البارت 5

9 0 0
                                    

الفصل الخامس

يونس: لقد اهلكنى خالد اليوم فما ذنبى انا انغمس فى قراءة قضية واحمل ثقلها فوق اكتافى لارى ما حكم به ان كان نهائى ام يحتاج الى مراجعة ؟ الم يكفيه ما اتحمله انا؟
موسى: انت تعلم خالد منذ ان كان فى النيابة لم يترك شىء يمر مرور الكرام ولا حتى اللفظ ويعطى صغائر الامور نفس اهمية الكبير منها
اعتدل فى جلسته ووضع ساق فوق ساق ثم نادى على النادل وطلب منه القهوة واد يكمل حديثه الا ان يونس استوقفه وطلب بدوره قهوة وما ان رحل النادل من امامهما حتى عاد موسى يردف حديثه : اعلم انه يكهلنا ولكن هى امانة المهنة ولا تنسى انك الان على الاعراف اما الجنة واما النار
يونس : اعلم ما تقول ولانى اعلم اقول ذا فكان ينبغى عليه ان يتحمل هو حموله قضاياه ويكفيه ان اقوم انا محله اداريا فلدى مثله حمول كادت ان تقسم ظهرلاى وتفجر عقلى من كثرة التفكير فى البحث عن ثغرات او فى الخوف من تطبيق مادة قانونية اعلم انه لا تتناسب مع الحقيقة المواراه ولكن ما حيلتى ؟
موسى: ان كنت انت تعلم مدى ثقل تلك القضايا فبالتاكيد تعلم ان اصحابها فى اشد الحاجة لدقيقة تنقذهم من مصائبهم اليس كذلك؟
نظر له يونس وزفر نفس قلة حيلة لانه يعلم مدى صحة كلام صديقه وسبب اصرار خالد ايضا على التعجيل
موسى محاولا التخفيف عن صديقه: يا اخى لا تتجهم ويالا حظك فانت تاخذ الثواب مرات مرة لانك ارحت صديقك وكنت بديلا عنه ومرة لانك لم تؤخر حاجات الناس ومرة لانك تحملت عبء فوق اعباءك ومرة لانك راعيت ضميرك وقرات القضية بصدق وراجعت احكام صديقك ومرة لانك بطريقتك فلحت فى التاثير على الزوج صاحب قضية اليوم بحسب ما حكيت لى وجعلته يتعهد كتابيا بتقديم كامل الحقوق لاولاده وزوجته فربما جعلك الله سبب لانه يعلم انك ابلغ من خالد فى التاثير على الزوج
ابتسم يونس بجانب فمه وقال للاسف هنا اراجعك فالحق والفضل لم يكن ابدا لى ولكنه كان لخالد فكلماته كانت حقا مؤثرة فكان ظاهرا انه كتبها وهومتاثر ومنفعل فاثرت فى انا اولا حتى انى فلحت فى ايصال هذا الانفعال للزوج
موسى وهو يربت على عضد صديقه : ابشر فدورك فى الاجازة هو التالى لخالد فقد علم الله انه اكهلك بالفعل وساحل انا مكانك و....
قاطعه يونس قائلا: لن اكهلك ولن افعل معك كما فعل خالد معى ويكفينى انك ستحل محلى اجاريا فأجل كل القضايا حتى اعود
موسى: ما اخبار زوجتك واولادك ؟
يونس وهو يضحك ساخرا على نفسه: كانت تود ان تحدثت مع زوجة خالد تطلب منها ان يخفف الحمل عنى فقد وجدتنى انعزل عنها تماما من كثرة القضايا
موسى وهو ينظر فى ساعته : لقد اقترب موعدى مع والد خالد فقد تصلت به وطلبت منه ان ازوره وقد ان موعدى وقام واقفا يعدل من هندامه استعدادا للرحيل فقال له يونس انتظر سآتى معك فقد استوحشت جلسة هذا الرجل
وصلا معا لبيت والد رفيق دربهما وما ان طرقا الباب حتى فتحت لهما والدته ورحبت كعادتها واخبرتهما ان زوجها فى انتظارهما
طرقا باب مكتبه فاذن لهما بالدخول ورسم فوق شفاهه ابتسامة هادئة عميقة فهو يعلم ما اصبحا يتحملاه من هموم
ما ان جلسا امامه حتى سالهما برفق كيف حالكما؟
يونس بمزاح: كنت فى اطيب حال حتى قبل الان بشهر منذ ان اكهلنى ولدك بقضاياه
ضحك الاب وخلع منظاره الطبى ووضعه امامه وقال: وهل هذه اول مرة تتعامل فيها مع رفيقك ؟ فلابد لك ان كنت تتوقع هذا منه
ضحك يونس وهو يردد نعم . نعم كنت اتوقع ولازلت اتوقع منه المزيد
الاب : اخبرانى عن الجديد فى انواع القضايا ومحتواها
قال موسى بجدية: لقد اصبح للتواصل الاجتماعى دور هام فى اثبات التهم او نفيها او حتى لاثارتها واصبحت الصفحات مصدر للادلة بل مصدر اساسى وليس تكميلى للاسف
يونس مكملا بل قل انها اصبحت ايضا سبيل لهدم البيوت او بناءها واصبحت سبب فى تغير فكر الزوجات وغير نظرة الرجال لزوجاتهم
كان الاب يسمع وينصت بعمق ثم قال لهما : على القاضى ان يكون على علم وادراك بمدى التنوع فى المجتمع والفروق الناشئة عن المصادر المختلفة والتى تشمل ولا تقتصر على الجنس والنوع والدين والاصل العرقى والطوائف الاجتماعية والعجز والعمر والوضع الاجتماعى والتوجهات الجنسية والحالة الاجتماعية والاقتصادية والاسباب الاخرى المماثلة حتى وان كانت لا علاقة لها بالدعوى فحتى الاعراف تغيرت فما كان عرف قديما اصبح الان شىء منفر ننكره وتجلت مكانه قاعدة عرفية جديدة علينا الاخذ بها
وعليه ان يحاول بكل الطرق الممكنة ان يلم بالمواقف والقيم المتغيرة بالمجتمع وهى امور فى العادة متاحة وتسعدكما فى ان تكونا محايدان
يونس بجدية: ولكن اردت ان اسالك فى شىء وما طلبت ان اتى اليوم مع موسى الا ليقينى انك الوحيد القادر على ان تفيدنى وتجيبنى بكل صراحة
انتبه موسى لكلام رفيقه وانصت بجدية فقد شعر ان صديقه لا يسال فى هين
يونس: بدات اشعر بمشاعر متخبطة فقد بدات تدب فى داخلى واطرافى شعور بالتبلد واحيانا اشعر بالقسوة وان الرحمة هربت من طريقى ولم تعد تنير دربى فحتى زوجتى بدات اشعر انى اتعامل معها بحيادية وبدون مجاملات اصبحت عارى الحواس بارد الملامح
كان الاب ينصت وهو يهز وجهه وكانت حروف يونس تتخلل اعماقه بقوة ثم علق قائلا: على العموم فالقاعدة العامة انه لا يجب على القاضى ان يلقى بتعليقات غير لائقة او مهينة بشان المتنازعين اى لا يجب عليه ان ينفعل من المتهم فى حق البرىء او العكس لانه ايضا القاعدة العامة اننا نحكم من واقع اوراق مجردة والله وحده الاعلم بالخبايا وما بداخل الصدور اى انك تتعامل مع المتهم على انه برىء والعكس بالعكس صحيح فتجد نفسك مع الكرار اصبحت ملامحك تتعامل بنفس الشىء وحواسك ايضا فحتى ثورتك ضد جريمة بشعة اهتز لاجلها وطن وشعب يجب ان تكون منمق الكلمات تثور ولا تثور فى آن واحد تكون ناقم على الفعل لكنك لا تستطيع ان تطلق لنفسك العنان لاظهار كبتك وفوضاك الداخلية ورويدا رويدا تشعر انك فى الحقيقة تؤاد مشاعرك ببطء لتتحول الى جبل من جليد تحكم كل شىء بالمنطق ومن خلال اوراق وتستقوى على نفسك عندما تحكم باقل العقوبات على متهم هو فى الحقيقة برىء ولكن لم تحاله الظروف من اظهار براءته فتجد وكانك تخاطب الله بانه هو ابتلاه وارسلك انت لتخفف الحمل عنه . ستجد نفسك اصبحت لا تتاثر بدموع من امامك ظناص منك انه دموع التماسيح ولا تصدق الصدوق ظناً منك انه ربم يكون كذوب والعكس ايضا تجد نفسك تقا من عيوم وملامح من هم امامك صدقهم او كذبهم فتشعر وكان غطاء الرياء قد ازيل عنهم امام فطنتك ومثلك هنا تكون مشاعر الجراح فانت وانت كنت لم تعد تتاثر باصحاب القضايا وحفظ لمحواها لكثرة تكرارها فهو مثلك اصبح لا يخيفه الدم ولا صرخة ام ولا موت مريض فقد اعتاد على تلك الصور وعلم انه اولا واخيرا فهو اداه ليس الا وان القدر له احكام اخرى والامر كله بيد الله
يونس بقلق: ولكن ما العمل فاشعر ان زوجتى بدات تنفر منى؟
ابتسم الاب وقال برفق: هون عليها وقل لها تتحمل لان ما هو اتى اثقل
موسى بفزع: اثقل؟
الوالد : نعم فستتكدس ايامك وستصل الليل بالنهار وستتعرض للضغوط وللراى العام والتهديدات ومع كل ها سيطلب منك الا تتنازل وان  تصمد وكل هذا يجعلك تلقى بالحمل على زوجتك
ثم عاد ينظر الى يونس ومن بعده موسى ووجه كلامه لكلاهما : ان اردتما ان تتخلصا من هذا الشعور وان تحتفظا بشعوركما ورحمتكما فتعمقا فى قراءة القضايا وادرسوا وفتشوا فى خباياها فما تحتويه الخبايا تهيج له الاحسيس والمشاعر فستجدا انكما عدتما الى سابق عهدكما واصبحتما ذا قلب هين لين
موسى ليونس: ارايت ؟ اذاً فما يفعله خالد يحميه مما نشعر به
ابتسم  يونس وهو يشير الى الوالد: طبيعى ان يكون ما فعله هو الصواب فذاك الشبل من هذا الاسد واشار على والد خالد
................
كان خالد جالسا يشاهد التلفاز ومودة غفت بجواره ولاحظ تعرق جبهتها فتحسسها فوجدت ان حرارتها عاودت الارتفاع ولاحظ شدة نهمها للنوم فحملها ووضعها فى فراشها ثم تحرك ببطء وارتدى ملابسه وخرج فى هدوء حتى لا يزعجها وخرج يبحث عن طبيب وقد فلح وماهى الا لحظات حتى شعرت بيده الحنونه تمسح عن جبينها ففتحت عينيها بتثاقل وهمت ان تقوم وه تجاهد لان ترسم لابتسامة فوق شفاها فوجده يعيدها للنوم مرة اخرى ويهمس لها لا تقاومى لقد اتيت بالطبيب وهو فى الاخر منتظر ان يدخل ليكشف عليك
اندهشت وقالت انت اعطيت الامور اكثر من نصابها ان فى احسن حال كل ما فى الامر اشعر بالارهاق ربما من طول السفر او تغير الجو
ابتسم لها بحنان ومسح عن شعرها ودثرها جيدا وقال لها سادعوه ليدخل حالا
وما كان بين دخول الطبيب وبين خروجه سوى دقائق تكاد تحصر على الاصابع الا ان بين دخوله وخروجه كانت هناك حياة اخرى تبديل للتعاسة بالسعادة فقد بشرهما بان مودة حبلى فى ايامها الاولى
لم يصدق خالد نفسه واول ما فعل سجد فى الارض شاكرا وحامدا فقد تاكد ان عطايا الله ل تنتهى وانه اعطاه اكثر مما تمنى فقد سدد خطاه فى كل شىء من بداية عمله حتى زوجة صالحة والان اكمل له دعوته ووهبه طفل
كانت مودة تبكى فرحا لنفسها وله فقد شعرت بفرحته وكانها فاقت فرحتها رغم ان المعهود ان الانثى هى من تكون اشد انتظارا لهذا الحدث الا انها شعرت بعكس ذلك فقد كانت لهفته وفرط فرحته ما جعلها ترى ذلك
جلس بجوارها على طرف الفراش وضمها واخذ يبكى كالطفل فتعجبت وسالته : ما كل هذه الفرحة اكنت قانط من رحمة الله وقدرته على اجابة دعواتك ام كنت فاقد الامل فى انا نفسى؟
ضمها اكثر وقبل جبينها فبللها بدموعه وقال : لا هذا ولا ذاك كل ما فى الامر انى رايت ان عطايا الله تغمرنى وخشيت من امور ربما ان زادت العطايا الهتنى عن البلايا وعن الحمد او ان الله ربما على قدر العطاء سيبتلينى واكثر ما اخشاه ان ابتلى فيك او فى طفلى او ان سيزيز من امتحانى فى القضاء فتعرض على ما من شانه ان تلتبس على حقائقه فاعمى عن الحق واحكم بالباطل
مسحت على صدره وقالت له برفق: هون على نفسك لا تعطى الامور اكثر من نصابها واعطى كل امر حجمه حتى لا تشعر ان شبح البلايا يحاوطك حتى يصير حقيقة فربك حكيم لا يعطى الا بقدر ما تتحمل فرحته ولا يبتلى الا بقدر ما تتحمل ان تطيقه
ضمها مرة اخرى وكانه يريد ان يدخلها فى اعماقه وقال لها يا من اهدتك الدنيا الى اقدارى وخلال ساعات ملكتى كيانى فنظرة من مقلتيك طاشت كسهام الرماح تقصدنى فاصابتنى فاختل اتزانى ورشدى وفى بؤرة قلبى استقريت فاعدت الروح الي والان صرت منها اعانى فهل تشعرين بغريق فى قيعان عينيك ، اتدرين ما فعل بى هواك ؟ اتشعرين بما اعترانى ؟ اما رايت علامات الهوى والجوى اما استطال اليك انين شوقى وحبى وفرحتى ولهفتى ؟فهل سمحتى لجدار الصمت ان ينكسر فتسمعين من خلفه انينى الذى اكتمه من فرط حبك فى الحنايا ام ابوح بالسر الدفين؟
تمسحت فى صدره وقالت بهمس يسمعه وحده جمال الحب فى البوح وليس فى الستر والكتمان
عاد الى القاهرة واول شىء فعلاه ان ذهبا لمنزلى واليها ووالديه ليلقوا عليهما البشرى فتعالت المباركات وعمت البيتين وفى النهاية عادا الى بيتهما محملين بدفء دعوات ذويهما وبدف وليدهما الذى فى الاحشاء يسبح حمدا ان الله رزقه مثل هذاين ابوين
...................
موسى بعصبية عبر الجوال: اريد ان اراكما الان وكانت المكالمة لكلاً من خالد ويونس وعلى الفور لبى طلبه وتقابلا فى نادى القضاه
خالد : ما بك لقد صدعت صدرى بصوت عصبيتك فما بك يا اخى ؟
لم ينطق يونس وكان لا يقل عن خالد تلهفاً لمعرفة السبب
موسى : اتعلمان اننا قضينا وقت كافى كاعضاء يسار ويمين ومع الحركة القضائية تم اختيارنا فخصصنى معالى المستشار رئيسى لقاضى المسائل التجارية والعمال والمدنى
يونس بضجر رباه ثلاثة فروع ؟
موسى نعم وقد اقترح علي الامر قبل ان يوقع الورقة من وزير العدل واستاذنته ان يعفينى من واحدة على الاقل فجميعهم امورهم متشعبة وقضاياهم تجرجر خلفها قضايا ولا تنتهى وهذا ليس فقط بل الداهية انه انتدبنى لمحاكم وجه قبلى ولما ابديت اعتراضى وانه من حقى الموافقة على تخصصى قال لى وكانه يمدحنى : اعلم انى اكهلتك ولكنى رايت فيك حنكة الماليات والتركيز على الحسابات ولست ممن يتوه بين الاوراق والارقام فرايت ان مكانك بين تلك الدعاوى التى فى فحواها ارقام ستكون منجزاً ومنصفاً وبرر انتدابى لوجه قبلى ان محاكم هناك ينقصها خبرتى
كان خالد يسمع ويفكر فى نفسه فربما سيكون عليه الدور غدا فدورة التخصصات فى اوانها وتخيل وضع مودة ان تم انتدابه وكيف سيتصرف ثم انتبه على صوت موسى يساله عن رايه خالد: وهل لنا راى ؟ ثم انى انا نفسى وبالتاكيد يونس يوافقنى انك كنت اكثرنا حنكة فى قضايا الاموال العامة او الرشاوى فقد كان نبوغك هذا ليس من ايام الدراسة وحفظ كل المواد التجارية فحسب بل انت حقا شديد الذكاء فى سرد القضايا التجارية وتفنيد خطواتها واحكامها بسهولة وارى ان مدح معالى المستشار ليس فيه اى شبهة رياء بل هو يعبر عن حقيقة استشفها منك
هدا موسى قليلا فقد اصاب عندما اتصل برفيقيه لانه اعلم ان لن يفهمه احد سواهما ولهذا فقد شعر بتقبل الامر الى حد ما وقال بصوت اشبه الى اللين: ولكن ثلاث تخصصات ليس بالشىء الهين
يونس : ولكنك تستطيع اجتيازها واكثر
اخذ موسى نفس راحة عميق ونادى على النادل وطلب فنجان قهوة الا ان خالد استوقف النادل واعترض على طلب موسى وابدله بثلاث كؤوس من الليمون المثلج ولما هم موسى ان يعترض لوح له خالد ان يصمت حتى يرحل النادل ثم قال له مبررا فعلته: لا تشرب القهوة وانت فى تلك الحالة من العصبية وكفانا تلك العادة السيئة التى اكتسبناها على كبر فبدلا من ان نقلع عن التدخين عند النضح اقتحمنا هذا المجال بقوة
يونس بضيق: انت محقا فى هذا وما كنت اتخيل نفسى يوما ان اعتاد التدخين ابدا ولكن مهنة القضاء جعلتنى مكفهر الملامح متوتر وشديد التفكير على الدوام ووجدت فى الدخان طريقة للتنفيث عما بداخلى
موسى وهو ينفض سيجارته فى منفضة السجائر وماذا عن زوجتى واولادى؟
خالد : اعتقد انه من الافضل ان تسافر انت اولا ثم تجهز سكن القضاه الذى ستقطنه وتجعله جاهزا لاستقبال اسرة وبعدها ترسل لزوجتك تستدعيها
يونس: هل نسيت كلام والدك وانه كان يرفض هذا ويقول ان هذا الفعل ليس استقرار للاسرة بل تشريد لها لانه يغير لهم بين ليلة وضحاها اسلوب حياتهم ثم ما ادراك ان عاودوا نقله قريبا الى القاهرة فربما حدث عجز او وجدت قضايا هامة يحتاجونه فيها او انتداب مكان زميل فى اجازة الخ فما العمل وقتها ؟ انا عن نفسى قد جهزت حالى ان جاء انتدابى للمحافظات ان اترك زوجتى واولادى هنا حتى لا اشتت شملهم
موسى : لا اريد منكما المشورة بل ساذهب الى والدك واستشيره
وقام على الفور ولم ينتظر حتى النادل بالليمون فتبعه يونس واستوقفهما خالد وترك الحساب على الطاولة وتبعهما فى عجالة
................
ابتسم الاب وهو يراهم كالاطفال عادوا يطلبون مشورته وقال لهم باسى على حالهم: لقد بداتم الكدر مبكرا وهذا وان دل فيدل على جديتكم فى العمل فاظهرتم نبوغكم وصدقكم فتهافتت عليكم المحاكم ورؤساءها
موسى وقد قص عليه مشكلته والان يساله وما الحل فى رايك يا عمى
نظر الاب لابنه فقد شعر انه هو الاخر مهتم بسماع رايه فربما يكون غدا فى مكانه
قال بجدية: يا بنى هذا يختلف من اسرة لاسرة وبحسب مدى ترابطهم وتوافقهم فمثلا هناك من الزوجين من كان ترابطهما اعلى من ان يعيش كل منهم بمفرده او ان الزوجة لازالت شابة صغيرة لا تستطيع دفع دفة المركب بمفردها او انها مرهفى الحس ولا تستطيع العيش بدون عواطف ومثل هذه لابد ان تكون بجوار زوجها على الدوام ونفس الشىء بالنسبة للزوج فهناك من يكون بمقدوره ان يتحمل البعد او من يستطيع ان يقوم بحاجاته بنفسه ومنا من لا يصبر على المعاشرة فيحتاج زوجته الى جواره الخ وان اخترت لك امر فربما خجلت انت من التصريح او التلويح بشىء فى داخلك كان من شانه قلب الموازين والاعمال بعكس الراى اوربما اقول راى بحكم ما تراه عينى على علاقتك باسرتك وانا لا ارى الا الظاهر والبواطن انت وحدك الاعلم بها ومدى مصلحة بيتك وعلى العموم فالانتداب ليس كالربة البحتة فتستطيع نهاية كل اسبوع ان تاتى لبيتك وتقضى اجازتك وسط اولادك هذا اولا ثم ان القضايا ربما لا تكون يوميا فيكون لك متسع من الايام تقضيها مع اسرتك
هم يوسف ان يقوم الا انه قال بصدق لوالد خالد: اوصينى يا عمى
ابتسم الاب وقال ساقول لك تهنئة وتذكرة واعتبرها انت ما شئت ان كانت وصية او اعتبرها تذكرة او نصيحة
اطرق بسمعه ينصت بكل اهتمام بينما نظر الاب الى ابنه وكانه هو من كلب منه النصيحة وبدا حديثه كما لو كان يلقى خطبة واعظة وبالفعل انتبه له خالد وكانه فهم مقصد ابيه من انه هو المرجو على الخصوص
هكذا الايام تترى والمسئوليات لاشك مع الترقيات تزداد وان كنت الى النجاح تصبو وهو حق لك كما كان حق لبنى الانسان منذ اول الخلق فاحذر ان تربطه وتجعله لصيق بالارقام والاحصائيات فان فى الارقام المالا نهاية وان اتبعتها لن تدرى الى اين ستنتهى وان كنت تعلم من اين بدات ومن ثم وحتما ودون ان تدرى ستجد انك فى غفلة اصبحت تتدرج درجات الجور وحتما انك ستصل الى القمة التى ليس بعدها الا الانهيار والعودة الى اللاشىء فلا حتى البداية ستجدها وانما اجعل من نفسك دوما فى المنتصف فكل ما كان فى المنتصف فيكون باستطاعته ان يرى بوضوح ما هو امامه او ما كان فى دبره ولتستوى فى نظرك القضايا فلا تسعى لمعرفة متهم بالذات لاعجاب من عينيك لشخصة او حتى لوصفه فكلها هبة من الله ولا تحاول ان تعمق فيما وراء شخصه لحدث بداخلك تمنى ان تكون مثله او تحذى حذوه ولا تنظر لمجنى عليه لمكانته ولا حتى تبحث عن الرياء خلف دموعه فيكفيك ما تراه بعينك الفطنه من الرياء وانظر الى ما هو امامك من وقائع واوراق وقدر الاعمال بميزان العقل والمنطق ولا تتبع العقل فاساسه الهوى وما اضنى من اتبع هواه فلا تتحيز ولا تحابى ولا تغضب ولا تتحامل ولا تجامل فادعوا الله دوما فى صلاتك انه يبقيك مسخرا لخدمه خلقه فى ارضه وان يبقيك على لعهد عادلا منصفاً وفى كل خطوة تذكر القسم الذى اقسمته فالله كان شاهدا عليه قبل من اقسمت امامه وقد افتتحت قسمك باسمه وما كان اسم الله بالهين
كانت الكلمات تخترلاق صدورهم قبل اذانهم فكانوا اشبه بمن حطت الطيور على رؤسهم وساد الصمت المكان رغم ان الوالد قد انهى نصيحته
...............
عاد خالد الى البيت وهو قلق متجهم يدور الاحداث ويتخيل نفسه وقد اتاه الانتداب فماذا سيفعل وكيف سيرتب حياته ونظر لمودة وقال فى نفسه وكيف لتلك الصغيرة وهى التى لم تهنا بعد بحياتها لاضع على عاتقها عبء تحمل المسئولية وحدها وهل افعل كما سيفعل موسى واخذها معى ام افعل كما سيفعل موسى واتركها ها هنا بمفردها
مد انامله يتخلل خصلات شعره من فرط عصبيته فكان كما لو وضع بين طرفى المطرقة والسندان فلا ان اختار الحل الاول سيجعلها تهنأ ولا ان اختار الثانى سيطمئن عليها وهى بمفردها تواجه الحياة
عاود النظر اليها وهى لازالت ساكنة متعمقة فى نومها وكلما تعمق فى النظر اليها اكثر كلما زاده الهم اكثر اخذ يتذكر حلول ابيه ويرددها على نفسه كمن يحاول ان يقرر اى الحلين وهو جد كلاهما مر " يا بنى هذا يختلف من اسرة لاسرة وبحسب مدى ترابطهم وتوافقهم فمثلا هناك من الزوجين من كان ترابطهما اعلى من ان يعيش كل منهم بمفرده او ان الزوجة لازالت شابة صغيرة لا تستطيع دفع دفة المركب بمفردها او انها مرهفى الحس ولا تستطيع العيش بدون عواطف ومثل هذه لابد ان تكون بجوار زوجها على الدوام ونفس الشىء بالنسبة للزوج فهناك من يكون بمقدوره ان يتحمل البعد او من يستطيع ان يقوم بحاجاته بنفسه ومنا من لا يصبر على المعاشرة فيحتاج زوجته الى جواره الخ وان اخترت لك امر فربما خجلت انت من التصريح او التلويح بشىء فى داخلك كان من شانه قلب الموازين والاعمال بعكس الراى اوربما اقول راى بحكم ما تراه عينى على علاقتك باسرتك وانا لا ارى الا الظاهر والبواطن انت وحدك الاعلم بها ومدى مصلحة بيتك وعلى العموم فالانتداب ليس كالربة البحتة فتستطيع نهاية كل اسبوع ان تاتى لبيتك وتقضى اجازتك وسط اولادك هذا اولا ثم ان القضايا ربما لا تكون يوميا فيكون لك متسع من الايام تقضيها مع اسرتك "
زفر نفس ضيق فحتى عندما ردد كلام ابيه لم يسطع الاختيار قال بهمس لنفسه وما العمل ان جاءنى الندب وهى لازالت فى شهزر حملها فهل اترك تلك المسكينة هكذا؟ ام اعتذر عن الندب واتحمل تاخر الترقية او حتى اترك القضاء برمته يا الهى ما الحل ؟
عاد النزر اليها وتحسس جبينها ومسح عن راسها فشعرت به ففتحت عينيها فتعجبت انه لازال مستيقظا فقامت من رقدتها وجلست بجواره وسالته باهتمام ما بك يا حبيبى اشعر ان هناك ارق قد التهم مساؤك
كان يود الا يخبرها الا انه قص عليها لعله يجد عندها حل وان ناقشته ربما اراحت صدره فهو يعلم انها حكيمة ورشيدة وعقلها فطن ولهذا لم يتردد فى الاعتراف لها بما دار اليوم
ربتت على كتفه تهدا من همه ولكن وللاسف رغم انه راى بام عينه ما فعلت الا انه قد شعر بعكس هذا فهو قادر على التفرقة بين لمساتها وهى هادئة الفكر وبين لمساتها وهى متوترة فتاكد انه كان على صواب ان شاركها رايها حتى لا يصدمها بالخبر فى وقته مرة واحدة ولعل الترقب للخبر يجعلنا نتاهل له فحتى فجعة الموت تكون هينة ان اتت شخص كان طريح الفراش وصاحب المرض منذ فترة فهذا وحده كان كافى لتقبل فجيعته
ولكن لحبه اياها قد انزعج من توترها ورغم هذا كان ينصت الى رايها باهتمام
قالت له : لا اعرف ما يجب على قوله ولا اعرف هل استطع حقا ان اعيش هنا وحدى وانا التى لم يهنا لى النوم الا وانا بين احضانك ام انى ساعتاد الامر يوما بعد يوم ام  اوافق على رفقتك فى نفس الوقت الذى ازيدك حملا وكونى لا استطيع فراق اهلى ام انى ساعتاد الغربة عنهم كما هو احتمال احتمال غربتى هنا دونك ولكن ما انا متااكدة منه ان الله وقتها سيلهمنا ما هو صائب لنا فلا تضيق صدرك بما لم ياتيك بعد فتعيش متكدر الايام قبل الهموم وبعدها
نظر لها وتمعن فى ملامحها فكلامها يثلج صدره دوما وقال لها لا اعلم سببا لتعلقى بك ولا مبرر للهفتى عليك وحقا لقد عجزت عن تفسير هذا او تبرير اسباب ذاك الجنون حين لا استمع اليك فانا الذى لم اعرف احساس العجز من قبل وكيف كنت اشعر به وانا لم اتذوق العشق الا معك؟ ولم اتلقى الحيرة الا قبل اليوم الذى عشقتك عينى فيه من اول نظرة ولم تختلط على الامور كما تختلط الان أأعيش حقيقة ان انى فى وهم هل اعشق حقاً بصدق ام انى اعيش حالة عشق كنت اتمناها فى خيالى يوماً ؟ فما اصعب على الانسان ان يفكر ويفكر ويقد زناد فكره نهارا وليلا حتى فى احلامه لا تفارقه ثم ينتهى به المطاف الى رأى مفاده يا ليت ليفيق على ضياع الحلم او الامنية . حبيبتى حقا حرت فى حبك اتعبنى قربك كما اشقانى مجرد التفكير فى بعدك . لقد غابت عنى اشياء واشياء وضاعت منى احلام ولكن اليقين الوحيد الذى لم اسمح ان يتبدل هو انى احببتك بكل ما فى من رجولة
..............
جلس موسى برفقة زوجته فى صباح اليوم التالى ولم يكن عرض عليها الامر بعد وما ان اخبرها حتى صدمت وفى بداية الامر اقترحت ان يذهب هو ويتركها هى واولادها ويايتهم نهاية كل اسبوع ويقضى معهم الاجازة القضائية وتلك الايام التى تخلو من وجود جلسات لديه
عبر موسى عن انزعاجه من رايها وناشدها ان تشعر بماساته وانه يصعب عليه العيش دونها فقبلت على رفقته
ومر اسبوع جهز خلاله موسى للانتقال وقد سافر الى محافظة الوادى الجديد واستلم مسكنه هناك التى قد وفرته له وزارة العدل وجهزه لاسقبال اسرته وانهى اوراق نقل ابناءه للمدرسة ثم لحقت به اسرته
............
اتصل خالد بيونس زتواعدا على اللقاء كعادتهم فى النادى وما ان تقابلا حتى اختفت تلك الابتسامة وتلك المزاحات التى كانوا يستقبلون بها بعضهم البعض فهذه اول مرة يتقابل منهم اثنان دون ثالثهما
جلس يونس ولانه يعلم ان خالد اشدهم احساساص واشدهم حرصا على تلك الصداقة فحاول ان يهون عليه قائلا: لا تحسبه حزين او ان حياته قد انقلبت فهو قد انتقل بحياته باكملها الى هناك والامر مجرد شهور او سنوات محصورة وسيكون بيننا وربما لا يضيع الاجازات وسياتينا فانت تعرفه مخبولا لا يترك مناسبة الا واتانا
ابتسم خالد بحزن وقال له : لعن الله اى ظرف كان من عواقبه ان يفرقنا
يونس: تذكر انه ذهب لاقامة عدل الله فى ارضه
الظروف اهلته لان يعدل بين الناس لكن جارت هى علينا نحن
يونس بتلعثم : هون عليك فربما حصلته انا عمن قريب فاهل نفسك للحياة
انقبض قلبه وشعر انه سيصير وحيدا ويحرم من تلك الجلسة بصحبه رفيقيه ولكن لم يستطع التعليق وكان لسان حاله يعلن العجز عن التعبير عن الموافقة
............
اثناء ما كان يغط فى نوم عميق جاءه ابيه فى منامه واخذ ما قراه فى كتبه ومذكراته يراه فى المنام كما لو كان شريط يمر امامه على شاشة مرآة عينه
" لابد لان يكون القاضى اقوى الناس لان اول استخدامه لقوته يكون بهزيمة شيطانه"
" العدالة دون قوة فهى عدالة عاجزة والقوة دون عدالة طغيان وتجبر بينما من يستعمل العدل لا يحتاج الى الشجاعة فيكفيه شجاعة العدالة"
نخشى من كلمة العدل ونعلم انها ليست بالكلمة الهينة بل هى السواط التى تجلدنا فى اللحظة الف سوط وسوط فقد قال عمر الفاروق رضى الله عنه ( لا يعجبكم من الرجل طنطنته ولكن من ادى الامانة وكف عن اعراض لناس فهو الرجل )"
استيقظ من نومه وقد كسى جبينه العرق وشعر بالتوتر فقام من مكانه تاركا فراشه متوجها الى الشرفة لعله ينل قسطاً من الهواء المنعش ليملا صدره
لم يجد بد من ان يتصل بصديقه موسى الذى رد عليه على الفور وقد بدا منزعجاً قلقاً عليه قائلا بصوت ناعسا فقد افزعته مكالمة خالد فى هذا الوقت وقد خشى ان يكون قد اصاب ابيه او ربما زوجته اى سوء والا فما الداعى لاتصاله فى هذا الوقت ولكنه تنبه على الفور انه ان كان هناك مكروه لكان على الاقل اتصل بيونس فهو الاقرب له وانه بالتاكيد يعلم ان ليس لموسى اى حيلة او يد لانقاذه
كل تلك الاسئلة دارت فى لحظة على بال موسى وتنبه وفطن ايضا للاجابة فى لحظتها فعلم ان خالد ما اراد الا ان يطمئن عليه فاعقب تحيته وبدون حتى ان ينطق باسم صديقه : لا تقلق علي ياصديقى فانا بخير فلا تحمل همى
كل هذا ولم خالد نطق بحرف ولكن لم يسعه الا ان يبتسم فقد تاكد ان صديقه فطن لسبب اتصاله وعز عليه تلك القوة من الصداقة ان تفتت شملها ظروف المهنة ولكن ما باليد حيلة فقال له: حمدا لله انى اطمئننت عليك ولكن لا تغيب عنى فى الاتصال واجعلنى وكانى اراك وكانك معى فتابعنى بحياتك واخبارك لحظة بلحظة ولا تثير قلقى عليك
ابتسم صديقه على احساسه وقال له برفق : لا تقلق بشانى ولعلنى ابارك لك على الترقية عمن قريب
اجابه خالد ببرود: لا اريدها
انهى المكالمة وقد انزعجت زوجة موسى من صوت زوجها وحديثه من هذا الوقت المتاخر فسالته وهى تعلم الاجابة مثل زوجها فهى ليست بغريبة عن طباع خالد واحساسه باصدقاءه : هل كان يطمئن عليك؟
اومأ موسى بنعم فقالت له : الم اقل لك انه سيكون هكذا حاله فخالد لديه احساس بالمسئولية تجاهكما كما لو كان هو ابيكما او شقيقكما الاكبر
قال لها وهو يتأسف على حاله: نعم هو كذلك كما وصفتى ولهذا فانا احمل همه ليس لفرط شعوره بنا ولكن لفرط انهاكه لنفسه فهو كما رايتى انهك يونس فى فترة اجازته ولم يترك ملف قضيه لغيره يقرا ويبدى رايه رغم ان جميعنا نطبق قانون واحد ولكنه يرى انه ربما كان فى نظرته فتح باب لظهور حقيقة او لدرء شبهة هو لا يثق فى راى او نظرة غيره وكانه خلق قاضيا متفردا يخشى على مظالم الناس حتى من هم فى نفس مكانه
قالت له: يا ويلى على يومه فقد شعرت بهذا من حديثه ولكن لله وهبه مودة فهى حمولة لا تثور بسبب انشغاله عنها او بسبب فرط تفكيره ليل نهار فى قضاياه
...........
مرت شهور قلة على فقد الرفيقين لثالثهما موسى واثناء ما كانا جالسين فى نادى القضاة قرروا ان يتصلوا برفيقهم لعلهم يخففوا عنه هم الفقد والغربة وليكسرا عليه ملل الوحدة فاتصلا به وما ان رد عليهما الا وانهالت الضحكات والمناغشات بين ثلاثتهم وفى النهاية ساله خالد عن حاله فاشتكى موسى ضنك حالته الاسرية ومل من شكوى زوجته فاستنكرخالد الوضع وشعر ان زوجته تمارس دلالها او ربما تبطرها
فقد كانت بداية الحوار بان سال خالد موسى :  كيف هى احوالك يا صديقنا وكيف حال عائلتك هل تشعر بغربه حقا ؟
موسى : وما غربتى الا بفقدى جلستكما الان ولا تعتقدان ان رفقة اسرتى انستنى انسى معكما فكنت معكما افضفض واشتكى ولكنى ها هنا انا حبيس صدرى وحبيس الجدران وحبيس العادات والتقاليد وحبيس الظروف ايضاً
خالد ليهون عليه: ما كل هذا يا اخى فكلامك يشعرنى انك بعارة فى بلاد تبعدنا عنك منها الاميال او المحيطات وما يعتقد احدا ان كل ما فى الامر هى بضع ساعات سفر بالقطار او السيارة فما جرا لك؟
موسى: اولا ساقص عليكما حالتى فى عجالة لانى اعلم ان المكالمة ستنقطع فى اى وقت على الفور دون ان الحق حتى القى عليكما السلام فهنا فى الوادى الجديد شبكة الهاتف ضعيفة للغاية ونادرا ما نستطع التقاط اشارات الجوال وبالطبع فى وسائل للتواصل عبر الانترنت تكاد تكون معدومة الا بالضنين او الصدفة اما عن اسرتى فاشعر انى ظلمتهم لانى بحثت عن راحتى انا ولم ابحث عن راحتهم وانا التى كنت اظن ان فى راحتى راحتهم ولكن ما يحدث هو على العكس تماما فقد فقد اولادى اصدقاءهم وناديهم والعابهم وفقدوا مستوى مجارسهم وفقدت زوجتى زيارة اهلها واجبروا على العيش بامكانيات اضعف ومستوى اقل ومعاملة ناس اقل اداركاً منهم ومستوى تقدم اقل لا اسواق ولا وسائل ترفيه وكل هذا بامكاننا ان نطرحه جانبا وان نتاقلم عليه فالحياة من الاساس تعود ولكن ما الحل فى اختلاف العادات والتقاليد واسلوب المعاملات ؟ اولادى فشلوا فى التاقلم وزوجتى يعتصرها حنين يوم التجمع الاسرى لدى بيت ابيها
خالد باستنكار: كل هذا وانت لم تتعدى الشهور بعد؟
موسى: نعم وبالفعل كانت نصيحة والدك هى الافضل كان على ان افكر فى زوايا حياتى واخذ فى الاعتبار كل ما فشلت هنا فيه فما ذنبهم ان يتحملو مشقة منصبى وكان الافضل لى ان ابقيهم هناك واسافر انا لهما كل فى نهاية كل اسبوع وفى اى يوم لا يكون لدى جلسات فالامر حينها سيكون اسهل وابسط بكثير فانا كما قولت لست معارا للخارج "
...................................

وللجلاد أيضاً دموع Where stories live. Discover now