15-اللقاء المنتظر

484 17 0
                                    

بعد مرور ثلاثة ايام, امتلأت فيلا ايشلو بالعمل و الضجيج تحضيراًً لحفل الزفاف.
قال ماكسيمو و هو يدق على باب غرفة النوم: "دعينى ادخل."
اجابت لوسي و هى تتكئ على الباب: "لا! إنه نذير شؤم ان ترانى اليوم!"
"لوسي, كونى منطقية! الحفل سيتم عند المساء, فلا تتوقعى منى أن لا اراك طوال النهار. هذا عذاب مضنى لىّ."
غطت فمها كى تكبح ضحكتها. تستطيع ان تراهن على انه يريد رؤيتها, فهما منشغلان منذ ان عادا إلى إكيلينا. انشغل ماكسيمو بالإهتمام بتفاصيل نقل معاملات شركة فيرازى إليه, اما هى فإنشغلت مع متعهدات الزفاف, لتحقيق احلامها و امانيها خلال الأيام القليلة التى تسبق الحفل الكبير.
ثلاثة ايام مرت و هى تجرب الفساتين و تتذوق قوالب الحلوى, كما تذوقت كليو قدر ما تستطيع يداها الصغيرتان ان تلمسا. ثلاثة ايام لإجراء المقابلات معها من قبل الصحتفين من كل ارجاء العالم. ثلاثة ايام لتقليم أظافر يديها و قدميها و طلائها بأجمل الأوان, و تدليك جسمها, كما ان ماكسيمو احضر فريقاً لتزيين الكنيسة و الفيلا, و طلب منها البقاء فى الفيلا رهن إشارة لوسي. ثلاثة ايام من الرفاهية و المرح المفرط و الأحساس بأنها عروس مميزة و انها نجمة, و ثلاثة ليال من الشغف المطلق مع زوجها.

فى كل ليلة, كانا يمضيان الليل بين حضنى بعضهما. لا عجب انه يرغب فى رؤيتها الآن, فهما لم يلتقيا منذ حوالى العشر ساعات, و هى تتفهم ما يشعر به, لأن هذا ما تشعر هى به ابضاً. لكنها تبعده عنها لسبب هام, لا علاقة له بـ اوهام يوم الزفاف.
هذه فرصتها الأخيرة لتحاول التسلل قبل الزفاف, و فرصتها الأخيرة لتتحدث مع غوسبي فيرازى و تسمع وجهة نظره من القصة. هكذا ستتمكن من دعوته إلى الاحتفال, و هى تشعر بثقة بالنفس و ضمير مرتاح. عندما تتأكد ان عداوتهما مبنية على سوء تفاهم, لن تشعر بأى حرج من إجبار الرجلين على اللقاء فى العلن. ماكسيمو لن يُقدم مطلقاً على التصرف بطريقة مهينة امام الجميع. لن يكون لديه اى خيار إلا الإصغاء إليها و لو للحظات قليلة لا اهمية لها.
هكذا ستتمكن من إنها العداوة بين الرجلين. ستنقذ جدها من الفقر و الوحدة, و تنقذ روح الرجل الذى تحبه. إن لم يستطيع ماكسيمو ان يحبها, فهو سيحب امراة ما فى يوما ما.... مجرد التفكير فى انه سيحب امرأة اخرى يجعلها ترغب فى نزع قلبها, لكن سعادة ماكسيمو هى كل ما يهمها الآن.
إزداد طرق ماكسيمو على باب غرفة النوم, و هو يقول: "كارا! ليكن فى قلبك رحمة, فأنا مجرد رجل."
قالت بصوت حازم: "ماكسيمو, أرحل! هذا من اجلك."
زفر و تلفظ بعدد من الكلمات باللغة الإيطالية, ثم رحل.
عندما تأكدت لوسي من ذهابه, تنفست بعمق. رفعت كتفيها و سارت نحو غرفة الأطفال. ايقظت كليو من نومها, و لفتها جيداً إتقاءاً للبرد, ثم حملت معطفها.
سارت على رؤوس قدميها و هى تمر امام المطبخ الكبير, حيث كان ارمانو يتناول غداءه من الباستا. بالرغم من اعتراضاتها اصر ماكسيمو على تعين حارس شخصياً لها. مع قامته الفارعة الطول و وزنه الذى يفوق الثلاثمائة باوند, لابد انه سيأكل لأكثر من ساعة. اما جورجينا ستيوارت مصممة زفافها البريطانية, فطلبت منها ان تنام فترة كى تستعيج نضارة بشرتها, قائلة: "فقط لمدة خمسة و اربعون دقيقة لتستعيد بشرتك توهجها, اميرتى!"
و حذرت الخدم ان يتركوها و ابنتها, كى تناما بسلام.
كل ما تستطيع لوسي فعله الآن, هى ان تعقد اصابع يدها, و تصلى كى تتمكن من النجاح, و ان تنهى مهمتها قبل ان يفتقدها او يجدها احد ما, لا سيما ماكسيمو. إنه عمل محفوف بالمخاطر.
التحدث مع غوسبي هو خرق للعقد الذى بينها و بين ماكسيمو, و إذا قرر ماكسيمو إلغاء عقد زواجهما, ستصبح هى و ابنتها مشردتين من جديد. لكن عليها المخاطرة بذلك. كذلك لا تستطيع ان تعيش بسعادة مع طفلتها, و هى تعلم ان رجلاً مسكينا عجوزاًً يعانى بمفرده على بعد ميل منها. كما انها لا تستطيع تحمل ان يعيش ماكسيمو حياته كلها و هو يعانى ايضاً, فيتلوى و يختنق من الإحساس بالانتقام و الذنب الذى يأكل روحه. ليس و هى قادرة على إصلاح كل شئ. ستعمل على حماية الأشخاص الذين تحبهم, و ستنقذهم حتى من انفسهم.

روايات عبير / الاميرة الشريدهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن