5- لص فظ من الشمال

5.4K 130 1
                                    


عندما أصبحت تامي بمفردها في قاعة الجلوس كبت دموع الغضب , الزجر والأزدراء كانت جديدين عليها , عندما كانت مراهقة , أكتشفت مدى سلطانها على الرجال , فأستغلته , وكانوا يخضعون بالعشرات لتأثير فتنتها التي تلوح بها يمينا ويسارا وكأنها عصا سحرية , فينصاعون أليها ومع ذلك بقي قلبها بكرا لم يعرف رجلا.
تساءلت وهي تطلق بصرها عبر النافذة ألى الصخور الشاهقة:
"ما الذي أوقعني في حب لص فظ من الشمال؟".
سعال أعتذار سبق دخول هونور ألى الغرفة :
" أعددنا لك غرفة يا عزيزتي , تفضلي بمرافقتي فأرشدك أليها".
" هذا لطف منك يا عمتي هونور , أرجو ألا يضيرك أن أعتبرك عمتي".
" لا يضيرني أبدا ".
ولاح السرور على محيا العجوز وقالت متلعثمة :
" لا تعتقدي أننا نضمر شيئا ضدّك شخصيا , كان مجرد سماع أسم ماكسويل في هذا البيت صدمة لنا ".
وحدقت تامي بها:
" ما الذي يمنع ذكر هذا الأسم؟".
فأجابت العمة هونور:
" أنها قصة طويلة لا أظنك تودين سماعها , لا أعتقد أن ثمة ما يربطك بتلك العائلة".
" ينحدر والدي من عائلة ماكسويل , من أنانديل".
قالتها تامي بلطف.
أرتعشت شفة العمة هونور السفلى وأجابت:
" يا لله , أنت اذن من سلالة جوك الأسود".
أصيبت تامي بالذهول وسارت بالعجوز المرتعدة ألى الأريكة وجلست بجانبها :
" هلا أخبرتني بما فعل جوك الأسود؟".
نظرت العمة هونور حولها بحذر وكأنها تتوقع ظهور أختها , وهزت برأسها ولكنها أضطرت للأستجابة لنظرات تامي المتوسلة :
" بالواقع , لم يكن جوك الأسود بالذات , بل هي أبنته ميغ".
" أحقا؟".
وأستحثتها على الأسترسال بالحديث .
" أرجوك أن تكملي , لا يمكنك التوقف الآن".
أصلحت العمة هونور جلستها وقالت:
"كان ذلك منذ عدة قرون , وقد فقدت القصة شيئا من رونقها لكثرة ما رددتها الألسن , يقولون أن أبنة جوك الأسود أعجبت بشاب يدعى جوك فوكس وأغرمت به وبذلت المستحيل لتحظى به زوجا لها , كان حبا من النظرة الأولى , لأنه حينذاك لم يكن تعارفهما في مناسبة أجتماعية ممكنا أذ كان ثمة عداء مستحكم بين العائلتين , وكانتا تتداوران في غزو أحدهما للأخرى".
وسألتها فجأة:
" هل سمعت بغزاة الحدود؟".
فأجابت تامي :
" أعطاني آدم فكرة شاملة عنهم".
" كانت تلك حقبة فروسية في تاريخنا".
وتنهدت العمة هونور بغبطة:
" مجرد التفكير بها يجعل الدم يتدفق بسرعة في شراييني , غالبا ما أغمض عيني وأتخيّل أنني أسمع رنين المهاميز وأكاد أرى المقاتلين يحملون الغنائم ألى الديار , كان الغازي يقاتل بحماس ويمرح بحماس ويعشق كذلك بحماس , كان صديقا صدوقا وعدوا لدودا ,لا ينسى الأساءة ولا يدير ظهره للمحتاج , كانت القبيلة بأسرها تشعر بالعار أذا خان أحد أفرادها ثقة صديق أو عدو , قد يعتبر البعض هذه الحقبة من الشهامة المتهورة لأعمال جريئة خاطئة التوجيه لهدر أرواح الشبان , ومع ذلك ما من ولد لسكان الحدود ألا ويفخر بكونه سلالة أحد الغزاة في الأيام الغابرة ,بالنسبة ألى الغزاة السكوتلانديين والأنكليز من حيث يظهر خط شيفيوت الأزرق ومن هنا نشأ النزاع القبلي وغزوات السلب والنهب".
" أذن فالأأنكليز كانوا يمارسون الغزو أيضا؟".
سألت تامي وهي ترفع حاجبيها بدهشة:
" قال آدم أن السكوتلانديين فقط كانوا يقومون بغزو الأنكليز الممتثلين للقانون!".
هزت العمة هونور برأسها وأبتسمت:
" هذا غير صحيح , سلفنا جيمس فوكس رأى الفتاة التي حدثتك عنها لأول مرة أثناء أحدى غزوات آل فوكس لأراضي آل ماكسويل , قبضوأ على جيمس متلبسا بجريمة سرقة مواشي آل ماكسويل , فحكم عليه جوك الأسود بالشنق على شجرة الأعدام التي لم يكن بيت من البيوت المرموقة يخلو منها , ولكن ميغ أبنة جوك توسلت والدها لأن يعفو عن جيمس أذ أدّعت أنه قبل ساعات أخذها عنوة , أعترض اغازي الجريء على الأدعاء دفاعا عن براءته ولكن جوك الأسود رفض الأصغاء أليه وخيّره بين الأعدام والأقتران بأبنته , وأعتبر جيمس الخيار الثاني أسهل الشريّين ووافق على الأقتران بميغ ماكسويل بأشمئزاز كبير وفي ظل المشنقة , مع أن القانون الأنكليزي كان يعتبر الزواج من سكوتلندي أو أكوتلاندية خيانة وطنية".
ربتت العمة هونور على ركبة تامي وقالت:
" ربما تدركين الآن سبب عدم ثقتنا بقبيلة ماكسويل , ولكن ليس ما يدعوك للقلق , أؤكد أنك لا تنحدرين ألى هذا الدرك للأقتران بآدم ".
رفعت تامي يدا باردة ألى وجنتيها اللتين نداهما الخجل , وتساءلت عما تكون ردة فعل العجوز أذا علمت أن مزاحا مارسته مع آدم كرر قصة سخط والد من آل ماكسويل على رجل من آل فوكس , وبالطبع لم تكن هناك مشنقة يتهرب منها آدم , وتململت بقلق , لا شك أنه فكر بالتأثير السيء الذي يولده أنسحاب والدها من الصفقة على المزارعين الذين يمثلهم.

 اللمسات الحالمة  - روايات عبيرWhere stories live. Discover now