الفصل التاسع والعشرون

4K 366 97
                                    

قصة/ اِحْتِلاَل مُحَرَّم الفصل التاسع و العشرون

#بقلم مــــريـــــم نصـــار.



سبحان الذي يسخر لنا جنود في الأرض تنتشلنا مما نحن فيه من غير حول منا ولا قوه.
أعرف إن ربنا لما بيحبك وشايفك بتعصيه ومستمر في عصيانك ليه و غافل عن حبه العظيم ليك؟ بيبتليك علشان جه وقت إنك تفوق وتبص لفوق وترفع أيديك وتقول يارب ماليش غيرك اللي هينور طريقي واعدي من عثرات الحياة.
في العنبر الكل نايم عداها هى، النوم جافاها وراحة البال اختفت من حياتها من وقت ما قابلت مروان، قاعده في ركن العنبر بعيد عن الكل بعيد عن دوشة العالم، سابت لنفسها أخيراً وقت للندم و مساحه تفكر وتعمل مقارنه بين الصح والغلط، بين النور والضلمه، بين أنها لو كانت وافقت على مختار وبين أنها سلكت طريق غير مشروع كانت حياتها اختلفت تماماً، رجعت بالذاكرة لما كانت بتبيع دره وملهوفه على مروان علشان تحقق أحلامها دموعها نزلت على خدها واتكلمت بعتاب ممزوج بندم وانكسار:- هو حرام إني أحلم؟ كل بنت في الدنيا بتحلم نفس حلمي أنها تلاقي واحد ياخدها لفوق وتعيش معاه في سعاده، مين الغلطان أنا ولا مروان؟ مين السبب أنا ولا مروان؟
عيطت بصمت وكملت بندم واحتياج كبير:- بابا وحشني، من غيرو الحياة كأنها ملهاش سقف يداريني، كان نفسي يكون عايش ويسمعني، كنت عايزاه يرضى عني، يرضى عني بس وكان نفسي يسامحني قبل ما يروح مني، اتحرمت منه وحرمني من مسامحته خسرتي كل حاجه ياليله، خسرتي نفسك وكرامتك اتهانتي واتذليتي، مشيتي ورا واحد قدر أنه يضحك عليكي بسهوله، خدوا إبنك منك حرموكي من إبنك.
ضغطت على اسنانها بندم وقالت:- بتعيطي ليه دلوقتي ياليله؟ مش ده مروان اللي استسهلتي كل حاجه معاه؟ مش ده اللي باعك خدك ببلاش وباعك ببلاش، ولما جالك تاني مرفضيهوش؟ندمانه ليه دلوقتي يابنت محمود صابر؟ خلاص فات وقت الندم وكل حاجه انتهت، خسرتي نفسك وخسرتي إبنك خسرتي كل حاجه ياليله، فات وقت الندم.
حطت وشها بين أيديها وعيطت بشهقات وقالت:-ليه يارب كل ده بيحصلي ليه؟ أنا غلطت بس دفعت التمن غالي اوى، ليه كل ده يارب ليه؟
:- استغفري ربك ياليله.
سمعت الجمله دي والصوت مش غريب عليها، شالت أيديها من ع وشها بسرعه وقامت وقفت وبصت يمين وشمال وهى بتهمس وبتقول بزهول:- بابا؟ ده صوت بابا.
بصت قدامها شافت باباها واقف قدامها بمسافه ولابس أبيض،فتحت عينيها بصدمه وشهقت وخافت وهمست بصوت مهزوز:- ب،بابا.
قرب منها خطوه وجاوبها وقال:- أيوه ياليله أنا ابوكي، إيه نستيني كده بسرعه؟
عيطت أكتر هزت راسها بالرفض وقالت:- عمري ما نسيتك لحظه وأنت عارف كده يا بابا.
رد عليها بهدوء:- عارف، عارف يابنتي.
سألته باحتياج وعتاب:- سبتي ومشيت ليه؟ أنا جتلك علشان تسامحني بس أنت ماستنتش.
رد عليها وقال:- كل شيء بآوان، أنا جمبك ديما وحواليكي، ووقت احتياجك ليا بجد! اديني أهو جتلك.
سألته بدموع:- قولي ليه بيحصلي كل ده يابابا، أنا تعبانه، تعبانه في حبل ملفوف حوالين رقبتي، مش لاقيه راحه يابابا.
رد بوضوح:- وهتلاقيها إزاي بس يابنتي وانتي في غفله عنها.
مسحت دموعها وسألته:- ألاقيها فين دلني عليها.
شاور بأيده لفوق وقال:- هتلاقيها بين أيدين رب العباد، الجأي إليه يابنتي.
نزلت راسها في الارض بخجل وقالت:- ربنا عمره ما هايسامحني.
رد بنفي:- غلط، غلط يابتني ربنا ديما بيغفر ويسامح مهما عملتي، ده هو الله، ذاك الركن الشديد و الملجأ الوحيد و هو أقرب إلينا من حبل الوريد، يرى زلاتنا ولا يفضحنا يسترنا و يغفر لنا و يردنا إليه ردا جميلاً.
شافها لسه في حيره أبتسم وكمل:- اذنبتي مرة وألف وانتي غافله عنه، اختبرك مرة واتنين علشان ترجعيله وانتي مبترجعيش، صممتي على عصيانك، ده غير قنوطك وعدم رضاكي بقدرك ونصيبك، ربنا ابتلاكي علشان بيحبك ياليله،عايزك تقربي وتقفي على بابه وترفعي ايديكي وتقولي يارب، بس انتي بعيده دايما عن الباب الوحيد اللي هينجيكي من كل العثرات.
غمضت عينيها ودموعها نازله بحسره وقالت:- إزاي هيسامحني وأنت مشيت وغضبان عليا.
حط أيده ع على قلبها وقال:- في فرق بين الزعل والخوف وبين اني أكون غضبان يابنتي، مهما الإبن كان عاصي، ومهما وصلت درجة عصيانه، إلا إن قلب الأب عمره ما يغضب عليه أبدا، الأب هو الوحيد اللي بيغفر ذلات ولاده بدون مقابل، بطلي تبصي وراكي، بصي لقدام وربي إبنك،  الحقي نفسك قبل فوات الأوان ياليله، سمعتيني يابنتي!!! الحقي نفسك قبل فوات الأوان.
فتحت عينيها على صدى صوت باباها بيتكرر وبصت حواليها لكن مفيش حد موجود معاها، قامت بسرعه تتلفت حواليها وهى بتنادي عليه يرجع تاني وقالت:- بابا، بابا أرجع ماتسبنيش، بابا تعالى أرجوك.
مفيش أمل أنه يرجع، ده كان بصيص أمل ليكي يا ليله علشان تفوقي ياترى هتلحقي اللي باقي من عمرك ولا لأ!!

قصة/ اِحْتِلاَل مُحَرَّم بقلم/ مريم نصار Where stories live. Discover now