الفصل السابع والعشرون "ليس وطني"

35 5 0
                                    

قامت بفزع وتجولت بنظرها في أرجاء الغرفة ونور الشمس الساطع يُداعب الستائر ليعلن عن نهار جديد، نظرت في هاتفها لتجد الساعة قد تجاوزت التاسعة وأدهم بالتأكيد في العمل، تنهدت بأرياحية عندما تيقنت أنها في غرفتها على سريرها، هزت رأسها بشمئزاز عندما تذكرت أخر ما رأته في الحلم وهو وجه "شريف" قريبها، قامت بإرهاق للمرحاض.. غسلت وجهها وجففته بالمنشفة.. سرحت خصلات شعرها فقد كانت مبعثرة وبعضها يرتفع وكأن ماس كهربي قد أصابها، عادت لغرفتها وفتحت هاتفها ودخلت على تطبيق "الواتساب" لتجد المجموعات الدراسية مُتصدرة القائمة، لا تتذكر أخر مرة تحدثت مع أحداهم خارج المجموعات الداسية، لا تتذكر صداقة دامت أكثر من شهر -غير صداقات المدرسة- ولكنها تتذكر ما حدث في هذه الأشهر، من إخفاقات واِنهزامات ووحدة لا مُتناهية فأغلقت الهاتف بملل وألقته على السرير، تشعر بعدم الرغبة لفعل أي شيء حتى لو بسيط، تشعر باِنهزام وكأن السهام قد أصابتها في قلبها مباشرتًا فتشعر أنه موقع الأنهزام الأساسي ومُستقر الآلام، تشعر بحالة غير مُفسرة لذاتها، فهي ليست حزينة لتحاول اسعاد نفسها ولا هي تشعر بالسعادة الغامرة لتهزمها، ولا هي تشعر بعتيادية لتحاول فعل الجديد، فهي تشعر بشيء أشبه باللاشيء...
قامت من مكانها  وفتحت خزانة الملابس وبدأت بتفريغ محتواها من الملابس في أحدى حقائب السفر، ولكنها توقفت لبُرهة وفكرت
"ماذا سيحدث لو قرأتُ القليل عن هذا المرض، لن يَضرني في شيء، ومادمت متأكدة من شفائي فلا يوجد ما يدعو للقلق؟"

ولكنها عاودت الحديث مع ذاتها فقالت:
"ولكن لماذا الأن وبذات تغير رأيي؟"

ولكنها لم تهتم كثيرًا وألتقطت الهاتف وبدأت بالبحث في محرك جوجل عن "إضطراب الشخصية الحدية"
لتجد النتائج كثيرة ومتعددة لتدخل على أول موقع يُقابلها، لتقرر القراءة بشكل سريع...

تجلس بأرهاق بعد مرور نصف ساعة والكثير من العبارات تتردد في ذهنها:
"إندفاعية..

لتعود بذاكرتها لذكرى ماضية

(أنهت الدوام المدرسي قبل الموعد المحدد، لا يوجد أحد في البيت والشمس تنتصف السماء لتجعل كل ما يقابلها يلمع، تجلس على الكرسي المقابل لأحدى النوافذ والملل يعصف بها من كل صوب، لتقع عيناها على مفتاح سيارة جدها لتجدها يلمع بفعل أشاعة الشمس الساقطة عليه حيث يقع على منضدة بنية اللون التى تقع تحت النافذة ، فتبتسم بستمتاع وتتقدم وتلتقطه وتخرج لمرأب السيارات، تلتفت يمين ويسار فتجد الساحة خالية، تستقل سيارة جدها ذات اللون الأحمر القاني وتدير المحرك كما كانت ترى جدها يفعل، لتنطلق السيارة عابرتًا البوابة الرئيسية وتجوب شارع منزلها حيث تستقر الأشجار على جانبيه فكان يخلو من المارة عادتًا في هذه الساعة، تتجاوز الشارع ليبدأ الأدرنالين يزيد في الأندفاع عندما تتجاوز الشارع فتزيد من سرعة السيارة وتنحدر من هذا الحى لذاك وتتلقى من الشتائم ما تتلقى ولكنها لا تعبأ بأحد فالأستمتاع قد تجاوز حده، حتى تتجاوز الشوارع العادية وتصل للطريق السريع في بلدتها فتجد السيارات تحيط بها من كل مكان، فتشعر بالتوتر يحل محل الأدرنالين، فلا تستطيع التحكم فتعود لأرض الواقع على صوت الأصوات المتذمرة التي تأتي من كل صوب، تتراكم حبيبات العرق على جبينها فتترك عجلة القيادة عندما تشعر بأن جميع الأنظار تَنحط إتجاهها وجميع الشتائم تنصب لمكان واحد وهو لها، ولكنها تلاحظ سيارة حمراء تقترب منها بسرعة فتضغط على المكابح لتتقدم السيارة للأمام ومعها جسدها فينصدم في عجلة القيادة ولكن الوسادة الهوائية تحميها)

حفنة النرجس Where stories live. Discover now