الفصل الحادي عشر

214 7 0
                                    

وكلٌ يسبح في فلكه..
والبعضُ عن بعضِه مفقود!

"ضحى قُتلت."
ترددت العبارة على أسماعها وكأن طنين لاذع مر بأذنيها حتى كاد يصمها رغم خفوت نبرته حين نطقها من بين أسنانه ..
سكنت تمامًا محدقة به بذهول وكأنه يتفوه بطلاسم يصعب عليها استيعابها، متسمرة في مكانها دون أن تتفوه ببنت شفه ..
لا تعرف هل تنتظر أن يوضح أم أن يخبرها بأنه يمزح!
يا إلهي لم تتوقع قط أن تمر بشيء أبشع من كوابيسها من بعد ذلك اليوم، لكن هذا الأمر فاق حدود خيالها وعقلها الذي لم يدرك حتى الآن ما يُقال!

_ماذا قلت؟
اعتدل في جلسته حين جاءت جملتها هادئة إلى حد مريب .. ولم تنتبه حتى الآن إلى كونها لم تتحرك إنشًا بعد ابتعاده عنها، وكأن عقلها توقف عند تلك اللحظة التي ألقى به جملته الصادمة..
ها هي الحقيقة تحررت، ها هي قد فكت قيود الذنب المحيطة بعنقها، وأحاطتها بقيود أشد ألمًا ووجعًا .. ومرارًا!
هنيئًا لكِ يا جود ها هو التفسير الأمثل لأحلامك، ها هو الشرح الأعظم لاستنجادها بكِ وأنتِ بلا حول ولا قوة..
هنيئًا لكِ يا ابنة غزال، فقد خذلتِها في صحوتك وفي رقودك!

دوامة مهولة سحبتها لتعصف بها بلا هوادة، بينما تأتيها كلماته مشوشة من بين زوبعة أفكارها المطموسة :
_لم يعلم أحد من الفاعل حتى الآن، والشرطة شرعت في البحث بسرية تامة في البداية، لكن يبدو أن عزمهم قد ثبط بعد فترة قصيرة.

_ضحى ماتت غدرًا!
تمتمت بها دون شعور ونظراتها زائغة في الفراغ ..
_ضحى سُلبت قسرًا من بيننا .. هناك من قهرها وقهر قلوبنا خلفها!
ارتعش صوتها بغصة مع الجملة الأخيرة، مرت شرارة موجعة بعروق أطرافها حتى كادت تصرخ من فرط الألم، لكنها خمدت فجأة .. فرفعت له نظرات ضائعة أخبرته بعدم استيعابها للأمر بعد، عقلها يلفظ الحقيقة ويأبي أن يصدقها ..
قال بخفوت عن جانبها وقد تفهم حالتها تمامًا :
_لم يكن هذا الوقت أو المكان المناسب لإخبارك، لكن كان يجب أن تعرفي عاجلًا أم آجلًا.

هم يستطرد شارحًا كل ما أحاط به من علم عن الأمر علها تدرك وتفهم، أو تندهش وتفهم
أو يصدر عنها أي لمحة توحي بالاستجابةَ..
عودة ذويهم أعاقته، فالتفت إلى خالها الذي قال بابتسامة راضية :
_ما رأيك يا عروس؟ أم تريدين وقتًا للتفكير؟
رفعت لهم نظرات خالية كمن لا ترى أيًا منهم منفصلة بذهنها عن الجلسة بأكملها، فنظر صلاح خفية إلى ولده بتوبيخ يسأله بعينيه "ماذا فعلت بها؟" وما كان من هاشم إلا أن أدار عينيه إليها بندم محاولًا التفكير فيما يمكن فعله لامتصاص صدمتها حاليًا كي لا يسوء الأمر .. فيما نطقت أمه ناجدة إياه من ذلك الموقف :
_أرى أن السكوت هو علامة الرضا يا أم جود!

هان الودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن