5. ماذا بعد؟

573 19 0
                                    

رفعت لوسي نظرها عن المغلف, لتحدق بالامير الوسيم امامها. قالت بصوت كـ النعيق: "ما الذى تتحدث عنه؟"
"ما سمعته بالضبط."

"قلت انك لن تتزوج مطلقاً من اى امرأه, و الآن تريد الزواج بىّ؟!"
"سي!"
"لماذا؟"
اجاب بنعومة: "لنبدأ بكِ انتِ, يمكنك ان ترغبى بالزواج منى من اجل منازلي الملكية المنتشرة فى كل انحاء العالم, و من اجل ثروتى الضخمة. بإمكانك ان تشترى كل ما ترغبين به بدون اى سؤال او إحراج, و لن تحتاجى مطلقاً إلى العمل ثانية. ستنتقلين بين اوساط المجتمع الراقى, و ابنتك ستذهب إلى افضل المدارس...." تقدم خطوة نحوها متابعاً: ".... ثم هناك اللقب."
كررت بضعف: "اللقب؟"

اصبح قريباً منها. لامس خصلة من شعرها, مازالت رطبة بسبب سقوطها على الثلج, و قال: "إينما ذهبت و حتى آخر يوم فى حياتك, ستُعاملين على إنكِ اميرة: الأميرة لوسيا دواكيلا."
لوسي.... أميرة؟! فجأة شعرت بجفاف فى فمها, فرفعت الكوب, و شربته برشفة واحدة, لكن فمها بقى جاف. رطبت شفتيها بلسانها, ثم رفعت بصرها نحوه. حدق ماكسيمو إليها بنظرة متفحصة, فاصبحت مدركة لوجوده بقوة.
همست: "لكن الناس لا يتزوجون من اجل المال. إنهم يفعلون ذلك لأنهم يهتمون لبعضهم البعض, و يرغبون فى تمضية حياتهم معاً."
"أحقاً؟"
وضع يده على كتفها, ثم مرر إصبعه على عنقها حتى خدها. رفع ذقنها بنعومة, و نظر إليها ببطء, كأنه يقيم شكل وجهها تحت نظارتيها و شعرها الاشعث. اخيراً حدق بعينيها. قال على نحو مفاجئ: "ربما انتِ على حق. يمكن لهذا الزواج ان يوفر اكثر من مجرد المال. ربما يمكننا ان نتمتع بعلاقة زوجية ايضاً."
"ماذا؟"
ابتسم لها ابتسامة ذات مغزى و اجاب: "اظن ان الأمر سيكون أكثر تشويقاً مما اعتقدت. سأجعلك تعيشين اوقاتاً لم تعرفيها من قبل. سأجعلك تتأوهين من السعادة حتى تنسين اسمك."
اغمضت لوسي عيناها, إذ ادركت انه قادر على ذلك. مجرد سماعه يقول ذلك, و هى تشعر بلمسته على بشرتها, يبدو كافياً ليجعلها تنسي اسمها منذ الآن. لامست اصابعه عنقها بلطف, فشعرت برجفة تجتاحها حتى اصابع قدميها. تمتمت: "لكنك قلت.... إنك لا تريدنى. قلت اننى لست من نوعك المفضل."
"أرى الآن اننى كنت مخطئاً."
ظل يلامس عنقها بنعومة اصابعه, متابعاً: "انت تمتلكين جمالاً خاص بك وحدك.... مختلفة عن اى امرأة قابلتها من قبل. و ما من سبب يمنعنا من الاستمتاع بزواجنا القصير. يمكننى ان اريك ما هو الحب الحقيقى, و كم يمكن لهذا الحب ان يكون عاصفاً."
شعرت بقلبها يتلوى فى صدرها, فقالت: "الحب؟"
"تزوجى بىّ, و بالكاد ستلامس قدمالكِ الأرض."
آهـ! انه ذلك النوع من الحب. بالطبع! ماذا يمكن ان يقصد غير ذلك؟ شاب مستهتر مثل الأمير دواكيلا لن يتورط عاطفياً باى علاقة.
همست لوسي: "لكنك قلت إنك لن تتزوج ابداً. لماذا إذا الآن, ماكسيوم؟ و لماذا انا؟"
"أنتِ تقللين من قدر نفسك." مرر يديه على ذراعيها, و تابع: "أنتِ لا تعرفين قيمة ذاتك, لوسيا!"
تنفست بعمق لتهدئ من توترها. لماذا يحاول هذا الأمير ان يجعلها تعتقد انه يتوق إليها؟ ألأنه يخشى ان ترفض عرضه؟ إدراكها لهذا الأمر اعطاها القوة لتبتعد عنه. ضاقت نظرة عينيها و هى ترفع ذقنها بعناد: "أنت لا تعرض علىّ الزواج لأنك تعتقد اننى جميلة." قالت ذلك بهدوء , رفعت المغلف بوجهه, مما جعل الأوراق تصدر صوتاً فى داخله. تابعت: "توقف عن محاولة إغوائى. أنا لست واحدة من اولئك النساء اللواتى هنّ رهن إشارتك. قل لىّ لماذا تريد الزواج بىّ, و من الذى سيتأذى بسبب زواجنا؟ و كيف؟"
تحرك ماكسيمو ليقترب منها اكثر, رافعاً راحتى يديه ليلمسها: "كارا!"
ابتعدت عنه اكثر, كى لا تصل إليها يداه, و تابعت: "أريد الحقائق واضحة, و كما هى بالضبط."
تبدلت ملامح وجهه. و فجأة, ضحك بصوت عالى: "برافو, سنيوريتا!"
قال ذلك و هو يصفق بيديه, و يتابع: "أنت المرأة الأولى التى تقاومنى منذ ان اصبحت فى الخامسة عشر من عمرى. برافو!" هز رأسه بإستغراب, و اكمل: "احترم ذكاءك."
تورد وجه لوسي, و شعرت بسعادة لا تقدر بسبب مديحه.
"و بما انكِ لم تتركى لىّ أى خيار...." اخذ المغلف منها, ففتحه على الطاولة القريبة, و تابع: "هذه هى الحقائق الواضحة كما تريدينها. سيستمر زواجنا تقريباً ثلاثة اشهر, و سأسمحك لكِ بإنفاق ثروتى كأنها لكِ. بالمقابل, سيكون لىّ السيطرة الكاملة على كل اموالك و ممتلكاتك فى المستقبل."
توقف عن المتابعة. رفع نظره ليحدق إلى عينيها, و يقول: "هل تجدين ذلك غير عادل؟"
ضحكة بمرارة و هى تقول: "ممتلكاتى كلها سيارة هوندا قديمة بالكاد تعمل, و إن اردت ان تديرها, فـ لك ذلك."
"فى النهاية زواجنا, سيتوجب علىّ ان ادفع لك القيمة المتوسطة لكل ما املك...." قلب صفحة اخرى و تابع: ".... بالإضافة إلى تعويض مالى يُقدر بعشرة ملايين دولار عن كل شهر من زواجنا."
حدقت به لوسي غير قادرة على فهم كلامه. قالت و هى تكاد تختنق: "ثلاثون مليون دولار؟"
"سي!"
اغمضت لوسي عينيها. بإمكانها ان تمضى ايامها مع طفلتها, و ستحظى كليو بالأفضل دوماً: افضل المدارس, أفضل الألعاب, أجمل الثياب.... و سوف تتلقى دروساً فى البالية فى اللغة الإيطالية و فى الموسيقى.... ستتمكنان من الحصول على البيت الصغير الدافئ الذى حلمت به لوسي دوماً, و بإمكانهما ان تشتريا اكبر شجرة ميلاد فى السوق التجارى كله. ستحظى كليو بـ حصان لتمتطيه, لا..... سيصبح لديها اصطبل فيه افضل الخيول, و ستجوب العالم بالسفن الملكية, و تتعلم فى هارفرد.... حاولت ان تبقى هادئة, لكن يديها راحتا ترتجفان.
"لكن.... ماذا تتوقع منىّ ان افعل؟"
"اتوقع منكِ ان تظهرى امام الجميع كزوجة مُحبة بكل طريقة ممكنة, و ان تشرفينى و تطيعينى."
رطبت لوسي شفتيها و سألت: "هل على ان افعل شيئاً غير قانونى؟"
"لا!"
اصبحت فجأة قادرة على التفكير بالأمر. قالت: "فقط لمدة ثلاثة اشهر؟"
"هذا ما اظنه." اصبحت نظرة عينيه مبهمة و هو يتابع: "أنا انتظر وفاة رجل ما رجل لا تعرفينه."
هذا التصريح قضى على امالها بسرعة. قالت: "آهـ!"
"إنه عجوز و مريض. عندما يموت سننفصل, و ستصبحين اغنى مما حلمت به يوماً."
ابتلعت لوسي غصة و هى تقول: "انتظار شخص ما ليموت... عمل شرير. أليس كذلك؟"
"جميعاً سنموت يوماً ما كارا!"
"هذا صحيح!"

روايات عبير / الاميرة الشريدهWhere stories live. Discover now