دوى ضحكه عاليا فقالت بصوت يرتجف:
((-الأمر ليس مضحكا!))

لكن ضحكته استمرت...وقبل ان تتيح لتفكيرها فرصة النظر فيما ستفعله كانت قد رفعت دلو الماء وافرغته بإتجاهه...وكانت بضع نقاط فقط من نصيبه لأنه قفز جانبا،متجنبا الماء بكل سهولة،فخيم الصمت على المطبخ...ثم ركز نظره عليها بعينين ضيقتين.
رغم شدة غضبها ارتدت الى الخلف وهي تراه يتحرك الى الأمام لكنها اجبرت نفسها على الوقوف في مكانها جامدة تحارب الأندفاع الجبان الذي يحثها على الهرب ولقد نجحت في هذا الى ان اصبح اماماها مباشرة،عندها لم تعد تقوى على الوقوف فحاولت الهرب.
لكن يديه امسكتا كتفيها بقبضته عقابا لها وجذبها الى صدره فالتصق ظهرها به واحست بارتجافات باردة برودة الفضة تتسارع نحو نخاعها الشوكي عندما اخذت يداه تمران بنعومة على ذراعيها...فأشعلت لمساته المداعبة المثيرة فيها شموع الرغبة كالعادة.
قالت له مرتجفة والتوتر يكاد يخنقها:
((-انت اجبرتني مارك ماكان عليك الضحك مني.))

تحت تأثير لمساته لم يعد لديها الأرادة لتقاوم فلما ادارها بين ذراعيه ورفعها يحملها بينهماقال متمتما بخبث:
((-النار يجب مكافحتها بالنار.))
دون قصد منها التفت يداها حول عنقه تدعم نفسها...
في حين غطت قبلاته النارية وجهها،لم يعد ماقاله منذ لحظات مهما كما بدا،خاصة بعد ان احست بالخطوات السريعة التي كان يخطوها.وبعد ان شعرت بشعورا غريبا من الرضى يجتاحها وهي تتصور جانيت تدخل عليها فجأة فتنصدم بالطريقة التي يداعبها فيها مارك.
بدا لها ان تسمع اغنية حب شاعرية تملأ الجو.
كاأنها تغريد عصفور...فاغمضت عينيها اكثر للتمتع بالصوت الطروب ..فلمسات مارك كانت تغمرها بأحساس مبهج وكأنها تطير فوق الغيم..ودون ارادة منها اخذت تتأوه تحرك عينيها بضعف ولم تعد تستطع رؤية شيء امامها سوى فمه.
لكنها سمعته يقول بصوت منخفض ساخر:
((-اذن اردت ان تبلليني؟))

احست بالصدمة من كلماته قبل ان يبعدها عن صدره...
ثم يتركها تقع...فتحت فمها تصيح لكن الماء اطبق حولها فغرقت كل جهودها لتتخلص من ماء بركة السباحة.
توقفت كل مشاعرها التي آثارها عناقه بسرعة،وراحت تضرب الماء بذراعيها وهي تصعد الى السطح...فسبحت نحو الحافة تسعل،ثم جذبت نفسها الى الحافة تحس بأنها قطعة غارقة في الماء.
دفعت خصلات شعرها المبللة عن عينيها ثم التفتت نحوه بغضب فوجدت ان ابتسامة عريضة ارتسمت على وجهه بدل ذلك الوجه المتجهم المعتاد.فتسمرت مسحورة من مرأى هذه الأبتسامة الحقيقية،فهي لم تشاهده يبتسم ابتسامة عميقة من قبل وكان تأثير هذا عليها كبيرا.
-((سأنقل اعتذارك الى جانيت.))

لم يعد مارك ثانية الى المنزل طوال بعد الظهر.لكنه ظهر في المطبخ دون ان تتوقعه وهي تحضر وجبة المساء.
رمى العلب التي يحملها بين ذراعيه على الطاولة...فالتفتت نيكول متوترة تمسح يديها.
سمعته يقول وهو ينظر اليها:
)(-لم يعد امامك عذر يحول دون خروجك لأمتطاء الخيل.))

غمرتها السعادة وهي ترى علبة من العلب فيها قبعة..لكنها تباطأت عمدا في فتحها وفي اخراج قبعة رعاة بقر عاجية اللون واسعة الأطار.اما العلب الأخرى فكانت تحتوي على بنطلون خاص بالركوب مع سترة مناسبة،رفعت نظرها عن الثياب ثم قدمت له شكرها الصادق..متسائلة بصمت اذا كانت هداياه دافعها التفكير فيها وفي مشاعرها ام نابعة من العادة،لكنه تكلم قبل ان تشكره:
((-على فكرة...سيقيم لدينا ضيف في نهاية الأسبوع...ففكرت ان من الأفضل اخبارك الآن حتى يكون لديك الوقت الكافي لتحضير غرفة الضيوف.))

-ضيف؟
جمد الدم في عروقها حتى كادت ضربات قلبها تتوقف...غضبها لن يسمح لها ابدا بتحمل وجود جانيت خلال نهاية اسبوع كاملة.واجابها مارك:
(-اجل ...ضيف واحد...لماذا؟))

-((دون سبب ..هل انت مضطر لدعوتها...مارك؟)

(-دعوتها!..لم اقل ان الضيف امرأة.)

-(اوه مارك توقف عن التلاعب اعلم انك دعوت جانيت لتنتقم مني على ماحدث اليوم...انها تلك النزعة الشريرة التي تدفعك الى اذلالي،كي الزم حدودي.)

(-ومتى كنت قاسيا عليك؟)
تحرك من حيث يقف بسرعة حتى انها حشرت بين الكرسي والطاولة صادا بذلك عليها ريق الهرب لكنها اجابت بصوت حازم :
-(ببرودتك وعدم اكتراثك،وتحفظك،وبالطريقة التي تسخر بها مني.الطفل الصغير يحتاج اكثر من الأرضاع والدفء فلديه مشاعر ويحتاج الى اهتمام لئلا يموت والكبار ليسوا اضل حالا..مارك...الا تهتم بأمر احد حقا؟اليس هناك من تهمك سعادته؟)

فالتوى فمه:
(-هل تحاولين انقاذ روحي يا نيكول؟)

(-اعتقد انني احاول البحث عن روحك...هل تملك شيئا تضحي به من اجل شخص آخر؟)

بدا عليه القلق وعدم الأرتياح...ثم اجاب:
(-لا.)

𝓐𝓻𝓻𝓸𝓰𝓪𝓷𝓽.....Kde žijí příběhy. Začni objevovat