البارت 6

13 0 0
                                    

الفصل السادس
كان الكل معجب بحديث خالد والجميع نقله حرفيا عنه وكانت كلماته قد شفت غليل من كان حاضرا وناقما على صاحب الشركات ذى السلطة ظنا منهم ان القضاء سينصفه وينصره على اصحاب الحقوق الاصليين  وقد حكم عليه باقصى العقوبة المقررة على من هم مثله وبعدها رفع الجلسة وقام ولازال غضبه يغلى فى صدره رغم امتثاله الهدوء
لم يعطى بالا من تلكالزغاريد التى ملات القاعة ولا من دموع المنصورين ولا حتى من دعواتم له فهو قال كلمة الحق فى الله ورحل ولم يهتم بما يليه فالى هنا تنتهى وظيفته
تنفس الصعداء بانه عدل بالحق وكانت عيناه تبحث عن صديقه خالد وهل انتهى من جلساته ام لم يزل فى دائرته ولما لم يجده علم انه لم ينتهى بعد ولكنه انتبه لرئيسه السابق قادما نحوه فقاما اجلا وتعظيما له فهو مهما كان يحفظ المقامات والدرجات
ابتسم له رئيسه السابق وسلم عليه وحياه وهنأه على القضيه وقال منشدا باخلاقه وذكاءه: لم تخيب ظنى فيك يوما فانا كنت على يقين انا ابن السيد مكرم رئيس النيابة السابق والرافض الشهير لمنصب القضاء واستاذ القانون الذى كنا ولا زلنا نتعلم منه ومن نصائحه حتما سيكون النسخة الاخرى منه
اوما خالد براسه بتواضع ورد تحيته وشكره
رحل عنه رئيسه الا انه رغم ذلك لم يفرح بالاشهاد له وتكريم اصله وظل متجهم الملامح
اخيرا ولج لغرفة القضاه وشغل حاله وبدا فى مطالعة جلسات غدا وبدا هو من يوزع الجلسات على مساعديه عضوى اليسار واليمين وكان بداخله يتذكر حاله فاعطاهم الملفات التى لا تحتاج الى تعمق واخذ هو تلك التى تحوى ملفات شائكة لانه كعادته المعهودة لم يستامن عقل ورشد احد فى تقرير مصير الغير سوى نفسهى وانهمك فيها حتى سرقه الوقت فلم ينتبه بكم عدد فناجين القهوة التى شربها ولم ينتبه الى كم اعقاب السجائر التى ملات منفضته الا عندما تاذى من رائحة الاعقاب المحروقة ونادى على الساعى ليزيحها عنه ويبدله عنها باخرى نظيفة الا ان الساعى العجوز نظر فى ساعته وكانه مشفق على خالد وقال بابتسامة اب حانية : يا بنى لقد داهمك الوقت وانت على حسب ما رايت جدولك ليس لديك جلسات مبكرة فى الغد فتستطيع ان تعود لبيتك وتهنا بقسط من النوم وتعاود الاطلاع باكر فلجسدك عليك حق ولعقلك ايضا فان كنت تود الحق والعدل فاعطى كل ذى حق حقه واول تلك الاشياء هى نفسك فما الحل ان انهكت عقلك بالتركيز ؟ بالطبع سيشوش عقلك وتختلط الامور وفى هذا اذية لنفسك ولمن تحمل همهم


































ابتسم له خالد ابتسامة حانية وربت على عضده ومد يده فى جيب سترته واخرج بعض النقود الورقيه وقدمها له وهو يقول: وانت احق الناس بطلب الاعتذار منى فقد انهكتك معى
خجل العجوز وهم ان ينفى هذا عن نفسه وحزن ان خالد ربما فهم نصيحته بطريقة لم يكن يقصدها وانما كان يقصد نصيحته هو بالفعل لانه حقا يحبه ويعلم انه جادا فى عمله الا ان خالد اوقف تمتمته وعفاه من الاعتذار وقال بابتسامة هادئة وهولا زال يمسح عن ظهره : لقد اكسبنى عملى الفطنة فى قراءة العيون وحتى لغة السرائر واصبحت فطن فى فهم الاحاديث وسهل علي التفرقة بين ما هو رياء او صدق ايها العجوز واعلم انك ما قصدت نفسك وانما قصدت نفسى انا ولكنى رايت انى حقا قد اكهلتك معى ولابد ان اقدم لك التحية هذا لا اكثر ولا اقل
لملم اوراقه ونظر فى ساعته فانزعج فقد ضاع الوقت وهو الذى كان يود ان يذهب مع مودة لزيارة الطبيب فها هى دخلت فى شهرها الخامس وهو حقا مقصر معها فى السؤال عنها والاطمئنان عن صحتها وصحه جنينها
غادر المكان وركب سيارته واول ما فعل اتصل بصديقه يونس ليطمئن عليه ويستفهم منه لماذا لم يتصل به
اتاه صوت صديقه ومن اول حرف علم ان هناك امر ما فساله وهو متوجس خيفة من الاجابة التى لم يتمنى ان يسمعها ولكن كانت هى بالفعل فقد اخبره يونس انه جاء قرار ندبه هو الاخر وانه على خلاف لان زوجته تود ان تذهب معه وهو لا يريد
خالد وقد عدل سير سيارته واتخذ طريقا معاكسا : انا آتى اليك فى الطريق واغلق الهاتف على الفور واسرع من سرعة القيادة حتى صدرت اطارات سيارته صريرها على الاسفلت وكانها تشاركه الانفعال والضيق
ما هى الا لحظات وكان خالد جالساً مع رفيقه فى الشرفة التى تقع فى اخر زاوية من غرفة واسعة كبيرة فى شقته مما ساعدت الا يكون حديثهما مسموعا لزوجة يونس
خالد: لما رفضت على اصطحاب زوجتم واولادك معك؟
يونس : تسالنى هذا وكانك لم تتذكر حديث موسى ومعاناته مع زوجته
ارجع خالد ظهره لى الخلف ومد كفه يخلل باصابعه شعره من فرط عصبيته فقد تذكر وما كان تذكره الا انه ازداد تجهم ولم يعرف كيف يجد السبيل الى حل يرضى الاطراف
يونس: اتتذكر كيف شرح لنا موسى معاناته مع زوجته واخذ يردد ما قاله موسى عندما اتصلا به ليمزحا معه ويشاركانه الجلسة حتى لا يشعر بوحدته " كيف هى احوالك يا صديقنا وكيف حال عائلتك هل تشعر بغربه حقا ؟
موسى : وما غربتى الا بفقدى جلستكما الان ولا تعتقدان ان رفقة اسرتى انستنى انسى معكما فكنت معكما افضفض واشتكى ولكنى ها هنا انا حبيس صدرى وحبيس الجدران وحبيس العادات والتقاليد وحبيس الظروف ايضاً
خالد ليهون عليه: ما كل هذا يا اخى فكلامك يشعرنى انك بعارة فى بلاد تبعدنا عنك منها الاميال او المحيطات وما يعتقد احدا ان كل ما فى الامر هى بضع ساعات سفر بالقطار او السيارة فما جرا لك؟
موسى: اولا ساقص عليكما حالتى فى عجالة لانى اعلم ان المكالمة ستنقطع فى اى وقت على الفور دون ان الحق حتى القى عليكما السلام فهنا فى الوادى الجديد شبكة الهاتف ضعيفة للغاية ونادرا ما نستطع التقاط اشارات الجوال وبالطبع فى وسائل للتواصل عبر الانترنت تكاد تكون معدومة الا بالضنين او الصدفة اما عن اسرتى فاشعر انى ظلمتهم لانى بحثت عن راحتى انا ولم ابحث عن راحتهم وانا التى كنت اظن ان فى راحتى راحتهم ولكن ما يحدث هو على العكس تماما فقد فقد اولادى اصدقاءهم وناديهم والعابهم وفقدوا مستوى مجارسهم وفقدت زوجتى زيارة اهلها واجبروا على العيش بامكانيات اضعف ومستوى اقل ومعاملة ناس اقل اداركاً منهم ومستوى تقدم اقل لا اسواق ولا وسائل ترفيه وكل هذا بامكاننا ان نطرحه جانبا وان نتاقلم عليه فالحياة من الاساس تعود ولكن ما الحل فى اختلاف العادات والتقاليد واسلوب المعاملات ؟ اولادى فشلوا فى التاقلم وزوجتى يعتصرها حنين يوم التجمع الاسرى لدى بيت ابيها
خالد باستنكار: كل هذا وانت لم تتعدى الشهور بعد؟
موسى: نعم وبالفعل كانت نصيحة والدك هى الافضل كان على ان افكر فى زوايا حياتى واخذ فى الاعتبار كل ما فشلت هنا فيه فما ذنبهم ان يتحملو مشقة منصبى وكان الافضل لى ان ابقيهم هناك واسافر انا لهما كل فى نهاية كل اسبوع وفى اى يوم لا يكون لدى جلسات فالامر حينها سيكون اسهل وابسط بكثير فانا كما قولت لست معارا للخارج "
خالد بعصبية زفر نفس ضيق واشار ليونس بان ينهى حديثه قائلا: كفاك يا اخى تعيد علي الحديث وكانى نسيته فوالله من وقتها وانا افكر فى امره واحمل همه واضع تجربته نصب عيناى لاخذ منها خبرتى فانا لست ببعيد عن نفس الشىء فكل ما فى الامر ان ما يبعدنا عن الانتداب هو مجرد ايام ولكن فى النهاية فهى تجربة مرة وربما تكون سعيدة على غيرنا ولكننا فى كل الاحوال سنتذوقها اجلا ام عاجلا
ولهذا وجدت ان يونس اكثر تعقلا واستقرارا فى الفكر عنى فقد قال :ولهذا فعلت انا بنصيحة ابيك وتفاديك خطا موسى ورفض ان اصطحب زوجتى ولكنها لا تفهم هذا وتتهمنى اننى افكر فى نفسى فقط ولم افكر فى مصلحتها فى حين ان الامر على العكس تماما
وحتى عندما قولت له ناقشها فى حالة زوجة موسى وما تعانيه
سخر منى وكانى اقول شىء استبعدت لن يفعله فقال هى لم تنتظر ان احدثها فى هذا بل هى من قصت على معاناتها فهل ذهب عنك انهما صديقتان من البداية
تعجبت من طريقة تفكيرها واقتناعها الدؤوب بما جال فى عقلها وقولت ساخرا ورغم هذا لا تقتنع؟
فرد على بقلة حيلة قائلا بسخرية:  نعم وتعيب على زوجة موسى ولى موسى نفسه بان لم يشكم زوجته
وهنا تذكرت قرة عينى  مودتى وقولت: اذن فالامر فى الحالتين غير مضمون الاجابة والراحة وعلى كل واحد ان يرى من زاوية حياته فقط
رد علي يونس مؤكدا احتمالية حدوث كلامى  قائلا: المسالة ان زوجتى تبرر طلبها بمرافقتى انى لست بمنتدب لاقصى الصعيد بل وبحسب ميولها تقول انت ذاهب لعروس البحر فلما تحرمنى بالاستمتاع بالمياة والاسواق وبالطبع الاسكندرية لا تختلف كثيرا عن القاهرة هذا بالنسبة لتفكيرها المحدود بالطبع
ولكنى رغم هذا قولت لها انى ذاهب للمدينة المليونية اى الى حيث الزحام والتكدس وليست الحياة وردية كما تشعرين ومن المعروف ان دوائر الاسكندرية كثيرة والعمل فيها على قدم وثاق
ضربت كفاً بكف فانا اعلم زوجته فهى لا تكف عن الخروجات والفسح ولا تحب الحياة الروتينية وتحب على لدوم ان يكون من حولها مشغولين بها او لاجلها وهذا وحده كان كافى لان يزعجنى على مستقبل رفيقى فزوجته تحب ان تشعر انها مرغوبة ومقبلة على الحياة على الدوام وربما لا تتحمل العيش بدونه او تحملها وحدها مسئولية بيتها ولهذا سالته ساخرا من رايها : وما كان ردها ؟
يونس: قالت لك العمل ولى الحرية فى التمتع بعروس البحر
.............
غادرت بيت رفيقى وانا افكر فى امره فهو مصمم على تركها وهى اصبحت تعانده برايها وربما الى هنا ستتعارض المصلحة والمظلوم اطفالهما ولكن ما الحل حقا هل يصطحبها معه ام يصمم على رايه ؟
وجدتنى قد اثقلتنى بهم جديد وانا الذى ان ارح عقلى بعد من التفكير فى قضايا اليوم وغدا وتذكرت كلمات عم حسن الساعى ورددت نصيحة ذاك الطيب وانا اتخيله يقف امامى كعادته بجسده النحيل وبظهره المحنى من طول عدد سنوات عمره وشقاه فابتسمت وكانى ابتسم له حقيقة  ورددت لنفسى كلماته وكانى حفظتها عن ظهر قلب  "  تستطيع ان تعود لبيتك وتهنا بقسط من النوم وتعاود الاطلاع باكر فلجسدك عليك حق ولعقلك ايضا فان كنت تود الحق والعدل فاعطى كل ذى حق حقه واول تلك الاشياء هى نفسك فما الحل ان انهكت عقلك بالتركيز ؟ بالطبع سيشوش عقلك وتختلط الامور وفى هذا اذية لنفسك ولمن تحمل همهم "
شكرا لك عم حسن كنت اكثر منى اتزانا ولكنى لم استوعب عمق كلماتك بعد  فها انا قد اكهلت نفسى عن اخرها وظلمت زوجتى وفجاة تذكر موعد الطبيب وانه اخلف موعده فضغط مقود السيارة وهو يزفر نفس ضيق ويوبخ نفسه ويسبها واخذ يضغط على المقود لعله ياكل لطريق وكان وكان بداخله شخصان شخص يوبخه والاخر يقول له مهلا ففى كل الاحوال ضاع موعد لطبيب فها هى الساعة قد تخطت منتصف الليل وموعد الطبيب قد فات فما الداعى للعجلة فربما صدمت احد
واثناء ما كان بين التوبيخ والرشد لمح محل الهدايا الذى سبق واشترى له منها الهدية واوقف سيارته وترل بسرعة وولج للمحل الا انه لم يجد تلك الفتاه فتذكر ان موعد عملها قد انتهى فقرر ان يختار بنفسه هديه على ذوقه وبالفعل اشترى لها زجاجة عطر بسيطة ورحل وما ان فتح باب شقته حتى وجده ساكناً فحزن لانه لم يلمح وجهها المشرق يستقبله كالعادة وعاد يوبخ نفسه انه السبب فى حرمان نفسه من هذا وليس لها اى ذنب
لم اكهل نفسى ولم ابحث عنها فى اى مكان بل توجت نحو غرفة نومنا مباشرة فوجدتها مستغرقة فى نومها الا انى وجدت طاولة فى منتصف الغرفة قد جهزت فوقها الطعام وفيما يبدوا انها كانت تنتظرنى للحظات قريبة لانى قد استشعرت ان الدخان لازال يتصاعد من الاطباق فانبت نفسى ولعنت زوجة يونس التى بسببها ضيعت علي نفسى فرصة العودة مبكرا لمودتى
تحركت على اطراف اصابعى وبدلت ملابسى فى خفه حتى لا ازعجها فقد قررت هذا واخذت انظر الى الطاولة فوجدتها قد وضعت فوقها اصناق شتى من الاطعمة والفاكهة حتى العصير لم تنساه فقولت فى نفسى كان هذا واجبى انا فهى مريضة وحبلى ولكنى فيما يبدو نسيت الرحمة والشفقة بها وتركتها تعد كل شىء بنفسها وكان على ان اتفق معها انى ساشترى الطعام جاهزا وكان يجب ان اجلب لها سيدة تساعدها فى البيت فهى لم تطلب لانها لم ترد ان تكهلنى بعء ولكنى لم انتبه انا لهذا من قبل يا الهى وفجاة انتبهت على تلك اليد الحنونة تمسح عن ظهرى وتضمنى من الخلف فابتسمت والتفت واخذتها فى حضنى وارحت راسها فوق صدرى وقبلت جبينها وهمست لها بالاعتذار
لم تتجهم او حتى تعاتب كما كنت اظن ولكن كما هى دوما تخيب ظنى من سوء توقعاتى لاتساع احتوائها لى ويا ليتها عاتبت حتى تحمينى من جلد نفسى فعدم تنفيثها واعتراضها او ابداء اى ضجر يعذبنى اكثر مما يسعدنى لانها تشعرنى بقلتى على الاقل امام ذاتى وجدتها تبتسم بكسل وهى تتمسح فى صدرى وتقول: اعلم انك ما تغيب عنى الا لضرورة حتمية ولهذا فانت تعجزنى عن الغضب فحتمية ضروريات لم تكن يوما لنفسك بل هى لمساعدة الاخرين فهل هناك افضل من هذا سبب لاتحمل تاخرك بسببه؟
رفعت راسها لاواجه وجهها فقد زادتنى خجلا من نفسى وقولت لها : ما اريدك ان تتحملى على حساب نفسك او على حساب ابنى واريد منك الا تكتمى همك فعاتبى ووبخى فانا ساتحمل لانى اعرف ان الحق حتما سيكون معك فحتى عم حسن الساعى وبخنى بنفسه اليوم فى صورة نصيحة ولكنه ذكرنى بحقوقك علي . تلك الحقوق التى تنكرينها انتى عن نفسك
عادت تدفن راسها فى صدرى وتقول: لا تقول هذا فيكفينى انك تشعر بى وتفكر فى حالة وانا بعيدة عنك فهذا وحده جل اهتمامى لانك بهذا تعلن لى بصدق انك تحبنى باخلاص
لم اجد اى مفر او اى سبيل للتعبير لها عن شدة حبى ولها وعجزى عن التعبير بما يكفيها ويفيها حقها ولكن اكتفيت بان اشد على ضمها بقوة لعل صدرى يبث لها مدى حبى همست قاصدا اعترف لنفسى الا انها سمعتنى " هناك امرأة تنسى وهناك من تسكن فى الروح فردت على قائلة وكانها ترتجل الحديث معى: وهناك رجل يمحى وهناك من يحفر فى القلب
ابتسمت وقد حركت الاحساس والنشوة فى صدرى فعقبت على جملتها قائلاً : هناك امراة تحلى الحياة بانفاسها وهناك من تمرر العيشة
قالت وهى على نفس الوضع : هناك من الرجال من ينير وجه امراته لانه ينير عتمة دواخلها بصدق حبه واخلاصه وشعوره بها وهناك على العكس منه من يقهرها ويغدر بها ويخونها ويدمرها كلية
فى الحقيقة احببت الكلام معها فقد ازاحت عنى تعب اليوم برمته وانستنى اى ثقل كنت اظن انى احمله فوق اكتافى وكانها حملته عنى كلية :هناك امرأة تحتوى وترحم وكانها لزوجها ام وهناك من تقهره وتدمره وتجعله يكفر بالعشير
قالت: هناك رجل يطبطب ويطمئن ويكرم ورجل يهين ويقسو ويحرم
قولت لها هناك روح تعشق وتتعاشر وتعشش فى بيتها وتصون شرف زوجها وتحمل عنه همه وهناك روح تنفر وتقهر ولكنى اشهد الله انى ما رايت منك الا ما يسرنى وقبلتها بعمق فشعرت كانى كما لو كنت ارتوى بعد ظمأ فى نهار شديد الحرارة
لم تتركنى الا وقد تناولت كل ما اعدته لى وكانت تلقمى بيدها فى فمى فكنت اضحك واقول لها هذا واجبى فانتى الحبلى ولست انا كانت تضحك وتقول ابنى غذاءه لمسة حنان من كفك تكفيه وتقيه شر الجوع
قولت لها بجدية وانا امسح عن بطنها : ولكنك اصبحتى هذيلة للغاية فكل قطمة تضعينها فى فمك تطردينها على الفور
ضحكت ببراءة وقالت: هذا حال كل حبلى وانا لست بشاذه عنهن
استلقت فوق الفراش وتسطحت جوارها وتوجهت ناحيتها وقولت لها كنت اظن ان البدايات هى فقط الجميلة كنت اعتقد انى ساجد فيها اهتماما وحبا وشغفا وجنونا وشخص يفعل المستحيل لينال قربك وويشعرك بان اهم ما لديه واغلىما عنده ولا اخفيكى امرا فقد كنت اعتقد انى ساجد منك ما اعتقدت
قالت لى وسازيدك يقينا تعقيبا على ما قولت: قليلون هم من يخيبون ظنك ويبقون على الصمود لانهم ان لم يكونوا كذلك فتاكد انه لم يكن حبا من الاساس بل كانت رغبة فى التملك وكثيرات منا او منكم انتم معشر الرجال عندما نملك الشىء يزهده ويهمله ولا يعرف قيمته الا بعد زواله من يده لان الحب والاهتمام كالانسان وظله اذا ضاع الاول اختفى الثانى وعن نفسى فقد وجدتك تسقى الاول بالثانى اى تروينى لتعلى ظلى فهل لازلت تشك او تعتقد ان حبى لك كان مجرد زهو بدايات؟
سالتها عن رايها بخصوص موضوع زوجتا موسى ويونس فوجدت ملامحها قد تجهمت فقالت: اما عن زوجة موسى فانها ستعتاد الامر وستكيف امورها ولكن رودا من موسى عليها فهو كما يرى قد لانقلبت حياتها راسا على عقب بين ليلة وضحاها اما عن زوجة يونس فانا لا ارى الخير فى استمرارها بل اجد ان يد الفراق بدات تنبش فى بيتهما لانها على اية حال لن تصبر لانها وهى فى كنفه دون ان يفارقها وهى تضجر من عيشتها ليل نهار لانها دؤوبة التطلع والطموح الطاغى وتهوى ان ترى انها مرغوبة فى عيون كل من تمر عليهم
افزعنى رايها وانتفضت من مكانى واعتدلت جالساً ولانى لا اشك لحظة فى رشدها سالتها بجدية ه واهتمام هل هى من اشارت لكى بهذا ام انه رايك الخاص ؟
لن انسى نظراتها وكانها قالت كلام كانت تخشى ان تصرح به ولكن فى النهاية قالت لى جملة مختصرة مقتضبة ولكن فحوى معناها جعلنى اتاكد ان زيجة يونس ربما لن تطول رغم انى متاكد من حب كلاهما لبعض قال لى: ان كانت احبته وهوانسان عادى ما كانت احتاجت منه لتبرير سبب عدم رضاه عن مرافقتها وما كان ركض ليثبت لها انه مميز فى عمله او انه لازال يحبها وما يفعله الا لانه حقا يحبها .المراة تفرض اخلاقها على عالم الرجال وتلقى بانوثتها على رجل وحيد الخلاصة يا خالد الحب شفا ولكن ان كنت تحب صديقك فادعوا له ان يعمى بصيرته عن عيوب زوجته
قولت لها ولكن ما كان حبا الا ان تجرعنا مرارته حتى نرتوى من عسله فى صفا ايامه
قالت نعم فما يقاس العمر الا بكمية العثرات التى نتجاوزها والفرص التى ننتهزها والحطام التى حولناها الى بناء عظيم . يقاس العمر بعدد المرات التى اكملنا فيها الطريق بعدما تكرر فيه سقوطنا
قالت باسف : اصعب الاشياء ان ترى من تحبه يعاقب نفسه بترك ما يحب ويهوى وانت مكتوف الايدى
قولت له : لا تخشى فلن اتركه يهدم بيته فانا طياة عمرى اقف ناصف وحلال لمشاكلهما ولن اضيعهما هذه المرة ايضاً
...............
سهرت ليلى حتى بزوغ ضياء الصباح وانا افكر واتخيل حياة رفيقى يونس بدون زوجته وفى النهاية استسلمت للنوم ولم ادررى بحالى الا ويد مودة تحنو على وتمسح عن جبينى ففتحت عينى بتكاسل فوجدتها تبتسم برفق وتقول لقد تاخرت اليوم واستغرقت فى نومك طويلا وتبقى لك ساعة على موعد جلساتك اليوم
اخذت اتمطع لانفض عن نفسى الكسل وتحركت نحو الحمام لاخذ حماما دافئا ينعشنى فوجدتها تستوقفنى وتقول لى: اريد ان اخبرك شىء كنت اتمنى ان اخبره لك ليلة امس الا انى وجدتك لست فى الحالة التى ربما تنفرج اساريرك له
قضبت حاجباى وانا احاول ان استنبط ما تريد قوله وسالتها بقلق رغم ان حديثها يعنى انها ستخبرنى بحدث سعيد الا انى توترت لصعوبة توقع الحديث
قالت وهى تقترب منى وتحكم اغلاق روبها ومدت يدها تحاوط عنقى : لما تاخرت عنى ليلة امس اتصلت بوالدتك واستاذنتها ان ترافقنى وما ان انهى الطبيب الاشعة حتى بشرنى بان الطفل حالته الصحيه فى احسن حال وارانى حركته واسمعنى نبضه وبشرنى انى احمل فى احشائى ذكر يحمل من روحك وصفاتك
كمن انصت لها وقلبى يرتجف مع كل حرف تارة بالتوتر والقلق وتارة بالفرحة العارمة وفى النهاية لم ادرى الا وانا ارفعها وادور وسط غرفتنا وفرحتى بها لا توصف ليس لانها بشرتنى بذكر وانما لانى شعرت ان قطعة منى تنبض وتتحرك فهذا شعور لا يوصف وكم انكرت على نفسى تاجيلى الزواج من قبل فكيف كنت احرم نفسى من تلك الالفة وهذا الشعور وما هدأ من عتابى لنفسى سوى يقينى بانه النصيب وان لكل شىء ميعاد
................
قضيت يومى وبداخلى كنت قد قررت الا تسحبنى المهام حتى لا انشغل عن بيتى وزوجتى ككل يوم وليلة ولكن ما باليد حيلة فما ان انتهيت وانا منشرح الصدر ان الله عاوننى وكان ملف جلسات لد قصيرة وقليلة ومعظمها كان معارضات اى لا تحتاج منى الى جهد او اجتهاد فجميعها لا تتخطى مجرد البت فى الاجراءات الادارية ليس الا حتى وجدت يونس يطلب منى ان ارافقه لساعة ليناقشنى فى امر زوجته مرة اخر وكان الوضع لا يحتمل ان ارفض لانى على علم انه فى الغد سيسلم اوراق انتدابه لمحكمة الاسكندرية وبحسب علمى فقد تم تسجيل اسمه فى اول اعماله عن دائرة المنتزة اى انه لم يتبقى لديه وقت
خلال ساعة كنا جالسين معا ووجدته اكثر شجاعة عن ليلة امس فشعرت انه قد اكد قراره وحسمه فلم انتظر لان يقص على ما حدث بعدما فارقتهما بل سالته انا : يبدوا انك اتخذت القرار الحاسم
اوما بنعم وقال : لقد واجهتها بحسم رايى وانى لن اصحبها ولم ابالى ببكاءها وصريخها
اخذت نفس عميق ولم اخبره برايي بسرعة حتى لا يظن انى قد فكرت فى امره بقية ليلى حتى لا يشعر بالخذى ان حياته اصبحت حتى تقتحم خاصتى وارقنى فانا اعلم رفيقى ان شعر بهذا فسيحزن لاجلى وربما كان هذا سبباً لزيادة عناده ظللت صامتا لبضع لحظات اتذكر فيها كلام مودتى وتحليلها وبعدها تنحنحت وكانى لتوى واتتنى الفكرة وقولت له: اوافقك رايك واشجعه ولكن لى تعليق
شعرت ان ملامحه تغيرت وكانه وجد عندى الحل فتاكدت انما كان خلف صرامته تلك رجاء ان اناهده واراجعه فى رايه فحزنت له فالامر ليس عليه بالهين
اكملت كلامى وكانى لم انتبه لملامحه المتلهفة قائلا: سافروحدك منفذا قرارك وبعدها فاجئها انك جهزت الاستضافة وانك وافقت على رفقتها
وجدت ملامحة عادت وتبدلت مرة ثالثة وكانه بدا يسخر منى فلما يفعل ذلك مادام فى النهاية سيرافقها ولما ل يخذها من البداية ولما لمحت السؤال فى عينيه اجبته دون ان يساله قائلا وكانى اكمل رايى : انك فى هذه الحالة ستضرب اكثر من عصفورين بحجر واحد الاول انك صممت على رايك وجعلته نافذ وفى ذات الوقت لم ترد ان تحزنها وتحرمها من رفقتك فقررت اصطحابها المهمة ان ترى وتشعر ان رايك فى النهاية هو النافذ وان تلبية طلبها جاء اكراما منك حتى لا تعتاد هذا الاسلوب وكلم ارادت شىء ضغطت عليك فيه هذا اولا
اما ثانيا: فاخبرها انك وافقتها لانك ارادت ان تعيش فى عروس البحر لكن ان انتقل انتدابك الى اى محافظة اخرى فلن ترافقها وبعدها عليك انت ان تقرر هل حقا ارتحت بعدما رافقتها ام انها كانت تجربة لا تود تكرارها وهنا ايضا ستشعر ان الامر فى النهاية لك وانها لن ترافقك فى اى انتداب اخر الا بموافقتك ورايك وحدك
تهللت اساريرة وكانى قدمت له النجدة وقال: راى صائب وسانفذه على الفور وقام على الفور وهو يردد بفرحة حاسب انت فانا متعجل حتى اجهز نفسى فابتسمت له وتركته يغادر ولكن ما ان ابتعد عنى خطوتين حتى ناديت عليه فالتفت ظنا انى اريد منه بعض الفكة مثلا فوضع يده فى جيبه على الفور الا انه وجدنى قد اقتربت منه ووضعت يدى على جيب بنطاله ليفهم انى لم اناديه لها ولكنى قولت له: سافتقدك انت لاخر وسعيش من اليوم وحيدا وهذه اول مرة نفترق ثلاثنا وفردت له ذراعى لاضمه فاحتضننى بقوة وقال لن نفترق ابدا ومادام بيت والدك موجود سيجمعنا على الدوام ايامه
.........
عدت الى بيتى ولكنى لم اسير فى عجالة كما كنت اتوقع بل على العكس آثرت البطء على السرعة حتى يتلاشى عن وجهى ملامح التاثر بسفر صديقى حتى لا تنكرنى مودة وانا الذى واعدتها انى ساقضى معها الليلة وبالطبع ستتوقع وجودى وانا منشرح الصدر متهلل الاسارير
وتوقفت بسيارتى واشتريت لها فاكهة وحلوى وعصائر واثناء عودتى للقيادة مرة اخرى وجدتها تتصل بى فقولت بالتاكيد ظنتنى خيبت رجاءها وكالعادة تاخرت ونسيت حالى ووعدى ولكن ما اول وهلة وجدت عكس ما توقعت فوجدتها تهلل بفرحة وتقول لى مبارك عليك فتعجبت وسالتها عما تتحدثين ؟
قالت لى والفرحة استشعرها وهى تسبق حروفها : لقد اصبحت حديث مواقع التواصل الاجتماعى برمتها والبرامج التليفزيونية والقنوات الفضائية واصبحت انا زوجة القاضى الانسان
لم افهم عما تتجث فرجوتها ان تهد من فرحتها قليلا لافهم ما الامر
خلال دقائق كنت افتح باب بيتى لاجدها تركض نحوى تضمنى وتقبلنى وتبارك لى مرة اخرى وانا لازلت لا افهم ولكنى صدمت من ركضها وقولت لها صحتك تهمنى قبل اى شىء فلما تلك السرعة ؟
اخذت تقبلنى وسحبتى لتفهمنى الامر فوضعت ما فى يدى باهمال فوق اول طاولة طالتها يدى فهى لم تعطينى اى فرصة وفرحتها كانت تسبقها وامسكت بهاتفها وقالت انظر تلك الاخبار فامسكت الهاتف فوجدت ان اغلب الاخبار عنى وان صورتى تملا حقا الصفحات فبدات اقرا ما كان مكتوب تحت صورتى وانا خلف المنصة وانا لا ازال واقفا لم اجلس بعد وهى تقف امامى متعلقة فى ساعدى كما الطفلة التى فرحت بابيها وقد شترى له هدية كانت تتمناها
اخيراً فهمت اصل الموضوع : كل ما فى الامر ان المحامى الشاب الذى امليت عليه نصيحتى استصغر نفسه وقرر ان يعمل بنصيحتى وكتب انه من الان لن يقبل ان يدافع مرة اخرى على ظالم فهذا ليس بشرف المهنة ولن يتقبله على نفسه وان ما يكسبة من جراء مثل تلك القضايا هو مال حرام والحر لا يدخل جيبه سحت وكتب كامل نصيحتى بالنص كما كنت قد امليتها عليه واكاد اجزم ان بعض من الكلمات انا نفسى كنت لا اتذكرها على الاطلاق بل الادهى انى كنت اقراها وكانى لم اكن انا الناطق بها يوما ويبدوا ان انفعالى قد جعلنى اقول ما املاه على ضميرى بقوة ولكن ما ان انتهت الجلسة حتى نسي ما قولته يومها
واكمل المحامى الشاب فى مقاله بانى اصبحت له مثله الاعلى ولن يخذل ان يعترف بهذا ويناشدنى ان افتح له بابى لان اراد ان ياخذ بنصيحتى فيما بعد
ليس هذا فقط ولم يقتصر الامر على المحامى ولكن تخطاه فقد وجدت ايضا ان صاحبة الحق ومحاميها قد نشروا نفس الكلام عنى وكذلك المصورين والصحفيين الذين حضروا الجلسة
انتبهت وجدت مودتى تسمع جزء من حديثى للمحامى الذى حفظه عن ظهر قلب وكانها تفتخر بالحديث ومن انها حفظته ومن انها زوجه هذا الذى يحكون عنه
اخذت اقلب اكثر فوجدت ان البقية من الامة تناقلوا عن صفحتى بعض ما كنت ادونه لنفسى فشعرت ان لم اعد بمامن كافى من كثرة الاحاديث ولاول مرة اشعر انى حقا مقيد ومن الان سوف احاسب على كل حرف ادونه فقولت فى نفسى وهذا ايضا قيد جديد وثقل وهم جديد
قرات عن احدهم الى اخذ مما دونته ونشره وهوينشدنى شعرا وكانى رسول وانا لا اهوى هذا
" تاتى المصائب فناتى الى العقوبات نرفعها فكم من العقوبات رفعنا وكم من عقوبات بالناس انزلنا وكم من قضاه قضوا وكم من اقسام بالاحكم تمتلىء فلا العقوبات اضحت عقوبات ولا عاد للاحكام احتراها . كوارث شتى وعروض فوضى كأنها افلام تذاع حتى آلفناها . احداث واحداث جرائم وانلات وضمائر بيعت لاجل المال احزان وآهات لا عرقاص قطعنا ولا اسلنا يوماً دماء وكل همنا العقوبات نعدل . نغير. نستبدل. نشدد. او بالعرف وروح القانون والانسانية نحكم . حتى كنا من كثرة ما نريد العدل نقرر ان للشتم اعدام وما نرى من خلف هذا الا رجاء فى توثيق وزرع العدل والحب والمبادىء . فى البداية تشدنا الاحداث ونظن اننا سنجد الجديد حتى آلفنا كل جديد تماماص كما تبدا الاقلام ثم لا نلبث ان نتثائب ثم ننام كما فى نهاية الافلام الا اننا مع نهاية الافلام ننهى القصة الا ان القاضى تداهمه النهايات حتى فى الاحلام فيظل يجلد نفسه خوفا ان يكون ما اكد العدل . تخطيطنا مرتجل ونعيش فى الاوهام ظانين اننا نجحنا فى ارثاء العدل ونسينا ان للدنيا مغرياتها فتغرر بكل من كان يوما ناصح امين فيصير معتد اثيم . تتكرر بلاوينا ويسائل اهالينا الى متى ولماذا والاجابة ربما هى اضغاث احلام سنفيق منها بالتاكيد .
ايدركون ما نحن فيه؟  ام اننا اعتدنا ان لا احد يشعر بما يصدع قلوبنا ليل نهار ونحن نرى باب جهنم يفتح لنا وتغلق الجنة فى وجهنا ابوابها فلا تحسبن اننا فى النعيم نعيش .
هل نحن حقا ندرك ما نريد ام اننا فى حالة انفصام؟
كيف نطمح فى حلول ونحن بالمبررات نداوى لا بجد واحكام ؟
نصف للداء المسكنات ونحن نعلم انها مسكنات اى سترحل حتما وتعود الاوجاع ولا نستاصل الاورام
طفح الكيل ولم يزع الناس بالقران فاضرب بيد من حديد يا سلطان وكيف لا والابرياء فى كل يوم يغرقون فى الدماء وتحوطنا الالغام انت يا قاتل وانت يا مستهتر وانت يا هاتك الاعراض
نجنى من خلفكم قتلى  مكلومين وزوجات ثكلى وايتام لا ذنب لهما ثم نعود وناتى على العقوبة نرفعها حتى ما عادت عقوبة
فلا نهت ولا زجرت ولا صار للاحكام احترام ولا وقار ولا حتى رهبة فما كان الرد عالعقوبة فى ذاتها ولا فى الاحكام لانها صدرت وانما الرد علينا القائمين عليها ننفذها صالدين لا نهاب اجرام وكيف نهاب ما نحيا وننام عليه ؟ وهل يهاب من يقيم عدل الله فى ارضه؟
آمرين زاجرين قبل حدوث البلاء وحاسمين ان وقع متواجدين فى كل آن ومكان فى حين ن المجرم منتبه وعلى يقين لان بعد البلاء يشدد العقاب ويزيد علي عقاب الاحكام عقاب الكلام وعقاب الضمير"
قالت لى مودة: مالى اراك قد غضبت وبالامر ليست بسعيد؟
وضعت ذراعى فوق كتفها احاوطها وانا اتوجه نحو غرفتى لابدل ملابسى: وكيف افرح ومن الان قد وضعت وانتى تحت مناظيرهم
تعجبت وقالت : الم تفر بالشهرة والانشاد بعدالتك وانسانيتك؟
قولت لها وهل سمعتى من قبل ان هناك شهرة دون سبب ؟ وهل غفلت ان كلما وصل الشىء لاعلى القمة كان هذا مفاده بداية الانحدار؟
وجدتها ترتعد تحت كتفى وتقول بخوف: تفائل خيرا فانت لم تسعى لتلك الشهرة وانا اعلم الناس بانك لن تتهاون لاجلها ولا تزيد ايضا صرامة
تحركت لخلفى وساعدتنى فى خلع بذلتى وساعدتنى كذلك فى فك  رباط عنقى واسرعت بسعة وجلبت لى البيجامة
مرت ساعة وقد انتهينا من الغذاء وانا احاول ان الهيها عن الحديث فى هذا الموضوع ولكن ابت الظروف الا الحديث فيها وعنها مضطرين فقد وجدت الاتصالات تنهال على من موسى ويونس يهنئانى ومن امى ووالدي زوجتى وشقيقاتى الا ابى وهذا وحده كان كفيل بازدياد قلقى
ارحت زوجتى فى فرشها وقومت انا متعهدا ان اعد لها عصيرا سيحلو لها مذاقه فسخرت منى لانها تعلم انى لا اجيد صنع اى شىء يخص الطعام بل لم اجيد من الاساس الوقوف فى المطبخ ولكنى تقبلت سخريتها بالسخرية منها كذلك وقولت لها سترين انى سافوز وساكون اكثر منك مهارة ولا اخفيكم امرا انا كنت اهرب من الحديث بهذا الموضوع ومن محطات التلفاز التى صبحت انا حديثها حبر عنى وفى ذات الوقت لافكر بتركيز فى سبب عدم اتصال ابى بى وفى النهايو وجدت انى لابد ان ابادر انا بالاتصال به لعل فى صدره شىء منى او لى فاما ينصحنى ويرشدنى واما يوبخنى ويعيدنى الى رشدى فامسكت هاتفى وخرجت الى الشرفة دون ان تنتبه مودة لى واتصلت عليه وما ان جائنى صوته لم يدع لى الفرصه لاسئله وكانه قرانى رغم بعدى عنه ولكنى لم اتعجب فمنذ صغرى وابى يعاملنى كانى صديقه فاصبح يحفظ سارئرى قبل نفسى ويتوقع تصرفاتى قبل ان ابداها او احسبها فقال لى بصوت هادىء قاصدا اطمئنانى وبالفعل اكسبتنى نبره صوته الهدوء والسكينة
قال لى : لا تقلق لسبب عدم اتصالى انا فقط ادت ان تأخذ قسطاً من الراحة من كم الاتصالات هذا اولا
اما ثانيا فلانى انا الوحيد الذى اعلم بما فى صدرك فلم ارد ان اثقل عليك
هنا لم ادعه يكمل بل اكملت انا ردا عليه وقولت : لم افرح لتلك الشهرة واصبحت احمل همها وما فعلت ما فعلت لاى شهرة
قاطعنى قائلا: اعلم يا بنى ولهذا اشعر بما الم بك وضيق عليك صدرك ولهذا ايضا اناشدك الا يستدعيك قلقك ان تشتد فى اقامة العدل لتدحض عن نفسك الشبهة فتجور
قولت له : لا احتاج الا دعوتك فلم يتركنى الا ودعا لى فسكنت جوانحى وانهيت المكالمة وعدت الى المطبخ وانهيت اعداد العصير وقد فلحت بالطريقة التى ابهرت مودة ولم تصدق حالها
وما شرعت فى ارتشاف اول رشفة حتى اتانى اتصال فوجدته انه من معد برنامج فضائى يريدون استضافتى فبكل هدوء وادب تالكت قلقى وسيطرت على توترى ورفضت بكل ادب
كانت مودة تتعجب منى ولكنها لم تجروء على سؤالى صراحة
مر يومان والحال كما هو بل ويزداد انتشارا ونار السشهرة تزداد خاصة بعدما اضطرت لاقنوات ان تتواصل مع ذاك المحامى ومع الاخر وكيل المدعية تلك السيدة الموظفة والغريب ان هذا الاخير سمعت له حديث وما كنت اذكر ملامحه وانه سبق وتعاملت معه من قبل رغم انى اتذكر الموقف الذى يسرده وكان الموقف باختصار كما قاله : انى عندما كنت وكيلا للنائب العام اتانى متهم قبض عليه جمهور العامة ومعه بقية اخرون من اصدقاءه وعند الاطلاع على اوراق المحضر المحرر واعترافات الجمهور واعترافات اصدقاءه ان الامر كان فى النهاية لا يتعدى برنامج للضحك والمقالب وان المتهم كان يمثل هو وصديقه انه يسرقه ويضعه فى حقيبة سيارته ليرى رد فعل المصريين ولان اهل بلادى تسرى فى دماءهم الشهامة فقد قبضوا على الجانى الذى هو كما يسمى مشخصاتى والمواطن المظلوم الذى هو فى الحقيقة مثله كذلك ورغم  توسلاتهم لى بالافراج عنهما وان نيتهما لم تكن سيئة من الاساس الا انى رفضت ذلك لانى لم ارد اللين لان قلق الجمهور وفزعهم ليس بالامر الهين وكان لابد لهما من تصريح من قناتهم الفضائية ومن وزارة الاعلام ورفضت نهائيا ان يغادروا المحبس وامرت بحبسهم حتى اتى الموكل القانونى للقناة ومعه التصريح الذى استخرجوه بعد الواقعة ولم اعترف به لانه بعد الواقعة اذن فالسبب لم يزل بعد واضطررتهم لان يعاودوا استخراج التصريح بتاريخ قديم
وكان محامي القناة هو نفسه محامى المدعية فى تلك القضية ووقتها تذكرت الوقعة برمتها من خلال سردع التفصيلى
نظرت لى مودة وقالت: هل حدث ذلك بالفعل فاومات بنعم ولم اعلق فقالت لى ولما لم تفرج عنهم ما دام ثبت لك حسن نياتهما
قولت لها وانا متجهم فقد ذكرنى حديث المحامى للواقعة وذكرنى ردها بنفس الجدال من العامة وقتها : وهل ان رايتى ان شخصا ظهر وهو يرتدى قنعا وفزع طفلك وهو صغير على حين غرة فهل يشفع لك اعتذاره او حتى ضحك طفلك فيما بعد؟
انتفضت اوصالها من مجرد التخيل وقالت بسرعة دون حاجتها الى التفكير : والله ما شفع له عندى الف اعتذار ففزع ابنى لا يضاهيه اى توسل وسانتقم منه لا محال
قولت بهدوء: وهكذا كان لى فزع العامة فانا ولى امرهم امام المتهمين وما كنت لارضى لهما ذلك خاصة انى اتذكر ان من بينهم كانوا نساء وعجزة فالامر لم يكن على هين بالمرة بل رايت ان فى حبسهم ردع لان يتوخوا الحذر فيما بعد
........
مرت ايام وليالى طويلة ظننتها قد الهت الناس عنى  ولكن لم ترد لى الحياة هذا فحكمى على رجل الاعمال بالحبس المشدد سبع سنوات مع الغرامة اثارت ردود افعال واسعة وهيجت نساء كن قد تذوقن مرارة هذا الرجل من ناحية بينما على الجانب الاخر هناك من اتهموننى بالجور وانى لم انظر فى كل زوايا الواقعة وكان بينى وبينه تار سابق
ام ارد على الاتهامات الموجه لى مثلما لم اهتم بعبارات المدح والاطراء وانكببت على القضايا التى بين يدى فما فى اورقها كفيل بالهائى
وجدت اتصال من صديقى يونس يطلب منى ان ازور زوجته لاطمئن على اولاده وان كانوا فى حاجة لمساعدة لحين ان ينتهى من تجهيز المكان فلبيت طلبه واخذت مودة وذهبنا لزيارتها واخذنا معنا كل ما شعرت انها فى حاجة اليه من حاجيات للبيت او للططفال وكان هذا بمساعدة مودة ومشاركتها للراى
ولكن وجدت زوجته غير مرتضيه غيابه وحده واخذت تتذمر وانها لا تستطيع تحمل المسئولية وحدها وانها تحتاج الى مساندته وحنانه وانها لم تعتاد هذا وليس فى مقدورها ان تتحمل بقية حياتها هكذا وانها اتخذت من موقف حديث الاخبار عنى حجة فقالت وربما يحدث معه نفس الشىء والناس من حولى لن تتركنى وقد تنال منى فليس كل شهرة تاتى بالخير ربما كانت لاجل الانتقام
لا اخفيكم امرا ورغم انى اعلم انه مجرد كلام مرسل تردده لانها تريد ان ترافقه لاجل الاستمتاع بالفسح والتنزهات وليس لاجل ما قالته الا ان الجزء الاخير من حديثها اثار فى نفسى شىء من القلق فهو حقا وصدقا ايا كانت نيتها وهذه وحده جعلنى اشعر بالتخبط بين ترك موده او مرافقتها ان انتدبت وفكرت ايضا كيف احيطها بالامان هى وطفلى سواء كانت برفقتى او وحدها
يا الهى نال منى التفكير حتى شردت عنهما ولم انتبه الا بهمس مودة وهى تقول اين شرد عقلك فانتبهت فلم اجد زوجة يونس فقالت لى انتهزت فرصة ذهابها لاعداد فنجان قهوة لك حتى انبهك
قولت لها دون اى مقدمات: سترافقينى ان جاءنى انتداب
شعرت انى متوتر فلم تعطينى رد شافى وافى وانما اكتفت بان ربتت على كفى وكانها تقول لى اهدأ
بالفعل سكنت انفعالاتى او ربما اسلوب احتوائها اجبرنى عن التخلى عن الحديث او ربما هى سكينة الله حتى لا يدعنى اسمع ما لا اهوى سماعه ولكن ما انا متيقن منه انها سكينة الله على اية حال
جاتنى زوجته بالقهوة وقد سكنت عصبيتى  قليلا وقولت لها بكل هدوء: اسمعينى يا سارة هذه اول مرة اتحدث معك بدون غطاء الخجل واول مرة اتعمق فى التدخل بينك وبين يونس وربما ان كان جالس بيننا ما كنت تحدثت بحرف لانى ما كنت ابدا اتسبب فى احراجه او تغير نظرته منك
وجدت ملامحها تهكمت وتجهمت ولم تسالنى وتركتنى اكمل دون ان تقاطعنى فاكملت محتسبا لها هذا التحمل لكلماتى : اعلم انك تحبين يونس ولكنك ايضا تحبين نفسك وربما اكثر من هذا فانتى تحبين الحياة وتحبين الاستمتاع بكل ما اعطاه الله لنا من سبل للحياة ولكن اعلمى اننا خلقنا وفى فطرتنا ضبط لشهواتنا واكدها علينا الله تعالى فى محكم اياته وكررها نبيه صلى الله عليه وسلم واعلم ان السيدة ما تتحمل اشتياقها للحب ولزوجها ولكن الخير فى الصبر على ما نريد لاننا هو ما نختاره ونتحمل ما نكره لاننا ما كنا نتمناه يوما وما كنا نطلبه ولكننا اجبرنا على احتماله
شعرت انه قد ضاق صدرها من جراتى فى الحديث وربما تهجمى ايضا فقالت بانفعال : وهل ترانى امراة شهوانية ؟
قولت لها ما قصدت هذا على الاطلاق انما انا اتحمل عن حقوق كل زوجة وحرمانها  منه فجاة ولكن لا تتخيلى ان يونس كان يود هذا يوما وانتى تعلمين كم يحبك ويتمنى ان يلبى لك كل ما ياتى بخيالك ولكن ما باليد حيلة وفى ذات الشان ان رافقتيه فلا تعتقدى انه سيترك لك الحبل على غاربه وستخرجين وقتما شئتى بل على العكس فكل خطوة ستحسب عليك
ساد الصمت لحظة كان  قاصدا ان يترك لها مساحة من التوقع والخيل لوضعها
ثم اردف مكملا وعلى اية حال جئت لابشرك بان يونس لم يقدر على فراقك وانه لم يتحمل ما كره وقرر ان يرافقك ولكنه يجهز لك المكان بما يناسبك
زفرت انفاسها وهدات اوداجها لسماعها ما اطرب اذنيها وأومات بنعم عندما طلب منها الا تخبره انها علمت منه حتى لا تكسر فرحته بما يفعله
................
لم تطل المدة وقد اتى يونس فى اجازته ورافقها هى واولاده بعدما رتب لهم كل شىء
كانت مودة فى شهرها الثامن وبدا الحمل يرهقها اكثر ولاول مرة طلب منها ان تترك البيت وتذهب لبيت والدتها فهى الاولى برعايتها لانه مكتوف الساعدين بالاضافة الى انه ليس لديه اى خبرة فى البيت فلن يسعفها بشىء
رفضت فى البداية وقررت ان تطلب من والدتها ان تاتيها الا انه رفض حتى لا يتسبب فى اى ازمة فى بيت عائلتها
ورحلت مودة عن البيت لاول مرة منذ زواجهما وكره العودة الى بيته وهى ليست فيه وكان كل يوم ينهمك فى عمله حتى منتصف الليل ويعود حتى لا يترك لنفسه اى مجال للشعور بعدم وجودها وكثر انهاك جسده كان يجعله يستجيب للنوم بسرعة وفى هذا فقد نجح فيما تمناه
ومع ذلك كان يستيقظ من عز ثباته فى النوم بسبب احلامه بها التى لم تفارقه وكان يستنشق عبق عطرها فى كل مكان وكانه تركته للابد فكان لا يهدا الا اذا اتضن اخر ما كانت ترتديه قبل رحيلها لعل شوقه يهدا وكانت هى الاخرى لا تقل عنه اشتياقا وكان الزمن قد حرمها منه بقسوة ومن كان يراهما وهما يختلسا الساعات المتاخرة من الليل ليحادثها ويغازلها لظنا انهما عاشقين وليس زوجين
...........

وللجلاد أيضاً دموع Where stories live. Discover now