أصابه الهلع وهو يراقب جسدها يهوي إلى البحيرة، ما من أحد عاقل قد يرغب في السباحة في هذا الوقت، لم تمضِ ثوانٍ حتى لحق بها وهي تُسحب إلى القاع غير قادرة على التنفس.

حاول الاقتراب منها ولكن حاجزًا غير مرئي منعه من ذلك، نظر إلى وجهها فوجد عينيها ذهبيتين مشعّتين، شعرها أبيض تمامًا، وابتسامة جانبية ساخرة استفزته، كانت تحيط بها هالة حمراء زادت من قلقه.

تغيرت ملامحها فعادت عيناها الرماديتان الخائفتان، وارتجفت شفتاها فزعًا، جلب ذلك التغير المؤقت الذي دام ثواني قليلة أسوأ الأفكار إلى ويليام.

استخدم قدرته التي تمكنه من التحدث إليها والسماع بوضوح، همس اسمها داخل عقله وكأنه ليس واثقًا من تأثير قواه عليها: ديانا.

تلقى منها نظرات جعلته يتأكد من أنها سمعته، عاد لون عينيها إلى الرمادي ثانية واحدة ثم رجع للذهبي من جديد، قال: لا أستطيع مساعدتكِ، آنا.

لم يزِح عينيه عنها أبدًا، لم يرمش حتى، أكمل: تستطيعين إنقاذ نفسك، أنتِ قوية ديانا، أقوى ممّا تظنين، فكّري في ستيفان، إنه يحتاجك، عليكِ أن تكوني قوية حتى تعودي إلى قريتك وتقفي في وجه كل من يحاول أذية من تُحبين، لا تستسلمي!

كلماته جعلتها تتكور كالجنين وكأنها تحمي نفسها من شيء ما، أعاد كلامه: تستطيعين فعلها.

عاد شعرها إلى لونه الأسود بخصلات بنية صدئة بعد أن كان أبيضَ، تغير لون الهالة التي تحيط بها فأصبحت فضيّة، جعلتها تشع كالقمر في سماء ليلة مظلمة.

ارتخى جسدها وظهرت ملامح وجهها وهي مغمضة العينين، حينئذٍ استطاع الاقتراب منها وانتشالها من المياه وأخذها إلى الكوخ، لم يبعد نظره عن وجهها أبدًا.

وضعها على السرير ثم حرّك يده بخفة فجفت المياه التي تبللهما، وبحركة أخرى جعل مقعدًا جلديًا يظهر من العدم، جلس عليه وتأمل ملامحها.

لم يستطع منع أنامله من مداعبة الخصلات المتسللة من شعرها -الذي كان مرفوعًا على شكل كعكة- المتناثرة على وسادتها.

استند على ظهر المقعد وأرجع رأسه للخلف ووجّه نظره إلى السقف الخشبي القديم، ربما أكثر قِدَمًا ممّا يبدو عليه، غارقًا في أفكاره اللانهائية.

~٠~*~٠~

فتحت عينَيّ بتعبٍ وإرهاق، جُلتُ بنظري في المكان الذي بدا مختلفًا بعض الشيء، كما أنّي لم أجد ويليام.

كان هناك أربعة أَسِرّة صغيرة لم تكن موجودة بالأمس، إضافة إلى تلك الفوضى الصغيرة، ملابس أطفال متناثرة في المكان، أما الطابق السفلي لم يختلف كثيرًا، فقد وضعت أوانٍ خشبية على طاولة الطعام القصيرة وحولها خمس وسائد على الأرض.

سمعت صوت لعب أطفال في الخارج، هبطت آخر درجات السلم فتقدمت بضع خطوات مرتجفة نحو الباب، رأيت أربعة أطفال يبدون في سن السادسة يلعبون في البحيرة، وبرفقتهم رجل يبدو في نهاية عقده الثالث.

الإفاسيسا: فجر دياناTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang