٥٠ | أنا أنهض أو أسقط؟ |

3.1K 475 1.1K
                                    



مقاطعة مانهاتن، عقار نارسيس.
٢٠١٨/٠٣/٠٤
٧:٠٠ مساءً.

«زينة...» ناديتها بخفوتٍ وأنا أرفع ذراعي في الهواء ثم كثفت تركيزي على أظافري الطويلة وأصابعي النحيلة لبرهةٍ.

من الغريب أن تجد نفسك في القاع كلما جدفتَ نحو اليابسة، ولا أعني بذلك استقراري بالقعر المظلم رفقة كوابيسي وشياطيني. لا! بمعنى أنك شخصٌ غارق بالتفاصيل، تختنق بها وتبتلعها كالدواء المُر على مضضٍ ولكن مع آمالٍ أن أحشائك سوف تبِصقها، ثم يتبين أنكَ سوف تبقى حاملًا بها للأبد، لا يمكن أن تضع هذا الجنين وتخفف الثقل؛ سوف يرافقك مدى الأبدية. هل لأن تركيبتي مشوهة يا ترى؟ لأنني لستُ مثل الأشخاص العاديون؟ لا جسديا ولا عقليا ولا نفسيًا...

نهضتُ من الكرسي المخصص للاستلقاء ذاك بسرعةٍ غريبةٍ، آلية ومرغمةٌ بعض الشيء ثم نظرتُ نحو زينة الجالسة عند مكتبها تراقبني بنفس النظرات العميقة المعتادة.

«هل أنا منافقة؟ مجنونة؟ مختلة؟ ما الصياغة الصحيحة لما فعلته وما الذي علي فعله حتى أنال صفاءً؟» أجل، سيكون غريبًا أن أستمتع رفقةَ من كسرني، أن أستقبل مودة من حطمته، أن أعيش رفقة من كرهته، أن أطارد ما استصغرته وأن أترك ما قدسته.

العيش وسط الغيوم الرمادية والضباب الغامض يُفقدني عقلي.

«عليكِ ببساطةٍ تقبل وجود الرمادي والتوقف عن تقسيم العالم بالأسود والأبيض لأنه لا يعد صفاءً بقدر تطرفٍ وتصلبٍ منكِ.» أجابتني بالبساطة المعتادة التي تصوغها بطريقة تستصغرني كالطفل الصغير الجاهل.

وأجل، هذه ليست إهانةً لي. أنا فعلا طفل صغير جاهل مشبع بالكثير من الذُعر والسلبية والتوجس؛ وعقله يسبح في بحر الحيرة. أحتاج لمن ينتشلني.

«لا يمكنني تقبل ذلك! لا! ليس بهذه البساطة!» انتفضتُ من مكاني هائجة بعض الشيء وبدوتُ كالمجنون الذي يتعارك مع نفسه؛ وأنا كذلك فعلا. أشد على قميصي وأسحبه متخيلةً أنني أفعلها لجلدي الذي أحكهُ بعدم راحة؛ لستُ مرتاحة في التواجد بهذا الجسد؛ هل يمكنني فتح عقلي ولمسه؟ لربما تذوقه، لعقه حتى أفهم تركيبته المريضة هذه.

«هذا الكلام لا يصدر منكِ بل من نرجسيتكِ الجريحة، آمور.»

آرثر، ريكا، ديلان؛ والعديد من الضحايا الذي تهجموا على هذا الجانب مني؛ الكثير من أعين الفتيات المعجبات به؛ أنا نفسي قدسته كثيرًا مما يجعلني أرتفع للسماء بينما أعيش في الحضيض. حيث أكون اللاشيء وكل شيء في نفس الوقت.

كاراميل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن