البارت 12

8 0 0
                                    

الفصل 12

فى القاعة محامى المتهم وصديقه: ساقول ما لدى لعلنى افلح فى التخفيف من اية عقوبة ولكن لا اضمن هذا فالقاضى هو خالد مكرم وهو معروف بشدته وقسوة قلبه
بينما الصحفيين يذيعون على الهواء مباشرة : اليوم هو اخر مرحلة من مراحل الجلسات فى قضية هاتك عرض شقيقته وان كنا من قبل نطالب باقصى عقوبة للمتهم لانه فقد رجولته ونخوته وكان مثالا سيئا لاقرانه ولا نريد ان تتسع مثل تلك الجرئم ولكننا اليوم اتينا واثلجت صدورنا حتى قبل انعقاد الجلسة وقبل سماع اى دفوع لاننا علمنا ان القاضى هو معالى المستشار خالد مكرم الذائع صيته فى السلك القضائى وفى الشارع المصرى برمته بنزاهته وصرامه وانه لا يراف ولا يلين لكل مجرم وعلى الاخص اى هاتك عرض ولعلنا جميعا راينا من قبل مواقفه الانسانية مع المتهمين الابرياء واشهرهم تلك الغارمة التى دفع عنها ديونها وذاك الزوج الذى دفع عنه دين قائمة منقولاته وان مواقفه لا تحصر ولا يتسع لها المجال الان ولكن نعدكم ان نسردها عليكم على التوالى
هنا توقفت المذيعة عن الحديث عندما سمعت الحاجب يرفع الجلسة
ولجت وجلست خلف المنصقة وانا ارى الاحداق مصوبة على وحدى ولكنى لم ابالى فهكذا تعلمنا وهكذ الفنا ولكن ما لفت انتباهى شىء اخر فقد لمحت مودة فقد اتت لتحضر اللسة وترى المتهم بعينها وترى اخته وترى ان كانت ملامحة تنم عن هذا ام لا
انبت نفسى للمرة الثانية فانا الذى اثرت فيها هكذا وهيجت مشاعرها وانا الذ ظننت انها نست عندما استسلمت للنوم ولكن يبدوا انما كانت تفعل هذا لترضينى ولا تحملنى همها
لمحتها تضم احمد بقوة وكانها  تعطيه من الحنان ما يكفيه ليفيض به لاخته
لم اصوب نظرى ناحيتها مرة اخرى وتجاهلت وجودها وكانها مثلها مثل اى فرد جالس امامى 
عرف الدفاعين انفسهما وبدات النيابة الدفاع عن المجنى عليها موجه الاتهام لاخيها وقدمت ادلة الاتهام واجراءات البحث والتقصى ونتيجة الطب الشرعى عن اثار الكدمات والجروح التىكانت فى جسدة الشقيقة
لمحت بطرف عينى الشقيقة جالسة ومنزوية عن نفسها فما اصبح لديها اى امان فعز امانها خان ثقتها . شعرت انما تنكمش على نفسها وتبتعد عن عيون الناس وصور الصحفيين وكانها هى المهمة الجانية وليست المجنى عليهاالضعيفة
خيبه لله اضاع شقيقته واسكن فى قلبها الرعب وعدم الثقة فى اى احد .
انتهى المحامين والنيابة من تقديم ما لديهم وساد الصمت للحظة والجمع ينتظر حكمى
نظرت الى المتهم الذى شعرت ان الندم لم يعرف له اى طريق وانه ربما يتباهى بتبجحه او ربما انا الذى ظننت انه لابد لاى رواسب للنخوة بداخله قد تطفو على ملامحه لكن يبدو انى كنت اتوهم ابتدات كلماتى وانا اصوب نظراتى الحادة نحوه بكلمة انى لاول مرة يقف امامى الغاصب والمغتصب فى آن واحد لانك حملت الصفتين معاص غاصب ومغتصب فان شعرت ان قلبى يميل للرافة لك لان عرضك هو الذى اغتصب اعود واقسو عندما اعلم انك انت الغاصب له فاى نخوة تلك التى كنت تحملها؟
صمت للحظة استجمع لكلمات التى شعرت انها لا تهرب عن لسانى فحسب بل تهرب من عقلى ايضا ولكنى استشعرت هياج مشاعرى ونخوتى ففاضت نفسى بكل ما كنت اخشى هروبه منى وتحدثت بطلاقة وكان نفسى هى التى كانت تنطق لا لسانى.
لما شببت عن الطوق ما شددت عضدها بل عريتها . القت بك لمقادير فى يم الخيانة طفلا يتيم الابوين فقيض الله لك اختاً ما كانت امراة سوء ولا بغيا وما كان جرمها الا انها سلبت من نفسها واعطتك حتى من زهرة شبابها وانوثتها . مشت وهى تحملك ولم تهاب دروب الحياة راضية ان تعطيك الامان رغم انها كانت تفتقده ظنا منها انك سوف تعوضها حتى بلغت رشدك ولما شببت عريتها لغريب لينهش لحمها لاجل اكل ميراثها ظلماً .
آمنتك وانت فى حضنها ولم تامنها انت وهى فى حضنك تتوسل اليك . آمنتك فى سربك فروعتها على الملأ . دثرتك فى ظلمة الليل فكشفت سترها نهاراً ولم ترع لصلة الدم والرحم حرمة فقد جئت بشيئاً فريا .
يا أنت اذا كان الملح يقى اللحم من الفساد فمن يصلح الملح ان فسد ؟
طمعك جعلك ترتكب اكثر من جريمة فى آن واحد خطف , هتك عرض , سرقة , تصوير الغير بدون موافقته لابتزازه فهل نفعك الميراث وحال بينك وبين العقوبة؟
عدت لصمتى للحظة وعدت اعيب على القانون قائلا لقد اعطى القانونة العقوبة القصوة لجريمتك هى السجن المشدد عشر سنوات وكم كنت اتمنى ان ادرجوا عقوبة خاصة اكثر تشديدا لغاصب الاعراض من محارمه لان ما حركته ليست شهوة بقدر ما هو ضياع دين وعقل وتخلى عن نخوته ورجولته ولم يرعى للدم صلة ولكن ويا اسفى هذه اقصى عقوبه اجدها
حكمت عليه بعشر سنوات مشددة وعلى شريكه بخمسه لانه لم يكن فاعل اصيل بل كان شريك بالتبعية
الان نظرت لشقيقته وجدتها منهارة والغريب انى شعرت انها منهارة اسفا عليه وقلقة على ما سيلقاه فرغم انه دمرها الا ان قلبها الرحيم كان لازال ينبض داخلها فاشفقت عليها وتذكرت ما قراته من مواقف الصحابة فى عصر حداثة الاسلام  عن تلك الصغيرة التى اراد ابيها ان يؤادها لانها انثى وكانها بيدها اختارت جنسها وما ان وضعها وبدا يحف عليها التراب اذ بيدها الملائكية تنفض عن ابيها ما دنس ثيابه من الغبار فما كان منه الا ان انار الله بصيرته بفعلتها ولكن هذا الجانى لم تنر بصيرته توسلات اخته الت  هى نفسها تبكيه الان
نظرت نظرة خاطفة نحو مودة فوجدتها تحركت نحو تلك الفتاة وضمتها واخذت تربت عليها وكانها تعلمها من زمن فات
تركت القاعة توج بالحاضرين واخر نظرة القيتها على العسكرى وهو يسحب المتهم من القفص نحو الداخل استعدادا لترحيله وما كان صوب نظرى نحوه الا فى مخيلتى انه ربما اى بادرة امل يصدر بها اسفا او ندما لاخته ولكنه ما فل وكان الشيطان اغلق عليه مفاتيح الرجوع الى الله
بحر لغضب نار لهب . موج المراكب قد نضب وهرب اليقيت وحل محله الشك . مال حرام حرق الحطب وكريمتنا عيشتها لحظات عجب . اصبحت لصاً وانتصبت وامسكت زمام الاخوة فاغتصبت الماضى كان كئيب رغم انى اعلم انها بذلت ما فى وسعها لتجعلنى سعيد . غرق الامان ببحور الاحزان وهيمنت على ارواحنا الالام  والحسد فكان جل همنا ان نهرب من حياتنا الرحيمة الى واقعنا المرير فرفعنا اسواره وسيجناه وبنبض خافقنا احيينا الشر وزرعناه وبقلوبنا تنفسناه
كم استغاثت الضعيفة فما اهتز لها انسان فتاه كانت مثل ضوء الصبح اذا برزت فلم يعجبه هذا ولم يجعله مفتخرا من بين بنى جنسه لكنه قادها للمكروه والعين باكية والقلب حيران لمثل ذا القلب يبكى من كمد فان كان فى القلب اسلام وايمان ما كان للحرام ابتسم
رصاصات نظراتها قتلتنى وانا الحكم لها فاللهم اعذر تقصيرى فلا املك الا دموعى ازرفها حسرات عليها فليس لى من الامر شىء  واقصى ما فى يدى حكمت به
.....................
كنت قلقاً على مودة وعلى الشعور الذى انتابها وكنت حامل همها فى طريق عودتها فقولت فى نفسى انها غبية تحركت بمشاعرها وانا السبب فى هذا . اعترف انى ايضا اغار عليها ولا احب ان تسير بمفردها هكذا ولكن كنت مكبل فناديت على السكرتيرة وامرتها ان تذهب للقاعة فى عجالة وتصطحب مودة الى مكتبى ولانها لم تكن تعرفها سالتنى هل احمد معها؟ لانها كانت رات من قبل صورته علىخلفية هاتفى فقولت نعم بصوت عصبى فالقلق تمكن منى عليها فررحلت السكرتيرة بسرعة ملبية الامر ومبتعدة عنى فقد وجدتنى انا الحمول الصبور لاول مرة هكذا منفعل
جائتنى بسرعة وكانها جاءت لى بالبشارة قائلة: لقد وجدت ان معالى المستشار يونس استدعاها فى مكتبه فربما خشى عليها من افتضاح امرها حتى لا تتلقى اى اذية
ضربت فوق مكتبى بعصبية فارتعدت منى ظنتنى اقصدها وما كنت اقصد سوى مودة وتصرفاتها العشوائية
تحركت نحو مكتب يونس والعصبية تاكلنى وما ان دلفت الى الباب حتى ارتعدت اوصالى وانا اجدها تبكى ويونس يبدو عليه العصبية وموسى يهدىء كلاهما وما ان رأونى حتى قال يونس معتذرا: اعتذر لك فقد تعصبت عليها ووبختها لحضورها الى هنا فهى لم تفهم بعد ان مجرد خطواتنا محسوبة علينا وهى بفعلتها هذه ربما تسببت فى امر لم نحسب له حساب
موسى محاولاً تهدأة الاجواء: انت تعلم ان يونس بالطبع تصرف وكان مودة اخته فتعصب بعشم لانه كان قلقا بحق عليها وعليك
كنت اود ان انهال عليها بالضرب من حماقة تصرفها الا ان بكاءها صدع قلبى فعلنمت انى لن اجروء على فعل مثل هذا ابدا ولكنى احبها واخاف عليها وانا اعدائى لا حصر لهما فكل من حكمت ضده صرت عدواً له وكل من حكمت لصالحه بحكم ما رضاه صرت ايضا عدواً له
تمالكت اعصابى وقبضت على كفاى لأوئد عصبيتى واخذت نفس عميق ولم اعقب على كلام اياً منهما وظليت احدق فيها وانا قاضب الحاجبين واشرت لموسى ويونس بعيناى ليس الا ففهما مقصدى فغادرا المكتب عل الفور وما ان اصبحت انا وهى فقط الا وقتلنى القلق عليها اكثر فما كان منى الا ان حاوطتها من كتفها وطمئنتها لانى شعرت بارتعادها فقد ظنت انى ساضربها ومسحت عن ظهرها وقولت لا تخافى ولكن قدرى جرم ما فعلتيه فهكذا انتى عرضتى نفسك واحمد للخطر وربما علمتى اعدائى من اين تؤكل الكتف
نظرت الى وهى فارغة فاها فلم تستوعب ما كنت اقوله او ربما هى استوعبت ولكنها انبت نفسها لانها لم تكن تتخيل ان تكون هى المتسببة فى اذيتى او اذية ابننا
لم يرتقى الى عقلها ان مثل هذا ربما يحدث وبكل سهولة ولهذا ظلت على نفس وضعها من الصدمة
شعرت بما الم بها وترفقت لاجلها ولهذا قررت ان اصمت قليلا لعلها تهدا
قالت بصوت مرتعش هل هكذا وضعت نقطة لبداية انفصالنا؟
ابتسمت لها لاعيد اليها ثقتها بنفسها وبحبنا ومسحت مرة اخرى عل ظهرها وكفكفت دموعها وابتسمت لها قائلا: وهل لمثلى ان يسمح لاى شىء من شانه ان يفرقنا وهل عاقل ذاك الذى يزهق روحه بيده؟
ظلت على حالها من الصمت فتحركت وجلست خلف مكتب يونس وقولت لها : اسمعينى مودتى فى دوائر الشرعى الامر عاديا ان اقمت انا الجلسة وحكمت بها بمفردى فالامر هين وكذلك التجارى والمدنى نعقدها بثلاثة ولكن ما يضرنا شىء ان غاب عضو يمين او يسار اما دوائر الجنايات فليس لها اسئناف والحكم فيها صعب لان فيها الحكم بالاعدام وهذا ليس بالامر الهين لهذا استئناف حكمها يرفع الى النقض مباشرة وعدد قضاة الدائرة كما رأيتى خمسة ويجوز ان يرتفع عددنا لسبعة
واثناء ما كنت اتحدث سمعت زغاريد تملا ساحة المحكمة فقالت ما هذا؟
قولت لها لا تتعجبى فهنا ترى الزغاريد نتيجة الحكم بلبراءة فى قضية ربما كانوا يحسبونها اعدام او ربما خفف الحكم من الاعدام للمؤبد الخ ولا تتعجبى فقد تسمعين ايضا فى نفس اللحظة ومن غرفة دائرة اخرى صوت صريخ وربما حالات اغماء ايضا فور سماع الحكم
وما ان انتهيت من جملتى حتى سمعت بنفسها ما كنت اقوله فضمت احمد لصدرها فقد ارهبه الصوت وبكى وقالت وةانفاسها تتقطع اريد ان اهرب من هنا ارجوك لا اريد ان اعيش تلك المأساه التى اقصى فرحة بها ما هى الا تخفيف حكم من اعدام لمؤبد ارجوك اريد ان اعود لهدوء بيتى
قمت واسرعت ناحيتها وضممتها فقد وجدتها تنكمش وابنى فى صدرها فى كرسيها وقولت لها بخوف وقلق على الحالة التى وصلت اليها : لا تخافى ولا تجزعى فانا هنا معك وانتى فى حمايتى
نظرت الي كما لو كانت طفل يخيفه شىء وتشبثت بكفى ولم تعرف ما عليها ان تقوله
سمعت مرة اخرى من خارج المكتب  صوت موسى من داخل غرفة دائرة اخرى وكان قد سجل صحفى الجلسة فيديو وكان يعيد تشغيلها لينتقى منها الخلاصة ولسوء الحظ كان وقفا بالقرب من المكتب وهو ل يدرى ان بالداخل انسانة كادت ان تنصهر من الخوف كان منطوق الحكم الذى حكم به موسى انه احال بقرار اوراق متهم لفضيلة المفتى
قالت وهى ترتعد: ما معنى هذا ؟
قولت لها لا يجوز ان ننطق بحكم اعدام الا على جزئين الاول انطق قرار بالحكم واحيله لمفتى الديار ومعه سبب الحكم واى شىء يخص ملابساته وحقيقة حالة المتهم الصحية حتى يقر المفتى عليها شرعيا انه ممن لا يحيل عنه الحكم شرعيا واذا ما اقر بذلك يعود الينا قراره فننطق الحكم النهائى الذى يتوافق مع منطوق القرار
عادت ترتعد من الخوف فقولت لها ساخرج انا وسارسل لكى السكرتيرة ستصطحبك للخارج وستجدين ابى منتظرك فى الخارج وهو من سيصطحبك الى البيت لانى لن أكون مطمئن عليكى ان رحلتى وحدك
لم يمر اكثر ن دقائق وكنت استاذنت ابى لياتى وياخذها وقد كان
عدت الى عملى وانا مطمئن الى حد ما رغم ان بالى لازال مشغولا عليها
فى نهاية اليوم قمت بتوزيع القضايا على بقية القضاة وامرتهم ان يتابعونى عبر الجوال ليبدوا لى ما وجدوه من طلبات او ثغرات او ما يرونه مناسب من الاحكام وسنتناقش ونكمل فى الغد حيث لا جلسان لدينا باكرا
عدت الى البيت وانا فى عجالة من امرى ونسيت امر مقابلة موسى وبالطبع هو قد عرف السبب فلم يتصل بى ولم يسالنى
وانا فى طريقى وجدت امى تتصل بى وما ان ااها صوتى حتى قالت تنصحنى: ترفق بها يا بنى فوالدك قل لى ان التها كانت سيئة وراعى انها اول مرة تلج الى المحاكم وتسمع مثل هذه الاحكام وترى مثل تلك الجرائم بام عينها واشترى طعام لكما ولا تكهلها باعداد شىء حتى تهدا تماما
اومات بنعم وهدات من امى فهى كانت قلقة بشاننا وبالفعل اشتريت لنا غذاء جاهز وعدت اقود نحو البيت وما ان فتحت الباب الا وعلمت انها بالتاكيد لازالت متاثرة لانى لم اجدها تستقبلنى ككل يوم ولا رائحة البيت تفوح بالعطر ككل يوم ولا صوت ابنى يملا المكان ككل يوم فناديت عليها وانا اتحرك نحو غرفة النوم وما ان فتحت الباب حتى وجدها منكمشة على نفسها ف الفراش وكانها لازالت تفكر وتتخيل ما راته اليوم ورايت احمد ابنى مستغرق ف النوم فى فراشه الصغير بجوارها ووجدتها واضعة يدها على بطنها فيبدوا انها كانت تتالم فنظرت الى عندما شعرت بوجودى ولكنها لم تبدى اى حركة فاقتربت منها وجلست بجوارها على طرف الفراش وسالتها بقلق : كيف حالك مودتى؟
وجدتها تعتدل فى جلستها وهى تتحسس بطنها وقالت لى : الم يحن الوقت لان توافق على ان تستقل سيارة الوزارة ؟
كنت قبل ذلك وعند اعتلائى المنصة وبالاخص الجنايات وفرت لنا الوزارة سيارة بالسائق وسكرتيرة الا انى رفضت مبدا السائق ولم اشعر بالاستقلالية فاجلت الامر وبالطبع تبعانى رفيقاى
ابتسمت لها فقد فهمت سبب سؤالها فهى الان وبعدما رات بام عينها ما اعيشه واعانيه حاولت ان تنحينى عن الرفض فابتسمت لها واومات بنعم لعلها تهدا وتستكين
قالت لى وكيف كنت تجلس معى وتضحك وانت لتوك تكون عائدا من مثل تلك الاجواء ؟
هنا لم استطع الا ان اقول لها الحقيقة: لقد اعتدنا تلك المشاهد حتى ماتت فينا ماشعر وحيت فينا اخرى . كنا نموت لحظات واخرى كنا نحيا بسببها حتى اعتدنا كلا الشعورين واعتاتنا المشاهد هى الاخرى والف كل منا وجود الاخر فى حياته
قالت بدموع ولكنى لم استطع ان انخلع من ذاك المشهد الذى رايته اليوم ومشهد الاخت وهى تبكى حسرة على اخيها وفى نفس الوقت تبكى حالها . نظرات الحسرة على نفسها والرفق باخيها رغم ما انتابها منه لم تفارقنى 
جذبتها لصدرى ورضممتها بقوة واخذت اتنفس عطرها فلم اشعر من منا كان ياخذ قوته من الاخر ومن من كان يؤنس وحشة الاخر ويخفف المه انا ام هى ولكن فى النهاية كلانا سكن فى حضن الاخر لا يهم من كان يريد ومن كان معطى مادمنا لم نشعر بالامان والطمئنان الا ونحن معا
................
مر الليل الثقيل واتيقظت فى الصباح على صوت مودتى الهادىء ككل صباح ففتحت عيناى وجدتها تزيح الستار عن النافذة وهى تضحك ككل صباح واتت باحمد يداعب وجهى ليفلح فى ايقاظى وما ان وجدت هذا الا وعلمت ان القلق ذهب عنها او ربما انها حاولت الا تشعرنى انى فشلت فى طمئنتها لا اعلم وما همنى ان اعلم المهم انها امام عينى عادت لحالتها الطبيعية وهذا ما يهمنى
قمت وقبلتها وقبلت احمد وذهبت الى الحمام لاخذ حمام دافىء ازيل به هم ليلة امس واثناء ما كان رشاش الماء ينثر ماءه فوق راسى سألت نفسى فلازال عقلى يتذكر بقايا ليلة امس : يا ترى هل عادت مودة لحالتها لانها هدات ام انها اعتادت المشهد ومشاعرها فى طريقها للتبلد؟
نفضت عن نفسى ذاك السؤال نافيا تصديق هذا لاحتمال لانها ما رات الا مشهد واحد ف يوم واحد وهذ لا يعنى الاعتياد على الاطلاق
سمعتها من الخارج تنادينى وتخبرنى ان هناك اتصال على جوالى
اغلقت رشاش الماء على الفور وجففت نفسى وخرجت وانا لاازال اجفف راسى جيدا وامسكت الهاتف فوجدت اسم السائق فقد طلبته فى ليلة امس وطلبت منه المجىء باكرا
سالنى عند موعد نزولى وانه فى طريقه الان وقد كان خائف ان يكون قد تاخر فاخبرته انه لازال هناك وفرة فى الوقت فلا داعى للعجلة
نظرت ف الساعة فوجدتها السابعة والنصف صباحاً فجلست انا وهى نتناول فطورنا وتذكرت موعد موسى فضربت جبينى موبخاص نفسى على السهو وامسكت الجوال واتصلت به على الفور فجائنى صوته الناعس فقولت له اعذرنى و....
لم يتركنى اكمل اعتذارى فقال متفهما: علام تعتذر وانا اتفهم الامر فلا داعى لهذا
قولت له : يبدوا انك لا جلسات لديك ليوم اذن قابلنى فى حدود الساعة الواحدة ظهرا فما رايك
قالت وهو يتثائب : حسنا
عدت اقول له : ستتصل بيونس ام اتصل انا به
قال: يبدوا انك لم تسمعنى فقد قولت لك اريد ان نتقابل وحدنا
فهمت ان الامر يخص يونس فنحن لا نفترق لاى سبب وهذه اول مرة تحدث ان يكون ثلاثتنا فى نفس المكان وننشق اثنان دون الاخر فقولت بقلق : ماذا به يونس ؟
شعر بقلقى فقال ليهدأ من روعتى: لا تقلق لم يصبه مكروه بدليل انه كان معنا امس وهو من وبخ مودة ولكن الامريخص خلافاته مع زوجته
اخذت نفس راحة ان صديقى لم يصبه شىء وعلمت ان موسى انما استشعر شىء يخصه لانه بالتاكيد يونس لم يقص عليه شىء او يشتكى امر دون ان اكون عالم به فقولت له حسنا فلا تتاخر على الموعد ستجدنى هناك فى الموعد
.................
ترجلت درجات السلم فلحقنى السائق وةامسك عنى لحقيبة وقدم تحية الصباح
سالنى : اعلم اننا كل يوم سنبدل الطريق مخافة الاعتقالات ولكن اى طريق سنبدا به اليوم؟
قولت له غير مبالى : اى طريق وان شئت سرنا فى نفس الطريق المعتاد كل يوم فنا لا اهاب الا الله
..................
مر اليوم بسلام ولم تكن الجلسات سوى قرارات ولم يكن فيها اى احكام ثقيلة
وصلت الى موعد لقائنا فى الوقت تماماً فترجلت وامرت السائق ان اراد ان يدلف ليشرب اى مشروب حتى انهى لقائى مع موسى فشكرنى وبالفعل بصرته فوجدته تبعنى وجلس على طاولة بالقرب منا بالمسافة التى بها يرانى لكنه لا يسمع حديثنا
وجدت موسى من بعيد يترجل الدرج وكنت وقتها اطلب من النادل قهوتى وقهوته وطلبت كذلك للسائق
تقدم نحوى وحيانى وجلس فاخبرته انى طلبت له القهوة
ابتسم ابتسامة باهتة وخلع عن وجهه نظارته الشمسية ووجدته بدون مقدمات يبدا كلامه بعصبية قائلا : حاول ان توقف ذاك المجنون عما نوى
انقبض قلبى وسالته بسرعة ما الذى اصابه كان يقصد يونس كما كنت اقصده نفسه
فقال لى ولازالت العصبية متمكنة منه : لقد عرض عليه الانابة فى احدى الشركات الدولية كمستشار قانونى وقرر ان يقبل بضغط من زوجته لاجل المال
تجمدت ملامحى وفار الدم فى عروقى وجحظت عيناى فشعر انه القى على الخبر بطريقة اثارتنى فاول ان يخفف وطئته عنى فقال : لم يخبرنى مباشرة وانما كان ياخذ رايى فى الامر فشعرت انما هو مؤهل ومؤكد الموافقة فقط هو يمر على الخبر لامهده لك لانه يعلم بالطبع انك ستثور عليه وهو يهابك
كنت استمع اليه وانا صامت محدق فى ملامحه بعمق ومضيق عيناى
شعر بتنافر العروق فى جبينى فخشى اكثر ان تقوم ثورتى وربما اعتدى على يونس لاجعله يعود الى رشده فهو يعلمنى ان ثارت ثورتى لا ارى امامى وانا لا اثور الا ف الحق وللحق
وجدته بعدما القى على الخبر عاد يتوسل الى ان اناقشه فى الامر بهدوء وفى تلك الاثناء كان النادل قد اتى وشرع فى وضع الفناجين على الطاولة  فلم اشعر بنفسى الا وقد ازحته من طريقة فانقلبت الصينية برمتها وسقطت  من فوقها القهوة
ففزع النادل وكاد ان يعتذر لى وكانه هو السبب ولكنى لم اعيره اى اهتمام واسرعت الخطى نحو الخارج وموسى يركض خلفى يحاول ان يستوقفنى والسائق تبعنى وانا أأكل الخطى بسرعة حتى وصلت الى السيارة وتبعنى السائق الذى حرك المقود وهو لا يعلمم الى اين سنتجه ومن التى خشى ان يسالنى فقولت له بعصبية اذهب الى عنوان.... وامليته عنوان بيت يونس
وخلال نصف ساعة كنت اطرق بابه وانا اعلم انه ليس موجود وما فتحت زوجته الباب حتى كان موسى قد لحقنى ودخل معى وانفاسه تتلاحق ويناشدنى الهدوء
ما ان راتنى زوجته وانا بهذه الحالة حتى توترت وشعرت ان الامر ليس بالخير وربما علمت ما خلف عصبيتى ولكنها لا تجروء بالاعتراف والمجاهرة امامى فهى تعرفنى فهى ليست على بغريبة فهى صديقة عمر كذلك
.................
اخذت نفس عميق كى اتمالك نفسى وحتى لا ارتكب شىء اندم عليه بقية عمرى وذكرت نفسى واخذت احادثنى داخليا: اهدأ يا خالد فما جئت الا لاحياء بيت رفيقك لا لتدميره
اشارت لنا بالدخول وهى لازالت ترقبنى وقلقها هذا كان كافيا ليجعلنى اتماسك فكونها تعلم ان الامر ليس بالهين وبالتاكيد قد توقعت سبب مجيئى فما كان هناك اى داعى للمقدمات
ركضت هى نحو غرفة ابناءها تغلقها عليهم حتى لا يستيقظوا من نومهم فلازال الوقت بالنسبة اليهم باكرا رغم اننا تخطينا ساعة الظهيرة
جلست وجلس بجوارى موسى وهو لم يزل يناشدنى الهدوء والتوتر كان حليفه هو عكسى انا الذى اتسمت بالثبات ولكنى لم ارد عليه وهذا جعله لا يتنبا بما اقوله فكان يزداد توترا ولم اقصد عدم الرد عليه ولكنى كنت اركز تفكيرى فى كيفيه الحديث حتى اخرج بالنتيجة التى جئت لاجلها
جائتنا وهى تحمل صينية بها فنجانين من القهوة قاصدة ان تهدىء من اعصابى وتمتص عنى غضبى وجلست فوق الكرسى المقابل لى وهى توالى النظرات المشتتة بينى وبين موسى
قولت لها بكل هدوء: دون الدخول فى مقدمات تلمين سبب مجيئى اليس كذلك؟
قالت بتلعثم تناورنى فى الكلام: لا اعلم شىء ؟
ظنت انى ساتعصب ولكنى خذلتها فوضعت فنان القهوة فوق الطاولة وانا اقول لها حسناً لقد جئت لان يونس يفكر جديا فى قبول الانتداب للعمل كمستشار فى احد الشركات اليس كذلك؟
زاغت عيناها وصمتت لبرهة تفكر فى رد وفى النهاية قالت: كيف اخبركما بقراره هذا فانا لم اعلمه من الاساس
قولت لها وانا حاد البصر : قولت لكى انه يفكر ولم اقل انه صرح لنا بهذا وبالتالى فهو لم يقرر بعد ولكنى ولانى اعلم رفيقى فانا على يقين انه مادام يسال فانه يفكر ومادام يفكر فى الامر فهو ياخذه بحمل الجد ومادام ياخذه بمحمل الجد فهو فى طريقه لاتمامه وانا اعلم ان يونس ما يقبل على شىء ليحققثه وهو غيؤر مقتنع الا ان كان لاجل اسعادك وكسب رضاك
قالت: ومن قال لك انى انا السبب؟
قولت لها : لانه ببساطة امنية رفيقى كانت كامنيت ان نعتلى منصة القضاء وما كنا نتخيل ابدا ان نقتل تلك الامنية اذن فانتى صاحبة الفكرة لانك لم تعيشى معنا تلك الامنية فان كنتى عيشتى ذاك الشعور ما هانت عليك ان تهدريها هكذا بكل سهولة
لم يكن فى مقدورها الانكار فقالت بتلعثم: ولكنى لم ارد له السوء على الاطلاق بل اردت له هذا لنحسن من مستوانا
قولت لها وهل مستواكم ليس بالقدر الذى يستهواكى؟ هل كانت عيشتك ف بيت اهلك اقل من هذا ؟
امتقع وجهها خجلا ولكنى لم اكف عن نهرها حتى وكزنى موسى فى يدى ولم ابالى
اكملت كلامى بحدة: طلبك منه هذا يعنى نهايته كقاضى فلا تعتقدى انها فترة انتداب وسيعود بل سيعود الى اى عمل ادارى ثم هل تقبلين على زوجك وهو بتلك لمهانى ان ينتهى به المطاف الى كونه موظف يعلوه مدير يسئله ويجازيه ويخلص منه عقد نقصه ؟
اسمعينى جيدا والله ما جئت الى هنا الان وقلبى مصمم على ارجاعك عما نويتيه الا عندما وجدت زوجك فى ذات الموقف مع زوجتى ينهرها لما سببته ل من قلق بمجيئها الى ساحة المحكمة فعلمت وقتها انه يعلم جيدا ما هو المعنى الحقيقى لصداقتنا وانا لن اقول اقل منه لاحافظ عليه اولا وعلى بيته واسرته ثانيا من غرور انثى لا تريد من الحياة سوى تحقيق رغباتها بحسب ايا كانت تلك الرغبات حتى وان كان من شانها انهاء حياة زوجها
اسمعينى جيدا : فما قامت الحياة بالكمال والرخاء بل بالنقص والابتلاء وادراك هه الحقيقة يدفع الى التخفيف من ركضك خلف السعادةوالامعان فى طلب المزيد من المال لينفق على المزيد من الترفيهات بل عليكى ان تنفذى من قشرة الحياة الى جوهرها وان ترى الكمال فى الرضا الذى لا ينزع الطموح لكن يمنعه من الانحراف الى الطمع والسخط والشقاء واياك بالضغط على يونس حتى لا ينفلت منك فما اقبح الظنون ان ظننت انك كلما نولت منه صبره ظننتى انك ما فعلت اى سوء واعلمى انها ما كانت الزوجية يوما احتياج اكثر من كونها تفضيل وحجمى من شهوات نفسك واجعليها راضية فالرضا شىء منا وبنا يعيش فى القلب يحيه وان حيا القلب حيا من معه ولكن ان لم تجدى الرضا فى قلبك ولم تجدى له متسع فاعلمى انه ليس فى الكون شىء سوف يرضيكى
ساد الصمت للحظة وعدت اقول بشء من الثبات قاصدا استهجانها : اعلم ان الانسان يشبه من يحب يعرفه وياخذ من طباعه ولهجته وطريقته فى التناغم مع الحياة ووفى النهاية وا الخلاصة فهو يعكس من يحبه من الداخل لانه اطمئن اليه والفه ولهذا ما ينجذ ويستكين لاحد سواه ولكنى وللاسف ما رايت هذا فيكى بل على العكس وجدته فيه هو ولهذا اقول يقينا كان حبه لك اعمق من طموحك فيه
اغرورقت عيناها وقالت : تتهمنى انى لااحبه وهل عندما احببته كان غنياً ؟ هل كان قاضياً؟ انه كان لا يملك شىء ورضيت به لاننى احبه لا لشىء سواه ولكن هذا لا يعنى انى لا اساعده على التقدم وهل الحياة لابد لها ان تمضى برتابة ونموت ونحن عند نفس نقطة بدايتنا لنقول هكذا نحن  نحب بصدق؟
لم اقل هذا على الاطلاق بل انا اول من يشجع على التقدم والمضى وما كان تقدمنا للقضاء الا لطموح منا وسعى للرقى ولكن ليس معنى هذا ان ندهس من هم فى طريقنا حتى نرتقى فزوة موسى ايضا تحب الرقى ومع ذلك لم تكهله بمسئولياتها هى وصغارها عندما لم تستطع التكيف مع جو الصعيد وما كانت مودة بعيدة عن الطموح ولكنها لم ترديوما ان تثقلنى بشىء تمنته بل الفت انا طباعها وارتضيت الرضا والقناعة فهكذا هى الزوجة الصالحة فكونى صالحة فى حياة زوجك
هنا تدخل موسى يريد تهدا الاجواء من حدة كلماتى وقال لها : ما قصد خالد اى سبة لكى ولم يكن قاصدا اتهامك بعدم حبك ليونس وكل ما اراده هو لفت انتباهك ان يونس يحبك ويفعل اى شىء تريدينه حتى وان كان هذا يعوقه عما يحبه الا وهو القضاء وما فعل خالد هذا الا لانه يعلم انك تحبينه ولكنك اساتى التصرف فى حب الطموح
قاطعته قائلا : لا احتاج الى تبرير يا موسى فيونس عندما فزع فى موده لم يحتاج ان يبرر لها لانها بالتاكيد تعلم قيمتى عند رفيقى وهكذا لابد لها هى الاخرى ان تعرف قيمة زوجها عندى ثم ان الصدق فى العلاقات لا يحتاج الى تبرير
نظرت لها وكنت اريد ان انهى هذا الحديث وتلك الزيارة قائلا: لن اخبر زوجك انى اتيتك لنه سيعلم سبب مجيئى وربما يعاند نفسه لمجرد شعوره انك تنفذين طلبى رغم عدم اقتناعك به فارجوك ان اردتى له الخير ولاسرتك فاصرفى نظر عن تلك الرغبة واخبريه انك نادمة عن التفكير فى هذا الشان ون الخير لكما هو تقدمه فى القضاء وترقيته
لم يكن امامها مفر سوى الاجابة بنعم فقد شعرت بالخزى من نفسها اننا كشفنا غرورها وبالخص عندما قارنتها بمودة وبزوجة موسى فشعر انها اقلهن احتراما لزوجها وتدبيرا لبيتها
..............
الان دلفت الى بيتى وانا اشعر بهدوء نفسى فقد انقذت رفيقى ورما اعدت زوجته لرشدها واذهبت عنها شيطان الاكتساح تحت مسمى الطموح
ركضت نحوى مودة وسبقها احمد فابتسمت لهما وحملته وقبلتها فكم اعشق استقبالهما لى فبرؤيتى لهما يذهب عنى كل سوء
سالتها بهدوء كيف حال ابنتنا العزيزة ؟ ضحكت وهى تحسس بطنها وقالت احمد لا يتركها دقيقة فبين اللحظة والتى تليها يركض ويضه اذنه فوق بطنى ويقول ان اسمعها تقول لى انها تريد ان تلعب معى واحيانا اجده يتهور ويصل معه الامر لمداه ويتخيلها حقيقة امامه فيصير يركض ويسدد كرته نحو بطنى ظناً منه انها ستردها له
ضحكت ولكنى قلقت عليها من تلك الضربات بالكرة حتى لا تؤذيها
همت ان تعد لى الغذاء فطلبت منها ان تعفينى وابتسمت لها وانا اخلع عنى الجاكيت والقيته فوق الكرسى وقولت : اشعر انى معدتى ممتلاة وجذبتها نحوى وجلست بجوارى على طرف الفراش بينما تمددت انا ووضعت ذراعى خلف راسى وقصصت عليها ما حدث
قالت: ولكنك كنت حاد معها فقد جانبك الصواب فى طريقتك
قولت لها : على العكس تماما فمثل زوجة يونس ان شعرت ان منةامامها يتكلف ليتكلم باسلوب هى تفضله ويراعى قبولها من رفضها شعرت بقيمتها ففرضت سيطرتها اكثر ولهذا كان لابد ان اكون حاد قاطع لتشعر ان لا قيمة لما قد تتصنعه من غرور وتعلم ان هناك من هو اعلى منها فى القدر فتستكين وترتخى وتصبح جاهزة للاستماع . الخلاصة انها مثل المهرة ان لم يكن لصاحبها السيطرة على لجامها ركضت وابتعدت عنه وان ابتعدت ما فلح فى ارجاعها فخطوة منها تعادل الف منه
نظرت لها فوجدها تحدق البصر في فعلمت انها تتخيلنى وقت العصبية فهى حتى الان لم ترى منى وجهى الاخر ولكن كيف تراه وهى كالنسمة لباردة دوما لا تمر بجوارى حتى اكسبتنى السكينة والراحة وهل على مثلها اثور؟
ابتسمت لها وناغشتها من انفها وقولت لها ( انتى التى تكملى روحى وراحتى يا اكثرى واقلى . احبك البعض منى فذهبت بكلى وانتى في لن لم تكونى لى يوما فمن كان لى يا كلى واهلى ؟
قالت بابتسامة رومانسية عذبه بعدما ارتمت فى صدرى يا كلى وروحى فداك ليس لى من الحب الا انت فقد اسرت قلبى وليس لى حب الا حبك وحبك ليس له نهاية فلا ادرى متى منى ابتدأ ولا ارى له نهاية
صمت وانا اتمعن فى ملامحها واشتم منها عبق انفاسها وانسجم من دقات قلبها وهى تؤانسنى بقربها فقالت معقبة : كان بامكانك ان تختصر ما قولته لزوجة يونس بتلك الكلمات : لقد اختار يونس قلبك واختار له ما يليق بصدقه فاعلمى انه ليس كل من ياوى اليك خليل والمعادن ان صقلت عرفتها فالناس فحم والعقيق نبيل ولا تغرنك المظاهر فنور الهلال شطره الظلام
ضممتها بقوة وقولت هذا ان كنت من احدثها هو انتى اما مثل زوجه لا تحتاج الى الكلام المنمق المرتب لانه هذا ما يزيدها الا عنادا وانما الكلمات الحادة المستقيمة هو ودها القادرة على كسر شوكة كبريائها فليست كل النساء فى اتزانهن سواء بل هناك من يكن اتزانها فى كسرتها
صمت مرة اخرى وفجاة اعتدلت فى جلستى وكانى وكنت افكر فى امر هام فشعرت بذلك فسالتنى
قولت لها وانا اتعمق فى التفكير : لقد قرر ان اعود الى رسالة الدكتوراه خاصتى فقد كنت على وشك مناقشتها ولكنى اجلها بسبب ضغط العمل فى القضاء ولكنى قررت الاسئناف فكنت قد تخطيت شوطا كبيرا فيها ولم يكن ينقصنى شىء سوى تحديد يوم المناقشة وسانتهى من اى تعديلات مؤهلا نفسى للعمل فى التدريس كاستاذ قانون فى مادة الجنايات فما رايك؟
رحبت بالفكرة وشجعتن على العودة
............
استيقظت باكرا واستقبلت صباحى بهدوء نفسى فقد بشرنى موسى فى اخر دقيقة من ليلة امس بان يونس اتصل به وعندما فتح معه باب المناقشة فى ذا الموضوع ليفهم منه بطريقة غير مباشرة ما استقر رايه عليه فاجابه بطلاقة انه صرف النظر عن ذاك الانتداب
لم يكن لدى اى جلسات اليوم وغدا فقررت ان اقضيهما مع مودة واحمد فى خمول تام عن اى موضوع يخص العمل وبنشاط تام فى كل ما يخص المرح
استيقظت لاول مرة قبل مودة وقررت ان اسبقها فى اعداد الفطور ودلفت الى المطبخ وشعرت كما لو كنت تائه لا اعرف اى شىء ولا طريق اى شىء فابتسمت وانا اقف اتامله وقولت لنفسى : حسنا ساكتشف بنفسى كل شىء وبالفعل بدات ومضيت وقت ليس بالطويل واذا بى انتبه على ضحكاتها تاتى من خلفى فنظرت لها فقد كانت تضحك على منظرى وانا اصارع كل شىء فى المطبخ وانا اجتهد لافلح فولت لها مناغشا: لا تسخرى منى الان فانتظرى فى الخارج فستتذوقى اجمل طعام افطار تذوقتينه منذ ولادتك من صنع الشيف خالد
قالت وهى لازالت تضحك: حسنا ايها الشيف ولكن لا تنسى الحليب لى ولاحمد وحافظ على نظافة المطبخ والا انت من ستنظفه ثم تعالت ضحكاتها الساخرة من مظهرى وانا ارتدى مريلة المطبخ وقالت: لا يليق بك الوقوف بالمطبح سيادة الدكتور الجامعى وسيادة معالى المستشار
قولت لها بصدق: فلتذهب المناصب والالقاب الى الجحيم ويبقى الحب بيننا
شعرت بوجنتيها قد احمرتا خجلا واتسعت ابتسامتها العذبة واقتربت وطبعت قبلة فوق جبينى تعبيرا عن ودها وخرجت
...............
قضينا اليومان بكل سلاسة ولم احاول ان اشغل بالى بالعمل ولم اخرج وحدى فحتى عندما قررت ان اذهب لاعاود قيد اسمى من جديد لتكملة رسالتى استعداداً لمناقشتها فى اقرب وقت رافقتنى هى واحمد وبعدها خرجنا للتنزه وحاول بقدر استطاعتى ان اعوضها عن كآبتى فترات عملى فالقضايا بها ما يكفى لانسلاخنا من حياتنا الخاصة نهائيا ولكن الفرحة كعادتها لم تمهلنا ان نعيشها حتى النهاية فجائنى فى ليل اخر يوم لى فى تلك الاجازة الصغيرة باستدعائى لمكتب سكرتير وزير العدل
لم احاول ان اجهد تفكيرى في ماهية السبب حتى عندما حاولت ان تسالنى مودة قولت لها لا اريد ان افكر او اعكر امسيتى معك فدعى الصباح وشانه فانه قادم بابتساماته واحزانه لا محال ولكن ما سيمضى من بين يدينا الان لن يعود فاتركى الصباح لنفسه واجعلى امسيتنا لنا
فى الحقيقة قد اعتدت على المواقف الصعبة كما ضابط الجيش الذى يكون فى حالة تاهب على الدوام للحرب وكثرة البلايا التى نفصل فيها ولدت فينا بلايا المشاعر
اتصل بى يونس وتواعد ثلاثتنا على اللقاء غداً
كنت اشعر ان بداخل يونس هم لم يبح به حتى الان رغم انه يرسم الهدوء والرضا
وبالفعل تقابلنا فى اليوم التالى ومن ان نظرت الى ملامحه حتى شعرت ان ظنى برفيقى ليس بالكاذب وان فطرتى فى صداقتنا هى التى لوحت لى بما يخبئه
ما ان جلسنا حتى جاء كلاً منا بما فى جعبته من مواقف وهموم وجاء دور يونس فقال : لقد كنت انوى ان اقبل طلب الانتداب الى احدى الشركات ولكنى تراجعت فى اللحظة الاخيرة
قولت له وكانى عن الامر ببعيد: اجننت لمجرد التفكير فى هذا المبدا؟ اهذا ما كنا نسعى اليه ؟ وان كان هذا هو جل همك فما الذى اكهلك طيلة تلك الفترة الماضية فى الاجتهاد للترقى و قبول الانتداب فى محافظات وتغرب عن اهلك؟ فكان بامكانك ان تنتدب وانت محامى فالوضع لا جديد فيه ويتساوى فهل تقبل ان ترضخ وتنحنى لصاحب شركة لاجل انه يمن عليك ببعض المال الزائد؟ هل لتقبل على نفسك وانت الحاكم الفاصل بين الناس بالعدل ان يامرك رجل اعمال ان تحكم فى الامور بحسب رغبته؟ هل تقبل ان تحكم لاجل المال وتدعى الانصاف ؟
وكزنى موسى بخفة حتى لا اثقل عليه فما همنى ما فعله بل على العكس افزعت فيه هو الاخر وقولت لهما ان اردتما ان اكون هينا لينا فى الحق فهذا ما لم اعتاد عليه وان كان هذا من صفاتى فلن افعله معكما لانكما بالنسبة لى نفسى وانا لن اضلل نفسى
يونس محاولا ان يمتص غضبى : اهدأ يا اخى انا ما  قولت انى قبلت ولكنى قولت انى كنت انوى وحكم هذا غير ذاك وقال ضاحا فالعمد ليس كالشروع وحتى ف العمد يختلف باختلاف النية ان كانت دفاع عن النفس من قتل الغير متعمدا
كنت اعلم انه يحاول ان يتوه الامر ولكنه لما شعر اننى لم اقتنع قال : فى الحقيقة هذه مانت رغبة زوجتى وهى ايضا التى رفضت وطلبت من عدم التفكير مجددا فى الامر ولكن لا خفيكما امرا فقد شعرت ان بها شىء تخفيه عنى وفى الحقيقة انا نفسى بداخلى شىء منها فلم اعد اراها كما كنت اراها قديما فاصبحت ارى انى لديها لا اتعدى عن شوال من المال فلم اعد ارها تلك الحنونة الحبيبة وفى ذات الوقت اخشى ان اكون انا الظالم ولانى احتاج دوما الى وجودها وشعور الرومانسية معها انى لا اقبل اقل مما اريده فلم اعد اتقبل الحياة العادية ...اخذ يتلعثم ويقول جمل غير مرتبة  وغير مفهومة دليل على ان داخلة كركبة من المشاعر المتناقضة او ربما بداخله الحقائق والظن فى صدقها او اجتمع داخله الحب والبغض لنفس الانسانة وفى النهاية قال وهو يلوح بيده دليل على هرتلة كلامه : فى الحقيقة لم اعرف كيف اصف لكما ما بداخلى
ضحك موسى محاولا التخفيف عنه قائلا: دوما ما يكون لقاضى فصيح بليغ فى الكلمات يستطيع ان ينتقى الكلمات ويشرح الموقف فى جملة قصيرة او ربما بكلمة مؤثرة ولكن فى الحقيقة هذا حال كل القضاه مادام الامر لا يمت لهما بصلة اما اا تعلق الامر بذاته فهنا تتجلى فطرة القاضى الانسان الذى يصعب عليه وصف حاله فالنفس دوما لها اسرارها مع صاحبة يصعب الافصاح عنها
وجدته ينظر الى وفى ذات الوقت يهرب منى بنظراته وكانه يريد ان يقول وفى نفس الوقت يمتنع
شعرت انى اصبحت له اب وتقمصت الدور بفطرة وقولت له : وماذا بعد يا صاحبى ؟ هل ارهقك سوء الظنون واحتباس الانفاس ؟ اراك تصارع عقلك وقلبك حائرا بين اختيارك الراحة المريضة او اختيارك الطمانينة الكاذبة
انهما مفهومان تدركهما فى الاوقات المرهقة لذاتك وصفاتك فايهما تختار يا صاحبى وقد انهكتك المجاملات والتبريرات ؟
انك فى ظل ظروف مؤلمة ومرهقة معتادة او انت الذى اعتدتها تغير فيها معانى الراحة والطمانينة لديك عن غيرك وفق متغيرات الزمان والمكان والاشخاص والاشياء .
فحقيقة اخرى من حقائق الاشياء تقول ان مفهوم الراحة المريضة فى مثل تلك الظروف قد يكون التخلى اكثر من التمسك فلربما فى ترك الشياء راحة اكثر من الحصول عليها فالاكتفاء هنا بالنفس والذات  قد يكون اكبر راحة او اكثر دواء فالاستغناء يعنى احيانا حياة .
بان تنسحب من العلاقات المرهقة ولا تتاثر بما يقال عنك ولا تحاول تجميل صورتك وتبرير افعالك لانك ستمل او ربما قد مللت فعليا من هذا كله وتحتاج الى راحة نفسية وهدوء ذهنيا فذلك اهم من صراعات العلاقات الفاشلة التى علا بنيانها على الكبر والجهر والجفاء . انك هنا تسبح ضد تيار شديد فقد يظن من حولك ان التخلى يعقبه التفكك ويرونه داء للمستقبل وقد تراه انت بتراص لاورام الحاضر التى قد تزيد وقد خاب معها كل علاجات الصبر فاتسعت فجوات وفجوات وعلت اسوار واسوار . ان عزاء النفس وسلوانها فى هذه السنوات لهو السنوات المعدودة التى كان قبلها ماضى جميل بذكريات اجمل لما كان كل شىء يحدث بالفكرة الجميلة وكان يمسك كل فرد بالاخر اشبه بالتمسك بالحياة .
امتردد انت؟
لا بأس يا صاحبى انى لا اراك مترددا بقدر كونك خائفاً تترقب المستقبل وتخشى ان يلومك عقلك وقلبك فدعنى اقرا عليك مفهوم الطمانينة يا صاحبى ربما ستدركه حتما وارجواالا يكون ادراكك متاخر فالمشكلة فى طول الطريق وليس فى توقيت الوصول فقد لا تصل اصلا وانك بامكانك صناعى تلك الطمانينة مما هو متوفر بين يديك بدلا من البحث عنها بعيدا عنك فغض الطرف عن التفاصيل الكثيرة والصغيرة التى تشكل لوحة فنية من لوحات المجادلات وتغافل كثيرا وكثيرا فى صمت سحيق حتى ترضى داخليا كذبا او صدقا بالامر الواقع لان الرضا حين يسكنك سيجعل الحياة فى عينيك سهلة فتبدا من جديد تجاهد وتبرر مرة اخرى وتتمسك بما تبقى من خيوط وان تمزق اكثرها سابقاً وتدرك وقتها ان تلك الطمانينة الكاذبة لم ولن تكون بنيل جميع ما ترغب بل القناعة بما وهب الله لك من ضحكات او ابتلاءات فالمطمئن ليس من يحظى بحياة كاملة مكتكاملة وانما هو من ذاك الذى قرر ان يغض الطرف عن بعض النواقص فى الاخر وذلاته وزرع فى قلبه الرضا بالامر الواقع سوار كان حلو او مرا فانت نفسك لما تراجع حياتك الاربعينية تجد ان اجمل ما حدث لك فيها كان مصادفة وان الخيبات الكبرى تاتى على الدوام على سجاد فاخر فرشته انت سابقا لاستقبال الاطمئنان وخاب ظنك وقتها فانت تحاصر بين هذا وذاك بين التخلى والاستمرار بين حاضر مللته ومستقبل تخافه بين راحة مريضة او طمانينه كاذبة ووسط هذا الحصار النفسى انت تدعو الله ان يحسن ظنك فى الاشخاص والزمان والمكان من حولك . ان الامر اشبه بطعام وضعته فى ثلاجة فهو موجود فى الحاضر لكنه لن يؤكل فى المستقبل وما بين مفهوم التخلى الذى ياتيك حينما تعتاد وحدك على عيش لحظات سيئة بنسخ مكررة فتمل من تكرارها او مفهوم الاستمرار . على اى حال الذى يراوك عندما تفكر فيمن سيدفعون  الثمن فانت لا تدرى ماذا تكسب غدا فتجاهد من جديد. ولكن انتبه فقد يسالك التاريخ عن اى قرار يجول فى فكرك سواء كان تمسك او تخلى واياك ان تغفل عندما تختار احد الطريقين كل العاب التى واجهتها وحينها ستبدوا فخورا بعبورك الجسر اما قفزا من فوقه او صلاحا له . وتذكر يا رفيقى ان العقل احيانا ما يحرم صاحبه لذه نعمة الراحة فاهدا الان وليكن الغد كما يكون ما دمت لم تظلمها ولكن اياك ان تضيع البقية الباقية من العمر فى التبرير لها او القسم والبحث عن ادلة البراءه فقد تمل او قد تتوه منك من الاساس الادلة
كان يونس ينصت اليه ويتمعن فى كل حرف ينطق به بل ويحفره داخله بينما شعر موسى ان الموقف ربما يتازم لان خالد حاد فى حقيقته وربما يعلم انه ما وصل لتلك الحالة الا بعدما شعر بالخطر يحيط برفيقه فكان لابد له من وقفه مع الحقيقة المجردة
قال يونس بصوت موجوع : لقد فهمت يا رفيقى ان المرء يكبر بعدد الايام التى يصمت فيها عما يؤلمه ثم صمت بعد صمت واكثر ما يرهق الصامت ثرثره عقله وتلك حقيقة الاشياء فاحيانا الكلمات ليست مواساة كما العتاب والبكاء عندما يكونا لشىء اخر الا المواساه فقط يكفى تامل طويل صامت يربت على قلبك الواهن ويترجم كل ما بالحنايا من شعور مرتبك غير مرتب مشوش فتحتاج لهدوء يشبه هدوء الوحدة . تحتاج الى شىء كالشجر يسمعك بصمت ولا يجادلط الا بصوت قطرات المطر وهى تصفع اوراقه وصفعات تليها صفعات كوابل من الامطار الان ينهال على مساكن العصافير على تلك الشجرة لكن ما لم توقظه صفعات الحياة لن يوقظه نعيمها . نصمت ليس لاننا ضعفاء لكن لكوننا  اقوياء ولاننا بشر فتخلتط فينا المشاعر لترهق قلوبنا وتذيبها ولكننا مازلنا اقوياء ولسنا ضعفاء . وفكرة الكتمان والصمت تعلمنا اننا نعيش مع فكرة اننا قابلين للترك والنسيان فى كل مرة نظن فيها اننا غاليين عند البعض فقد لا يشفع كلام او صمت حينها ومثلى يا رفيقى كالزهور التى تخشى ان تذبل فلا ذنب لها بعدم سقوط المطر ولهذا كننا نمنح الفرص حتى لا تحدث فوضى الحياة لكنهم للاسف يخسرون فرصهم حين يظنون ان العطاء ابدى . وحقيقة الاشياء ان اسوء ما قد يبتلى به المرء هو شتات نفسه وظنه ان الفرص دائمة فتضيع منه الايام وايام كان يتمنى ان يكون فيها مثل اغلب الناس سعيدا لكن غلب النكد ايامه ولقد كنت اتمنى يا صاحبى ان تاتى الى خفيفة تطفو بجانبى فى كل هذا الغرق كجذع شجره يصلح للنجاة والامان كما كنت انا . وللاسف ان من يثقل علينا الحياة هو ذاك الذى يجعل انكسارنا يصل الى عينيه وهو يرانا فانصح نفسى واياكما . اياكما ثم اياكما ان تعاتبا من هنتما عليه واستسهل التخلى عنكما فلا عتاب لمن استباح اذيتكما فمن علامات النضج الحقيقى ان تدرك ان معظم الاشياء لا تستحق ردة الفعل التى فعلتموها او التى عاتبتم انفسكما انكما لم تفعلوها فقط ابعدا دون نقش . دون عتاب . دون عناء . ابتعاد صامت لا ملامح له فذاك النوع من الابتعاد هو اكتفاء من التعب
قلق موسى وخالد من نبرة رفيقهما وندم خالد على حدته فى الكلام فقال قاصدا تحويل مرى الكلام وتكذيب انفعالات كلامه السابق : مالك قد قلبت الامر الى الجدية هكذا فمن يسمع كلماتك يظنك انك لتوك فارقت زوجتك او فارقت حبيباً على العموم ولكن يبدوا اننا ثلاثتنا بداخلنا جهد وطاقة سلبية من كثرة ما نتفاعل معه من المصائب فانا عن نفسى اشعر احيانا كثيرة بما تقول واشعر بعدم رغبة فى الحديث مع مودة بل واسخط عليها واشعر انها لا تشعر بما الم بى وما يهمها الا ان ترانى اضحك واقول لها كلمات الاطراء ليل نهار
فى الحقيقة لم يكن بداخل خالد اى شىء مما ذكره بل على العكس تماما كان ما بداخله بالعكس بالمرة لما ذكره ولكنه اضطر لهذا لعله يهون لامر على صديقه وان يشره ان كل النساء فى النهاية نساء ربما تختلف الملامح اما طباعهن وادة لا يردن الا الاهتمام وكلمات الحب العذبة
شعر انه اوهم صديقه بحقيقة ما يقول حتى لانت ملامحه ووافقه ما قال
رد موسى وكانه هو الاخر به ما به من الالام : لا تعتقدا ان غيركم بعيد كل البعد عن العناء ان لم ترونه يوما يشتكى ولكن الحقيقة انه دوما فى الحقيقة الظاهرة جزء ناقص مخفى ربما كان داخل من يبتسم امامنا زعل كتمه لم يظهره او كسرة مررها اجبارا لعله يحافظ على سير المركب فى نهرها او ربما هناك فى جوفه كذبة صدقها ويقينه لا يصدقها بسبب خوفه من مواجهة الحقيقة . ربما فى حياته سطر محى من رسالة مهمة بدل حياته برمتها
ربما كان ينتظر كلمة تقال ولكنها لم تنطق فى وقت كان لابد لها ان تقال او ربما سمع كلمة ليست بموظنها كسرته لانه كان ينتظر غيرها تبنيه . ربما افتقد حضن فى عز احتياجه . او حتى ضمة كف تطمئن او مجرد ابتسامة تمناها لتحل محل كلام توقف من ثقله على اللسان او ردة فعل او دموع انحبست او ربما البعد نفسه كان عنده ناقص فلا اتاه من رغب ول هو غاب عنه فارتاح لعدم رؤيته . فى النهاية يا رفيقاى جميعنا بعد الاربعين نكون تركنا خلفنا اشياء لم تجعلنا نترك الثلاثين كما دخلناها ولكننا رحلنا عنها وتركنا فيها جزء منا وقررنا نكمل الاربعين ونن ناقصين شىء

خالد بضحكة ساخرة: مهلا يا فقاء ما جئنا اليوم للحزن وما اعتدت ان تكون مقابلاتنا هكذا بل نحن دوما ما نهون على بعضنا ونتذكر الجميل عندنا حتى نرحل ونحن نحمل من الحيوية ما يكفى مجتمع باسره ولابد ان تعلما اننه الحظوظ لا تقاس بالاشياء التىنحصل عليها بل بعدد الاشياء السيئة التى لم تصيبنا فمن يعلم ربما لو كانت اصابتا لتركت فينا الندوب وربما تعمقنا فى هموم وبلايا غيرنا جعل تلك الاشياء التى كانت تزعجنا قديما ما عادت هكذا ورؤيتنا لمشقة امنيات غيرنا بالتاكيد علمتنا كيف تكون درجة تحملنا ولحظات النجاة الاخيرة فى حياة من راينا انهم كانوا على حافة الموت علمتنا ان الامل شىء لا يضاهيه شىء ومهنتنا هذه تعلمنا منها اكبر قيمة للاشياء فعلمنا ان اصغر الادلة ربما تكون هى الناجية او العكس ربما عدم تفادينا لاتفه الاشياء التى لم نحسب لها حساب هى من جعلتنا مجرمين فصوت مواء هرة صغيرة وصوت فزعها كانت سبب فى اكتشاف خرابيشها واكتشاف الجانى

.......................

وللجلاد أيضاً دموع Where stories live. Discover now