9.|| أنت بلسم لقلبي

45.8K 3.5K 1K
                                        

الفصل التاسع : أنت بلسم لقلبي

.
.
.
.

«إن مع العسر يُسرًا فاصبر، فما بعد الضيق إلا فرج»

......................................

منهارة، ضعيفة، لا تقوى على المواجهة هذا كل ما تشعر به الآن، فقدت سندها، الرجل الذي كان بمثابة الأب لها. جفت دموعها وخارت كل قوة كانت قد جمعتها منذ أن شاهدت مقطعًا لأبراهام وتواصلت معه. أيقنت أن الحياة لا تمنح العدالة دائمًا.

نظرت خلف كتفها إلى ليديا النائمة على السرير، كانت قد أجهشت بالبكاء على والدها الراحل ولم تستطع تقبل الأمر، اقتربت منها بهدوء حتى لا توقيظها ثم رفعت الغطاء لكتفيها، حدقت بها للحظات وشعرت بالأسف تجاهها فهي تحاول أن تكون قوية لأجلها وتقدم لها الدعم في هذه المرحلة لكنها فشلت في ذلك، زفرت بعمق وابتعدت نحو منضدة الزينة. فتحت الدُرج بتردد وأمسكت علبة الأدوية. أطفأت الضوء ثم خرجت إلى غرفة المعيشة.

أرخت جسدها على الأريكة ومسدت جبهتها حتى لمعت فكرة في ذهنها جعلت قلبها ينبض بسرعة، ويداها تتلهف للإمساك بهاتفها. هرعت إلى حقيبتها المعلقة على الكرسي، التقطته منها ثم عادت إلى مكانها. غمرتها الراحة والسعادة رغم حزنها فقط لأنها هذه المرة أعطت لنفسها فرصة أخرى قبل تناول هذا الدواء. ربما ينجح أبراهام في شفاء جرحها، لكن ماذا إذا خاب ظنها؟، ارتعشت أطرافها خوفا من الفكرة فمجرد تخيل أنها قد تعود لحالتها السابقة تهلع وتقلق.

توقفت عن التفكير وفتحت هاتفها لكنها فوجئت بسيل من المكالمات والرسائل من مريم وصوفيا، يسألان عن سبب اختفائها منذ الأمس. والأكثر غرابة كان رسالة من إبراهام يسأل فيها عن غيابها أيضا.

ربما يراه البعض تصرف بسيطً لكن بالنسبة لها يعني الكثير، جعلتها رسائلهم تُدرك أنها مهمة في حياة بعض الأشخاص. أصبح هناك من يهتم لإختفائها ويسأل عنها من غير ابنة خالها. كانت مشاعرها متضاربة بين الحزن والامتنان وترغب في البكاء، لكنها حبست الدموع في محجريها وردت على صوفيا ومريم تشرح سبب اختفائها.

**************

وضع إلياس القلم جانبًا حين أدرك أنه كان يتحدث إلى نفسه منذ وقتٍ، فصديقه الجالس أمامه لم يكن يصغي إطلاقًا. ضيق عينيه مستغربًا شروده، ثم فرقع بإصبعيه أمام وجهه سائلاً
" ماخطبك يا رجل؟"

ارتبك أبراهام ولم يجد مبررًا مقنعًا، فاكتفى بالتهرب

"لا شيء .. فقط سرحت للحظات"

لم يقتنع إلياس فمن المستحيل عليه خِداعه وهو يعرفه منذ أكثر من عشر سنوات، والملامح لا تخطئ أبدا فقد كان القلق ظاهرًا في وجهه، وإن لم ينطق به

صراطٌ مستقيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن