..[1]..

134K 5.2K 2.6K
                                    

{من أجلِ ذلك الميتِ الذي يقبع فينا، ولدت مشاعرنا}
{حيث أنّ القلب نقطة ضعفنا... تُهنا في عقول كان عليها إخفائها}
{صمتك المؤثر هو ما جعل للوقت ثمنه}
{كُنت أحد الفنون المجنونة التي يستحيل فَهْمُها}

_____

الفصل الأول بعنوان
[وراء ما لا نتوقعه]

إلى متى ... إلى متى سيقودنا ذلك الجمالُ نحو نهايةٍ مسدودةٍ تُعزّزُ نقاط الضعف عندنا و تُقلّلُ من شأننا؟ ظننتُ على الدوام بأنِّي لا أمتلكها! لكنهم يقولون بأن الجمال يُولِّدُ مشاعراً و يُثبِّطُ غيرها، لكن...ما هي المشاعر؟ و كيف هي؟ و ما هو لونها و شكلُها؟ لما يجبُ أنْ أُبْدِيَهَا حتى لا أكون مُتحجرةً أو باردةَ القلب كما وَصَفُوها؟

لم أَكُن لِأُفكّر بتلك الأمور بالرغمِ مما أسمعهُ على الدوام، إلَّا أنَّ ظُهُور مُعلمِ الفنون أمامي أضعفني بسبب كلامهِ المستمر عن الحُسنِ و النقاء، الروعةِ و البهاء، و ما هو الرونقُ المرتبطُ بالنُّضرَةِ و الفتنةِ و الرُّواء.

فيلسوفٌ، مهووسٌ و مجنون. لا يرى سوى فُرشاتهِ و يدهِ منبعَاً للألوان يُحرِّكُها كيفما يشاء، فتكوِّنُ جنيناً يكبرُ مع الأيام، زاهياً ساحراً سارقاً لأنفاسِ كلِّ مُقلةِ عينٍ وقعتْ على لوحةِ الجنةِ و النار.

أجل، كأنَّهُ استرقَ النظر إليهما و أخذَ يرسمُهُما للبشرِ كي يأسرَ أرواحهم في داخلِ كلِّ حكايةٍ خلقتها أناملهُ فشكَّلتْ لوحةً أو قطعةً يتهافتُ عبيدُ الجمال في اقتنائها و احتوائها.

و مثلُ هذا الشخص تماماً لم أَكُن لِأودَّ مُقابلته مُطلقاً. فَـبِعكسِ الجميع الذين تهافتوا من أجلِ الالتحاقِ في صَفِّه، كنتُ الوحيدة التي أبغضتُ هذا. إلّا أن تساؤلاً لاح في ذهني منذُ أن عرفتُ من يكون، عن سبب تواجد شخص مثله في مدرستنا و رغبته في أن يَحلَّ مَحَلَّ المُدرِّسِ المُتقاعد، و اهتمامها فيها مع أنَّ هنالك العديدُ من الجامعاتِ و المعاهد التي ترغبُ به بِشدَّة!

كلُّ شَيْءٍ خطرَ على بالي بقيتُ أُفكِّرُ به، و لم أكترث لما يقوله ذَلِكَ المعشوق للفنِّ و الحياة الذي وقفَ أمامي واضعاً يديهِ خلفَ ظهره ثم سائلاً بصوتٍ جهوري أيقظني من سُباتِ الأفكار الجيَّاشةِ أثناء جلوسي الهادئ على المقعد.

"كيف تعلمين أنَّ ما رسمته جميلاً؟" سألَ مُدرسُ الفنون الذي أطالَ الكلام أثناء تجوله ذهاباً و إياباً أمامنا كالبندول الذي أودّ قطعَ حبلهُ بشدّة، و قد كُنَّا نُشكلُ نصف حلقةٍ حوله لكنهُ لم يُرِد إلَّا إيصال مركزهِ مع نُقطةٍ سواي، لهذا وقفَ مُقابلاً لي و مُشيراً لِأن أكون المُجيبة على فلسفتهِ الغيرِ مُنتهية.

"اللوحة تنطقُ بجمالها دون أنْ يُخبرها أحدٌ بذلك" لم أكن أعلم أنَّ إجابتي ستعجبُه، فهو أبدى سعادتَهُ بتصفيقهِ مرتين ثمَّ دَانِياً بالقربِ من وجهي حيثُ جَعَل عينيهِ الزرقاوتين موازيتين لعينيّ البُنِّيتين بعدما أعادَ يديهِ لما وراء ظهره، منسابةً بعضٌ من خُصلِهِ البُنيةِ الحريرية على جبينه و أُذنيه.

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن