الفصل ألاربعون والأخير

22.3K 380 8
                                    

السعادة ... ذلك الشعور الذي يتملك من قلوبنا حينما نصل
شعور قد يصل له بعضنا بالجهد وقد لا يصل له بعضنا حتى لو بذل
أقصى ما لديه .. فالوصول ليس محدد بقناعة واحدة
فالبذل والتضحيه تختلف من منظور لآخر
الراحه .. أن تتنعم ببسمة الحبيب .. ترى فيه السكن والحب والونس
والمودة والرحمه
حينما تتحدث معه تشعر بحلاوة الحديث حتى لو كان حديث أحمق
ليس له معنى .. حينما تنظر له تشعر بأن كل شئ بخير حتى لو
لم يكن ..
هو لم يبذل جهد خارق ... هو اختار ... اختارها هي عن أي شئ
فضَّلها عن حرب قائمة لا تنتهي ... اختارها وابتعد حتى لو قال عنه
البعض أنه جبن ولكن
أليس اختيار الحب شجاعه .. !

رؤيتها أمامه من جديد تتحرك بفستان بسيط ولكنه أكثر رقه
وجاذبيه من ثياب صلاتها التي ترتديها أمامه معظم الوقت
ليوشك على خنقها حينما يشتد غضبه منها
تبا إنها زوجته ... زوجته .. حبيبته .. أمواج العسل
صاحبة الخصلات العسليه كعينيها ... صاحبة شفتين بطعم العسل الخالص
عسل اقتحم حياته ليحوّلها رأسا على عقب
من كان يصدق أن وحش آل الصواف ينتظر قبله أخرى من زوجته
يحلم بتلك القُبله التي تُلهب حواسه كلما تذكرها
من كان يصدق أن قلبَه الصلب يتعلق بأنثى عسليه برأس صلب
عيناه ترى جمالها الداخلي قبل الخارجي
من كان يصدق أنه سيستمتع بنقاش مع زوجته بل ويطيله ليجعلها
تتذمر وتزم شفتيها حانقه منه
تريد إثبات صحة نقاشها ورأيها مهما كلفها اﻷمر ليغيظها ببسمه
صغيرة واثقه يحاول مداراتها بلا فائدة ليزداد حنقها أكثر
والآن هو سيعود غدا لعمله وستلحقه هي بعدها بأيام لتعود لشقيقتها
ورغم غيرته عليها من أولاد عمومتها الا أنه يحترمها أكثر من أن يأتي عليها أو
ينغِّص عليها حياتها بتلك للغيرة في وجود حمزة .. فهو لمس علاقة الحمايه
من حمزة على ألماس وسلاسة ابن عمها الآخر عيسى
ولكن رغما عنه يغار في بعض اﻷحيان ... يريدها في بيته هو الا
أنه يصبر نفسه لبعض الوقت حتى تستطيع مشاركته تلك الحياه
بدون أن تشغلها دراستها أو تشعر أنها قصرت فيها بزواجها
فهو أكثر من يفهمها ويعلم أنه لو تزوجها الآن وأقنع جدها
ستكون مشتته بينه وبين دراستها
وهو لا يريد هذا ... هو يريدها صافيه ..مرتاحه حتى تبدأ معه
حياتها وحبهما ..
رفع حاجبه وهو يراها تقترب منه لتسأله بخجل من نظراته
" هارون .. أمي تسألك هل تحب تناول الطعام وحدك الآن أم ستنتظر
جدي الى أن ينهي حديثه مع الحاج زاهر ..."
أراح هارون ذراعه على مقعده براحه وهيمنه تليق به لتتباطأ نظراته
على ملامحها وخاصة شفتيها وذقنها لتتورد بشدة وتتهرب بعينيها منه
ليجيبها بعد لحظات صمت طالت وعيناه تزهو بلونهما اﻷخاذ الذي يزداد لمعانا وهو ينظر لها
" سأنتظر جدك بالطبع حتى نتناوله سويا وأتحدث معه في بعض اﻷمور
قبل عودتي غدا ...."

أومأت له ليبتسم ابتسامة صغيرة ويقول بهدوء يخفي لهفته لقربها
" ألن تجلسي معي حتى ينتهي جدك .. ؟؟ ..."
ترددت لتنظر للأريكه الكبيرة التي يجلس عليها لتجده يشير لها بجانبه
فتتحرك دون كلام ﻷريكه صغيرة جواره فتسمع همسته القريبه الحانقه
" أنت زوجتي يا ألماسة إن كنت لا تعلمين ... "
رفعت عينين رائقتين له لترى الغضب الكامن في نظراته
وهي تعذره ... تعذر تهوره أحيانا فهو لم يتقيد يوما بعادات وتقاليد
مثلها .. ولكن رغم هذا التهور الذي يكبحه بصعوبة ترى احترامه
لعاداتها ... ترى احترامه لمعاملتها مع جدها وحفاظها على مشاعر
جدها ﻷقصى درجه وهذا ما يزيد حبه في قلبها
ابتسمت له برقه لتهمس
" أعلم أنك زوجي يا هارون .. وإن كنت لا تعلم أنا أثق بك .. ولكني
فقط أحترم وجود جدي ... وهذا اﻷمر لا يتدخل فيه الحب أو الثقه .. "
رفع حاجبه ليعتدل ويسألها بصوت أجش متسلي
" هل هذا اعتراف بالحب يا ألماسه ..؟؟..."
زمت شفتيها لتردف بتحدي متأصل فيها
" وهل اعترفت أنت حتى أفعل أنا .. ؟؟.."
تسللت يده لذراعها ليلامسه بإصبعه فترتعش بتأثر لتبتعد بخجل
وهي تسمعه يقول بصوت مبتسم
" لم أعترف ﻷن كلمة الحب قليلة على اﻷماسة ..قليله للغايه .. "
احمرت وجنتاها بقوة ودقات قلبها تلهث كلهاث أنفاسها المكتوم الذي تشعر
به من أثر كلماته ..
كيف يكون بتلك الجاذبيه المهلكه التي تسرق دقات قلبها
تجعلها عاشقه بكل المعاني والمقاييس ..
ليست جاذبية شكله المختلف فقط بل كل شئ داخله
احترامه لها .. ﻷفكارها وذكاءها ... مناقشاتهما الحامية ..
مناقشته معها في العمل واهتمامه برأيها بل والتفكير فيه
لم تتوقع يوما أن يكون هكذا ... أن يناقشها ويهتم بكلامها
سمعت همسته الحارة جوار أذنها
" اﻷلماسه لا يمكن وصفها بكلمة حب .. "
غرقت في خضار عينيه القاتم في تلك اللحظه ونظراته التي تمر
على ملامحها بشغف لا ينتهي لترتعش رغما عنها ...
نبضات قلبها تتعثر في محرابه حبا
فكادت تفلت منها " أنا أحبك .." لولا حضور جدها الذي دخل بكحته
المعروفه لتنهض واقفه بوجه مخضب حمرة لتتمتم أنها ستجهز الطعام على الفور مع والدتها

سلسلة  قلوب  شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )Where stories live. Discover now