الحلقة الرابعة والعشرون

599 58 67
                                    

وقفت وئام في شرفتها وظلت تتسائل لمَ لم يفصح يحيى عما يريده منها هل نسى أم تراجع عما يريد!

خرجت والدتها للشرفة وأخذت تقص عليها ما عرفته بشأن رغدة للمرة الثانية فلم تعقب وئام وزفرت بقـ ـوة، مدت بصرها فرأت يحيى يقبل مع عمرو وعامر تزامنًا مع سماعها صوت صرخات تخرج من بيت عمها وقد طفق الناس يتكبكبون حول البيت فاختلج قلبها فزعًا ونظرت لوالدتها متسائلة بهلع:
-هو فيه ايه تاني؟!

الحلقة الرابعة والعشرون
#رواية_سدفة
بقلم آيه شاكر

-مش عارفه... ربنا يستر.
قالتها شيرين وركضت تنادي دياب، وهرولت وئام لتخبر رائد ومحمد اللذان كانا يرتشفان القهوة في صمت مطبق قطعته وئام اللاهثة حين قالت:
-فيه صوت صريخ طالع من بيت عمو ضياء...

وثب محمد بعد أن وضع كوب القهوة على الطاولة، مرددًا بفزع:
-بابا!!

أخذت العائلة تركض بالشارع وكأنهم يتسابقون للوصول...

شق محمد صفوف الناس وما أن رأى والده طريحًا حتى صاح بنبرة مرتفعة دكت قلوبًا وصدمت أخرى:
-بــــــــابــــــا!

انحنى محمد يتفحص دقات قلب أبيه وحين اطمأن كونه على قيد الحياة أخذ يهزه وهو يناديه بلهفة:
-بابا.

كان ضياء مـ ـريض بداء السكري ودائمًا ما كان يشرح لمحمد أن غيبوبة سكر الدم المنخفض أشد خطورة من ارتفاعه فلو رآه ملقى أرضًا ذات يوم ينبغي أن يضع في فمه حبيبات السكر أو العسل وإلا قد تتأثر بعض المراكز المهمة في المخ إن لم يخضع للعناية الطبية في غضون دقائق.
لم يكن محمد بطبيب ليعرف أعراض غيبوبة السكر من غيرها ومن فرط الصدمة لم يخطر له إلا تلك الفكرة حيث هدر:
-حد يجيب عسل أو سكر بسرعه...

لم يُحرك أحدهم ساكنًا فكرر محمد طلبة بنبرة مرتفعة لذا توجه دياب للمطبخ وسرعان ما خرج بوعاء للعسل بينما كانت فاطمة تقف كتمثال من الشمع تتابع محمد وهو يسكب العسل في فم زوجها مرددًا:
-فوق يا بابا متسيبنيش أرجوك... أنا مليش غيرك...

لم تعقب فاطمة لكنها كانت تُحملق بمحمد وتتفحص ملامحه فهو يشبه ضياء!
ظلت تُحدق به وهو يحمل والده وحده دون ممالأة أحد بل أنه لم يأبه لمن يحاولون مساعدته ولا يدري متى اكتسب تلك القـ ـوة ليفعل! لكن الأمر تعلق بأعز ما يملك وأهم شخص بحياته ورغم ثقل والده إلا أنه نزل درجات السلم حاملًا إياه على ظهره وكأنه كان يطير طيرًا، وكان يردد كلمة واحدة من خلف أنفاسه الاهثة:
-متسيبنيش يا بابا...

جميعنا أقوياء وكلنا نستطيع مجابهة أي شيء إذا حاولنا، فقط نحتاج لما يدفعنا لندرك أننا نستطيع...

تابعت وئام وهيام ما يجري في اضطراب وبعدما انطلقت السيارة وتبعها عدة سيارات أخرى...

ظل يحيى مكانه يلتفت يمنة ويسرة للواقفون حوله من الناس، تناهى لسمعه صوت أحدهم المتهكم:
-أهو ضياء ده كان بيمشي رافع مناخيره ومبيكلمش حد شوف ربنا كسـ ـرله مناخيره ازاي!

رواية سدفة بقلم آيه شاكر Where stories live. Discover now