البارت 3

24 0 0
                                    

الفصل 3

فى الصباح ايقظتنى كعادتها ووجها مشرق وتناولت فطور وكعادتها ايضا اجبرتنى على ناول قهوتى المرة بعد تناول الفطور ثم ذهبت الى المحكمة وقد جهزت كل احكامى من ليلة امس
جلسنا فى غرفة المداولة وناولت رئيسى الملفات باحكامى فيها وفعل مثلى صديقى الاخر عضو اليمين وتناقشنا فى الاحكام ثم اخذ رئيسنا قراره النهائى بشان كل قضية وبعدها اشار للحاجب بفتح الجلسة
كانت القاعة اليوم مزدحمة بالمحامين وذوى المتهمين واصحاب القرارات نظرا لكثافة عدد القضايا ورول الجلسة اليوم
انهى القاضى الاحكام واقتنع بكل احكامى بالبراءة على الاحكام الغيابية وما ان انهى رول الجلسة برمته فلم يرد كالعادة ان ياخذ دقائق للراحة حتى  وكان يبدو انه يريد ان ينجز وما ان نادى الحاجب رفعت الجلسة حت عدنا الى غرفتنا مرة اخرى
كان بداخلى راحة نفسية لان رول اليوم لم يكن الا لقضايا بسيطة لم تثقلنى بهم التفكير فيها
كان رئيس الجلسة يوزع علينا قضايا الغد لندرسها وهو يشير لنا بان من بينها قضايا ليست جديدة بل هذه هى الجلسة الثانية قاصدا بهذا ان نتعمق اكثر فلا مجال للتاجيل
ثم اشار نحو اخرى اخذها لنفسه قائلا هذه ستاخذ احكام نهائية وبعدها ربما يرفعها اصحابها للاستئناف
واخرى نحاها جانباً قائلا اما تلك القاضايا فسيكون الحكم فيها بعدم اختصاصنا نحن فارجو منك يا خالد بعدما تنهى القضايا التى بحوزتك ان تكتب صيغة الحكم فيها بعدم الاختصاص
حمدت الله ان قضايا غدا قليلة ومن بعد غد حتى لمنتصف الاسبوع القادم انا اجازة من الجلوس خلف المنصة وسيقتصر عملى على قراءة القضايا التى ستكون مواعيدها بعد هذا وقولت فى نفسى ساخذ بعض الاوراق معى ادرسها باريحيه وتعمق افضل ولعلنى اجلس بجوار مودة حتى لا تسعر بالوحدة طيلة هذه لفترة
انتبهت من حوارى مع نفسى بسبب اسلوب رئيسى فقد وجدته يوزع علينا القضايا وليس كعادته منبسط لكلام بل وجدته متجهم عابث فقولت فى نفسى لماذا لم اساله لعلنى بمقدورى ازالة عبثه او مساعدته ولكنى تراجعت فقد خشيت ان يعتقد انى اتطفل فى خصوصياته ولكنى لم اكن انتهى من حواراتى الداخلية مع نفسى حتى وجدته وقد انهى توزي القضايا وقال لنا هذا اخر اسبوع لى معكم وساسلم اوراق القضايا الباقية لزميلى المستشار ... لانى قد انتدبت الى محافظة اخرى
ابتسم زميلى وهلل وقال له مبارك معالى لمستشار لعل هناك ستجد راحة اكثر فاى محافظة اخرى بالتاكيد ستكون اخف من العاصمة فى اعمالها ثم انك ستغير جو اخر وتعاشر اناس اخرى
فى البداية لم اعرف اهذا جيد ام سىء وهل القضاه المميزين هم من ينتدبون للعاصمة فيعتبر الانتداب هنا ترقيه ام ان العمل فى الاقاليم اخف فيعتبر الانتداب اليه راحة وبالتالى ينتدبون المستشارين ذى السيط فى اعمالهم ليخففوا عنهم الاعباء قليلا
ونتيجة عدم فهمى للامر لم تتغير ملامحى بل ظلت باردة لم ابارك ولم انعى حتى وجدته هو بنفسه يجيب على زميلى بعبوث قائلا: ليس فى الانتداب اى ميزة فربما ان كانت هنا القضايا كثيرة انما ربما هناك القضايا اقل الا انها عميقة يحتاج المجهود فى ايها الى اضعاف ما نحتاجه هنا فى نصف مليون قضية
هذا بالنسبة لما ذكرته ولكن ما يحزننى هو ليس لانتدابى فالقاضى يجلس خلف المنصة وليس بينه وبين كرسيه اى ولاء لانه يعلم انه حتما سينتدب من محافظة لاخرى حتى فى الاجازة
كنت انصت اليه وقد فتح طريق جديد امام عينى كنت بالطبع اعرفه ولكنى لم اعطيه اى اهتمام ولم افكر فيه بالمرة فما كان يهمنى هو ان اجلس على عرش القضاء ولم افكر فى وابعه فقولت فى نفسى اهلا بالعواقب والمصائب
عدت انتبه لرئيسى فكان يكمل جملته : حتى فى الاجازة القضائية ينتدب بعضنا لاجل راحة غيرنا وتبادل وهكذا ولكن ما احزننى هو ان الانتداب يعنى اننى ساترك بيتى واولادى وزوجتى اى اترك عائلتى دون معيل مثلى فى هذا مثل من يهاجر خارج وطنه لاجل لقمة العيش تاركاً اسرته بمفردهم ولانى لم اعلم بمدة الانتداب مثلى كغيرى فربما شهور وربما سنة او اكثر ورما اسبوع على اى حال فهو فراق وانا لا احب ان اترك عائلتى هكذا بدون رجل يقوم على حاجتهم ويقوم تصرفاتهم فهكذا انا اجبر كلا منهم على ان يعتمد على نفسه وهكذا انا ايضا اعتمد على نفسى فى الماكل والونس فيدب فى بيتنا الفتور والبعد ومن هنا ربما تهلك البيوت وتفتح منافذ الشيطان
قولت : ولكن هكذا هو رجل الشرطة والنيابة وضابط الجيش
قال: اورايتهم مبسوطين بعيشتهم وكل شىء لى ما يرام؟ كلما اعتليت منصب فقدت معه امان
صمت ولم اجد بداخلى شىء اهون به عليه الا ان صديقى قال ولما لا تاخذ اسرتك معك فوزارة العدل توفر لكل قاضى منتدب بيت كاسترحة به كل شىء ومجهز للمعيشة؟
اجابه المستشار: وهل اغير محل سكن عائلتى ومدارسهم ومل زوجتى لاجل شهر او حتى سنة ثم ومن ادراك انى لن اعود من هذا الانتداب على انتداب اخر فى محافظة اخرى فهل اسير بعائلتى واجوب المحافظات ؟
تأثرت بكلامه لا محال وتخيلت نفسى مكانه وتاثرت بالفعل ولكن تاثرى لم يكن بالقدر الذى اوجعه ربما لانى لست ف نفس موقفه ولم اعش تجربته بعد
نفضت الالم عن مخيلتى وقولت فى نفسى كفى ما بى من الم وهموم ولاجعل نفسى اعيش اليوم بيومه وبالمه ولا اتطرق الى ما بعد اليوم حتى لا افقد لذة يومى وانا افكر فى الغد فلا انا عيشت يومى ولا انا خففت حمل غداً
وكالعادة اتصلت برفيقى دربى لعلنى اجد عندهم ما يبعد عقلى من التفكير وبالفعل تقابلنا وجلسنا فى نادى القضاه قليلا نفضنا عن انفسنا تعب اليوم وقد انتهزنا فرصة ان اليوم كان قصير فليكن لانفسنا قليلا من الراحة
يونس كعادته يحب السخرية والمزاح : راك جالس معنا وقلبك يرتعد من الخوف من تحقيق مودة لك عند العودة لماذا تاخرت؟ لماذا جلست فى نادى القضاة برفقة اصدقاءك؟ اليس لى عليك حق ؟ الخ
موسى بنفس المزاح: لا تقل هذا ي رجل فاخينا خالد قوى الشكيمة ثم انه تزوج فتاه هادئة تصغرة بكثير وبالطبع هو له التاثير الاقوى عليها بحكم فارق السن بينهما اليس كذلك يا خالد؟
قول له لا ليس هذا ولا ذاك فلا انا قوى الشكيمة متجبر ول فارق السن يجعلنى اطغى على شخصيتها وامحوها ولكن فى الحقيقة هى لا تستحق منى الا كل تقدير واحترام ورغم صغر سنها كما تعلمون الا ان لديها عقل رصين تستطيع به ان تاثر قلب اى رجل راشد مثلى وبالطبع ساخبرها انى جلست معكما ولن تحزن ولن تمطرنى بالاف الاسئلة لانها تعلم ان الرجل ليس كالانثى فى طبيعة خلقته وتقدر حاجتى للجلوس معكما
ومع ذلك انا لا اهضم حقها فى الخروج معى والتنزة سويا وسانتهز اليوم ان يومى كان قصير وبالتاكيد ساعوضها عن تلك الايام السابقة
موسى: كنت فى اى دائرة اليوم
خالد : نفس دائرة امس وغدا ومن الاسبوع القادم سانتقل الى دائرة اخرى دعاوى صحة ونفاذ وعقود
موسى: يالا حظك اما عنى سامكث فيها ربما حت اصبح عضو يمين
يونس : انا اختارنى رئيسى للمدنى واعتقد ان خالد سيطلب للجنائى فهو محنك فى تلك النقطة
قولت له: سامحك الله فوالله كل دعواتى ان بعد عن الجنائى والشرعى فاحبال قضاياهم طويلة وشائكة وكلها تحتمل الظنون ووجود شهود زور لا محال وانا لا اود هذا ابدا
موسى: ولكن ظن يونس فى محله فارانى انهم سيختارونك فى اى تلك الدوائر
قصصت عليهما ما حاكاه لى رئيسى من امر انتدابه
يونس بتعبيرات وجه مهموم: مادمنا سعينا للمنصب او حتى وان جاءنا بالتعيين فعلينا تحمل تبعاته فكل مهنة ولها عواقبها السيئة مثلما يكون لها عواقب تقدم وترقى وحصانة
موسى: اتفق معك فى هذا الراى ثم قال لى وكانه يعطينى النصيحة عندما شعر منى القلق: تقبل كل مشاكل مهنتك بصدر رحب واذكر مميزاتها لعلها تطغى على عيوبها فلا تضجر منها ولا تهمل فيها ثم ان كل مهنة ولها محاسنها مثلما لها مساوئها فلا تبالى ولا تفكر فى المصائب فتاتيك طواعية
واجعل ملامحك تبدوا اصغر من عمرك بالتفاؤل فها يعكس لك قبل غيرك ان داخلك اقوى من قسوة الحياة وانك قادر على المواجهة ثم ان كثرة تفكيرك هكذا يؤثر على حركاتك وحياتك بالسلبية وهذ سينعكس بدوره على مودة فلا تدمرها فما ذنبها ؟ فانا عن نفسى اقتنت ان الراحة لا تعنى انى اعيش حياة جميلة بلا متعب بل تعنى قدرتى على افراغ راسى مما يزعجنى تعلمت كيف اطفىء ذاكرتى  فى نهار يومى او قبل نومى فعتمة النسيان افضل بكثير من اضواء تزعجنى او تعجزنى عن التقدم
يونس مغيرا مجرى الحديث : اليس لديك ما يشرح صدورنا؟
نظرت له ولم افهم مغزى سؤاله فاومات بحركة لا ارادية بكتفى بمعنى لا افهمك فقال لى وهو يضحك: اقصد الم يحن الوقت لتبشرنا بقرب قدوم خالد الصغير
ابتسمت وقولت لازال الزقت باكرا
قال لى باستنكار: باكرا؟ كيف هذا وقد مرت عدة شهور
موسى باستخفاف من كلام يونس: ما هذا الهراء تتحدث كما لو كنا النساء فهذا السؤال هو تخصص النساء فى حين
يونس بضحك: اعلم اعلم يا اخى ولكنى فقط اردت ان اغير مجرى هذا الحديث الغير مجدى
فى البداية لم اعر سؤاله اى اهتمام ولم اتوقعه من الاساس ولم افكر انا فيه من البداية الا انى لا انكر انى لاول مرة اتاثر به وخاصة عندما ذكر ان زواجى مر عليه عدة اشهر
هل هذا لانى شعرت بطول المدة؟ ام لانى شعرت بانى حقا تزوجت ولابد ان يكون لى عائلة؟ ام هو شعور الابوة الذى يدب فى الرجل مع زواجه ؟ ام شعورى بالخوف والقلق من بداية سيل مثل تلك السئلة ممن هم حولنا؟ ام انها غيرة وانى تمنيت ان اكون مثلهما اب ؟ فى الحقيقة انا نفسى لم اعرف سبب هذا الشعور من الاضطرب ولكنى مجبرا نفضته على الاقل امامهما
انتهت ساعة لقاءنا وعدنا لبيوتنا وانا فى طريقى للبيت اخذت افكر فى الامر وقولت ان كان هذا شعورى انا فما بال بيبتى مودة فان كان مشار الابوة تولدت بعد الزواج فالانثى يولد معها هذا الشعور وتعيشه منذ مهد طفولتها
وصلت الى البيت فوجدت تلك الفراشة كعادتها فى ابهى صورة لها تنتظرنى
ضممتها برفق وقبلتها ولا اعلم ما سبب انفجار تلك المشاعر الحنونة عليها فهل بدات حقا اشعر انى اب وانها ابنتى
قبلتها وسالتها عن احوالها فابتسمت ابتسامتها التى تسلبنى عقلى وطمانتنى عن حالها فقولت لها ما رايك ان خرجنا واخذنا طعام غذائنا فى اى مطعم؟
ركضت كالطفلة التى اهداها ابيها قطعة شيكولاته وراحت تبدل ملابسها دون حتى ان تبلغنى بموافقتها وكانها اكتفت بردة فعلها على سؤالى كاجابة
اخذت اراقبها وانا اضحك عليها فشعرت انها حقا طفلة فسبحان الله على تلك الزوجة عاقلة رصينة حين تريد ان تحتوينى وطفلة مرحة حين ااول انا ان ادخل السرور على قلبها
كنا فى الطريق الى المطعم وكنت اود ان اخبرها بما سالنى عنه يونس لافضفض معها ولكنى كنت متردد اخشى ان ادخل على قلبها العبوث واصيب عقلها بالتفكير فان كنت انا كرجل فعلى فى السؤال ما فعل فما بالى بها تلك الرقيقة وقررت فى النهاية الا اسالها وانصرف عقلى عن تجهيز بعض الردود على من يسالنا من الان ولكنى سالت نفسى فما الحل ان سالها احد ولم تخبرنى فانا اعلم انها رقيقة وربما تتاذى ولا تخبرنى حتى لا احمل هم فوق همومى
انتبهت على حركة اناملها التى كنت احتضنها بكفى وانا اسير فانتبهت لها فوجدتها تقولى لى بهدوء وكانها تنبهنى انى انشغلت عنها بتفكير فى امر ما فقالت لى : حبيبى لقد بلغت بالسرعة القصوى حتى انك تخطيت مكان المطعم
انتبهت واعتذرت متعللا انى افكر فيما ساطلبه لها من طعام لتفرح لانى انوى ان اطلب كل ما تشتهيه وتحبه وكذبت عليها مرة اخرى وقولت لها كنت افكر ايضا فى مكان اخر نقضى فيه بقية ليلتنا
شعرت انها لم تصدقنى فهى تقرا عيناى ومشاعرى قبل ان ينطق لسانى وحبى لها فضاح فجعلنى لا افلح فى كتم شىء عليها 
اخيرا وقفنا امام المطعم ووجدتها تتابط ذراعى بكل افتخار وهى تبتسم وقول لى كلما كنت معك اشعر ان عنقى تطول عنان السما وامشى بفخر واشعر ان من حولى يحسدوننى
ابتسمت لها بحنان فقد اذهبت بكلماتها عنى اى تفكير كان من شانه ان يفقدنى لذة اللحظات الجميلة وهى برفقتى وسالتها : لما كل هذا؟
اتسعت ابتسامتها اكثر وقالت وكانها تتعجب من كون لا افهم السبب : وكيف لا افخر وقد تزوج بقاضى اى من رجل جعله الله ذراعه ف الارض تزوجت بمن ان نازعنى فى شىء اشتتكيته لنفسه وانا اعلم انه سيقتص لى من نفسه
كنا قد خطونا اول خطواتنا لداخل المطعم عندما قالت لى كيف لا افتخر وقد تزوجت بمن كان اول دعواتى فلما تزوجتنى علمت ان الله يحبنى لانه استجاب لى
حضنت كفها المتأبطة لذراعى وقولت لها مناغشا : وربما يكون ابتلاء لك من الله
تجهم وجهها وحزنت من كونى اشبه نفسى هكذا وخاصمتنى على الفور ولوت فمها وحاولت ان تسحب يدها منى الا انى تشبثت بها اكثر وضحكت من اعماق قلبى وقولت : لا داعى اليوم لاى خصام فاليوم للمتعة فقط
عادت وابتسمت زهنا قد جاءنا النادل ورحب بنا فطلبت منه ان يختار لنا طاولة مميزة بمكان منزوى فاختار لنا ما وصفناه له وبالفعل كانت طاولة فى الزاوية منزوية محاطة بالزهور وكانها معدة خصيصا للعاشقين
ازحت لها كرسيها فجلست وجلست انا بدورى عل الكرسى المقابل لها بينما كان النادل واقفا على مقربة منا منتظراً ما سنطلبه
قولت له بدون خجل : نحن عرسان واريد منك ان تضع هنا كل ما تشتهيه الاعين ويسر النفس قبل المعدة فانا اريد ان اميز زوجتى بعزومة نادرة
اوما براسه بنعم واعطانا المنيو فلم افتحه وقولت له اريد ان تعد لنا انت افخر ما تقدمونه
شعرت انه طيب وانه سيفعل ما طلبته ليس لاجل ان يستفيد من المبلغ المطلوب بقدر ما شعر انه حقا اراد ان يدخل السرور علينا
قضينا ليلة جميلة رغم ان التفكير لم يفارقنى الا ان وجودها بقربى كفيل بان يزيل عنى همى
...............
مر عام كامل وقد اصبحت عضو يمين والحمد لله برعت فى احكام المواريث والتجارى
واليوم كان يوم عيد زواجنا وقررت ان ادعو مودتى لحفل عشاء وعندما ذكرت هذا لرفيقى اقترحا ان نجعله عشاء جماعى لنتسامر جميعا فاقترحت انا ان يكون العشاء عندى فى بيتى
وفى المساء وجدت مودة قد اعدت عشاء فاخر ونظمت الطاولة بطريقة رومانسية واعدت كل الطعام بنفسها حتى اصناف الحلوى رغم انى عرضت عليها ان اشترى لها ما تطلبه حتى لا ترهق نفسها فرفضت وكنت اعلم سبب رفضها الا وهو التوفير فقولت لها وما الداع من التوفير فمرتبى الحمد لله يكفى وزيادة فابتسمت وقالت والتبذير ليس بخصلة حميدة نسعى اليها
دوما ما كنت اشعر انها تغلبنى بالفطرة والمودة
انته العشاء وجلسنا نتسامر وكنت اراقب اولاد رفيقيى واتمنى من داخلى ان يكون لى ولد من صلبى وعندها تذكرت ابى وكيف كان يفرح بقدوم اخواتى بيتنا وكيف يفرح باحفاده وكيف كان يتمنى ل ان اتزوج فالرجل مهما طال به العمر جل ما يفرحه ان يرى ذريته ومن يمد اسمه يركضون من حوله فشعرت بخوق ان يقف نسل ابى عندى ويبتر بسببى
سئلت نفسى هل من المعقول ان اكون انا مشغول الى هذا الحد فى حين ان مودة لم تكن مثلى فانا من حين لاخر كلما تعمدت ذكر الاطفال وجدها منشرحة الصدر وتدعو وكانها لا تخشى شيئا
زوجة يونس لمودة: ما شاء الله عليك يا مودة طريقتك فى تنسيق بيتك ممتازة فانتى قد فلحتى فى اختيار الاثاث الصغير الحجم دون المتكلف واختيارك للالوان الفاتحة فى غرف الجلوس اضفى عليها حيوية ونشاط فى حين كان اخيارك لغرفة النوم والمكتب باللون الداكن اضفى عليها الدفء فشعرت انك قد اعطيتى كل مكان خصوصيته وطابعه
زوجة موسى: دعيها تهنأ باثاثها قبل ان ياتى طفلها ويخرب لها كل شىء
كنت اراقبها فوجدتها ولاول مرة تختلس النظرات الي الا ان ملامحها كانت لا تزال تبتسم وكانها لم تتاثر ولكن لما اختلست النظرات الي فبالتاكيد انها تفكر فيما افكر انا فيه ولكن ما  آلمنى هى شجاعتها فى الصبر ولم تفاتحنى فى الامر فهل اكون انا الاضعف واحزنها بسؤالى ان قررت هذا ؟
اكملت زوجة موسى: وكيف حالك مع القاضى زوجك يا مودة ؟
قبل ان تجيب اجابت زوجة يونس بحزن : لا تساليها فبالتاكيد حالها من حالنا
ما ادهشنى هو رد مودتى : وما هو حالكما ظننتكما تفتخران بهذا
زوجة يونس : ومن هى تلك التى لا تفتخر ان زوجها قاض ولكن اعباء المهنة تدمرنا  فزوجى اصبح اكثر توترا واكثر بعدا عنا واكثر انشغالا واكثر هما وعصبية
قاطعتها زوجة موسى قائلة: نعم واصبح متبلد المشاعر وكانى ادفع ضريبة كونه جلاد
هنا كنا نحن الثلاث رجال نستمع الى حديثهما ولا نعلق لاننا نعلم بمرارة ما فى صدورهم ولكن مودة هى من خففت حدة هذا بكلامها الطيب قائلة: هم اصبحوا هكذا ليس لانهم اعتادوا المشاعر المزيفة واقوال الزور من الناس ولكنهم اصبحوا مثقلين بهموم الحق ورده لاصحابه فهذا وحده كفيل بضياع انسهم ورشدهم وعلينا نحن ان نهون عليهم ول ننتظر منهم ان يرهقوا وايضا هم من يهونون علينا والا فما فائدتنا فى حياتهم فطالما شاركناهم الحياة علينا ان نشاركهم فى كل شىء حتى الهموم ام ان عقود زواجنا اشترطت ان نشاطره الافراح دون الاحزان؟
كلماتها رفعت راسى وجعلتنى كما لو كان لى جناحان اطير بهما متفاخرا امام اصدقائى
موسى ردا على الكلام ولعله وجدها فرصة ليعترف بما يشعر به تجاه زوجته ليواسيها
وجدته ياخذ نفس عميق وربما كان يؤهل نفسه للدث او لعله يجمع الحروف فعلمت ان الامر مستتب فى بيته وان الامور تتفاقم
قال: لنفترض ان ولتكن انتى يا زوجتى مستودع سر كلا من زوجتى خالد ويونس وجاءتاك تشتكيان زوجهما فما سيكون رد فعلك؟
قالت: ساسمع لهما واطلب منهما ان استمع لزوجيهما لعلهما يهولان الامور او ربما الخطأ لديهما هما
قال لها جميل جدا وهذا اصاف وماذا بعد؟
قالت ساطلب كلا من يونس وخالد واسمع منهما واحكم عقلى دون ان اميل مع الزوجتين او الزوجين حتى اكون منصفة احاول ان اهدىء الامور بينهما واتوسط بايجاد حل

وللجلاد أيضاً دموع Donde viven las historias. Descúbrelo ahora