الفصل السادس

202 8 0
                                    

تبدو الأيام كلها لياليًا حتى ألقاك ،والليالي تبدو أيامًا مشرقة إذا أتاحت لي الأحلام أن أراك.
_وليام شكسبير

_لم أتخيل أنكَ بهذه الوضاعة ..
جذبها من مرفقها بقوة صائحًا بغضب أعمى :
_جود! أنا لا أسمح لك بإهانتي .. لو فعلت ذلك عن قصد لما أنكرت أمامك، أخبرتك أنني بالفعل لم أكن أعرف.
حاولت جذب مرفقها منه دون جدوى وهي تواجه تلك النيران التي تتقافز في عينيه .. بينما أعمتها حالتها عن رؤية صدقه، فصرخت فيه دون شعور :
_لن تتخلى أبدًا عن العبث والقرف الموحول به، أتظن نفسك رجلًا بهذا الشكل؟ هل تحطيم قلوب الفتيات أمرًا بسيطًا بالنسبة إليك؟
كانت قبضته تشتد فوق ساعدها مع كلمة تنطقها، وعروقه تنفر فوق جبهته من شدة ما اعتراه من غضب يسعى لتلجيمه .. فخرجت كلماته مشتعلة محاولًا كبح ثورته :
_لا تجبريني على فعل شيء أندم عليه لاحقًا يا جود!
جذبت مرفقها بعنف تمسده، بينما تتساقط العبرات من عينيها مكملة إفراغ ما بداخلها :
_أخبرتني أنها مختلفة .. قلت لي أنك لا تعتبرها مثلهن، جعلتها أمانتي لديك وتعرف أنها أقرب الناس لي .. لمَ فعلت ذلك؟ لم تخليت عنها في هذا الوقت؟
لقد كانت مدمرة فأجهزت أنت عليها تماما!
لمَ يا هاشم؟؟ لمَ جعلتني أخسرها وأخسرك!

وقف متسمرًا لا يفهم ماذا تعني بجملتها الأخيرة .. مستشعرًا شيئًا لا يعجبه .. ولمْ يكن مستعدًا له ..
حين لم تتركه لحيرته كثيرًا، حيث رفعت رأسها له بعينين خاليتين من التعبير ..
مخيفتين ..
ناطقة بأحرفٍ كانت كنصلٍ ثلم يذبحه :
_أنا لا أريد أن أراك ثانية.

تجلت أمارات الصدمة على صفحة وجهه ..
لم يحرك ساكنًا ولم يكد يستوعب ما قالت ،حتى هالهما صوت صرخة شقت سكون الليل .. فركضا بهلع تجاه ذلك الصوت الآت من مكان قريب منهم بذلك التجمع السكني الذي تقطن به هي .. وصديقتها!

شهقت بعينين تكادا تخرجان من محجريهما .. تلهث وكأنها خرجت للتو من ماراثون ما وليس مجرد حلم يمر عليها من آن إلى آخر .. لمَ ذكرى ذلك اليوم تأبى أن تغادر ذاكرتها؟
اعتدلت جالسة تعيد خصلات شعرها المبعثرة للخلف محاولة الرؤية بوضوح واستجماع شتاتها ..
نهضت ببطء تسترق السمع لما بالخارج فخمنت أن هناك ضيوف مع والدتها .. فالتقطت إسدالها وخرجت متجهة إلى المرحاض مباشرة ..
مرت دقائق حتى خرجت _بعد أن توضأت وارتدت اسدالها_ لترحب بخالتها وابنها وابنتها، فلا أحد يتردد على منزلهم بكثرة وفي هذه الاوقات سوى خالتها .. وبما أن اليوم إجازة، فقد حضر معها عمر ابنها البكري، والذي يعمل كنائب لها بالشركة، الأمر الذي يثير غيظ خالتها بشدة، وعالية ابنتها، والتي لا تعرف في أي عمل تم تثبيتها الآن!

هان الودWhere stories live. Discover now