو !! .. اوعي في يوم تبعدي عنيكي عني ولا تنزلي راسك و انتي مكسورة قدام أي حد في الدنيا .. سمعاني .
نظرت له و كأنما بينهما برزخ مشترك ، يقرأها ككتاب مفتوح ، نظرت له بعيون دامعه و همست : أنا ... أنت إزاي فاهمني كده .. انت كأنك شايف اللي جوايا .. أنا دلوقتي بس حسيت ان عمر ما حد
فهمني ولا حبني زيك .
اقترب منها و امتدت ذراعاه لتطوقها إلا أنه تراجع ، بقدر ما كان يريد مواساتها في مصابها إلا أنه لم يكن يريد أن يتحول حبه لشيء جسدي دنيوي بحت .. أراد أن يثبت لها أنه عشق روحها الطيبة ، عشق فيها البراءة التي تغلغلت في أعماقه فمنحته بعض من طيبها ، فغسلت روحه و نقت الشرور
بداخله .
عبد الله : أنا شايفك كأني ببص في مرايه يا ريناد .. بس ببص فيها و مش شايف نفسي .. فرق كبيييير قوي بين اللي انت بتشوفيه ف مرايتك و اللي بشوفه في مرايتي .. عشان كده أنا وقفت أي
حاجه كنت بعملها و ناوي أعملها بعد ما شوفتك .. حتى باباكي بطلت أكرهه .. حسيت بيه .. و فهمته لما غلطت .. رغم ان شري كان بسبب.. كان رد فعل .. بس عشان غلطت و النار اللي جوايا دي بتزيد كل يوم .. و الندم اللي في طوق حوالين رقبتي بيخنقني .. سامحته .. عشان يبقى عندي أمل انك تسامحيني في يوم .. اني أقدر أسامح نفسي .. ان .. ان
انسابت العبرات من عينيه و هو يردد : سامحيني يا حبيبتي عشان ربنا يسامحني .
بكت معه و ردت : أنا سامحتك من زمان .. سامحتك لما حبيبتك .. سامحتك لما شفت جواك اللي انت كنت بتخبيه حتى عن نفسك .. أنا شفت ضعفك يا عبد الله .. شفت أد ايه كنت بتستخبى
ورا قوه مش فيك .. عشان تقدر تعمل حاجات انت مش مؤمن بيها .. سامحتك يا حبيبي .. و عايزاك من قلبك تسامح بابي عشان ربنا يسامحه .
مسح عبراته و حاول الابتسام و أشار بأصبعه أمام وجهها في تهديد :اوعي تعملي فيَّ كده تاني
مش مسموحلك تسيبيني و تمشي مهما حصل .. انتي نصي الحلو يا ريناد .. نصي اللي صالحني على نصي اللي بكرهه .
ريناد : مش هسيبك .. خليك واثق ان حياتي من غيرك .. مووت .
نظر إليها في جزع : اوعي تقولي كده .. بعد الشر عليكي .
ابتسمت وسط دموعها : طب و بعدين يا عبد الله .. الناس دي هتفضل مهددانا كده كتير .. أنا خايفة على بابى أوي .. بابي قلبه تعبان مش هيستحمل .. و بعدين ما هو خسر كل حاجة عايزين إيه منه لسه .. بابي مضطر يرجع يشتغل من أول و جديد .
عبدالله : هما كانو عايزينه ميقدرش حتى يبنى من أول وجديد .
ريناد : عبدالله .. أنا عارفه ان بابي غلطان وأنه أذى ناس كتيير بس في الأول و الآخر ده أبويا ..ومش عايزه حد يأذيه .
عبدالله : وده اللى كنت هعمله .. هحاول أجاريهم لحد ما أعرف ايه آخرهم وأشوف هعرف أتصرف ازاى .
ووضع راحة يده على صدها : وكل ده علشانك .. أعمل ايه .. ما انت نقطة ضعفي .
نظرت إليه باسمه : انت بقى بالنسبالى نقطة قوتي .. انا علشانك.. وعلشان الحلم اللى حلمت بيه مستعده أستحمل أى حاجه... شفت بقى انك نقطه قوتى
عبدالله : احكيلى عن الحلم اللى حلمتيه .
ريناد و قد احمر وجهها : لا يا عم أتكسف .
وضحك عبدالله من قلبه : طب وربنا بموووت فيكى .. انتى .. انا مش عارف انتى عملتى فيَّ ايه .. انتى فى فتره صغيره جدا .. حسيت معاكى اللى محستهوش طول عمري .. عشت معاكي لحظات .. لو مت دلوقتى همووت وانا مبسوط و مرتاح .
تلك المرة كان دورها لتهتف في جزع : اوعى تقول كده بعد الشر عليك .
عبدالله : لو جرالى حاجه .. هبقى قلقان عليكى بس .
ضربته برفق في صدره : انت عارف لو سيبتني أنا ممكن أعمل فيك ايه .. أنا هقتلك لو عملت كده
.
ضحك و احتضنها بقوه .. و شعر بها ترتعش بين يديه .. و الألم الذي ارتسم على وجهها بكل
صوره .. فخفق قلبه في خوف و قلق مما سيأتي .
حاولت الإبتعاد عنه إلا أنه لم يتركها و أسرها بين ذراعيه لتصرخ و تركل و تنتقم منه و تتوعده كما يحلو لها فهو السبب و سيحتمل من أجلها الكثيير.. فربما بحبه و حنانه يستطيع أن يخفف عنها و لو القليل .
و هتف من أعماقه : يااا رب
**********************
صفر بشفتيه في إعجاب و هو يراها في كامل أبهتها و جمالها ، فلقد ارتدت فستان من الشيفون بلون الفيروز طويل له تصميم يشبه ذيل عروسة البحر يضيق ليبرز رشاقة قدها عاري الأكتاف و مفتوح الصدر قليلاً إلا أنها وضعت وشاحا ليخفي ما لا يغطيه الفستان ، و زينت وجهها بلمسات خفيفة من ظلل الجفون ، و ملمع شفاه وردي فاتح منح شفتيها شكل مغري .
أخفضت عينيها في حياء للنظرات الجريئة التي منحها إياها ؛ تناول كفها في يده ليجعلها تدور حول نفسها ليقيمها فى إعجاب .
و هتف بصوت أبح : اييه اللي انتي عامله ده .
همست في صفوت : عملت إيه ؟!
تابع : يعني عشان ربنا اداكي شوية جمال تيجي ع الناس الغلبة اللي زيي .. بقى ده يرضي ربنا ؟!
ازداد احمرار وجنتيها و همست : يعني عجبتك .
اقترب منها و همس في أذنها : و مستعد أثبتلك حالا .
اقترن قوله بالفعل فبدأت يداه تتجول بحرية على جسدها فشهقت و ابتعدت عنه في ذعر : عبد الله .. انت بتهرج يلا عشان احنا اتأخرنا جدا .
جذبها إليه من جديد و لفحت أنفاسه الحارة رقبتها فارتجفت دون إرادة منها مع صوته الأجش :
سلمى النهاردة لا هتبقى مستنياكي ولا شايفة أي حد أصلاً .. مش هتشوف غير مروان .
استدارت و دفعته بيديها ليبتعد عنها قليل : ولوو .. دي صاحبتي الوحيدة و لازم أكون جنبها في يوم زي ده .
مط شفتيه في ضيق مصطنع : ماشي ماشي .. انت مبتحبنيش زي ما بحبك
ضحكت لتصرفه الطفولي : أنا برده يا عبودي ؟!
ابتسم و هتف : طب يلا يلا .. خلينا نخلص من السهرة دي بدري بدري و بعدين لينا بيت يلمنا و نبقى نتكلم فيه براحتنا .
قرصت خديه في مداعبه و هتفت و هي تدلله : حبيب قلبي يا ناس .. بمووت فيكي يا قمر .
توردت وجنتاه في خجل و هتف في غضب يداري به خجله : ايه ده انتي بتضحكي على عيل صغير .. يلا يا ماما بدل ما تقوم في دماغي و ألغي الخروجة دي خالص .
تناولت حقيبة السهرة الصغيرة و هتفت : أنا أساسا جاهزة من ساعة و انت اللي مأخرنا أهوه.
وصل القاعة المقرر عقد الخطبة فيها و تعلقت عيناها بصديقتها التي ارتدت فستان بلون كريمي غامق .. تكاد السعادة التي تشعر بها تنبت لها جناحان لتحلق بهما في الفضاء بحرية و إشراق .
اقتربت منها و دمعت عيناها و هي تتطلع إليها في حب قبل أن تحتضنها بلهفه : زي القمر يا لومي ما شاء الله .
اغرورقت عينا سلمى بدورها و هتفت : مش زيك يا ام عنين خضرا.
ضحكت ريناد في مرح : ام الحقد اللي جايبنا ورا .
ضحكت الصديقتان و السعادة تغمر كلتيهما .
صافح عبد الله مروان و هتف : ألف مبروك يا مروان و عقبال الفرح .
هتف مروان : ربنا يسمع منك إلا خلاص سلمى قربت تجنني .
عبد الله : ربنا معاك بقى .. واضح انهم شبه بعض في كل حاجة .. حتى جنانهم و تعذيبهم للي بيحبوهم
و أشار مروان برأسه في اتجاهما و هتف : شايف بيضحكوا ازاي و بيعيطو ف نفس الوقت .. ربنا يصبرنا عليهم .
تناهي صوته لمسامع سلمى فهتفت : بتقول حاجه يا مروان ؟!
ابتسم في ارتباك و هتف : هاااا .. بقول مش كنا اتجوزنا و خلاص يا لومي .. ربنا يصبرني .

خطف قلبى Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum