2- جروة منبوذة!

7.4K 150 3
                                    


خيّم جو من التوتر طوال فترة العشاء , حتى جوك قليل الملاحظة شعر بأن ضيفهما غارق في أفكاره , وتولاه ضيق شديد لأن آدم المنكمش على نفسه لم يظهر أي ميل لتلطيف الجو.
بعد العشاء تولاه مزيج من الشعور بالأطمئنان والفضول فأسرع ليترك الساحة لتامي , أسلوب الرجل الشمالي القليل الكلام كان بعيدا عن الأستهتار , ومع ذلك كان جوك في أعماقه شديد الثقة , وضع كنزا ثمينا من المزايا الحميدة لمن يرغب في التنقيب عنه , ولكن هل كانت أبنته المدللة المتقلبة الأهواء تملك القوة الكافية والعزمالحقيقي اللازمين لأختراق قوقعت الرجل الصلبة؟ من الواضح أنها وقعت في حبائله , وهذا السبب أدهش الشاب بأستعداده لشراء كل ما لديه للبيع , وتعمد أطالة الحديث ألى ما بعد موعد القطار , تعودت تامي منذ ولادتها أن تحصل على كل ما يمكن شراؤه بالمال , وبما أن آدم فوكس لم يكن برسم البيع فقد سلك هذا السبيل ليمهد ألى المزيد من اللقاءات بينهما في المستقبل متيحا لها الأنفراد لبضع ساعات بالرجل الذي أستهواها أكثر من أي رجل آخر.

قال وهو يتجه نحو الباب:
" أتمنى لكما وقتا ممتعا , سأعود في حوالي الساعة الواحدة".
سيطرت على تامي أحاسيس شتى , فتهاوت على أريكة وثيرة وفرشت ثوبها حولها وخيل أليها أنها تكاد يغمى عليها , ولكنها تمالكت نفسها وربتت على المكان المجاور لها وبأبتسامة رقيقة دعته للجلوس قائلة:
" أجلس هنا , وأخبرني بكل شيء عن نفسك يا سيد فوكس ,كلا , ألا تعتقد أن أسم آدم افضل ؟ والأفضل أن تناديني بأسم تامي".
لوّحت وجنتيها حمرة الخجل عندما تجاهل دعوتها وأختار الجلوس قبالتها , تفصل بينهما سجادة كبيرة.
وبصوت رخيم قالت:
" ما الذي تنوي عمله , مشاهدة مسرحية أو أرتياد أحد المقاهي أو التجول في المدينة والأستمتاع بمباهجها ؟".
فأجاب:
" بالنسبة ألي , لندن تفتقر ألى المباهج , وأجد أحراجا في مشاهدة المسرحيات المعلن عنها , وأعتبر المقاهي مثيرة للسأم , أما المباهج الحقيقية فأجدها في أوساط تختلف كليا عن تلك التي ذكرت".
قاومت تامي سخطها وأزداد أنفها شموخا , ولو كان المتكلم رجلا سواه لأجابته بأنه فظ لئيم , وكانت هاتان العبارتان تراودان لسانها وعل أهبة الأأنطلاق , ألا أن وسامته لجمتها مرة أخرى , ووجدت نفسها غارقة في العينين الزرقاوين الخلابتين .
" لا شك أن هناك ما ترغب في مله , ألا أذا كنت تفضّل تمضية الأمسية هنا".
تفوهت بهذه العبارات بوداعة فائقة .
سرعة نهوضه أعربت عن نبذه لتلك الفكرة .
" أرغب في تنشق الهواء الطلق , هل من منتزه قريب هنا ؟ وألا فبأمكاننا المشي على ضفة النهر".
" المشي؟".
رددتها بصوت خافت , لم يسبق لحذائها الثمين أن لامس الطريق , ومع ذلك عندما أومأ أيجابا هبت على قدميها وأندفعت نحو غرفتها.
" يجب أن أرتدي ثيابا أكثر دفئا , أمهلني خمس دقائق".
راعها هذا الأأرتجاف في يديها , وهي تخلع عنها ثوب السهرة الأنيق , وراحت تبحث في خزانتها عن ملابس مناسبة لتجول في الشوارع في هذه الأمسية الباردة.
كانت خزانتها تغطي جدارا كاملا من غرفتها , وتغص بعشرات الأثواب الأنيقة , وجميعها صممت للأرتداء في الأوساط الراقية حيث تمضي تامي معظم أوقاتها.
ولكنها أشاحت عنها جميعا , ثم تذكرت رحلة التزلج التي قامت بها في العام المنصرم والملابس الكثيرة التي أبتاعتها لتلك الرحلة , فأندفعت ألى الطرف الأقصى للخزانة وفتحت بابها , بذلات وسترات وقمصان صوفية سميكة , كانت الخادمة قد كدستها تحت الأغطية القطنية ,فتناولت أول بدلة وصلت أليها يدها وأرتدتها .توقفت أمام المرآة لحظة قبل أن تهرول خارجة:
" لا بأس ".

 اللمسات الحالمة  - روايات عبيرWhere stories live. Discover now