2. اين المفر

697 18 0
                                    


2-أين المفر

ايطاليا! بلد الجمال و الدفء, البلد الذى حلمت به لوسي منذ ان شاهدت مسلسل "غرفة مُطلة على البحر" على التلفزيون اثناء وجود امها فى المستشفى. حتى ان كلمات امها الأخيرة كانت: "أذهبى إلى ايطاليا, لوسي! إذهبى.....!"
لكن لوسي لم تغادر ألينويز. عاشت فى دور الأيتام حتى اصبحت فى الثامنة عشرة من عمرها, ثم عملت و ادخرت, إلى ان تمكنت من شق طريقها نحو الجامعة. تعرفت على أليكسندر اثناء عملها فى مخزن كبير للسلع. بدا الشاب دمثاً و يجيد اللغة الايطالية, و هو نائب رئيس احد دور الأزياء فى نيويورك. راح يروى لها القصص عن روما, و وعدها ان يأخذها إلى هناك يوما ما.
لم تلتقِ لوسي يوماً مثل اليكسندر ونثورت. إنه ساحر, فاتن, و غريب جداً. تخلت عن جامعتها من اجله, بعد ان وقعت فى غرامه, كما يقع الحجر فى الماء, و تزوجت به. آهـ! ذلك الحلم تحول إلى كابوس. طلقها اليكسندر ثم هرب عائداً إلى روما, حيث لا تصل له قوانيني شيكاغو لتجبره على إعالة طفلته. خلال السنة الماضية, اعاد إليها الرسائل و الصور التى ارسلتها له دون ان يفتحها. كما ارسل إليها مذكرة مقتضبة و حاسمة, يخبرها فيها انه مغرم بفتاة اخرى. اخيراً ادعى ان كليو ليس ابنته , و انا لوسي مجرد امرأة مستهترة و باحثة عن الثروة.
يومها كادت ان تموت من شدة الألم و المرارة, لكنها بخير الآن. اكتشفت فى الواقع انها تستطيع العيش بقلب محطم. اما ما لم تفهمه, فهو كيف تمكن من إنكار طفلتهما. كيف يمكنه ان يعيش برفاهية, يأكل اشهى الأطعمة و يستمتع بالدفء فى مدينة جميلة, تاركا إياها و طفلتها البريئة تعانيان؟ إن ذهبت لوسي إلى ايطاليا, بإمكانها ان تسأله.

رفعت نظرها إلى الرجل الاسمر الغريب. رطبت شفتيها قبل ان تسأله: "دعنى افهم ما تقوله بوضوح. اتريد ان تأخذنى إلى إيطاليا؟"
ابتسم لها الرجل قائلاً: "نعم! لن تقلقى بشأن المال بعد اليوم."
انحبست انفاسها فى صدرها, إن وافقت, لن تحتاج إلى التقتير مجدداً أو الاستيقاظ فى منتصف الليل, لتتساءل كيف ستدفع فواتيرها. ستعيش كليو بأمان و طمانينة إلى الأبد. حسناً! سوف يمكنها رؤية اليكسندر ايضاً. تجاهل رسائلها, لكنه لن يستطيع تجاهلها, إن ظهرت فى مكتبه. ما إن تريه صورة كليو, حتى يعود إلى رشده. سيحب ابنتهما الجميلة ما ان يراها.... لوسي قبلت فكرة اختياره لـ امرأة اخرى, لكنها لا تستطيع تحمل فكرة ان تنمو كليو و تكبر من دون والد, كما حدث لها. ام يكن لـ لوسي احد يحميها عندما ماتت امها.
قال الرجل الغريب ببرودة: "موافقة.... أليس كذلك؟"
ضمت لوسي يديها إلى بعضهما خلف ظهرها لكى تخفى ارتجافهما, و قالت: "لا افهم ما يجرى. لماذا تريد ان تأخذنى إلى ايطاليا؟ و كيف سيعمل ذلك على إيذاء اليكسندر؟"
ابتسم الرجل ابتسامة واثقة, واجاب: "سيدرك كم هو احمق لأنه تخلى عنك."
ارتفعت ضحكة مليئة بالمرارة من حلقها, كادت تختنق. سألته: "و كيف سيحدث ذلك؟"
"سيخسر شيئاًً يريده بقوة, و هذا الشئ هو لىّ فى الحقيقة."
اقترب الرجل منها, و لمس كتفها. قدراته الحاسمة و وسامته اشعرتها بالنار عبر ثوبها الازرق الفضفاض, و بتيار من الحرارة تخترق اعصابها. قال ماسيمو و هو يرمقها بنظرة ثاقبة مُعبرة: "سنجعله يدفع ثمن اخطائه لوسيا! كل ما عليك القيام به ان تقولى نعم."

روايات عبير / الاميرة الشريدهDove le storie prendono vita. Scoprilo ora