3. || إنه دين وليس ثقافة

64.3K 3.8K 655
                                        

الفصل الثالث : إنه دين وليس ثقافة
.
.
.

《 استغفروا ربكم .... ففالإستغفار رحمة لكم 》

......................

استيقظت آفرا مبكرا وخرجت لتركض في شوارع مدريد ببدلتها الرياضية وسماعاتها التي تصغي بها للموسيقى الصاخبة رغم ذلك كانت غارقة في أفكارها. تفكر كثيرا في وضعيتها المزرية، فالحياة أصبحت تبدو لها صعبة لا سند ولا حامي لها. هي لا تريد شفقة لكن تريد من يخرجها من عزلتها ووحدتها، حتى لو أنكرت حاجتها لذلك. تبحث عن علاج لإدمانها للأدوية، وشخص يعكس رؤيتها لحياة التي باتت بالنسبة لها قذرة. هذا ما كان يخبرها بع قلبها إلا أن صوت عقلها يملك رأي آخر  ويقول أن البشر جميعهم متشابهون  يسيرون بقانون القوي يأكل الضعيف والحل هنا أنها يجب أن تنهي حياتها فلمن تعيش الآن؟ ولماذا هي على قيد الحياة؟

توقفت لتنحني قليلا بجذعها للأسفل تضع يديها على ركبتيها تنظم أنفاسها. ألقت نظرة على الساعة المحيطة بمعصمها ووجدتها تشير لسابعة وعشر وهذا يعني أنها تركض منذ نصف ساعة تقريبا.

جلست على أحد المقاعد الحديدية الموجود على جانب الرصيف وأطفأت ذلك الصوت الصاخب الذي أزعج طبلة أذنيها، تمنت لو تسمع صوت ذلك الشاب الآن فالحقيقة أنه لم يفارق ذاكرتها بعد.  بقيت تحدق بقرص الشمس الأصفر الذي زين السماء الزرقاء الصافية حتى راودها سؤال غريب كيف تشكلت الشمس والسماء؟ هل هناك يد في صنعهما أم أن ذلك صدفة؟ .. صدفة! مستحيل أن تكون كذلك لأنه من الوضح أن هناك أمر مبهم تجهله.

أحست برجفةٍ عنيفة تجتاح خلايا جسدها المُنهك وأطراف أصابعها بدأت تهتز فوق المقعد لذا حملت نفسها بسرعة لتعود أدراجها للبيت، فبالتأكيد هي بحاجة  لدواءها الذي يمنحها السيطرة على نفسها. أغلقت سترتها البنفسجية ووضعت يديها داخل جيبها تحاول ضبط الفوضى بداخلها. هذا من أحد الأسباب التي تدفعها لإنهاء حياتها، فكون توازن جسدها وعقلها مرتبط بحبة صغير أمر قاسيٍ ولا يحتمل. كان الطريق فارغا إلى أن ظهر أمامها رجل يلبس عباءة بيضاء وامرأة بحجاب أزرق تلف يدها حول ذراعه و يدها الثانية فوق بطنها المنتفخة التي تدل على حملها، كان يبدو أنه يهمس لها بأمر مضحك لأنها كانت تبتسم بخفة. شعرت بالغرابة من ثيابهما لكن بالغيرة أيضا لأنها تتمنى أن تحضى بشخص يكون سند لها هكذا متاحًا لها في أي وقت،  توقفت فجأةً حين حلت رؤية ضبابية على عيناها وأحست بدوران الأرض من حولها  قبل أن تقع مغشياً عليها.

********************

أغلق إبراهام الزر العلوي لياقة قميصه الرمادي وحمل عطره من منضدة الزينة  يرش منه القليل، أدخل هاتفه في جيب بنطاله ونبس تزامنًا مع خروجه من غرفته
"لا إله إلا أنت عليك توكلت"

صراطٌ مستقيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن