البارت 11

7 0 0
                                    

الفصل 11

عدت الى قنا ولكن فى هذه المرة لم ارى محمود ولم يتصل بى فتعجبت وقولت ربما لديه ما يشغله فذهب وجلست بمفردى فى احدى احدى المقاعى وكنت لاول مرة تخطها اقدامى ولكن وكالعادة فى اول يوم لى فى قنا كاد الملل ان  يقتلنى ليست بسبب الفراق بل بسبب الاشتياق والحنين لبيتى وعائلتى الصغيرة
درت بعينى ابحث عن العامل فوجدته فى الركن البعيد يعد قنينا من القهوة ورئاحة البن قد وصلتنى حتى تخللت انفى فابتسمت لانى وبسبب حبى للقهوة اصبحت اميز من مجرد الراءحة بين البن الجيد والردىء
ناديت عليه فجاءنى بعدما قدم القهوة الى ذاك الذى طلبها فابتسمت له وقولت له اريد فنجان من نفس هذا النوع من البن فابتسم لى وانسحب فى عجالة ليعدها لى وبالصدفة وانا اجول بنظرى بين الجالسين وجدت احدهم جالس فى ركن منزوى وكان الهموم كلها تجمعت عنده فراقبت ملامحه وهيئته فوجدته ربما تخطى الخمسين من مره الا انى شعرت ان عينيه لا تحيد عن النظر للارض وكانه يخشى ان يرفع راسه فتعجبت ولكنى لاحظت اهتزاز ساقه بعصبيه وكانه يفرغ بها عما بداخله
جاءنى العامل وصب لى القهوة فقطع عنى متابعته للحظات وما ان رحل العامل حتى عدت الى حيث كنت انظر ناحية الرجل فاذا بولده جاء وسمعته يهمس لابيه اقتلها يا ابى
الكلمة اخترقت مسمعى فانتبهت اكثر فوجدته يقول بكسرة مجيباً : صعب يا بنى
شعرت ان الابن يتمنى ان يصيح فى ابيه ولكن ما منعه سوى ارادته فى كتم الفضيحة ولكنه قال اذن اهل تلك البلدة رجال عنا فما كانوا يصمتون على هتك عرضهم مثلنا
قولت فى نفسى اذن هم ليسوا من اهل المحافظة رغم ان هيئتهم تدل على انهم من ابناءها
جاءه ثانى وجلس بجواره وقال بصوت خافض : لقد استدعانى اخو العريس لانهى اليك واؤكد خبر الكارثة فابنتك هى من صارحته بانها ذانية قبل ان يمسسها فماذا انت فاعل ؟
وجدته نكس راسه مظل محملقا فى الارض وكانه يفكر فى رد بينما قام ابنه وكانه هرب من الاجابة بينما رد الاب اخير قائلا بعدما رفع يسراه وراسه لازال منكسا : جئت بما كلفت فلا شان لك فيما عداه
رمقه الرجل بنظرة شامته لانه لم يقل له رد يشفى غليله ورحل عنه دون ان يلقى عليه السلام
عاد اليه الابن وقال له اقتلها
ظل الاب على حاله منكس الراس يهز ساقه
قال له الابن كى يشعل فيه حماس قتلها : كنا البارحة نتصور كيف كان يوم العرس ونصف الرقص والمعازف ونحن مرفوعين الراس اننا اقمنا ليلة ولا الف ليلة وليلة بين جاراتنا واهلنا والان نفيق على صدمتنا هنادى عروس الاسكندرية زانية .
هنا قولت لقد كان تصورى حقا انهما ليسا من ابناء المحافظة رغم انهم يرتديا زى الصعيد ولكنتهما صعيدية
عدت الى البيت بعدما سمعت الحكاية كلها وخطتها بقلمى فوق الورق وكانها حلقة من مسلسل او انها كبداية اوراق فى ملف قضية عرضت على
وبحسب ما علمته فالاب اصله من قنا وقد حمل اسرعته منذ سنوات ورحلا الى الاسكندرية حيث رغد العيش ولو قليلا فعمل كبواب لاحدى العمائر وليلة امس كانت تقام حفلة زفاف ابنته وما حطت عليه المصيبة حتى جاء بسرته الى مسقط راسه لاتقاء الفضيحة او ربما ليساعده اهله فى قتلها وغسل عرضهم رغم انها ولدت وتربت فى الاسكندرية الا ان اصل التربية فيها كان صعيدى وحق عليه ان يعاقبها بعقاب يليق باصل تربيتها
لم الالسنة تلوك القصة والاعين تفترس هذا الاب المسكين فى رواحه وغدوه ونسوة البوابين ياتين الى داره يجالسن زوجته كانهن فى عزاء
يدع الاب زوجته لقضاء طلبات السكان ويلزم هو غرفته وتسدل الام غطاء راسها الاسود على وجهها فى ذهابها وايابها ولزم الابن الغرفة هو الاخر حتى فصل من عمله الذى طالما سعى اليه لينفك من مهنة البواب ورغم ان والده حذره من ترك عمله الا ان الابن كان يبرر كيف لى ان اواجه الا بعد ان نتطهر من عارنا
وكما سمعت من الحديث بين الاب وابنه انه ما كاد يفيق من مصيبته بعد حتى وقعت على راسه غيرها فياتيه اعلان بتطليق ابنته الاخرى المتزوجة ولكنه وكما كان متوقع لم ينفعل فعار اختها هو السبب فى هدم حياتها
سمعت الاب وهو يقص على ابيه انهيار ابنته الاخرى وهى تقول لاختها انتى السبب فى هدم حياتى
تركض الام والاخت وينهالان بالضرب على البنت ولا احد يخلصها من بين ايديهما وكان الله اراد ان يعاقبها فلم يرسل لها منقذ
الى هنا وكتبت نهاية القصة بشىء اتوقعه فانا حتى رحلت عن المكان لم افهم كل احداث الجريمة ولكنى حاولت ان اتنبا بما سيحدث فحتما سيقتلها لانه لو لم يرد هذا ما كان جاء بها الى مسقط راسه الذى غدره من خمسة وعشرون سنة كما فهمت من الحديث وان كان رحل عن الاسكندرية لوأد الفضيحة لكفاه ان يرحل لاى مكان ولكن كونه اتى الى هنا وحيث العصبية القبلية والمحافظة على العرض فهكذا توجهت نيته
انهيت شخبطاتى قائلا وهذه جريمة جديدة سترتكب وقضية جديدة ستثقل المحكمة وتثقلنا وما هى الا يوم بليلة واذ بالمباحث تعلن عثورها على جثة شابة مقتولة ولكن ليس هذا هو المهم انما الاهم انه عندما عرضت على القضية بعد حوالى اربع شهور من تحقيقات المباحث والنيابة واثناء وانا اقرا اوراق القضية التى لم اكن فى حاجة لكشف ملبساتها صدمت باسم القتيلة واسم والدها فقد وجدت انها من نفس عائلة محمود الذى كنت تعرفت عليه فالان علمت لما ابتعد وامتنع عن اتصالى
وفى اثناء ما كنت اشترى بعض الاقراص المسكنة من نفس الصيدلية اياها ولكن لم اعثر على تلك الطبيبة زوجة محمود وكنت اتمنى ان اسال عنها ولكنى خشيت فربما اصبحت فى خبر كان ان سالت عن احد فتيات تلك المحافظة واذا بى اصطدم بمحمود وانا خارجا من الصيدلية فوجدته يصافحنى بحرارة ووجه متلألأ بعكس ما كنت اتوقع ولكنى لم اسأله عن شىء لان مقتضيات امانة المهنة الا اتحدث عنها مع احد خارج القاعة ولانه كان يعلم هذا قال: اعلم ان لديك خبر بالحادثة فقولت له فى عجالة ولاول مرة اخطو تلك الخطوة ساتنحى عنها يا محمود وجدته صدم من ردة فعلى وقال بكل ثقة: بل انت من ستحكم فيها وما كان بعدى عنك الا لانى اعلم مقدار صداقتى عند معاليك ولكن لا تتعجب ان قولت لك انى سافتخر ان حكمت على والدها بالاعدام فهذا فخر لنا اننا غسلنا عارنا فلا تضع شان لصداقتنا معالى المستشار ويكفيك انى اعلن لك من الان اننا سنفخر وسنقيم سرادق عرس
لم اتفاجأ بكلامه فهم لم يخالفوا عاداتهم ولكن ما صدمنى حقا ما سمعته منه بعد ذلك فقال مفتخرا ساخبرك سرا ولكن هيا بنا الان لمكاننا المفضل
ذهبنا معا مبتعدين عن مكان لقاءنا الى مكان بعيد هادىء الى حد ما وما ان جلسنا حتى سألته فقد استلهمنى الشغف وشعرت ان هناك امر خفى لم افهمه بعد فقال لى : ان المتوفاه المذكورة لم تزنى من الاساس وهنا ومع اول كلمة نطقها صدمت وشعرت ان فضولى لم يكن من فراغ فمهنتنا علمتنا ان نقرا ونفهم ما خلف الحروف وانا كنت اعتقد ان هناك امر ما
لم يبالى بصمتى ولا بملامحى بل استرسل بنفس الفخر وبنفس سلاسة الكلام : انها اغتصبت جبرا عنها من شخص لا نعلمه ومصيبتنا انها لم تكن مثل بناتنا اا انها لم تستطع مقاومته وعندنا الفتاه كالرجل يصعب اغتصابها وهى قادرة على حماية نفسها ولكن للاسف ابن عمنا رحل ببناته الى الاسكندرية ورباهم هناك فنشئوا ضعاف فاتى بهم الان ليرد لنفسه كرامته ورجولته
كدت اصيح واقول : كيف تقتلون فتاه بريئة كل جريمتها انها ضعيفة وهل سمعت من قبل على انثى لم تكن ضعيفة؟ انكم من تنسجون تلك الاوصاف وتثبتوها كقواعد فى عقولكم ولكن الانثى ستظل انثى اى هى الطرف الاضعف فعلام حاسبتونها اذن؟
قال ولا زال الفخر ينضح من ملامحه وكانه لم يبالى بكلامى ولم يتاثر به انها تربت على الهوجائية والفوضاوية وان كانت بيننا ما كان اصابها ما اصابها وابتلتنا به
قولت ساخراً من كلامه : نعم نعم كانت فوضاوية فى حياتها ولهذا لم تمت بكياسة وفاجئتكم بموتها اليس كذلك؟
قال مجيباً علي لتفاجئنى اجابته عندما قال : وهل اكتشفت انها هى قاتلة نفسها ولكننا اشعنا ما اشعنا لنحفظ ماء وجهنا؟
اخذتنى الصدمة مرة اخرى: وقولت بلامبالاه لا تعكس على الاطلاق تلك النار التى بداخلى. انها قتلت نفسها لانها ارادت ان تقتل لحظات التوتر التى كانت تقتلها فى الدقيقة الف مرة حين كانت تنتظر قتلها فارادت ان تريح حالها من هذا او ربما ارادت ان تشعركم انها ليست بالضعيفة لعلها تجد منكم السماح حتى ولو بعد وفاتها. وربما شعور النفور منكم لها جعلها كارهة الحياه برمتها فارادت ان تعجل الاخرة لنفسها. او ربما شرت ان قتلها لنفسها يعفى اباها من جريمة قتلها ظنا منها انها هكذا حققت له ما كان يوده دون ان تسبب فى اذيته باى حكم ربما فعلها هذا يجعله يغفر لها ذنبا لم تقرفه ولم يكن لها منه بد
قال : المهم انها ماتت وغسلنا عارنا
لم اعلم بما يجب علي ان اقول فما كان منى الا ان استاذنته ورحلت وانا اوبخ نفسى لانه ولاول مرة تغلب على عاطفتى لاجل الصداقة وجاءنى محمود ليعود بى الى طبيعتى ومن يومها وقد انعكفت فما كنت ابرح بيتى ولا اقضى على الممل بالخروج بل بمحادثة مودتى او رفيقاى وكنت اود ان اتحدث الى والدى لاقص عليه ما حل بى ولكننى خشيت من توبيخه لى او من صغر حجمى فى عينيه فسررتها فى نفسى
امسكت دفترى الخاص بالقضية وكعادتى بدت اخط  ملاحظاتى فى الصفحات الاخيرة قبل ان اعود لصفحات الاولى واكتب الكلمات الفاصلة
لقد اخذوا منها الوقت لم يتركوا لها فرصة للتدبر والندم او حتى لتقوية نفسها بدلا من ان يصفونها بالضعيفة ولكنها وللاسف ماتت .
عاتبو الميتة على ما فعلته بفطرة وعلى ما لم تفعله لربما لم تمت ان لم يكن هما كذلك ولكن ما الفائدة من التخيل فقد ماتت .
عاتبوها انها كانت ندية تخجل من التوضيح ولم يشعرون انها كانت لها احلام واسعة كم تمنت ان تمر بها ولكنها وللاسف ماتت.
ماتت واقفة لم يتسنى لها ان تختار اين تموت وكيف تموت كما لم يتسنى لها يوما الا يكن فى وسعها ان تختار اين تحيا وكيف تحيا الشىء الوحيد الذى ملكت امره انها حددت يوم موتها ولم يكن لدينا فرصه لننقذها فللاسف لقد ماتت.
لم يعطوها فرصة الاعتذار او حى الندم للسف فقد ماتت.
لم ينتبه احد ممن يوبخوها الان كيف كانت حياتها مليئة بالموت اليومى وهخى ترى نفسها تقضى يومها فى خدمة الاخرين فقط وقتل بداخلها شعورها كاى انثى ان تكون سيدة بيت وملكته ولما ماتت قالوا غسلنا عارنا عن اى عار يتحدثون وما الفائدة من الحديث فللاسف لقد ماتت.
ليتهم تركوها تتنعم باحلامها التى كانت متكدة من انها لا ترتقى للحقيقة ولكن وللاسف هم يقتلون المرء ايضا بسبب احلامهم فهل الاحلام كانت يوما بيدنا؟
ولازلنا نبحث عن الحياة برغم اننا فيها ونحاول ان نتشبث باليد التى لا تغادرنا .نعشق الروح التى لا تفكر ان تستبدلنا باحد.
نعانق القلوب التى لا تمل مهما فعلنا وتبتلع عيوبنا وتغفر تجاوزاتنا . حينها فقط سندرك اننا حقا على قيد الحياة
ليتهم تركوها تشعر انهم لن يتركوها ولن يستبدلوها ولكنها للاسف ماتت
الان ايقنت لما هى اختارت الموت لانه المكان الوحيد الذى اكتشفت انها لن تحرم من احلامها فيه. المكان الوحيد الذى ستجد فيه الراحة ولن يحاسبها غير الله الذى حلل لها الاحلام.
اكتشفت ان هناك ستكون حياتها اهدأ وان لا احد سينازعها  حياتها  .
حقا لا احد يعرف اللحظات الصغيرة التى ماتت فينا روحنا ولا احد يعرف متى عادت او كيف عادت . ولا احد يعرف سر ان يبتسم وجهنا ونحن نتحرك ذهابا وايابا تحت مظلة العبودية .
...................
اخرجنى مما انا فيه صوت رنين جوالى فهرعت اليه كانه منقذ جاء فى لحظاته الاخيرة وما قرات اسم المتصل فما كان يهمنى هويته بقدر ما همنى انه سيخرجنى من تلك الحالة التى كنت عليها
واجمل شىء وكان القدر اراد ان يكفائنى عما اصابنى من الم لاجل تلك الفتاة ان كانت المتصلة هى مودتى واول ما سمعت لم يكن صوتها بل كان صوت احمد ابنى يقولها لى ولاول مرة ينادينى ببابا
نسيت كل شىء ونسيت احزانى وكانها لم تكن بالمرة وتلجم لسانى وتعجبت من نفسى الهذه الدرجة كلمة بابا صعبة حتى انى لارددهامرة اخرى على مسمع احمد؟ اما ان احمد هو الذى صار اقوى منى ؟
انتبهت لصوت مودة تقول بسعادة لى تحدث اليه وناديه حتى يعاود النداء عليك مرة اخرى فضحكت وكدت ان اطير واخذت انادى عليه واكرر اسمه " احمد " فاجده يكرر بابا بوضوح فكاد قلبى ان يخرج من بين اضلعى من فرط فرحتى
اكتملت فرحتى عندما سمعت صوت ابى يقول: اعز الولد ولد الولد فما بالى وولدك نسخة منك فكانى احملك الان
شعرت باحساسه لانى الان صرت اب وكم اتمنى ان يكبر احمد واحمل ولده بين يدى فقولت له : كيف حالك يا ابى؟
قال: فى خير حال مادام احمد بجوارى ثم سالنى متى ستعود؟
قولت له ليس لدى اى جلسات حتى نهاية الاسبوع ولهذا فانا اجهز حقيبتى وسالتحق بالقطار خلال ساعة
دعا لى بسلامة الوصول واعطانى مودة
قالت لى بفرحة : كنت اجلس بغرفتك وكالعادة ابحث فى خزانة ذكرياتى ولكن احمد قطع عنى فرحتى فمد يده ينبش فى الاوراق فخشيت ان يمزقها
قولت لها: احتفظى بها ارجوك وايديه اننا سنهديها له كذكرى من قصة حب امه وابيه ليقصها هو على ابناءه
ضحكت بعمق وقالت: اراك تتفاخر علي لانهم بالطبع سيعلمون كيف كانت جدتهم تعشق جدهم وهو لا يبالى وسينفضح امرى وانا التى بالطبع ساكون وقتها ارسم الرصانة والهدوء فستضيع معه هيبتى
قولت لها: الحب هو الشىء الوحيد الذى يصون الهيبة حتى وان جعلنا نتصرف بطفوليه فهذا يعنى اننا عشقنا بكل جوارحنا
قالت بدلال: لكنهم سيسخرون عنجى لانهم سيرون انى لم يكن عنمدى اى حد للحب
قولت لها: ان لم يحب الانسان بشكل مبالغ فيه فمن الافضل الا يحب او عليه ان يعترف انه لم يكن حب لان مقياس الحب هو ان لا يكون له مقياس
ساد الصمت لحظة وكانها تتعمق فيما قولته فقولت لها اقراى لى اى رسالة لعلها تعيننى على مشقة السفر
ضحكت ضحكتها العذبة التى دوما ما تزيل عنى وسمعت صوتها وهى تفتح الورقة وتخبرنى انما ستختار بعشوائية وانا ونصيبى مما ساسمع فقولت لها اذن اطربى اذناى بنصيبى
اهناك اجمل من فؤاد اصبح يشتاق طول الليل حتى يصبح؟
اهناك اجمل من قلب يعود يسال فى الصباح حبيبه والشوق يبدو فى الملامح واضحاً ؟
اولم تقل عيناى كلاماص فاضحاً ام ان عيناك لازالت لم ترانى؟
سيظل عشقك يا حبيبى فى دم حتى ولو ظهر المشيب فى تاج راسى
...........
ركبت القطار وقد نسيت ما ضاق له صدرى
وفرحتى بعودتى لبيتى لا تحوجنى لاى شىء يلتهم ملل الوقت بل فرحتى هى من تلتهم الوقت والملل معا ولم اشعر بطول الطريق فقد كنت اتخيل احمد وهو ينادينى وتخيلت تلك المشاعر التى اضافها لحيات والتى كنت محرم منها بدونه .
شعرت انى فى حاجة ماسة لاتحدث مع ابى ولا اعلم لماذا ولكنى فى حالة احتياج ربما ليعيدنى الى صوابى
طرقت الباب وانا كلى فرحة وتذكرت ذاك اليوم عندما ذهبت لخطبة مودة وكنت اتمنى الا اطرق الباب من الاساس لولا امى والحاحها فحمد الله على اصرارها
................
قضيت معى اسرتى وقت سعيد واكلت من يد امى كل ما اشتهيه فقد جهزته لى عندما علمت بوصولى ولعبت مع احمد بكل جوارحى وكانى مثله طفل فكنت اشبع نفسى من حبه بالقدر الذى انسى به عملى ومشاكلى وكانى اهرب من الحياة بين يديه
الان ادركت قيمة كل حرف نصحنى به ابى وادركت انما كان شغفى لاعتلاء المنصة كان شغف غبى . كشفغ الغبى الذى اراد ان ما امامه هى النار بعينها فادخل فيها يده ليجرب هل حقا تحرق ام لا فهكذا كنت انا اقحمت نفسى وحرمت عليها السعادة وراحة البال فما اهون ان ادافع عن شخص وابدى رايى باريحية بل واطالب به بقوة وما اصعب ان اكون انا القاضى بالحكم الفاصل
هكذا اعترف الان بعد ان تجرعت بنفسى مرار المنصب ولكن ما اخالف عليه ابى ان القاضى تتبلد مشاعره وعندها سألت نفسى ولكن كيف اقول هذا وانا حقا قد تبلدت مشاعرى؟
شعرت انى فى متاهة بين متبلد المشاعر وبين مرهفها ونظرت حولى فلم اجد ابى فعلمت انه فى صومعته الخاصة التى دوما ما احتوتنا واحتوت مشاكلنا وكذلك افراحنا . احتوت الاراء الحكيمة مثلما صرخت جدرانها باراءنا الهوجائية انا وشقيقاتى ورفيقاى
لم اشعر بنفسى الا وقد دلفت اليه واخذت اجول ببصرى فى تلك لجدرن وكانى لاول مرة اراها وقى الحقيقة انا اقرا بين ثناياها تلكالافكار والحكايات المدونة عليها فكانت تلك الصومعه ندفن فيها افراحنا واحزاننا وتذكرت وقتها مواقف متباينة فتذكرت شقيقاتى عندما تقدم اليهما ازواجهما واختلى بهم ابى ليناقشهم فى رايه بالريس ورايه وانه يريد رايها بدون ضغط منه . تذكرت يوم ان كان يجبرنى ان احضر معه تلك الجلسة وانا انظر لشقيقتى وابتسامتها الخجلة المرتعده معها شفاها وهى تحاول النطق بموافقتها . اتذمر يومها وكم كنت ابله وانا اعتقد ان ابى اجبرنى وانا لا حاجة لى لهذه الجلسة فما دورى فيها وما كنت اعلم انه ات بى لاتعلم منه كيف يكون القرار والنقاش كان يربينى ويؤهلنى ردون ان يخبرنى عظيم ابى من يومه وهو سابق عصره فى الحكمة والتربية . ولكنى ظللت على نفس البلاهة حتى بعد الكبر لاننى لم اتعلم منه واخذ بنصيحته فى ترك القضاء لمن هم اقوياء عليه فانا وان صارت الناس من حولى تتحاكى بجلادتى وقوتى وعدلى الا انى لا اعترف الا بحماقتى وحماقاتهم فالقضاء ليس بالشىء الهين ومادام هناء قضايا ربما اختلف فيها مع غيرى فراى اذن ليس بالحاسم ويحتمل الخطا والصواب فهل اتحمل انا اوزار غيرى وهل شعرت ان كتابى كله ابيض فاردت ان ادنسه بشىء من القضاء؟
انتبهت على صوت ابى الرخيم ينادينى ويقول لى هات ما عندك
اقتربت من المكتب الذى كان قد جلس خلفه وكان يقلب فى اوراق قضية امامه فاغلقه ووضع قلمة ونظر لى ينتظر حديثى
شعرت انى عدت طفل من جديد عندما كنت اريد ان اعترف بشىء او اخذ رايه فى شىء ولا اعرف من اين ابدا والى اين انتهى
اخيرا انفكت عقدة لسانى وقولت له : كنت قد ذكرت ل انفا ان مشاعر القاضى تتبلد مع مرور الوقت بتكرار القضيا حتى تالف نفسه البلايا ولا ينكر الخطايا وكنت اعتقدت ذلك فى نفسى حقا وكم كنت احاول ان انفك عنى كلما خطوت باقدامى لبيتى حتى لا اؤثر عليهم ول اجعلهم يتاثروا بى ولكننى كنت اجاهد حتى شعرت ان المجاهدة نفسها تبلدت داخلى وصرت اتعامل بما كنت اجاهد ان اخفيه حتى تجلت قضية امامى فاكتشفت فيها نقيض نفسى فقد تاثرت بها حتى كدت اتنحى عنها لان صديق عزيز لدى قريب للجانى هذا اولا اما ثانيا فقد تاثرت حقا بالضحية وبالتها فهاجت مشاعرى حتى كدت افقد هذا الصديق لولا رشد عقله وقلبه الكبير ورجولته لكان استجاب لانتهاء الصداقة الا انه حافظ عليها بكل ما اوتى ولم ينهرنى عن هياج مشاعرى واليؤال الان كيف تحولت هكذا من النقيض للنقيض ؟
وجدت ابى يبتسم لى وتخلل بنظره لاعماقى وكانى يبصر ما بداخلى وقال لى بهدوء: ما انت فيه الان لا يدل سوى ان ما زرعته فيك من حب للعدل اتى بثماره وان الانسانية لم تمت فيك هذا اولا اما عن ثانيا فيا ايها القاضى العادل عليك ان تفصل وتميز بين بلادة المشاعر التى اقتحمتك لانها حقا تملكت منك وهذا شىء جيد لان بلادة مشاعرك ما اتتك الا بخصوص جانب وحد فقط الا وهو نحو الجناة فلم تعد تتاثر بما يقولونه او يبررون به افعالهم وهذا لانك لم تنظر اليهم الا بعين العدل فهذه قوة وليست ضعف اما هياج مشاعرك فهى والحمد لله دليل عل انها لم تمت بعد لان انسانيتك لازالت تنبض بداخلك وما كان هياج مشاعرك الا لانك تحب العدل والحق اعلمت الان الفرق اى ان الخلاصة ان تبلد المشاعر مطلوب حتى لا تتاثرلا بدموع الجانى ومطلوب منك تفاعلها وهياجها فى جانب البرىء لتقص له بحقه
قولت له : ولكن هذا شىء صعب ومؤلم فكيف لشخص يحمل فى جوفه قلبين لان جمود المشاعر تحتاج قلب صلب جاحد ولينها تحتاج لقلب هين لين فكيف لى ان احمل هكذ قلبين فى جسدى؟
وجدته يبتسم لى وقال لا تكابد ولا تجاهد اترك انسانيتك وعدلك هى التى تتعامل وهى بتلقائيتها وفطرتها ستجدها جاحدة قوية صارمة فى مواجهة الظالم وعلى العكس منها ستجدها تفتح مظلتها لتحمى البرىء والمظلوم فقط كل ما عليك ان تدعو الله ان يواليك دوما بمعيته
ثم ابتسم وعاد يمسك قلمه ويفتح المستندات التى كان قد اغلقها وقال والان ارتكنى فلدى قضية مهمة ايها القاضى العادل فانا ايضا اجاهد لاجلب الحق لصاحبه
تنفست الصعداء وقومت وحييته وخرجت وقد زال همى كما كنت اتوقع فمن ل غيره ينصحنى
..............
مرت سنة اخرى والحمد لله قد انهيت انتدابى وعدت الى محافظتى منذ شهور وكذلك عاد رفيقاى موسى ويونس واستقرت امورهما الا ان يونس لازالت عنده بعض المنغصات نتيجة تطلعات زوجته وطموحها الزائد واقبالها على الحياة الذ ليس له حدود
المهم اننا فى النهاية عدنا نتقابل مرة اخرى وانقضت تلك الفرقة اللعينة بيننا
احمد ابنى الان اصبح يتحدث بتلقائية وبدلا من كلمة بابا الوحيدة التى كان ينطقها اصبح يناكفنى فى الحديث واصبحت خطواته ثابتة راكزة حنى انه اصبح يشغلنى ركضاته واختبائاته خلف كل شىء يرى انه كافى ليختبىء خلفه اما الاجمل فقد بشرتنى مودة بحملها الثانى والتى تدعو الله ان تكون انثى
............
فى يوم  كنت فى المحكمة واشرت للحاجب باعلان الجلسة وما ان اعتليت المنصة حتى كادت عيناى ان تخرج عن محجريهما وانقبض قلبى كما اقشعر جسدى فالان وبعد ان صرت رئيس محكمة ولاول مرة ارانى اقف فى قضية لها صدى فى الاعلام لانها كانت تخص رجل اعمال شهير اتهم بهتكه لعرض الاطفال فى دور ايام اقامها لواجهة لدرء الشبهات عنه فقد اعتدت الا اتعجب اى شىء فشهوات المراكز كشهوات الاجساد لا يفرق صاحبها بين الحلال والحرام لان عقولهم ترحل عند طغيان الشهوة وانما ما جعلنى بهذه الحالة انه ولاول مرة ان المحامى الواقف امامى هو ابى نفسه رباه كيف اجلس هكذا وانا اعتلى المنصة وابى اسفل منى درجة فهذا ما لا اطيقه ابدا
ارتبكت ولم اعرف ما وجب على فعله فعدت انظر بسرعة لاوراق القضية التى امامى لاوبخ نفسى وكيف لى لم انتبه لاسم المكتب ولكنى تحققت اننى لم اغفل وان القضية حقا كانت لمكتب اخر وابى اتى نيابة عن المحامى الاصيل ولكن ما يفيد هذا بشىء الان ففى الخلاصة اننى هنا وابى امامى
زاغت عيناى وبالطبع لم يخفى هذا عن ابى فنظر لى بعين واثقة وابتسم بها دون شفاهه حتى لينتبه احد لاهتزازى ولكن وللاسف لم يخفى على احد ليس اهتزازى وانما صلتى بابى فابى كان اشهر من النار على العلم فى مهنته وصيته فى رفضه للقضاء وانا اشتهرت بشهرته وما زادنى هو ذاك الحوار الذى كان قد اذيع فور ولادة احمد ابنى
لم اكن فى حاجة لمعرفة ابى يدافع عن اى جانب من طرفى النزاع فقد كان يدافع عن جانب مسئول حقوق الانسان والطفولة وهو من حرك القضية ضد رجل الاعمال
ولما لم تخفى حالتى عن الحاضرين اخذها محامى رجل الاعمال ذريعة لزعزعة العدالة وسير القضية واول ما قدم من مستندا قدم طلب برد هيئة المحكمة مصرحا ان مدعى الخصم والدى ولم يكتفى بهذا وان كان اكتفى لكنت قبلت التنحى الا انه شان فى والدى ودحض اسمه فى القضية ذاكرا انه كان يراود مديرة الدار عن نفسها ويريدها ان تصاحبه رغما عنها ولما رفضت قام بتلفيق القضية ولابعاد الشبهة عنه اعطاها لصديقه لتكون المستندات باسم مكتبه ويترافع هو عن الخصم كانه يرفع عنه الشبهة
غلى الدم فى عروقى وكدت انقض على هذا الوقح الم يكفيه هيبته وسمعته وشيبته لتمنعه عن الادعاء بالزور عن ابى ؟ وجدت ابى يحاول التماسك ليس لاجل نفسه وعرضه الذى اهانه ذلك الوغد وانما لاجلى انا خوفا علي وعلى منصبى فما كان موقف ابى لى مهدئاً لحميتى بل اشعلنى اكثر فما كان منى الا ان قمت وانحنيت لابى تعظيما ولم ادرك ما كنت افعله ومن انه ممنوع ولكن فليضيع القضاء مادام لم ينصفنى وينصف ابى فان كنت اتحرى العدل للعالم ولم يتحرانى العدل فسحقا له وساطبق عدل السماء وما كان عدل السماء الا بامرى للانحناء لابى
ثارت البلبلة فى القاعة ونظرت لذاك الوغد فشعرت انه يبتسم ابتسامة خبيثة ظنا منه انه وصل لمبتغاه فاستعدت رباطة جأشى على الفور رغم انى وجدت نظرات التحفيز من جميع من هم فى القاعة الا اننى لم اتاثر بمن هم فى صفى ام ضدى فهكذا تعلمت البلادة من خلف هذه المنصة وجلست شامخ الراس واصدرت قرار بابلاغ النائب العام  بمباشرة التحقيق فيما ذكره الخصم
نعم انه من الان صار خصمى انا
رفعت الجلسة ودلفت الى غرفة المداولة على الفور وبعجالة سلمت الاوراق الى صديقى عضو اليمين واسرعت الخطى عائدا نحو باب القاعة الرئيسى التى اقيمت فيه الجلسة وكنت قاصدا ان ااكل الخطى لاصل الى ابى قبل رحيل العامة زقد فلحت وما ان رانى ابى حتى عاتبنى بنظراته فهو يعلم عاقبة ما افعله فربما خسرت ما كنت سعيت اليه وكنت احلم به ولكن ما همنى شىء فما تمنيته كان اساسه ابى وان عوقبت جراء ما فعلت حتى ولو بالفصل لفصلت وانا مرفوع الراس سافصل لانى لم اقبل الاهانة لابى وهذا ما اريد ان اختم به حياتى القضائية
كادت عينا ابى ان تزرف الدموع الا انه تماسك لانه يعلم ان الصور تلتقط لنا فى غفلة منا والمحاورين يخطون الان عناوين مقالاتهم الرئيسية بما نفعله
وصل الخبر الى موسى ويونس وكانا فى قاعتان مجاورتان لنا فاقبلا يسعيان نحوى ولم يهمهما ما قد يصيبهما فقد تحركا بعاطفتهم نحو ابى الذى رباهم معى وقبلوا راسه كما قبلتها انا فتحولت مصيبتنا للضحكات اننا حتى فى المصائب تجمعنا
..............
لم تكف الصحف كما توقعنا عن الحديث عن الواقعة ولم تخلو صحيفة او موقع تواصل الا بصورتى وانا اقبل ابى تارة واخر وانا انحنى له وتوالت الاحاديث عن تاريخ ابى وتاريخى فى القضاء  ورغم كل هذا لم ابالى وقد توقعت الفصل او الجزاء لنقلى لدرجة اقل ولكنى وجدت ان وزير العدل طلبنى واخبرنى انى قد ترقيت بدعم من رئيس الجمهورية وتاريخ ابى وتاريخى ف القضايا هما من شفعا لى وكانا سبباً فى هذا
لم افرح لان التحقيقات من النائب العام كانت لاتزال مستمرة ولم ان التحقيق امتد للمحامى نفسه لاكتشاف كذبه وتضليله العدالة
انتهت التحقيقات اخير بقرار النيابة بكذب كل ادعاءات المحامى وقدمت نقابة المحامين خطاب اعتذار رسمى لابى ولى
شعرت ان روحى وكرامتى ردت الى الان فقط بعدما عيشت ايام سوداء ظننت انها لن تنقشع عنها الغيوم ابدا ولن ترى النور بعد اليوم وكنت من قبل قد اهلت نفسى للعزل من القضاء
لم تمر الايام علينا جميعا بسلام بل كانت امى لا تنفك عن بكاءها فى التشنيع بسمعة زوجها والقلق على ابنها من انهيار منصبه هذا من ناحية والاخرى عندما كانت تحاول جاهدة ان تواسى ابى وهو لم يزل يتالم وينتظر ظهور نتيجة التحقيقات على احر من الجمر لينفى عن سمعته ما قد طالها ورغم انه يثق فى عدالة الله قبل عدالة القضاء الا ان النفس ضعيفة
اما عن مودة فكنت اشعر انها حزينة لمجرد شعورها بانى قد افقد منصبى فهى مهما كان مثلها كاى انثى تفتخر بمنصب زوجها ولانها تحبنى بصدق لم تظهر لى اى من تلك الاحاسيس ولانى احبها بصدق مثلها قرات فى عينيها ما خشى ان ينطقه لسان حالها وكنت اطمئنها واؤهلها لاى قرار مثلما كانت هى تواسينى وترفع من معنوياتى حتى كافئنا الله جميعاً بانقشاع الغيوم عنا
......................
اليوم عدت الى بيتى وبداخلى هم ثقيل فقد كنت لتوى انتهيت من قراءة ملفات قضية هتك عرض اخ لشقيقته .
فى الحقيقة اقشعر بدنى من الاحداث والتحقيقات المدونة فى الملف ومن اقوال الشقيقة ومن السبب الذى ادى لان يفعل اخ هذا فى شقيقته حتى انى لم امكث لقراءة كامل الملف فى غرفة المداولة بل استاذن المستشارين وامرت سكرتيرتى ان تجمع كل الملفات وتعطيها لعم حسن الساعى ليضعها لى فى السيارة
وما ان استقليت السيارة حتى اندفعت بها مسرعا وانا غاضب وفرائصى ترتعد
وما ان وصلت للبيت حتى وجدت البيت صامتاص خاليا من صوت احمد ومداعباته فبحثت ولم اجدهما وما كدت امسك جوالى لاتصل بها لاطمئن عليها حتى وجدها تفتح الباب فسالتها على الفور وانا قلق بشانها اين كنتى هل حدث لك سوء؟
كنت متلهف الاجابة لانى لم اعتاد منها الخروج دون علمى فهذا مبدا اتفقنا عليه منذ بداية عهد زواجنا فوجدتها تبتسم لى وتقول اراك نسيت فقد استاذنتك امس انى بحاجة لزيارة الطبيب للطمئنان على الحمل ووعدتنى انك سترافقنى ولكنك تاخرت فعلمت ان ما اخرك سوى هموم عملك فلم اكهلك بالاتصال وذهبت وحدى
اقتربت منها وقبلت راسها واعتذرت لها وحملت عنها احمد وقبلته
وجدتها تبتسم لى وتتغنج ووضعت يدها فوق بطنها وقالت وهى متهللة الاسارير لقد تقبل الله دعوتى وبشرنى الطبيب بانثى
ابتسمت وفرحت لفرحتها وقولت لك مناغشا ستاتى قطعة اخرى تشبهك فاحذرى منها ان تسلبنى عقلى وحبى عنك فكل من هى تشبهك تؤسرنى
ضحكت عاليا وقالت بثقة : لن يغنيك عنى احد لان لا احد يشبهنى فانا وانا فقط
............
كنت جالسا فى مكتبى ولتوى كنت نهيت كتابة ملاحظاتى وانتهيت من قراءة كافة الاوراق وخرجت الى الصالة فوجدت مودة جالسة تشاهد التلفاز واحمد تحت قدميها يلعب امامها بلعبته فلم اشعر بنفسى وقد تذكرت اخته التى لم تاتى بعد واخذت اتخيل الوضع عند الكبر
لاحظتنى مودة فنادت على وقالت لما تحملق فيه هكذا هل لاحظت عليه شىء؟
انتبهت لها ونبهنى كلامها لحملقتى وشرودى وانا الذى لم اشعر بتسمرى امامه هكذا فقولت لها بكذب لا شىء فقط كنت اراقب لعبه
اشارت لى بالقرب لها وبالفعل تحركت نحوها محاولا ان اتناسى تلك القضية وابتسمت كان لم يكن شيئا فعادت تسألنى قائلة اجبنى ولا تكذب على
اخذت نفس عميق وجاهدت لاخرج الكلمات من حلقى ولكنى فى نفس الوقت شعرت انى اود ان افرج عن نفسى وانفث عنها فقولت بين يدى قضية شعرت عند قرائتها ان هذه علامات الساعة الكبرى
انزعجب من مقدمتى وشعرت ان القضية ليست بالهينة فقلت : لا تعطينى مقدمات فهكذا انت تخيفنى اكثر وتبعدنى عن استيعاب الموضوع
وجدتها خائفة فقولت لها انتظرى واسرعت نحو مكتبى واتيت بدفترى الذى دونت فيه مخيلتى ورايى وقولت لها اقراى ما صعب على شرحه
" الان بين يدى قضية تهتز لها السموات اخ واخت يتيما البوين منذ الصغر ربته وربت نفسها معه اخذت قوتها منه وهى التى كانت ترعاه فى وهى لم تزل فى مهدها
كانت ملامحها تتلالا كلما وجدته يكبر يوما بينما هى كانت تكبر فى اليوم الف دهر تعلمت وعلمته وفى النهاية ما ان طالت اقدامه الارض حتى طلبها بميراثه فاعطته اياه بكل رحابة وصارت هى تنفق عليه وعلى نفسها من عملها خاصتها واخذت تدخر ميراثها لجهازها ليوم تحلم ان تناله كاى انثى دون ان تثقل على شقيقها الاصغر
ولكن ما كانت تتخيله لم يحدث على الاطلاق وما كانت تعتقده سندها كان اول يد تغتالها . ادخرت ميراثتها حتى لا تثقله بجهازها فطمع فيه . كانت تعتقد انه يفرح ويقدر ما تفعله هذا ولم تكن تعلم انه يزيد من اطماعه . هى اعتقدت ذلك لانها اعتادت على الاعطاء والضحية على الدوام بينما هو اتقد غير ذلك لانه لم يعتادى سوى على الاخذ والاتكال
ما شفع لها عنده انها اعطه ميراثه وظلت تنفق عليه من ميراثها. ما شفع لها كونها ربته وتناست بسببه طفلتها وشبابها . لم يشفع لها عنده اها هى الطرف الضعيف وانه الاقوى لكنه فهم للقوة معنى اخر غير الحماية التى لم تذكر فى قاموس حياته على الاطلاق
كان اليوم هو اول فرحتها بعد عناء طويل فقد كانت اليوم تناقش رسالة الماجيستير واصطحبته ظنا منها انه يكفيها عن كل البشر . انحنت امامه اجلالاً له لتعلى من شانه امام اقرانها واشادت به امامهم وانه هو من اعانها لتكمل طريقها . هى اعلنت امام الجميع بحبها له وافتخارها به
وهو اعلن للجميع خسته وعدم مروءته وافتقاده للرجولة بكل معانيها .
ما ان انتهت الشقيقة من حفلتها حتى اصطحبها شقيقها لسيارة وقال لها انها لصديقه وجاء ليخدمنى فى حفل اختى
لم تعطى بالا لمكيدته لانها ما كانت تظن السوء ابدا فيه وهل يظن الانسان فى نفسه ؟ هكذا كان يقينها الذى دفعت عنه حياتها
ما ان استقلت السيارة وجلست فى الكرسى الخلفى واستقل شقيقها بجوارها وصديقه جلس خلف المقود واسرع مندفعا
وجدت ان الطريق ليس بطريقهم المعتاد فسالته فقال بكل خبث ودناءه نحن ذاهبين للاحتفال بنجاحك
صدقته وما ظنت الا لخير بل طارت من الفرحة فاخيرا اخيها سيقدرها ولو للحظة ولم تظن فى غير ذلك فهل يظن الانسان فى نفسه؟  
الان فقط ارتعدت اوصالها بعدما وجد ان السيارة تنحرف الى مكان بعيد عن الانس والزحام ويتوقف امام بيت يبدو انه مهجور فاول ما فعلته المسكينة ان تشبست فى يد اخيها وقالت له خائفة فما كان تشبثها به الا لانها تراه سنده ولم تظن فيه سوء فهل يظن الانسان فى نفسه؟
ظنته سيحميها كما حمته هى فى طفولتها ولم تعلم انها انما تشبثت بالشيطان الذى اول ما فعل اشار لصديقه بالنزول وفتح البيت بينما جذب هو شقيقته بكل عنوه الى الداخل . لازالت لم تصدق ما تراه او ان عقلها غير مستوعب ان يد الغدر طالتها من اقرب مكان لقلبها لانها لم تظن فيه يوما السوء فهل يظن الانسان فى نفسه؟
اخذت تصرع فما شفع لها ضعفها وخوفها وتوسلها له ولصديقه فقد فقدا النخوة
حبسوها وكبلوها وكمموا فاها وامرها ان توقع على مستندات نتازلها عن ميراثها وان تكب له ارقم كشف حسابها وكل ما يريده من معلومات ليسهل عليه الاستيلاء
قاومته فى البداية ولكنها كانت الاضعف واجبرها على التوقيع ولكن الخثيث لم يكفيه هذا بل خشى على نفسه ان تبلغ عنه فقام بتجريدها من ملابسها واظهر عورتها امام صديقه والتقطا لها الصور ليخيفوها ان بلغت سينشرون صورها
خلع عن اخته ملابسها بيده كلمة اوجعتنى وانا اكتبها فما بالى وانا اتخيلها واتخيله. ضاعت نخوته ورجولته حتى نس انه انما يعرى نفسه فهى منه . ضاع عنه رشده وضاع دينه واتبع شيطانه
لم تتحرك فيه الانسانية فهل خلق بدونها من الاساس ؟
كانت مودة تقرا ما كتبه وقد اغرورقت عيناها ولم تصدق ما تقراه وتاثرت بوصف خالد للمشهد حتى كادت تنصهر من هول ما تخيلته وما الم بها
نظرت اليه نظرة الغير مستوعبة لما قراته وكانها تقول له بعينها كيف يحدث هذا وبتلقائية عادت تنظر لابنها احمد نظرة وكانها تود ان تساله هل يمكن ان يصل بك الحال لان تكون مثله ف يوم  من الايام وبتلقائية ايضا مدت كفها تتحسس بطنها وكانها تربت جأش فتاتها التى فى احشائهها وتقول لها الا تخافى واستقوى ولا تجعلى احد سندك الا الله فلم يصبح هناك اى امان
كانت كل تلك مجرد كلمات وهواجس لم تعبر بها صراحة الا انها شعرت بنظرات خالد لاحمد وشعرت الى اى مد كان يتخيل ويتالم
عادت تنظر الى الدفتر وتقرا بقية الاوراق الا انها لم تتحمل البقية وبكت بانهيار واعطته الدفتر والقت بنفسها فى حضنه وقالت بانهيار : لن يكون ابنى مثالا له فى اى يوم من الايام فنحن صالحين والله حمى الاطفال لاجل صلاح ابويهما عندما قال فى كتابه الحكيم (وكان ابوهما صالحا)
شعرت بخوفها وقلقها فضمتها فى صدرى وهونت عليها وانبت نفسى فقد اثقلتها بالهموم ولكن لم يكن هذا بقصد منى سوى انها كشفت توترى من نظرتى لاحمد
غيرت مجرى الحديث حتى ازيل عنها ومثلت الجوع بشده لالهيها عن التفكير فيما قرات بشىء اخر . قامت وتحركت نحو المطبخ وهى لم تزل تبصر احمد وتضع كفها على بطنها فعلمت انى ما فلحت فى شىء سوى انى اجهدتها
سهرت بقية ساعات الليل بمفردى بعدما رافقتها فى غرفة النوم وتصنعت الاستغراق فى النوم حتى تهدا وتنام وما ان شعرت انها غفت الا واستيقظت وخرجت الى الشرفة انفس  الغليون يتبعه اخر والمشهد لم يزل يتصاعد فى مخيلتى
اخيرا اتى الصباح ولتوى دلفت من بوابة المحكمة وما ان دلفت الى غرفة مكتبى حتى تبعتنى السكرتيرة بجميع ملفات قضايا اليوم ونبهتنى ان ملف القضية رقم ... اخذته معى البارحة
اشرت لها بنعم ولم اتحدث بحرف وشعرت انها استاءت من معاملتى الجافة الا انها لم تجروء على السؤال لتعرف ما هية السبب
لمحنى عم حسن الساعى وانا اخطو نحو غرفة المداولة فاتى لى بالقهوة على الفور. قابلت موسى فحيته فقال لى بهمس : اريدك فى امر هام بعد العمل فلنجتمع فى النادى
اجبته بنعم ولم اتفوه بحرف اخر فشعر ان بى شىء وتذكر ان اليوم هو موعد النطق بالحكم على المتهم لان القضية كانت موضع حديث الناس والصحافة والكل كان ينتظر موعد الحكم  فقال لى : ان كنت تريد ان نؤجل موعدنا اليوم فلا بأس فليس الامر عاجلا
كان يعلم انى لا انخلع نفسيا من التاثر بمثل تلك القضايا بسهولة فحاول الا يتقابل معى ويناقشنى فى اى امر ربما ثورت اكثر على اى شىء تافه ولكنى انكرت هذا وقولت له: سنتقابل فى موعدنا وسالته ماذا لديك اليوم فقال انه اليوم يراجع القضايا وليس لديه اى جلسات

وللجلاد أيضاً دموع Where stories live. Discover now