الفصل العشرون

148 8 0
                                    

غصنٌ يميلُ وآخر يناقضه
يُدعِّم بقوةٍ والضعف يبغضه
عهد على القلب قَصُر مداده
مُحرم الحب والشعور رافضه
مال المُحب ومال آهاتٍ ..
سطرت خدوشًا فوق نابضه!

_نعم أنا على وشك حجز تذكرتي .. إلهام، هل أخبرتِ أحدًا عما حكيته لكِ في آخر حديث بيننا؟
رمى فريد سؤاله الأخير بشك وهو يحادث شقيقته في مكالمة مرئية عبر حاسوبه الخاص .. فرفعت إلهام حاجبيها وهي ترد بتأكيد :
_بالطبع لم أخبر أحدًا .. أنت في الأساس رفضت أن تحكي لي الأمر منذ حدث وسحبت منك المعلومة بصعوبة، فهل تتخيل أنني قد أفشي سرًا كهذا؟
أومأ فريد برأسه باطمئنان، وأوشك أن يتنفس الصعداء حين اقتحم هاشم الشاشة أمامه من إحدى الزوايا هاتفًا بلوم :
_تحتضن فتاة أجنبية يا فريد؟ هل هذه ثمرة تربية والديك؟
اتسعت عينا فريد محدجًا إلهام شذرًا، فكتمت ضحكتها بينما تظهر عن جانبها الآخر شقيقتهم الكبرى قائلة باستنكار :
_والدتك تظنك قديسًا يا وقح!
التقط منها هاشم طرف الحديث مكملًا بنبرة مشمئزة زائفة أمام فريد المتسمر أمامهم بغيظ :
_خسئت.
فيما ضيقت نادية عينيها قائلة بدورها بتوبيخ :
_عارٌ عليك.
عم الصمت للحظة، تلتها الضحكات التي فلتت من أربعتهم عقب الجملة الأخيرة التي شددت فيها نادية على حرف الراء، فبدت كمن تتغرغر لا تتحدث..
حتى فريد الحانق فشل في كبح ضحكة متسللة، لكنه قطعها وهو يرد :
_عمَ تتحدثان؟ لقد كان عناقًا جانبيًا أخويًا جدًا .. حتى أنني لم أهتم بذكر الأمر من الأساس، هي فقط من ألحت لتعرف!
قالت إلهام محاجية :
_لأنك كنت تشعر بالذنب ووخزات الضمير، كان ذلك يبدو جليًا عليك، والآن أيضًا أنت لست مقتنعًا بما تقول.
صمت زافرًا بضيق ..فيما تحدث هاشم مغيرًا دفة الحوار :
_دعك من الأحضان الآن فلستُ خير من يعاتبك عليها، متى ستأتي؟
رفع فريد نظراته له مجددًا ليرد :
_قبل الزفاف بيوم على الأكثر، تعرف طبيعة عملي وقد يتراكم عليَّ الكثير من المهام.
عقدت نادية حاجبيها قائلة باستياء :
_يوم واحد؟ شقيقيك سيتزوجان وستكتفي بتوديعهما في يوم واحد؟
كز فريد على أسنانه مجيبًا بتذمر :
_هذا لأنكِ رفضتِ إقامة حفل زفاف لكِ وصممتِ على عقد القران فقط بنفس الحفل!
ردت إلهام متهكمة بتسلية :
_بل وترفض أيضًا ارتداء ثوب زفاف، تخشى خطف الأضواء من نجمة الحفل الثانية.
قهقه ثلاثتهم، بينما كتم هاشم ضحكته وهو يدفع رأسها بخشونة، فرفعت كفيها معدلة حديثها إلى فريد باستسلام زائف :
_حسنًا حسنًا، أقصد عروس أخيك المصون نجمة الحفل الأولى، هل هذا جيد؟
ألقت سؤالها الأخير ملتفتة إلى هاشم الذي تكتف بوقفته مومئًا بعينيه بغطرسة، فابتسم فريد شاعرًا باشتياق إلى هذا الجمع العائلي الدافئ، ثم تكلم بودٍ :
_على كل حال .. مبارك لكما.
ابتسم ثلاثتهم، بينما ردت نادية التي تشكلت أمارات التأثر جلية على وجهها :
_بارك الله بك يا حبيبي.. العقبى لك.
ثم ألقت نظرة جانبية ممتعضة إلى إلهام مكملة :
_ولأختك.
حدجتها إلهام شذرًا، فيما قال فريد مستفزًا إياها :
_أعانك الله على نفسك يا إلهام.
التفتت له ترد بحنق :
_انظروا مَن يتحدث!
اعترى فريد تذمر صبياني وهو يصيح :
_لمَ كل البشر يقولون هذه الجملة لي؟ هل أصبحتُ عِبرة؟
عقدت نادية حاجبيها بعدم فهم، ورفعت إلهام حاجبًا مؤكدة تخميناته .. فيما لملم هاشم ابتسامة متسلية سائلًا :
_هل قالتها لك؟
أومأ فريد برأسه ممتعضًا، فانفجر هاشم ضاحكًا بقوة .. ولم تستطع إلهام منع ابتسامة شامتة من التسلل إلى شفتيها .. حتى نادية ابتسمت بتعاطف قبل أن تقول :
_فريد يا حبيبي أنت تعلم أن ما تفعله ليس صحيحًا.. أليس كذلك؟
تهرب فريد بعينيه وهو يرسم ابتسامة باهتة على ملامحه مجيبًا :
_أنا لم أعد أعرف شيئًا يا نادية .. فقط ادعوا لي جميعًا.
تبادل ثلاثتهم النظرات بتوجس خفي، قبل أن يختلس كل منهم بسمة زائفة مواصلين المزاح والمناكفة .. بينما قلوبهم تدعو .. تدعو بصدق.

هان الودWhere stories live. Discover now