الفصل الثامن والعشرون

Start from the beginning
                                    

فتحي اتحكم عليه بتلات سنين سجن، زائد مبلغ كبير هيأمن حياته بعد الخروج، تضحيه مش بطاله هيدفع تلات سنين من عمره ويرجع واقف على أرض صلبه، مش مهم أيً كان بالحلال او بالحرام هو مفكرش في كل ده، فكر في الفلوس وبس ما فكرش إن في يوم الحق اكيد هيرجع لأصحابه،
ليله بعد الحكم اخدوها في عربية الترحيلات على السجن وما كانتش قادره تفسر إحساسها في الوقت ده ايه؟ ساكته تماماً طول الوقت، أي حد يسألها عملتي إيه! متردش؛ دخلت العنبر بلبسها الأبيض غريبه إحساس بالغربه ماليها،عدى الوقت بيها و أول حاجه عملتها حطت مخدتها تحت راسها وفضلت مفتحه عينيها باصه للفراغ في صمت لحد ما غلبها النوم ونامت، فاجأه صحيت على جردل مية بيدلق فوق راسها،اتعدلت بسرعه مخضوضة بتتنفس بسرعه اتكلمت بشهقات:- في إيه! في إيه؟
مشرفة السجن كلمتها بحده:-صباحيه مباركه يا روح امك!! ايه كل ده نوم! فاكراها لوكانده يا حبيبتي؟
كل المسجونات الموجودين في العنبر ضحكوا لانهم مر عليهم نفس المرحله دي، شافتهم وهما بيضحكوا معلقتش، مسحت الميه من وشها وسألتها بخنقه:- انا مش عارفه عملت ايه لكل ده!! انا كنت يا دوبك نمت ما تمتش خمس دقايق.
ضحكة المشرفه بتريقه وقالت:- خمس دقايق؟ صح النوم يا حلوه، أنتي نايمه من امبارح، ومالناش دعوه نمتي امتى، في مواعيد هنا ظبط وربط تنامي بميعاد وتقومي بمعاد الساعه 6:00 تكوني واقفه قدامي تشوفي وراكي إيه، ولا تكونيش فاكره انك ساكنه في فندق خمس نجوم؟
حاولت تقف وسألتها بحزن:- ورايا إيه وانا هعمله بس الله يخليكي من غير تريقه؛ انا فيا اللي مكفيني.
زقتها المشرفه في كتفها وكانت هتقع ع السرير وزعقتلها:- أنتي هتعلميني يابت اعمل إيه وما اعملش إيه؟ وفي اول يوم ليكي بتردي عليا؟ امال ال 15 سنه اللي مشرفاهم هنا هتعملي فيا إيه؟ طيب يكون في علمك شغلك وشغل زمايلك في العنبر كله عليكي الاسبوع ده وهتعملي المطلوب منك فاهمه يا بت ولا امسح بيكي بلاط العنبر؟
مسحت دموعها وخافت منها وردت بحزن:- فاهمه.
ردت عليها بتهكم:- ايوه كده اتعدلي؛ واسمعي بعد ما تفطري تكنسي وتمسحي العنبر ده كله، وبعدها تغسلي كل هدوم زمايلك في العنبر، وبعد ما تخلصيهم تمسحي الحمامات كلها الدور ده واللي فوق منه، عايزه الحمامات تنور زي وشك، وبعد الغدا أكون فكرتلك في شغلانه تسليكي بدل ما انتي قاعده فاضيه، وورينا شطارتك يلا أنجري قدامي.
نزلت ليله قليلة الحيله مع زمايلها والمشرفه وقعدوا كلهم على ترابيزه كبيره للفطار وكلهم بيتكلموا مع بعض إلا ليله كانت ساكته تماماً بعد ما خلصت فطار، قامت تستعد للمعاناه اللي هتعيشها من جديد وبشكل مختلف وكل يوم كان بيعدي عليها ليها عقاب شكل، كانت الايام بتعدي بيها ببطء بتصحى من الصبح بدري ولحد وقت النوم وهي بتشتغل، اتهانت واتذلت بمعنى الكلمه، وفي ستات استقوت عليها في العنبر لأنها ضعيفه، وناس تانيه وقفت جمبها ودافعوا عنها، كانت فترة عصيبة جداً عليها،داخليا كانت كل يوم بتنهار من اليوم اللي قبل منه، وكان وقت راحتها بس هو وقت النوم، بيكون ليها الحق والحرية تفكر في ابنها علي، واللي شاغل عقلها هو يا ترى حصل معاه إيه؟ عدى عليها شهرين كاملين ومفيش حد بيزورها هي الوحيده اللي في السجن لا بيجي ليها زياره ولا حد بيسأل عليها، زهقت من عد الأيام وحاولت تتعايش مع الواقع، زائد أنها ابتدت تتعلم شغل التريكو و بدأت في نسج أول بلوفر لـ علي ويمكن دي الحاجه اللي كانت مهونه عليها غربتها وسط الحياة.

قصة/ اِحْتِلاَل مُحَرَّم بقلم/ مريم نصار Where stories live. Discover now