الفصل التاسع: سوء فهم.

889 57 52
                                    

عيد حب أسود لكل من قتله الحب قبلي...

للكاتب عبد الحليم بدران.

__________________________

كانت أريناس وعائلتها في طريقهم للمنزل بعدما رأت منزل النور وصاحبه كما أرادت، هي تملك كلمة على زوجها فهي تخرج به حين ترغب وتدخل حين ترغب وفي الوقت والمكان الذي ترغب به، المغفل يحبها بينما هي لا تحب سوى سيفاو، هي من طلبت من سيفاو أن يعزم مياس وتتحجّج بالأمر كي تذهب له وتحدّثه أمام زوجته وزوجها دون خجل، ابتلع مياس المسكين الطعم وحصل ما أرادته بالضبط. هي تعشقه من قبل أن تتزوج أصلا لكن غباءها جعلها تنتظر أن يُقدم هو على الخطوة الأولى، انتظرت وانتظرت حتى تزوج من عليّة القوم وخطف قلبها دون مقابل، تزوج من غيرها رغم أن تصرفاتها والتصاقها به على الدوام كان كافياً ليفهم رغباتها، تزوجت بعدهاهي الأخرى أملا في نسيانه لكنها لم تفعل، حتى كل تلك السنين الطويلة لم تكن كافية لمحو المشاعر التي تكنها له. بعد حوالي سبع سنين من زواجها بدأ سيفاو يتقرّب منها فجأة وهي لم تستطع المقاومة رغم أنها كانت قد أنجبت يور بالفعل وهو كان قد أنحب أولاده جميعا، بعد فترة أيقنت أنه لا يحبها بل ينجذب لجمالها فحسب، رغم أنه كان ولا يزال يكذب ويقول كلمات عشق كثيرة إلا أنها تعلم أنها جميعها مزيفة لكنها لم تستسلم ولا تزال تطمح لنيل قلبه في يوم ما، ذاك اليوم الذي يقول كلماته الرومانسية بكل جوارحه دون كذب.اللعين لا يزال يعشق زوجته رغم الخلافات التي لا تعرف نوعها بينهما، لكن النظرة التي يخص سيفاو بها ماتيا لم ينظر حتى بربعها إليها.

خرجت من شرودها بعدها وهي تستمع لشجار رجال العائلة عن أن يور لم يكن عليه أن ينجرّ لاستفزازات أنير ومناقشته فيما يقول، ثم رجعت وتذكرت بعض اللحظات التي حصلت عليها مع سيفاو الليلة فابتسمت بتلقائية ثم فكرت.. يور لا يستلطف سيفاو بل وينفر منه أحياناً، ربما لأنه يذكره بديهيا، تلك الفتاة التي أحبها في صغره ومنعه عنها أخواها. لكن من تخافه أريناس حقا هو اكسيل... هي تحبه بشكل لا يصدق كأي أم تحب ابنها، لكنها قلقة حقا من اكتشافه لعلاقتها مع والد زعيمه فهو فطن ودقيق الملاحظة حين يتعلّق الأمر بالأفعال المشبوهة، هي تعرف رأيه جيداً بموضوع المتاجرة بأجساد النساء والخيانة سواء كان ذلك بدافع الحب أو غيره، هو يضع الجميع دون استثناء مع خانة بائعات الهوى.

وفي مكان آخر كانت تيزيري تحظن ناتير لصدرها بعد أن نامت دون عناء لكن هي لم تفعل، تجمد عقلها وكذا تفكيرها وضلت حبيسة تلك الذكرى التي تودّ لو تمحيها من عقلها للأبد... تتمنى بشدة لو أنها لم ترى ما رأته يوماً، لكن بمجرد أن يعرف المرءبأمر ما لا يستطيع أن لا يعرف أو يكود كما كان.

***

كان النسيم البارد يداعب بشرتها البيضاء ويراقص خصلات شعرها الأمامية الليلية بينما أعينها الفحمية تسكر برؤية المنظر أمامها، كانت تقف على حافة بناية ما تتكئ بيديها على الجدار الزجاجي أمامها، كانت ترتدي معطفا قصيرا أبيض بريش أبيض على قلسونته ينافس بياض الثلوج التي تغطي كل الجبال أمامها، كان المنظر خلابا.

الرجوع لزمن البرابرةWhere stories live. Discover now