الميزان

2

.

.

ثلاثة أيام؟ سبعة؟ ، فقدت العد!

كانت الأيام تمر من خلالي، من الدقيقة الأولى لوفاة أثير..

ما كنت على إستعداد لفقدانها، سرقت من فمي أشياء كثيرة ما قلتها لها و راحت بعيد و اختفت للأبد..

مرت أيام العزاء بثقل، كانت ثلاثة أيام لزيادة الحزن لا للتخفيف منه..
و لولا نحيب أم أثير المتواصل، كنت راح أجزم بأني أشد الناس حزن على وفاتها..

لوهلة ظنيت أن كل شيء إنتهى، و ما راح ينتهي هذا البؤس أبداً ..
ثقب كبير إنفتح بصدري، هو الشيء الوحيد اللي ورثته بعد وفاة أثير..

ما كنت في صدمة ، ما إحتجت أيام عشان أستوعب رحيلها..
كنت على وعي تام بوفاتها ، وهذا الشيء قتلني أكثر

قبل فاجعتي بأثير، مر علي الموت لأول مره لما توفت أمي.. قبل ١٢ سنه ..
بعدها كنت أشوف الموت بأخبار التلفزيون، بالجرايد، بصوت المذيع براديو السيارة ..

كان الموت بعيد مني ل١٢ سنه!
إقترب مره وحدة بس، و أخذ الأغلى..

و أنا عرفت أخيراً ان الموت بكل شيء، ما يخطف الأرواح و فقط .. الموت موجود بمحيطي، بالنهار، بالليل، بأرفف مكتبي، بأسقف بيوتنا، بالشوارع، حتى بحقول الورد اللي ترمز للحياة ..
كان قريب مني دايماً، و كان كل شيء ميت

الفرق الوحيد انه لفت انتباهي ، حاول يجذب انظاري له و أخذ أثير .. بعد ما كنت معميه عنه

يمكن بلحظة اعتادت اذني على سماع اخبار الموت الجماعية اليومية ، أتمتم بالدعاء لهم و الف وجهي لطريقي بعدم اهتمام..

يمكن شخص غيري، يسمع خبر وفاتها ، و لا يهتم..
بالمقابل أنا هنا أحترق ، ليه العالم ما إكترث؟
كيف البشرية مازالت قائمة ! ، كيف الوقت ما زال يمشي طبيعي .. ليه ما أحد لاحظ نقصان شيء!

إستفزاز واضح ، و ما أحد يهتم..

ثقيل فراقها، محزن، تشكل على ملامح ألفا بشكل بائس..
لما كانت تجلس أمامي في حديقة عامة ..

قالت بشرود : أشياء كثيرة ما تعرفينها وراء وفاة أثير

ناظرتها بملل، من أيام تردد هذا الكلام بدون ما تنطق بكلمة ، و بدون أي تفسير لوجود أثير بسيارة سعود لما صار عليهم الحادث..

سعود لعين محظوظ ، حادث قوي مثل هذا طلع منه بكسور بس!

قلت بضجر : الفا لو عندك شيء، قوليه

زفرت و ناظرتني بتردد ، كانت عيونها تناظرني بطريقة غير مألوفه..

و بدأت تتكلم ..
تواريخ و أيام، سنين، شهور .. أحداث كثيرة .. أشياء صارت خلال أربع سنين .. سعود ، مريم، ملك، و الفا.. مفاجآت مترابطة ببعضها و متتابعه تفسر وفاة أثير، تفسرها أكثر من اللازم..