هروب

2.4K 167 2
                                    

عدوتي الحبيبة ........١٤

في محطة القطار بقيت انتظر قدوم القطار الذي كان سيأخذني إلى حيث لن يجدني الجنون الذي أصبح يسكن حياتي. وبينما انا جالسة تقدم نحوي رجل غريب وقام بتسليمي ورقة .استغربت ما حدث ورأيت الرجل يعود ادراجه  إلى احدى محلات المحطة الذي بدى انه يديرها.
نظرت للورقة وسألت نفسي ( هل اريد حقاً معرفة ما تحتويه ؟)
ثم ابتسمت وقد أتى قطار رحلتي. ،رميت الورقة في مكب النفايات دون أن أقرأ ما بداخلها وشعرت بالسعادة ثم انطلقت أصعد القطار مبتعدة.
*****

نزلت في المحطة الأخيرة وبدأت ابحث عن وسيلة نقل تأخذني الى القرية المنشودة.ولحسن حظي كان أحد القرويين ذاهب الى قرية مجاورة ووافق على ايصالي إلى أقرب نقطة من القرية . صعدت على عربة النقل وجلست بجواره .اغتنمت  الفرصة لسؤاله أن كان هناك نزل في القرية وأخبرني أنه لا يوجد بتاتاً شعرت بأنني سأبيت في العراء لكنه عندها اخبرني أن أسأل عن العمة جولي وهي ستعطيني مكاناً للبقاء ،شكرته لمساعدتي واعطيته بعض المال لكنه رفض قبولها.
كان عليّ أن امشي لنصف كيلو متر ثم اتخبط في القرية بحثاً عن منزل العمة جولي الذي كان كوخاً كبيراً له غرف عديدة. وعندما اخيراً جلست مساء في احدى غرف جولي العجوز كنت خائرة القوى ومتعبة كلياً ونمت دون حتى أن أتناول العشاء .
استيقظت في الرابعة والنصف فجراً فتحت نافذة الغرفة المطلة على القرية امام الكوخ زرعت العمة جولي عدداً لا منتهي من الزهور لتبدو كجنة صغيرة . ذلك الهواء البارد المنعش العليل جعلني سعيدة .
لاحقاً انطلقت امشي في الأرجاء وتحدثت إلى سكان القرية اللطفاء.  ولم اعرف كيف ليومين أن ينقضيا وكأنهما ساعات قليلة في تلك القرية المخبأة عن العالم.
في اليوم الثالث استيقظت متوقعة يوماً هادئاً مريحاً وابتسمت خارجة من غرفتي وتمنيت لو انني لم اخرج.لاني فوجئت بشخص لم أرد أن أراه مجدداً وهو السبب في هروبي اساساً، ايمن!
جريت عائدة إلى الغرفة وأغلقت الباب كما لو انني في حلم مزعج لم أرد أن أصدق انه لحقني إلى هناك.
استجمعت شجاعتي لاواجه  واقع أن خطتي في الهروب قد فشلت ثم خرجت لاجده لايزال واقفاً امام غرفتي وكأنه يخبرني اني لن افلت منه. إغلاق الباب مسرعة مرة أخرى. وشعرت برغبة في المقاومة .
لملمت اغراضي بسرعة وبهدوء شديد ثم تسللت من النافذة نحو الخارج. كنت أنوي الذهاب إلى أقرب محطة باصات لالوذ  بالفرار.
بخطوات سريعة انطلقت وكدت أن أصدق بأنني نجحت لولا صراخ المجنون ايمن من ورائي وهو يجري ويطلب مني التوقف.
ألتفت مذعورة ثم تركت رجلي يركضان بأقصى سرعة ( تباً لمَ لا استطيع التخلص منه؟!)
لم يكن ممكناً أن اتغلب عليه في الجري لذلك مع اول منعطف بين الشجيرات الصغيرة اختبأت ودعوت الله أن يفقد اثري.
مرت لحظات وانا مغمضة عينيّ وأدعو الله عندما احتضنتني ذراعين قويتين  وصرخت خائفة .
ايمن " اياكِ أن تتجرأي على الهروب مجدداً!" قاومته  بشراسة لكنه لم يتركني .
انا باستسلام " حسناً.. اتركني. لن اهرب. اعدك!"
عندها فقط تركني وبدأت اتذمر " لمَ لحقت بي ؟ الا ترى انني اريد ان اراك مجدداً؟"
ايمن " انتِ لا تدركين كم عانيت لاجدكِ .كيف بامكانكِ المغادرة بكل بساطة؟!"
انا بغضب " لقد اكتفيت منك!  انت لا تحترمني وتظل تصرخ في وجهي وتسيء معاملتي. فلماذا يجب أن ابقى معك؟"
ايمن بصراخ" لقد تخليتي عني وان اكتشفت والدتي الأمر سينتهي امري!"
انا ببرود " لا أهتم.  لمَ عليّ أن ابالي بما يحدث لك وانت لا تفعل المثل لي ؟"
ايمن وقد تمالك اعصابه" ارجوكِ عودي إلى خطتنا سأعطيك المبلغ الذي تريدين فقط-"
قاطعته" لا اريد مالك لقد كنت اساعدك لاني اشفقت عليك من امك اللئيمة.كل ما اريده هو الاحترام وان تسمع لكل ما اقول. والأهم أن تعتذر لما فعلته سابقاً "
ايمن على مضض وكأنني أسأله التخلي عن كرامته " استطيع اعطاءكِ مليون دولار!"
نظرت له باستحقار ثم نهضت مغادرة " انسَ الأمر..انا مغادرة لا تلحق بي"
مشيت بجوار مزرعة صغيرة وكان البعض يعمل بها عندها سمعت سمعت ايمن يصرخ " انا اعتذر ..رنا انا اسف!"
توقفت وألتفت لاراه وكذلك العاملين في المزرعة وكان منظره كمن خرج بلا ملابس دون أن يعلم.
نظرت إليه مطولاً وقد اعجبني الموقف كثيراً وكنت أشعر بالانتصار عندها تكلم أحد المزارعين " هيا سامحي زوجكِ لقد اعتذر بالفعل!"
نظرت إليه بغضب وقلت " انه ليس زوجي !"
وانطلقت مبتعدة وايمن يلحق بي كجرو صغير حتى وصلنا إلى مكان مليء بالعشب وخال  من الناس ألتفت نحو ايمن فتوقف عن المشي " قبلت اعتذارك لكن كي أعود لتمثيل اني حبيبتك يجب أن توافق على شروطي"ثم جلست
ايمن وقد جلس بجواري " موافق "
غضبت وقلت " اسمعها اولاً أيها الغبي !"
ايمن " لا يهم انا موافق على كل شروطك"
تحليت بالصبر وقلت " اولاً يجب أن تتوقف عن جري في كل مكان دون اخباري بالخطة.ثانياً اياك والتطاول عليّ مرة أخرى ثالثاً يجب أن ابقى بعيداً عن خصوصياتي وتوقف عن مناداتي بالضفدع "
ايمن " لا استطيع ..اعني سأفعل كل شيء لكن لا يمكنني أن لا ادعوكِ بالضفدع لقد اعتدت الأمر وسيأخذ مني بعض الوقت لاتوقف"
شعرت بالاستياء لكني وافقت استمتعنا بعدها بجو القرية النقي وتناولها الغداء مع العمة جولي ثم ذهبنا لرؤية احتفالهم بعيد ما. ثم قمنا بتوديع أهل القرية  واتجهنا نحو المحطة  وصعدنا القطار مغادرين المكان .
انا " بالمناسبة.كيف تمكنت من إيجادي؟"
ايمن " لقد تبعتكِ في القطار وعندما صعدتي مع ذلك القروي لم استطع اللحاق بكما لذلك بقيت في فندق قريب إلى أن وجدت صاحب عربة النقل الذي اقلكِ واخبرته انني زوجكِ فأخبرني بالمكان الذي انتِ فيه"
انا " ياله من خائن !"
ابتسم وقال " كنت سأجدكِ مهما كلف الامر"
نظرت إليه بسخرية " نعم انت دائماً تفعل"
وضع رأسه عليّ نائماً فابعدته بقسوة لكنه اعاده وقال " دعيني هكذا فقط لبعض الوقت لقد بقيت انتظر امام غرفتكِ طوال الليل خوفاً من أن تهربي مجدداً"
شعرت بالشفقة عليه وتركته لينام. نظرت إلى وجهه النائم الذي بدى مسالماً عكس ماهو عليه وفكرت اعاتب نفسي( ألم تتكبدي كل هذا العناء لترحلي بعيداً عن هذا الوحش المدلل؟ لمَ انتِ الان عائدة معه ؟؟!)
تذكرت نظراته المتوسلة وكلماته اليائسة .كنت امله الوحيد في ان ينجو من زواجه المدبر الذي كان يفضل الذهاب للجحيم عوضاً عنه وقلت لنفسي مشجعة ( فلنفعل الخير يا رنا )
مر بعض الوقت شعرت بالنعاس ولم أشعر كيف نمت أو متى.
*****
استيقظنا على صوت احدهم يخبرنا بأنها المحطة الاخيرة.فقدت صوابيوانا اتأكد من اننا بالفعل تعدينا المدينة بمحطات كثيرة واخذت ألوم ايمن وايمن يلومني ونحن في طريقنا إلى محل بيع التذاكر.
ليتم إخبارنا أن الرحلة القادمة في اليوم التالي نظرت إليه باستياء ليبادلني نفس النظرات. كنا عالقين هناك في تلك البلدة الغريبة عنا ولم يكن هناك حل اخر.

©ManarMohammed2018

عدوتي الحبيبة (مكتملة)Where stories live. Discover now