الفصل الثامن عشر

40 7 0
                                    

أرتدت مريم كنزة سوداء بأكمال طويلة على بنطال جينز مُدخلتًا أياها داخل البنطال، تركت شعرها مُسدل، ولم ترتدي أي حُلي سوى قلادة رقيقة يتدلى من عقدها هيكل مُجسم لفراشة فضية لا تبلغ الأربعة سنتي مترات وأنتعلت حذائًا باللون الأسود وأخذت حقيبة سوداء وخرجت من الغرفة متوجهة إلى الحديقة حيث ينتظرها غيث، يجلس على أحدى مقاعد الحديقة يرتدي سترة نبيتية اللون ومن أسفلها تيشرت أبيض، يصفف شعره بعشوائية منظمة وبيده جريدة اليوم، أقتربت من وقالت بمرح:
-أجبلك قهوة؟

نظر لها ثم للجريدة وقال:
-مجرد تسلية.
-أنا قلت بردو، مش بتحب الملابس الرسمية والكلاسيكية هتحب الجرايد!!

لم يُعقب على ما قالته، أما هي فسبقته مُتجهة إلى السيارة ومع كل خطوة يسمع صوت حذائها بسبب أحتكاكه مع الحصى.

حرك عجلة القيادة وعدل زاوية المرآة وأنطلق..
كانت تنظر للطريق بشرود فقال:
-اه صح هما فين صحابك؟
-إيدريان مشغول حتى بعد ما جه هنا.

قال ببرود:
-مش مهم، أنا بسأل على آليا وألكس.

تجاهلت ما قاله في البداية وقالت:
-آليا نايمة وألكس مع ماكس بيعملوا تمارين.
-لو كنت عايزة تاخدي إجازة كنت قوليلي.

رمقته بغضب:
-ليه هو أنت كنت مدير المستشفى!؟
-مش مديرها لكن ليا كلمتي بردو، المستشفى يعتبر بتاعتي.

رمقته بغضب ولم تعقب على ما قاله، ولكنها سرعان ما قالت:
-مستفز.

قال والأبتسامة تعلو ثغره
-موهبة مُكتسبة.

وصلوا أخيرًا إلى المستشفى كل منهم إلى عمله

أتجهت يسارًا ثم يمينًا تسير في ممرات بيضاء على طولها عشرات الغُرف، وصلت لمرادها دقت على الباب ودخلت كانت الممرضة في زيها اللبني وحجابها الأسود تقف بجانب المريض الذي تجاوز الستين من عمره، أقتربت منهم وهي ترسم أبتسامة صغيرة وتقول:
-صباح الخير، عامل إيه دلوقتِ يا عم سمير.

سعل قليلًا قبل أن يقول:
-بخير الحمد لله.

التقطت دفتر المُلاحظات من على الطاولة التي أمام السرير ألقت عليها نظرة وقالت وهي تشير على أحدى الأدوية:
-مرتين في اليوم قبل الأكل بساعة..

وأشارت على أخر:
-و(...) هنلغيه خالص، وطبعًا هنمنع الأكل اللي فيه دهون كتير، والأفضل يمشي كل يوم نص ساعة.

أعطتها الدفتر وقالت:
-الشفاء العاجل.
________________
فركت يدها بتوتر وهي تجول بنظرها في أنحاء المكان فقال مُطمئنًا:
-أنا مش هنا عشان أحكم عليكي، أنا موجود عشان أسمعك، أهدي وأتكلمي بحرية، الفترة اللي فاتت إيه المشاعر اللي حسيتي بيها؟

أخذت نفس عميق وقالت:
-مش بعرف أتكلم وسط ناس، بحس بتوتر بحس أني هغلط وهتلعثم..

قال بهدوء وبصوت مُطْمئن:
-لو كل شخص عرف أنه عادي يغلط في الكلام وعادي يتلغبط في كلمة ويجبها مكان التانية، وأن الكل بيغلط كان المجتمع هيبقى أهدى وأفضل، كملي.
-بخاف أن حد ياخد رأيي في حاجة، بخاف أتعامل مع كل غريب...

حفنة النرجس Where stories live. Discover now