تاريخ المسيحية

2.1K 99 11
                                    

من التوحيد إلى الثالوث..

بعد نجاة المسيح عليه السلام ورفعه إلى السماء، لاقى اتباعه إضطهاد كبير من جهة اليهود الذين كانوا يعيشون تحت الحكم الروماني .. وكان أحد هؤلاء اليهود الحاقدين على المسيح وأتباعه شخص اسمه "شاؤول", وكان "شاؤول" أحد المشاركين في محاربة الحواريين بل باشر قتل بعضهم بيديه, ولكن في العموم قد فشل هؤلاء في إحتواء دعوة المسيح

وبعد فشله في محاربة أتباع المسيح, إدعى شاؤل أن المسيح ظهر له وأخبره أنه أختاره ليكون حواري له وانه قد أمره أن ينشر الدين خارج نطاق بني إسرائيل, فقام بتغيير إسمه إلى "بولس" (إسم روماني) وبدأ يدعو إلى عقائد مختلفة عما يدعو إليه الحواريون.

بالطبع لم يصدقه الحواريون واغلب أتباع المسيح وتم التعامل معه بحذر شديد, إلا أن بولس جعل لنفسه تلاميذ وغالى في المسيح وذهب لينشر أفكاره الخاصة بين الرومان (على الرغم من أن المسيح أمر الحواريين بعدم دعوة غير بني إسرائيل)، حتى أن "برنابا" وكان من المقربين لشاؤول (بولس) اختلف معه، وفارقه بسبب عقائده الشاذة, ولكن بولس (شاؤول) حصل على الكثير من الأتباع, أغلبهم من الرومان والقوميات الأخرى غير بني إسرائيل, مستغلا جهلهم

ويمكن تقسيم الناس في ذلك الوقت إلى أربعة أقسام :

1- بنو إسرائيل من كفروا بالمسيح ولم يصدقوه (اليهود)
2- أتباع الحواريين وأغلبهم من بني إسرائيل (النصارى)
3- أتباع بولس الرومان (المسيحيون)
4- الرومان (الوثنيون)

وقعت بين النصارى أتباع الحواريين, والمسيحيين الرومان أتباع بولس مشاكل عديدة فيما يخص الالتزام بشريعة موسى, فإن الحواريون وأتباعهم يرون الإلتزام بشريعة الله (إيمان وعمل), بينما بولس وأتباعه يرون بعدم الإلتزام بشريعة الله (إيمان دون عمل).
الحواريون يقولون بالختان, وبولس وأتباعه يحرمون الختان.
الحواريون وأتباعهم يرون أن كلمة "ابن الله" تفهم معنويا, وأتباع بولس يرون أنها تفهم حرفيا ..إلخ .. وكان بطرس (سمعان) قائد الحواريين في خلاف واضح جدا مع بولس.

وكلما مر الوقت زاد أتباع بولس وزاد ضلالهم وذلك لخلطهم بين مسيحية بولس وعاداتهم وأفكارهم الوثنية وذلك لأنهم وثنيو الاصل, وأتباع عيسى (عليه السلام) وأتباع الحواريين يزدادوا ولكن ليس بشكل كبير وذلك لأن نسختهم من الدين أصعب وأبعد عن الضلالات الوثنية فمن الصعب تقبلها, لذلك يرى أكثر العلماء والباحثين أن مؤسس المسيحية بشكلها وتركيبتها الحالية هو بولس وليس المسيح.

وأخذ الحواريون وأتباعهم من بعدهم ينشرون دينهم, وأخذ بولس وأتباعه من بعده ينشرون دينهم, وكلا الفريقين مضطهد من قبل الرومان الوثنيين, ومن أشهر القياصرة الذين تفننوا في تعذيبهم هم "نيرون", و"تراجان", و"ديكيوس", و"ديقليديانوس".

إلا أن هذه الفرق بإختلاف أفكارها أصبحت مصدر إزعاج للإمبراطورية الرومانية وقد تحولوا إلى قوة كبيرة تنخر في أساسات الدولة الرومانية الوثنية, حتى قرر الإمبراطور قسطنطين الأول سنة (325م) انه قد حان وقت التغيير ...

بعد إنتصاره على خصومه أراد قنسطنطين الأول توحيد الدين في الدولة الرومانية التي يحكمها وكانت الوثنية هي الدين الرسمي للدولة, لكن اتباع المسيح في مملكته الوثنية كانوا يشكلون خطرا كبيرا على عرشه, وذلك لإستهدافهم الطبقة الفقيرة, فقد كان الإمبراطور يعلم جيدا أن الدين الجديد يعني دولة جديدة وملك جديد, فقرر أن يأخذ هو زمام المبادرة.

تم عقد مجمع نيقية بأسيا الصغرى (تركيا) سنة 325م  لحل الخلاف الذى نشأ بين الكنائس حول طبيعة المسيح وهل هو إله أم مخلوق.

وقد اعتنق الأسقف الليبي أريوس ومعه 1730 أسقفا القول بالإله الواحد "أن الأب وحده هو الله وأن يسوع إنسان مخلوق" .. وقول أسقف كنيسة روما ومعه الشماس "أثناسيوس " الخصى من الإسكندرية ومعه 317 أسقفا بأن "يسوع هو الاله المتجسد الذى جاء خلاصا للعالم"

حضر المجمع 2047 من الآباء الروحيين واشتد الخلاف بينهم ووصل الخلاف إلى حد المعارك وتبنت الأغلبية الساحقة من الآباء والكهنة رأى أريوس (أن الاب وحده هو الله وأن يسوع إنسان بشر مخلوق) وكان معه 1730 اسقفا, وكان المعسكر الآخر بزعامة شماس الإسكندرية أيضاً (لاحظ ان الشماس أقل المراتب الكنسية) ومعه 317 أسقفا نادوا بالتثليث و أن يسوع هو الإله, فأصدر الإمبراطور أمره بفض الاجتماع ثم أعاد عقده بعد أن استبعد الأغلبية ولم يحضره سوى القائلون بالتثليث وألوهية المسيح وعددهم 317 واعتبر الآخرون هراطقة.

وهكذا حدثت عملية سطو مسلح على دين المسيح من قنسطنطين والإمبراطورية الرومانية، تم إستبدال جميع الأسماء العبرية والآرامية بأسماء يونانية ورومانية, عيسى/يهوشوع المسيح، وأصبح خيسوس خريستوس, سمعان الصفا أصبح بيتروس, متى العشار أصبح ماتيوس, يعقوب أصبح جيمس, يهوذا أصبح جوداس, مريم اصبحت ماريا... وهكذا

وتم إعلان أن يسوع هو الإله المتجسد, وأنه هو ابن الله حقيقة, وأنه صلب ليكفر عن خطيئة البشر, وجميع هذه العقائد كانت موجودة لدى الوثنيين الرومان من قبل فكان قبولها سهل جدا

تم أختيار الأناجيل الأربعة من بين عشرات بل وربما مئات الكتب وتم إختيار رسائل بولس من بين رسائل لا تعد ولا تحصى, تم تحويل معبد الفاتيكان حيث كان يعبد زيوس, وهيراكليز وبوسيدون وافروديت وميثرا...إلخ إلى كنيسة, وتم إبلاغ الشعب الروماني أن دينهم الجديد هو المسيحية, وتم صبغ الأعياد الوثنية بصبغة مسيحية.

 متع عقلكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن