«لقاء»

19 2 0
                                    

_19_

لم يتذكر تفاصيل ما حدث بعدها،   الأمر هو أنه لم يهتم حقا الامر انتهى ع كل حال …..وما هي فائدة التفكير في الماضي؟

استيقظ في الصباح وراح يعاود روتينه القديم …وكأن شيءً لم يكن ، لا شيء مميز،  يستيقظ ويتجول يصطاد يسرق أو يخيف المارة ، قرر زيارة البحر.

هناك رأى تلك الصخرة التي كان قد التقى اوتو عليها أول مرة …ذهب وجلس هناك، ظل جالسا هناك لفترة ،  وحدق بأمواج البحر التي استمرت بالتدافع جيئة وذهابًا.

في البحر جاذبية غريبة ، تجذب الشخص الى داخله كأنها مغناطيس هكذا اعتقد انليل ربما هذا ماشعر به هو وحده، لم يذهب إليه ظل محدقً فقط وقرر أن يمارس التأمل لفترة
أضحت حياته صاخبة مؤخرا  لابد من أوقات يكون فيها صافيا من كل الأفكار … لحظات الصمت مهمة في السنفونيات الصمت والصوت يخلقان تناغما ساحرا، وموسيقى عذبة، كذلك بالنسبة للفكر فأذا شعرت بثرثرة الأفكار تزداد وتتفاقم، لابد من لحظات لتصمت أو ربما شيء كالفراغ فهو مهم كأهمية نقيضه ….هكذا كان يستعيد توازنه ولا ينساق للجنون بعد عيشه لـ فترة طويلة جدا فردا وحيدا

قوم ظهره ووضع كفيه على ركبتيه أخفض رأسه قليلا واغلق عينيه، ثم بدأ تأمله، اخيرا بطأ تنفسه تدريجيا حتى صار غير محسوس قام بذلك لفترة لم يتحرك ولو قيد انملة، كأنه اندمج مع الطبيعة،صوت زقزقة العصافير وصوت أمواج البحر والنسيم هو الوحيد الذي كان حاضرا،

تعود على ذلك منذ سنين طوال وهو يمارس هذا التأمل لكي يهدئ نفسه،  أن يكون المرء وحيدا مع أفكاره هو أسوأ شيء قد يحصل ولو لم يروض تلك الأفكار التهمته!
وهكذا كان يمارس التأمل دوريا ….كلما احتاج لذلك ع الاقل.

قضى اليوم كاملا وهو على تلك الحال …اندمج مع محيطه فكأنما هو تمثال هناك.
فتح عينيه ،أخذ نفس عميقًا ونزل من عن تلك الصخرة
غربت الشمس بالفعل.

سار مباشرةً امام البحر حتى لامست قدماه امواجه، حدق بالبحر وهنا كأنه تذكر شيءً، كأن ذلك الشيء في غاية الاهمية ،من الغريب انه يتذكر الآن.
هناك شيءٌ قد حُل!

استدار انليل سريعا، وعاد القصر المهجور وعاد لحجرته مشى في أرجائها عدة مرات، وهو يمشيها كاملة جيئة وذهابا كأنه يفكر،  يقرر او شيء ما.

في النهاية قرر.

في الصباح الباكر،  خرج انليل وذهب ليبحث عن الحصان الذي أطلقه في الغابة،  لابد انه لايزال هناك، ذلك لحسن حظه طبعا.
لم يكن من الحكمة ان يطير الى هناك هذا غير مستحسن البتة.

وصل للقرية،  ونزل أمام منزل اوتو ، نزل من حصانه توا وأذا بالباب يُفتح انه اخو أوتو الكبير ، لم يلحظه باديء الأمر لكنه سرعان ما نظر ناحيته ،قال:
-ها هو صديقنا انيل! مالذي جاء بك الى هنا

رد انليل تحيته وكاد أن يسأله عن اوتو، سبقه الأخ قائلا:
-اين اوتو ونيا؟  ألم يأتوا معك ؟

قال انليل وقد فهم عندها انه لم يعد الى هنا:
-لقد تركتهم هناك، طلب اوتو مني أن آتي وأطمأنكم واخبركم انه لن يعود قريبا .

قال ذلك مبتسما واثقا من قوله كأنه لم يقل سوى حقيقة الأمر ،نظر الاخ له ضحك ساخرا …
-حسنا حسنا،  انا لا اثق بك لكني لا استطيع ان ادينك الان.
لوح الاخ بيده مودعا الا ان انليل اوقفه ، وكان يريد أن يكلمه في أمر.
…………
استدرج الاخ ليتكلم معه في أمر ..كما توقع أوتو لم يكن شقيقه فعليا، لقد تبنته العائلة ،قد يعني ذلك شيءً، لكنه قد لا يعني أي شيء ايضا.

لم يعد الى القصر مباشرة بل ذهب الى احد المقاهي ثم طلب كوبا من الشاي وصار يحدق بالمارة لكنه لم يكن مركزا، بل أخذته ذكرياته الى مكان اخر
راودته عدد من الأفكار والذكريات …
تلك التي تخص تلك الفترة.
…………
بعد أن سيطر انليل ع القصر بشكل طبيعي صار هو الملك الشرعي،
اضطر باقي الوزراء والنبلاء الاعتراف بشرعيته، أعلنوه ملكا عليهم،  هو لم يكن مهتما بالحكم، لكن استر أصرت على ذلك
استر استحوذت ع مكان الملكة الشاغر وصارت تحكم فعليا اما انليل فما كان الا إجراء شكليًا فقط، كان هناك عدد من المعارضين الذين خططوا للثورة والانقلاب ضده لكنهم وفي جو مجهول اختفوا ليس بالشيء الصعب التخمين ما الذي حل بهم.

انليل وبشكل ما شعر بالانزعاج لانه وفي عدد من المواقف لم تكن أوامره تنفذ،  استر كانت في موقف اقوى منه والكل كان يتبعها لا هو.

في يوم من الايام اكتشف انليل انها تحنط الناس في قبو القصر ،تعويذة تحول الناس الى تماثيل، انهم المعارضون تحولهم الى تحف للتزين …
غضب من ذلك،لا لكون ذلك غير إنساني ولكن ذلك لانه كان يحتمل تصرفاتها منذ مدة واحتمل عدم احترامه، شعر انه من يتم استغلاله هنا، اتخذ هذا الموقف كحجة له و في يوم ما قرر الانقلاب ع عمته في معركة كبيرة، معركة بين المعلم والتلميذ.

معركتهم كانت شرسة طالت القصر وحطمت بعض معالمه،حتى انهم قتلوا كثير من الناس جراء ذلك.

انتصر انليل.
وصار ملكا حقا،لكن ملكً ع الحطام؟
هاجر الكثير من أبناء المملكة ، ولم يعترف الشعب به،  هكذا قرر الشاب ان يقتل من استطاع ان يطاله.  هكذا انهارت المملكة والملك بلا شعب ليس ملكً

…………

تنهد انليل وقرر العودة إلى القصر.
انقشع الظلام وشعشع نور الفجر ع بقايا المنازل أو شبه المنازل هناك، عندما وصل الى القصر وخطت اقدامه اعتابه.

ناداه صوت ما،صوت مألوف بشدة هو لم يخطئ في تميزه ولو لمرة واحد لكن مستحيل! رفع بصره وتلاقت أبصارهم تجمد في مكانه غير مصدق

-انليل،اهلا بعودتك!
انها استر،الم تمت؟!!انا متأكد ومع جراحها تلك مستحيل أن تنجو !!!

انليلWhere stories live. Discover now