٥٤

20.6K 599 86
                                    


ابتسم هزاع و سّلم على صقر، تقهوى عندهم شوي و بعدها لحق خليفه اللي دخله المجلس.
دخّلوا داخل و التفت هزاع على خليفه أول ما نطق: بروح أناديها، أستريح.
طلع خليفه و سكّر الباب وراه، تنهد هزاع يمسح على وجهه و بدء يدور حول المجلس و نبضات قلبه تتسارع خلال كل ثانيه تمر، وقف أمام مرايا و مسح على شعره اللي زال طوله و نفض ثوبه اللي أصبح واسع عليه.
تقّدم يجلس على الكنب من طال انتظاره و زفر يرجع ظهره بتعب.
فّز قلبه آثر صوت الباب اللي انفتح ببُطئ و خفه، طاحت عيونه عليها وهي داخله و كل تركيزها على جوالها تتصفح فيه و هي تسكر الباب خلفها بهدوء.
رفعت راسه بميّله بسيطه تُبعد خصلات شعرها الأسود عن وجها و بلع الغصه يتأمل بطنها البارز.
طاح الجوال من يدها أثر صدمتها، رمشّت بشكل مُتكرر تحاول تكذب عيونها انه متواجد قدامها و لكن كل ما رمشت طيفه ما زال موجود.
تأكدت انه هو فعلاً أمامها أول ما نطق، صحيح شكله مُتغير و لكنه هو، هزاع القديم اللي الحُب يهمّر من محاجره و هو نفسه اللي كلامه يقطر عسل لما يكون الحديث معها هي:
جيتتس.. وأنا ودي من الفرحة أطير
وأعانق نجومك وأعانق سحابك

متخوف وعايش على الحلم الأخير
بـ أموت لو ما قلت لي مرحبابك

ورحبت بي .. جعل فداك الغنادير
اللي ما تسوي في عيوني سرابك

وتنشد عن أحوالي عسى أحوالي بخير
كل الامور بخير لولا غيابك
دمّعت عيونها تسمع صوته اللي أبطت منه لفتره طويله، عضت شفتها تشد على طرف فستانها الأسود تحاول تجّمع قوتها و تنطق، تنهدت و العتّب هو كل اللي في بالها.
تقّدم لها و لكن توقف أول ما تراجعت و همست بصوت مهدود الحيل: لا تقرّب.
رصّت على فكها وهي أول ما طاحت عيونها عليه كل الغضب و العتب اكتسى شخصيتها الحنونه، طّولت النظر فيه و عيونها مفضوحه بمشاعر الغضب و نطقت: لك وجه تجي و تكلم ابوي بعد ؟ أنا حاولت اركض وراك و أتحملك ! لكنك ردّيت لي خاطري و هو مكسور كسّر مُستحيل ينجبر ببيتين من قصّيدك العذب يا ولد مسفر !
غّمض عيونه بحّزن يسمع ندائها له، اشتاق لأسمه من منطوقها و تنهد قبل يهمس: طّلبتس، لا تعاتبيني لين اروي ضماي و شوفي، تكفين.
عضت شفتها و بلعت الغصه اللي كانت مثل اللهيب على صدرها و قالت بصوت مهزوز:
من حقي أعتب عليك إن غبت
واشتاق وانشد عن احوالك
معقوله مر عليك ثامن سبت
و ماجيت في بالك ؟
بلع ريقه و همس: يمكن تشوفين عذري ما هو كافي يداوي الكسّر و الجّرح اللي العذال سببوه، و لكني جاهز أوقف قدام باب الموّاصل لين يطيب خاطر محبوبي.
هّزت راسه و ابتسمت بسخريه، غطت فمها و نزلت دموعها بصمت، رجّعت النظر لـ عيونه و همست بصوت مكسور و فيه العّبره:
ما جيت أدورك ولا أطق بيبانك
ولا أترجاك مثل فلان وفلاني

انت الذي جيتلي وأعلنت بلسانك
انك على شوفتي جايع وعطشاني
تنهدت بعد ما حطت كل مشاعرها في الأبيات و انحنت تاخذ جواله، رفعت راسها و شهقت أول ما شافته أمامها و قضى على المسافه اللي بينهم، ارتخى كل جسمها و استسلمت أمام حضنه، هّلت دموعها تنهّمر على وجنتيها و نزلت يدينها الراجّفه على ظهره تشّد على ثوبه بقّهر و غضّب.
دفّن وجهه في عنقها بشم ريحة دهن العّود و غمض عيونه يشّد على كتوفها أول ما حّس باهتزاز جسمها و ارتعاشه، و بعد ثواني سمّع صوت شهقاتها و حس بدموعها تبلل صدره.
حسّت فيه بقّبل عنقها قبل يهمس:

والله إنك عليهم فيك زود...وش يجيب الوطى للنايفهWhere stories live. Discover now