٢٩ | كلنا أشرار في قصص بعضنا |

5.7K 721 540
                                    


٢٠١٨/٠١/٣١
نيويورك، مقاطعة مانهاتن.
منزل آل خوس.
٣:٠٠ مساءً.

«أنا أكرهك ديلان! أنا أفعل.. كثيرا، كثي-آهٍ.» لم أكمل كلامي بسبب انفلات تآوهٍ خافت ومتذمرٍ، وعفويا دفعت جسدي للأمام أتسطح أكثر على الطاولة بسبب ضغطه على كتفي بتلك الطريقة المؤلمة والمتعمدة.

شعرت بجسده يقترب أكثر مني، وانحنى لدرجة اختلاط سخونته مع الخاصة بي، يضع شفتيه بجانب أذني اليسرى ويهمس بسخريةٍ مبطنة. «إن كنتِ حبيبتي، فعليكِ الاعتياد على أشياء كهذه.»

تسرب تذكرٍ عالٍ أعلى من حنجرتي وأغمضت بعيني أحاول امتصاص الشعور الجيد من حركات أصابعه متجاهلة حقيقة أنه يضغط علي لفعل هذا الشيء المقرف.

«من المفترض أننا لم نلتق لأسبوعين كاملين، ستكون مشتاقا لي.. لربما لمعانقتي والتغزل بي، وليس.. ليس تدريسي خمس ساعات متتالية!»

بسبب كلامي نزع يداه عن كتفيّ يحرمني من تدليكه الجيد لهما، وقد دفعني للاستدارة نحوه بانزعاجٍ أكبر لكن ملامحه المسترخية والبشوشة خففت من عدائيتي الموجهة نحوه وترقبت ما سيقوله وأنا أرفع رأسي أكثر كوني جالسة على الكرسي وهو أطول مني بكثير.

«ولكنني فخور بكِ، لقد تمكننا من تغطية نقائص كثيرة الناتجة من غيابكِ، الآن يمكننا الخروج والاحتفال بهذا الإنجاز الصغير رفقة الآخر الكبير والذي هو تحقيقك درجة ثمانون بالمئة في الفصل الأول! هناك الكث-.» رغم حديثه المتحمس إلا أنني قاطعته بالرفض القاطع المختصر. «لا أريد، ليس وكأن تلك النتيجة تخصني.»

سكت لبرهةٍ وهو يتمعن وجهي العابس، لم أكن في مزاجٍ جيد وسرعان ما زال الجو الحميمي بيننا الخاص بالبارحة ما إن استيقظنا، وأعلم أنني لو أسرفت في التذمر سوف ينهرني قائلا أنه لم يطلب مني الزواج من الدراسة.

«عليكِ تقبل فكرة أن المرأة تتسلح بالعلم الذي تكتسبه والشهادة التي تحصل عليها، هذا العالم قاسٍ على النساء آمور لذلك يجب أن تمتلكِ ما الذي قد يُسندكِ في أوقاتٍ مظلمة. صحيح أنه قاسٍ على الجميع مهما كانت أجناسنا ولكن الرجال دوما يجدون طريقة لتدبر أمورهم، ولا يهم الطريقة التي يلطخون بها أيديهم، بينما أنتِ؟ كامرأة؟ لا أريد أن أراكِ مهجورة في زاوية متسخة بأحد الأزقة، أُريد دوما أن أراكِ في أعلى مكانة ممكنة حيث لا تتركين مجالا لأي ضعفٍ أن يهدمكِ ويسحبك للأسفل معه.»

قال الكثير وتابعته أنا بصمتٍ، ولسبب ما لم أكن أرى ديلان من يتحدث إنما والدته. شعرت لوهلة أنه متلبسٌ من قبلها للنخاع لأنه بالنظر إلى خلفيتها فقد عاشت حياةً قاسية كفاية جعلتها تُرسخ نوعا من القيم داخل عقل ابنها الوحيد حول المرأة، حول العلاقات، حول السلوكيات ومختلف التصرفات. ولا أدري هل أكون ممتنة لحقيقة أنه فتى مؤدب أم الخوف من خضوعه لهذه السلطة القوية؟

كاراميل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن