الفصل الثالث: مجرمة عاشقة.

738 54 22
                                    

لم أعشق تاء التأنيث يوما هكذا... لا تظلموني مجددا، أتحدث عن الحرية اللعينة.


المحاكمة- المتمرد- للكاتب عبد الحليم بدران.

___________________________

أول ما فعلته تيزيري بعد الجلسة هو التوجّه لمكتب المديرة، وقد استنتجت بالفعل أن الطبيبة ليست بالخصم السهل. دخلت مساعدة المديرة تطلب إذن الدخول لتيزيري التي ضلّت واقفةً عند الباب تمسح بيدها على طول ذراعها الأخرى بسبب شعورها بالبرد وهي تفكر أنها يجب أن تحرس على ارتداء ثياب أكثر دفئا منذ الآن كون البرد قد بدأ يشتد، خرجت المساعدة بعد فترة تطلب من تيزيري الانتظار لنصف ساعة على الأقل وكان ذلك ما فعلته.
أطلّت المديرة بطولها وشعرها الأسود المموّج من باب المكتب بعد فترة تشكر تيزيري عن الانتظار وتطلب منها الدخول ببسمة واسعة، دخلت تيزيري المكتب بعدها وهي تشد قبضتيها لتمنع ارتجاف يديها ثم جلست على الكرسي المقابل للمكتب.
-"طلبتي لقائي يا آنسة؟"،
تنحنحت تيزيري ولم تبذل أي جهد في إخفاء قلقها وارتباكها:
-"أجل، للقاء أمغار"،
رفعت المديرة حاجبيها بينما تشبك أصابعها ببعض فوق المكتب فتابعت تيزيري:
-"أؤمن أن بحوزته أشيائي الخاصة التي أحظرتها معي من إنجلترا وأود استرجاعها لو سمحتي".
-"هل ينقصكِ شيء معنا يا أميرة؟"،
لم تغب السخرية في نبرة المديرة عن تيزيري ولم يغب عنها الرفض غير المباشر أيضا، وفكرت أنها لربما ظنت أن الأخيرة تنقص من خدماتهم وعملهم لذا كانت الإجابة بنبرة هادئة مسترخية كالتالي:
-"لقد خرجت من أول جلسة علاج نفسي للتو حضرة المديرة، وقد أوضحت الطبيبة بشكل كافٍ أن اضطرابي عاد لحدّته القديمة والتي لم تَخِفَّ إلا ببعض الأدوية التي أحضرتها معي، لا شيء يجعلني أقتطع من وقتكِ الثمين ووقت زعيم القبيلة غير ذلك".
-"أؤمن أن الطبيبة كانت لتصف لك بعض الأدوية من خاصتنا لو رأت أن الأمر يستدعي ذلك"، إلحاح على الرفض، هذا سيء جدا.
-"الامتحانات على الأبواب وأنا متأكدة أنكِ لن ترضيْ أن يكون أحد اليتامى غير مستعد لها نفسيا".
-"سأتأكد بنفسي من نتيجة فحصكِ النفسي وأسأل الطبيبة ألا تبخل عليك بأي دواء قد يفيدك، لا داع لإزعاج زعيمنا بمشاكل يمكننا إصلاحها فهو يحمل مسؤوليات أكبر بكثير على عاتقه".
تبا... حتى لو وصفت الطبيبة بعض الأدوية لتيزيري فهي لن تكون بنفس فعالية وسرعة أدويتها، بالإضافة إلى أن الطبيبة لم تكتشف سوى اضطراب واحد على حد علم تيزيري وهذا يعني أنها لن تصف لها أدوية للاضطرابات الأخرى، هي حتى لا تحتاج أدوية للوسواس القهري فحالتها لا تحتاج سوى علاج نفسي لكن اضطراب الحركة وتشتت الانتباه شيء آخر.
لذا ستضطر للهروب في الرحلة القادمة ومحاولة الوصول لأي شخص قد يعرف مكان سيارتها أو مكان الزعيم، مجددا... وضع الخطط ليس شيئا تبرع فيه بسبب اضطراباتها لكنها ستبقى في دار الأيتام إلى الأبد إن لم تفعل شيئا بخصوص ذلك، هي فقط تأمل أن تلتقي الزعيم ذو الوجه الغاضب والجسد الضخم حين تفعل، أو اكسيل على الأقل رغم أنه آخر شخص تود رؤية وجهه.

الرجوع لزمن البرابرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن