الفصل الأول: أين أنا... ومن أنتم.

1.6K 83 20
                                    

أنا... لست... كاتبة.
أنا مجرد فتاة هاوية تناطحت الشخصيات والأفكار في رأسها فأخرجتهم على الورق لتريح عقلها.

________________________


لساعات... لساعات لم تسمع سوى طَقطَقة نيرانٍ بعيدة خمّنت أنها لمدفأة ما رغم أنهم في نهاية فصل الصيف لكنها، لم تهتم للعنتهم. رائحة الرطوبة والمعادن تملأ المكان، وقد اعتادت أذنها على سماع قطرات الماء التي تسقط من السقف بالفعل.
أحسّت أن بطنها قد التصقت بظهرها من الجوع وجفّ حلقها من العطش، أكلُّ هذا لأنها ارتكبت جريمة قتل دفاعا عن النفس؟! ... أليس من المفروض أن يكون هناك استجواب لعين من قبل أحد الضباط ولها الحق في إحضار محاميها فيه داخل المخفر قبل دخولها السجن؟.
إذا لماذا يعاملونها كالفضلات منذ ساعات دون استجواب أو حتى رفع قطعة القماش اللعينة هذه عن عينيها؟، أَعصبُ عينيها مسموح قانونيا حتى؟!! ...
كانت مكبلة على كرسي غير مريح بالمرة ومن ملمسه يبدو خشبيا، قطعة قماش أخرى على فمها وضعوها حين أكثرت الصراخ والثرثرة تطلب محاميها.
أخيرا وبعد لحظات سمعت الهمسات تقترب ناحيها وقد بدأت تتضح، لا تعرف إن كان يجدر بها الارتياح أم الخوف لذلك لكنها سمعت بوضوح كلمات كصغيرة الحجم... الإنجليزية... مركبة غريبة...
لم تكن لغتهم التي يتحدثون بها هي اللغة الإنجليزية، كانت لغة البربر... اللغة التي تعلمتها من والدها لأنه أمازيغي الأصل لكنها غريبة قليلا عن التي تعلمتها، بدت... أصعب قليلا. قد يصدف أن يكون أحد الشرطة من شمال إفريقيا ويتحدث اللغة تلك لكن جماعة؟! ... وفي وسط مخفر لعين أثناء العمل؟ ... كان ذلك غريبا كاللعنة!.
ثم هل كانوا يقصدونها بصغيرة الحجم؟، طولها ستة أقدام وخمسة عشر يا أوغاد، ما ذنبها إن كانوا هم عمالقة؟، إن حجمها طبيعي بالنسبة لامرأة يا عهرة.
هذا ما كانت تفكر به ثم انقطع ذلك حين سمعت صرير زنزانة يفتح... لم تكن في مخفر بل في السجن داخل زنزانة يدوية لعينة فهي لم تسمع صوت فتح الزنزانة الالكترونية.
سمعت صوت خطوات شخصين دخلا الزنزانة ولم تستطع رؤيتهم بسبب قطعة الحرير على عينيها، لكنّ أحدهم نزع القماش من على فمها بعنف ثم ساد الصمت للحظات طويلة. فكرت أنه لو كان هناك صرصور في المكان لسمعت صفيره، لو كان هناك فأر لسمعت أقدامه الصغيرة تركض في أنحاء المكان الذي لا تعلم شيئا عن لعنته حتى الآن. كسرت هي ذاك الصمت أخيرا حين نفد صبرها
- " لن أتحدث دون محاميَّ الشخصي".
صدى صوت صفعة قوية في المكان... ونعم نزلت على خد تلك المسكينة التي تشعر بالدوخة الآن إثر قوتها وصلابة يد من صفعها، ارتفعت الحرارة في وجهها وبدأت تحس بحرق خفيف في خدها... حرق بدأت تتصاعد شدته مع كل ثانية تمضي.
لا تعرف ما تشعر به، لا تعرف ما الذي يجب أن تفكر به، آلاف الأسئلة تدور حول رأسها تناغما مع الدوار الذي تشعر به. هل هي في سجن حقا؟، هل هؤلاء هم شرطة فعلا؟، وإن كانوا كذلك فكيف يتجرأ أحدهم ويمد يده على متهمة امرأة وخصوصا إن كانت مشهورة في البلاد؟ ... ألا يعرف عواقب ذلك؟، هل تم اختطافها ام ماذا؟؟؟.
أحكم أحدهم قبضته على ياقة قميصها وعلى صدرها فتقطعت أزراره الأولى
- "لستِ في موقف يخوّلك طلب أي شيء يا ساقطة، لذا ستجيبين عن الأسئلة بهدوء ودون مماطلة وإلا سأجعل رجالي يتناوبون على جسدك الصغير المثير هذا".
نعم... ليست داخل سجن او حتى داخل مخفر، هي مختطفة ولا شك في ذلك، والآن أصبحت تتمنى لو أمسكتها الشرطة قبلهم... واللعنة.
كيف عرفت؟ ... لأن صوت المتحدث ذاك كان يبدوا صوت مراهق لم يصل لأواخر العقد الثاني من عمره حتى، كان يمتلك لكنة غريبة ويتحدث الإنجليزية بثقل وصعوبة، وحتى تلك بدت أصعب وأغرب من اللغة الإنجليزية التي تعرفها رغم أنها لغتها الأم.

الرجوع لزمن البرابرةWhere stories live. Discover now