7- أنت ضلع من ضلوعي

5.8K 127 5
                                    

في الصباح التالي هبطت تامي لتناول الأفطار وقد أعدّت خطة لهجومها وهي أستغلال نقطة الضعف لدى آدم , ستلازمه وكأنها ضلع من ضلوعه , ستلجأ ألى كل ما تعرفه من فنون الأغراء ضدّ زوجها العنيد , تمكّنت ميغ ماكسويل من تخطي هذه العقبة , فلماذا تعجز هي عنها ؟ وأذا أستطاعت أن تحطم عنفوانه أو أحراجه قليلا فسيكون هذا بعض التعويض عما نالها منه الليلة السابقة.
ألتقت العمة فيني في القاعة وأبتسامتها الماكرة أنبأتها أنها سمعت الصراخ الذي أنطلق من غرفتها.
شمخت تامي برأسها لأخفاء خجلها وقالت:
" أين آدم أيتها العمة فيني؟".
" خرج ألى الجبل ليصدر تعليماته ألى رعاته , ستلد النعاج بعد أسبوع أو أسبوعين وفي هذه الفترة يجب نقلها من الجبال ألى احقول المجاورة للبيت , الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حافلة بالعمل بالنسبة ألى آدم ,ولن يتسع وقته لك , هذا لا يعني أنه ليس بحاجة ألى زوجة".
وظهر التعب في عينيها فأضافت:
" وخاصة في موسم جز الصوف , فهناك عشرات الجياع يجب أطعامهم".
أنتصبت وقد زال تعبها العابر وتابعت قائلة:
" هناك عشرات الحسناوات المحليات كن يتمنين الأقتران بآدم , وهن قويات البنية ويعرفن كل شيء عن حياة المزارع الجبلي , ولكن لا , كان لا د له من المجيء بغبية مثلك".
أنصرفت حانقة فأنطلقت تامي في الأتجاه المعاكس وتورّدت وجنتاها أنفعالا ودغدغ لسانها جواب سريع لجمته , لولا أمارات التعب التي بدت على العمة فيني لنالت ما يوجعها من لسعات لسان آل ماكسويل .
أنفرجت أسارير العمة هونور عندما دخلت تامي ألى المطبخ , وكانت تحيتها لطيفة بعكس تحية أختها اللاذعة.
" طاب صباحك , أرجو أن تكوني نمت جيدا و.....".
وبان عليها الأرتباك فقالت:
" ما أعنيه هو...".
وبعد أن أستعادت تامي هدوءها , سكبت فنجانا من الشاي في أناء فخاري أسمر وأضافت أليه القليل من السكر ثم قالت:
" ما تعنيه هو أنك سمعت صراخي عندما ضربني آدم في الليلة الفائتة , لاتقلقي , أنني أنوي( الأنتقام)".
كانت العمة هونور تدعك الطحين بالسمن لصنع الحلوى فتوقفت أصابعها عن الحركة لدىى سماعها كلمات تامي , وأتسعت حدقتاها وراحت تفكر بهذه الأجابة الغريبة.
" لا أقصد التدخل في شؤونك يا عزيزتي".
قالتها بينما كانت تامي تقضم بسذاجة قطعة من الخبز المحمص ثم أضافت:
" أقوالك توحي بأن زواجك من آدم سيكون عاصفا كزواج جيمس من ميغ".
فأجابتها موافقة:
" يبدو أنهما يسيران في خطين متوازيين , ولكنني مثل ميغ أنوي أن أنتصر في النهاية".
تجعّدت البشرة المحيطة بفم العمة هونور لترسم ألف أبتسامة صغيرة:
" أدعو لك بالتوفيق يا عزيزتي , لا تتردّدي في طلب المساعدة مني عند الحاجة".
أنتهت تامي من تناول الشاي , ودارت حول المائدة لتعانق العجوز أعرابا عن أمتنانها:
" شكرا لك".
وطعت على وجنتيها قبلة خاطفة:
" أنني بحاجة ألى كل حليف ممكن , أرشديني ألى مكان آدم".
سارت العمة هونور نحو النافذة وأشارت بأصبعها ألى الأعلى وعلى محياها مسحة من الشك :
"قرب قمة الجبل كوخ للرعاة ولا أنصحك بالذهاب بمفردك ,في الطريق صخور ملساء , في أي حال سيكون آدم قد رحل لدى وصولك , السير على الجبال خطر على الوافدين الجدد".
خير لك أن تنتظري عودته ".
وسألت تامي مستاءة:
" أيعود في موعد الغداء؟".
" كلا , الأتصال بالرعاة وتفقد القطعان يستغرقان النهار بكامله , وقد حمل معه زاده وماءه ,ولا نتوقع عودته قبل المساء".
" لا أستطيع الأنتظار نهارا بكامله , لا بد من وسيلة لوصولي أليه".
أمعنت العمة هونور التفكير وقالت:
" ثمة أحتمال ضئيل في ذهابه ألى النزل الذي في الوادي , المزارعون هنا يتخذونه مكانا للقاءاتهم ,, بحيث يتناولون المرطبات مع الطعام , وأعتقد أن آدم سيكون هناك في موعد الغداء , ولكنها مسيرة طويلة وليس ما يضمن أن تجدي من يعيدك بسيارته ,, ألا يجدر بك أن تأخذي السيارة؟".
" كلا , أرغب في المشي , أكتبي لي توجيهاتك لبلوغ المكان , بينما أصعد وأستبدل حذائي".
" الطريق بسيطة جدا , تنطلق من فوكس هول , تتعرج وتدور حول الجبل الأسود الكئيب المطل على الوادي , سيري على الطريق تري النزل وهو البناء الوحيد في تلك الناحية".
قررت تامي أصطحاب الكلب المدعو سيلفر وأنطلقت على الطريق والكلب يقفز في أعقابها , أرتفعت معنوياتها أرتفاع الصقر الذي شاهدته يحلّق فوق رأسها وقد ظهر بوضوح في السماء الزرقاء الصافية.
معظم الثلج قد ذاب عن الجبال , وتحولت الريح نحو الشمال , ولسعة البرد دفعت تامي ألى حث الخطى , أبتسمت للشمس فوق الجبل القاحل الكئيب الخالي ألا من بضعة خراف ومن طير عابر , أبتسمت تامي لشعورها بكونها أبنة هذه الأرض.
" سيلفر!".
نادت الكلب الذي تخلّف قليلا وأبتهجت عندما أستجاب لندائها بوثبة.
بعد مسيرة ساعة تراخت خطاها , وسيلفر الذي كان قبل نصف ساعة قد ربض ورفض أن يتحرك , كان يزن قنطارا وهو ينعم بصوت هانىء داخل سترتها , تمنت لو أنها حملت الطعام الذي عرضته عليها العمة هونور , لم تحمله لأقتناعها بأنها ستتناول الطعام في النزل الذي لم يظهر له أثر بعد , وبالأأضافة ألى الجوع فقد أخذ العطش منها كل مأخذ.
أستأنفت المشي نصف ساعة أخرى وهي لا تجرؤ على التفكير بمسيرة العودة , قالت تحدث نفسها :
" قد أجد من يعيدني بسيارته".
وهزت رأسها , طوال مسيرتها لم تمر بها سيارة واحدة , ولمحت من بعيد بناء جزمت بكونه النزل , وحثت الخطى , وعندما أقتربت أخذت تتبين تدريجيا يافطة تحمل رسوم كلاب وجياد وفرسان وتحتها عبارات الترحيب.
" نزل الرياضيين".
لم يكن النزل سوى بيت أجريت عليه بعض التعديلات , له غرفة أمامية فيها ست موائد صغيرة نظيفة , على كل منها صحون سجائر فارغة , لم يكن في الغرفة أحد , وسمعت تامي أصواتا مصدرها رواق يؤدي ألى خلف البيت , وفيما هي تتجه نحو الصوت برزت أمرأة من باب ألى يمينها ومدت لها يدا أوقفتها.
" الصالون ألى اليسار يا عزيزتي , المقهى للرجال فقط".
" أنني أبحث عن زوجي , أتعلمين أذا كان هنا؟".
جالت المالكة ببصرها في بنطلون تامي وحذائها الثمين وسترتها المزركشة وردت ببشاشة :
" لا أظن ذلك , ولكنني سأعرف أذا قلت لي أسمه".
وعندها سمعت تامي صوت آدم الرنان:
"هذا صوت آدم".
قالتها للمالكة التي فتحت فمها دهشة:
" لا داعي لأزعاجك , سأجد طريقي أليه".
تركت الأمرأة فريسة للدهشة وأندفعت في الرواق ألى أن دخلت غرفة مستطيلة منخفضة السقف كانت في السابق مطبخا تم تحويله ألى مقهى , شغل الموقد أحدى جدرانه بينما أصطفت مقاعد خشبية بمحاذاة الجدران الثلاثة الأخرى ليشغلها ما يقارب العشرة رجال يتبادلون الأحاديث الودية وسحب الدخان تتصاعد من غلايينهم القديمة , وكان برفقة بعضهم كلاب تربض بصبر عند أقدامهم.
أندفعت تامي ألى الداخل وساد صمت غريب وكأن الحديث قطع بسكين , كان آدم يجلس وظهره أليها , ولكنه أستدار متتبعا نظرات الدهشة التي تملكت رفاقه.
علت وجهه ملامح غريبة , أتكأت تامي بدلال على الباب وأدركت أن لحظة أنتقامها قد دنت وبانت على الوجوه المحيطة بها أمارات الأستهجان لأقتحامها مكانا معدا للرجال فقط.
كانت تتحرق شوقا لأن تصب الزيت على نار الرجولة المتزمتة.
" آدم حبيبي".
وأمام عيون الحضور المحملقة دهشة , جرت نحوه وطوقت عنقه بذراعيها وضمته أليها في عناق حار طويل.
شلّت الدهشة حركته , ثم أمتدت يداه الخشنتان ألى خصرها ودفعها بعيدا عنه , وأمام هذا الأحراج زأدراكه لمغزى صمت رفاقه لم ير بدا من أجراء التعارف بصوت أجش:
" أقدم أليكم زوجتي تامي...... تامي , هؤلاء هم بعض جيراننا".
أصغت أليه برهبة فائقة وهو يتلو سلسلة من الأسماء وكأنها معزوفة لجوقة الشرف , في الليلة السابقة تفحصت ( المحاكمات الجنائية ) لبيتكرن , الكتاب الذي سجل بدقة تفوق دقة دبريت عن العائلات الحدودية الرئيسية والمنتمين أليهم , الأسماء التي كان يتلوها آدم هي الأسماء أياها التي قرأتها في الكتاب : لوثر , كروين , سانكليد , ديكر , روتليدج , نوبل , مسبروف , وآخر من قدمه آدم من رفاقه كان طوم هردن , الذي بدا مرتبكا لزواج آدم المفاجىء.
أنحنى برصانة وقال:
" تشرفنا , أرجو ألا تجدي هذه الضاحية نائية جدا , أما أذا شعرت بحاجة ألى رفيقة فتفضلي ألى منزلي وأنا واثق أن أبنتي بام يسعدها التعرف عليك".
أزداد الجو توترا , تردد أسم الفتاة في جو الغرفة متنقلا من شفة ألى أخرى , يهمسون به ساترين أفواههم بأيديهم , وساورت تامي الريبة : أيا كانت بام هذه فهي على علاقة مميزة بآدم.
قطع حبل الصمت رجل يجلس في أحدى الزوايا أذ قال:
" النساء! أما من مكان نقصده لنتخلص منهم؟".
تجاهل آدم نظرة تامي الساخطة وبدلا من توبيخ العجوز على قحته أمسك بذراعها بعنف وسار بها ألى خارج المقهى , وزاد سخطها عندما توقف باباب وألتفت ليتعتذر:
" أرجوكم أن تعذروا تطفل زوجتي فهي لا تعرف تقاليدنا بعد ,أمهلوها قليلا فتدرك أن مجتمعنا لا يسمح للنساء بأقتحام أماكن تجمع الرجال , ولكنها ستتعلم ذلك بسرعة".
وبينما كان يدفع بها ألى الرواق أعترضت قائلة :
" أنني عطشى ولم أشرب بعد".
تجهم وجهه وفتح بابا ودفع بها ألى الغرفة الأمامية الصغيرة التي طانت قد رأتها .
" أجلسي في الداخل , ماذا تريدين أن تشربي؟".
" أريد كوبا من العصير , من فضلك".
قالتها بكل دعة وتهذيب لو سمعها والدها لأدرك أنها تضمر مكيدة.
بينما كانت تنتظر عودة آدم , أخرجت سيلفر من مكانه ووضعته على الأرض متجاهلة عواءه أعتراضا , وعندما عاد آدم يحمل كوبا واحدا رفعت حاجبيها تساؤلا:
"ألا تنوي مجالستي ؟".
عقد ذراعيه على صدره وعلى محياه أمارات نفاد الصبر وقال :
" كلا , لا وقت لدي".
" وقتك لا يسمح لك بالتفرغ لي أبدا".
وراحت ترتشف العصير بتمهل.
" سيكون وقتي أكثر ضيقا في المستقبل ,كيف تجرؤين على أحراجي أمام أصدقائي بتلك التحية العاطفية السخيفة . تعمّدت هذا العمل , أليس كذلك؟".
لم تفته حمرة الخجل التي خضبت وجنتيها:
" أرى أنني على حق , كان ذلك أنتقاما مدبرا وكنت تعلمين أن المقهى محظرا على النساء".
وضعت كوبها وقالت:
" كنت أجهل ذلك , حتى ولو كنت أعلم لما باليت ولتجاهلت تلك التقاليد الخرقاء , ألا تعلمون يا معشر الغزاة أن قانونا صدر يمنع التمييز بين الرجال والمرأة؟ ألم يبلغ آذانكم المنعزلة أنه لم يعد محظرا على النساء ممارسة أية مهنة , فكيف بالحري أرتياد المقاهي التي تحت سيطرة الرجال ؟ سأذهب حيثما أشاء وأذا تعرضت لأي سؤال فسأقول أن مكان المرأة هو بجانب زوجها ! لا أرضى بالبقاء مهملة في فوكس هول بينما تسعى أنت كل يوم وراء ملذاتك , أريد مرافقتك وأذا حاولت منعي فأنني سألحق بك , وعندما أعثر عليك سأحييك كما فعلت اليوم , لا أخجل من أظهار مودتي بل أجد متعة ذلك , وقد يحذو أصدقاؤك حذوي أذا وجدوا من يعلمهم".
" لن تفعلي!".
" جربني!".
كان يعلم أنها جادة في كل ما قالت , بالرغم من علمها أن أهالي الشمال قوم عاطفيون فأنهم يملكون القسط الأوفر من التحفظ الأنكليزي , التصرّف المشين الذي تحدثت عنه سيكون فظيعا بالنسبة ألى آدم.
قال وهو مقطب الجبين ويتحرق شوقا ألى خنقها بيديه المتشنجتين :
" هذا أبتزاز , ميزة أخرى من ميزات آل ماكسويل تطل برأسها البشع".
ردت بكل جرأة :
" خيل أليّ أن تصرفي كان ثناء على رجولتك , سمه ما شئت فالنتيجة واحدة , سألازمك وكأنني ضلع من ضلوعك وقد تحذو حذو من تحمل أسمه فتستبدل ضلعك بزوجة".
" وأمضي حياتي البائسة نائما مثله؟".
وساورته رغبة في ضربها مرة أخر.
أبتعدت تامي عنه وهي تضحك بعصبية:
" أنني مستعدة للعودة ألى البيت الآن , أظنني سمعت صوت سيارة في الخارج وقد يتكرم أحدهم ويوصلنا".
أستدار على عقبيه وهو ينتفض غيظا:
" لا أحتاج ألى من يوصلني , لم أنجز عملي هنا بعد".
فقالت:
" وكيف عساي أن أعود؟".
" عودي كما أتيت , سيؤا على الأقدام , وليت الطريق تطول ثلاثة أضعافها أثناء عودتك".
وأنفجرت بوجهه قائلة:
" متعجرف , فظ , عديم الأحساس , أتريد سيلفر أن يمشي حتى تدمى قوائمه ؟".
أنتصبت أذنا الكلب لدى سماع أسمه وشع الأسى في عينيه اللتين تركزتا على وجه آدم , وبالرغم من أستهتاره براحتها فأنه لن يترك الكلب للمصير الذي ستلاقيه , رفع الكلب أليه ودسه داخل سترته.
" لا يعرّض هذا الكلب ,وما زال عمره تسعة أسابيع ,ألى مصير كهذا , سوى من كان عديم الأحساس مثلك , سأعيده معي".
أستدار على عقبيه وحدقت تامي به , لا يمكن أن يتخلى عنها .
فوكس هول يبعد خمسة أميال.
وأنطلقت ألى الخارج لتتوسل أليه ,وعضت على شفتها من شدة ألألم , أبطأ هو الخطى ولكن ليس من أجلها بل لأن سيارة أنحرفت عن الطريق وتوقفت ألى جانبه, وبينما كانت تامي تعرج ألما أخفضت سائقة السيارة الزجاج وأطلت برأسها .
" آدم حبيبي , لم أعلم بعودتك , لماذا لم تخابرني هاتفيا؟".
توقفت تامي ونسيت ألمها وأنتصبت قامتها لتسمع رده , نادته الفتاة بعبارة( حبيبي) , ثارت كرامتها وساءتها هذه المودة.
عبوس آدم تحول ألى أبتسامة :
" مرحبا يا بام , لم يسمح لي الوقت للأتصال بك , عدت بالأمس فقط ووجدت أمورا كثيرة مهملة أثناء غيابي".
" أنني أدرك وضعك".
أبتسامة الفتاة المتسامحة جعلت الدم يغلي في عروق تامي.
" أتعدني بالمجيء للعشاء الليلة؟".
وفيما هو متردد ترجلت الفتاة من السيارة , أنها تضاهي آدم طولا , متناسقة القوام مياسة القد , نحيلة الخصر , وبينما كانت تامي تعرج ألى الأمام ترددت كلمات العمة فيني في أذنيها:
" عشرات الحسناوات المحليات يتمنين الأقتران بآدم".
وهذه الفتاة أحداهن ولا شك , كانت ترمق آدم بنظرات نهمة وأصابعها تداعب كم سترته برقة وأهتمام ,وصلت تامي أليهما وسمعت رفض آدم :
" أنا آسف يا بام , هذا غير ممكن الآن , ربما في وقت آخر".
قفزت تامي بقدميها :
" بلى , هذا ممكن يا حبيبي , أتوق للتعرف بأصدقائك وهم حتما يتوقون للتعرف بزوجتك".خيّم عليهم صمت مشحون , وكأن الشقراء الفاتنة تحولت ألىيصنم , وبانت الصدمة في عينيها الخضراوين وهما تجتاحان وجه تامي متسائلتين عن حقها في أقتحام عالم لم يكن فيه حتى تلك اللحظة سواها , وشعرت تامي بموجات الحقد الموجهة أليها فأرتعدت وأزدادت أقترابا من آدم فصدتها منه نظرة باردة تحمل الكثير من الكراهية.
شعرت وكأنها قزم بين ماردين , وأنتظرت , عاجزة , منبوذة ومع ذلك مصممة على التشبث بحقوقها.
تمالكت الفتاة نفسها وكانت الصدمة لا تزال مسيطرة على صوتها عندما ضحكت وقالت :
" زوجتك يا آدم؟".
تصافحتا وكأنهما توقعان على معاهدة ملامسة بأطراف الأصابع , كمصافحة يتبادلها ملاكمان قبل المباراة .
ترقرق الدمع في العينين الخضراوين ولكن صوت بام كان مرحا عندما قالت:
" يجب أن نجمع كل أصدقائك , وكما قالت زوجتك يا آدم , أنهم يتوقون للتعرف بالعروس سأتصل بأكبر عدد منهم وأدعوهم ألى منزلي هذا المساء , هل الساعة الثامنة موعد مناسب".
أجابت تامي عن نفسها وعن آدم :
" عظيم , وبما أن الجو ينذر بهبوب العاصفة , هل أستطيع أن أوصل أيا منكما؟".
كان الجو فعلا ينذر بعاصفة تهب من عيني آدم وهما تستقران على تامي , وبشجاعة فائقة تجاهلت أستياءه وقبلت الدعوة:
" هذا لطف كبير منك , لا يزال آدم مشغولا هنا وأنا أتمنى العودة ألى فوكس هول ".
بدا حائرا بين واجبه وبين تردده في ترك تامي لوحدها مع بام ولو للمسافة القصيرة التي تفصلهم عن فوكس هول , نظر ألى ساعته وقال:
" بما أننا سنتناول العشاء معك هذا المساء خير لي أن أنصرف الآن , يمكن تأجيل العمل ".
بعد ربع ساعة أنزلتهما بام عند عتبة فوكس هول رافضة تلبية دعوتهما للدخول متذرعة بالترتيبات التي عليها القيام بها لأجل حفلة العشاء , وبوجه مكفهر وأبتسامة جامدة على شفتيها أنطلقت بسيارتها عائدة أدراجها.
أخذت تامي نفسا عميقا قبل أن تنقل المعركة ألى معسكر العدو :
" بام رائعة الجمال , يبدو أن علاقتكما حميمة".
لم يتجاهل آدم علامة الأستفهام التي خلفتها عبارتها :
" علاقتنا حميمة فعلا".
قالها بنبرة وحشية , ثم تابع أصرار:
" ولأوفر عليك مشقة السؤال سأرضي فضولك فأقول لك أن بام هي الفتاة التي كنت أفكر جادا بأتخاذها زوجة لي".

 اللمسات الحالمة  - روايات عبيرWhere stories live. Discover now